"لحم الحمير الآمن" يثير الجدل في مصر... ما القصة؟

جدل في مصر بسبب تصريحات حول لحم الحمير الآمن... ما القصة؟

"لحم الحمير الآمن" يثير الجدل في مصر... ما القصة؟


12/03/2023

بين السخرية والاستنكار والغضب، لم تتوقف حالة الجدل بمصر خلال الأيام القليلة الماضية بعد تصريحات صادمة لأحد الإعلاميين حول إجازة أكل لحوم الخيل والحمير، باعتبارها مصدراً للبروتين الحيواني الآمن، لتتبعها تصريحات مختلفة من مسؤولين حكوميين وعلماء دين وأطباء، حول الأمر الذي أثار حفيظة المواطنين إلى حدٍّ كبير، خاصة أنّه تزامن مع موجة ارتفاع غير مسبوق لأسعار اللحوم ومختلف السلع الغذائية نتيجة معدلات التضخم المرتفعة في البلاد إثر أزمة اقتصادية تمر بها مؤخراً.

القصة بدأت من تصريحات للإعلامي المصري تامر أمين، عبر برنامجه المذاع على إحدى الفضائيات المصرية يوم الأربعاء الماضي، تعليقاً على ضبط باكستاني يبيع لحوم الخيول بأسعار مخفضة للمواطنين في محافظة الدقهلية بدلتا مصر.

وكانت مباحث التموين قد أعلنت الأسبوع الماضي عن ضبط رجل يحمل الجنسية الباكستانية في قرية برق العز التابعة لدائرة مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، تبين أنّه ذبح حصانين لبيعهما لأهالي القرية بسعر (160) جنيهاً للكيلو الواحد.

لماذا لا نأكل لحوم الحمير؟

وقال أمين: "في حدود معلوماتي بيتهيأ لي لا يوجد مانع ديني من تناول لحوم الحمير والأحصنة، هو إحنا ليه ما بناكلش لحم الحمير والأحصنة، لماذا لا يأكل المصريون لحوم الخيول أو الحمير، خاصة أنّها تباع وتؤكل في دول كثيرة في العالم؟".

وأضاف: "لحم الخيول والحمير يُباع ويؤكل في دول كثيرة من العالم ومنها المتقدمة، ولحم الحصان من الأطباق الغالية جداً في باريس، ويقولون إنّه صحي جداً وآمن".

وتابع: "لا أريد أن أفتي، لكن اعتقد أنّه حلال، ولا يوجد في شرعنا أو ديننا ما يمنع أكل لحم الخيول والحمير، بعيداً عن لحم الخنزير عند المسلمين، متسائلاً: من الناحية الغذائية والعلمية، هل لحوم الخيول والحمير آمنة؟".

ردٌّ رسمي صادم

وبالرغم من حالة الغضب التي أثارتها تصريحات أمين، إلا أنّ الرد الرسمي الذي جاء على لسان أحد خبراء التغذية بالمعهد القومي للتغذية (حكومي)، تسبب أيضاً في إثارة حفيظة المواطنين، الذين قابلوه بموجة سخرية وغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

قال الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بالمعهد القومي للتغذية: إنّ بعض الدول تسمح بتناول لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والأحصنة)، وتُعدّ آمنة تماماً، مشيراً إلى أنّ هذه الدول مسموح فيها استهلاك هذه اللحوم لأنّها تخضع للرقابة.

تامر أمين: لحم الخيول والحمير يُباع ويؤكل في دول كثيرة من العالم ومنها المتقدمة، ولحم الحصان من الأطباق الغالية جداً في باريس، ويقولون إنّه صحي جداً وآمن

وأوضح نزيه، في مداخلة مع البرنامج ذاته الذي يقدمه أمين، أنّه بالنسبة إلى الدول التي لا تسمح باستهلاك هذه اللحوم، فإنّ ذلك نظراً لعدم خضوع هذه اللحوم لأيّ رقابة، وبالتالي لا يمكن الجزم بمدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.

وكشف أنّ سعر لحم الخيول مرتفع جداً بالمقارنة بأسعار اللحوم العادية في الدول التي تسمح ببيعها.

وأضاف أنّه لا يوجد موانع علمية للسماح بتناول لحوم الحمير والخيول، ولكنّ الأمر يحتاج إلى توافق مجتمعي قبل التشريع القانوني، مشيراً إلى أنّ هناك مجتمعات تتناول الحشرات وأخرى لا تقبلها، فالأمر خاضع لأذواق الشعوب.

ماذا عن رأي الدين؟

حالة الجدل التي أثارتها تلك التصريحات دفعت بعض علماء الدين من الأزهر إلى توضيح الأمر من الناحية الدينية، وقد جاء الرد قاطعاً من جانب الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، مؤكداً إجماع الفقهاء على تحريم أكل لحوم البغال والحمير.

سعر لحم الخيول مرتفع جداً بالمقارنة بأسعار اللحوم العادية في الدول التي تسمح ببيعها

وأشار كريمة خلال تصريحات تلفزيونية مساء الخميس الماضي إلى أنّ تناول لحوم الحمير والبغال بها تحريم نهائي، وأنّ الفقهاء ذهبوا إلى تحريم تناول لحوم كلّ ناب يفترس به كالكلاب والقطط والأسود والذئاب، مؤكداً أنّ المالكية لم تجز تناول لحوم الكلاب، كما يردد البعض.

وأضاف كريمة: "من يريد أن يجامل، فلا يجب أن يكون على حساب الشريعة الإسلامية"، بحسب موقع "القاهرة 24".

طبيبة تفجّر مفاجأة... وترصد مخاطر عديدة

على الرغم من تأكيد خبير التغذية المصري مجدي نزيه على إجازة تناول لحوم الحمير والخيول، والحديث عن بعض الفوائد الصحية للأمر، إلا أنّ الطبيبة المصرية خبيرة التغذية والباحث الأول بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، مروة شعير، أكدت "عدم صلاحية تناول هذه اللحوم للبشر".

وقالت شعير، بحسب ما نقله عنها موقع "مصراوي": إنّه "لا يُوصى بتناول لحوم الحمير والخيول، ويجب الالتزام بالعرف المجتمعي، حتى إذا كان هناك بعض الدول تتناولها".

مجدي نزيه: بعض الدول تسمح بتناول لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والأحصنة)، وتُعدّ آمنة تماماً، وهذه الدول مسموح فيها استهلاك هذه اللحوم لأنّها تخضع للرقابة

وأوضحت الخبيرة المصرية أنّه "على الرغم من أنّ هناك بعض الدول تحرص على تناول هذه اللحوم، لكن لا يمكننا كمجتمع مصري تناول لحوم الحصان والحمير وألبان الحمير، ولا يوجد الكم الكافي من الأبحاث التي تؤكد أضرارها الصحية".

وتابعت: "يصعب على المواطن التفرقة بينه وبين اللحم البقري، لحم الخيل لونه داكن مائل إلى اللون الأزرق، ويحتوى لحم الخيل على نسبة النشا الحيوانية العالية، والذي يتحول إلى جلوكوز، ممّا يجعل مذاقه سكّريّاً".

وأضافت: "وأيضاً بعد الطهو نجد شوربة الخيول رائحتها كريهة نفاذة مثل رائحة "الإسطبل"، الذي تقيم فيه، وبها طبقات من الزيت قد تحمل أضراراً خطيرة على صحة الإنسان".

أستاذ الفقه المقارن بالأزهر أحمد كريمة: أجمع الفقهاء على تحريم أكل لحوم البغال والحمير

واستكملت: "شوربة الخيول بها كميات زيوت عالية، وكذلك شوربة لحوم الحمير بها بقع صفراء تطفو على السطح، ورائحتها كريهة أيضاً، كما تصبح لحوم الحمير سوداء اللون بعد الطهو".

وذكرت أيضاً أنّ "عملية الذبح تزيد من الميكروبات التي تحتوي عليها اللحوم، فعمليات ذبح الحمير تتم في أماكن مُلوثة تؤثر على صحة الإنسان".

الواقعة ليست الأولى

ربما لم تأتِ تصريحات الإعلامي المصري من فراغ، فقد تزامنت مع حادث آخر إلى جانب واقعة بيع لحوم الخيول بالدقهلية، وقد شهد الأسبوع الماضي انتشاراً واسعاً لفيديو ظهر فيه رجل ادّعى أنّه يملك مطعماً شهيراً لبيع اللحوم، وقال إنّها جميعها من "لحوم الحمير".

أحمد كريمة: تناول لحوم الحمير والبغال بها تحريم نهائي، والفقهاء ذهبوا إلى تحريم تناول لحوم كلّ ناب يفترس به كالكلاب والقطط والأسود والذئاب، والمالكية لم تجز تناول لحوم الكلاب كما يردد البعض

وزعم الرجل، الذي أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض عليه لاحقاً، أنّ "جميع عربات ومطاعم بيع الممبار والسمين تستخدم لحوم وأحشاء الحمير"، وأرجع ذلك إلى "ارتفاع أسعار لحوم الماعز والأبقار، وسعي ملّاك تلك المطاعم والعربات إلى تغطية نفقات العاملين وتحقيق مكاسب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية