كيليتشدار أوغلو: لماذا تتزايد شعبية المنافس الأهم لأردوغان؟

كيليتشدار أوغلو: لماذا تتزايد شعبية المنافس الأهم لأردوغان؟

كيليتشدار أوغلو: لماذا تتزايد شعبية المنافس الأهم لأردوغان؟


06/05/2023

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

معظم التّعريفات تَصِف كمال كيليتشدار أوغلو، المرشّح الرّئاسيّ المُعارض الرّئيس في تركيا، بأنّه مُحتاط ويفتقر إلى الكاريزما إلى حدّ ما، في تناقضٍ حادّ مع ديناميكيّة الرّئيس رجب طيب أردوغان.

لكن بعد صياغته ما قد يكون أكثر منشور على وسائل التّواصل الاجتماعيّ انتشاراً في التّاريخ التّركيّ، أصبح كيليتشدار أوغلو، فجأةً، بقدر جاذبيّة تايلور سويفت. في الشهر الماضي، صُحبة تعليقٍ من كلمة واحدة، نشرَ على «تويتر» مقطع فيديو مدّته ثلاث دقائق له وهو جالس على مكتبه ويتحدّث بصراحة عن الهويّة والخيارات التي نتّخذها.

في غضون يومين، شاهد مائة مليون شخص التّغريدة وشاهد ما يقرب من 28 مليوناً المقطع (ومع ذلك، هناك من يدّعي أنّ «تويتر» مات). ويُقال إنّه المقطع الأكثر شعبيّة على «تويتر» منذ بداية عام 2022، ويتصدّر مقاطع لأمثال ليونيل ميسي وإيلون ماسك.

وصف مراقبون مقطع فيديو كيليتشدار أوغلو بأنّه شجاع، وتاريخيّ، وصادق بقوّة،  وتُعدّ الأخيرة صفة غير متوفّرة بين الكثير من السّياسيّين هذه الأيّام

كما تفوّق بسهولة على ما يراه الكثيرون على أنّه الفيديو التّركيّ الأكثر انتشاراً: أغنية الرّاب «سوسامام»، التي سجّلت 15 مليون مشاهدة في أربعة أيام في عام 2019. سلّطت الأغنية بشكل غاضب الضّوءَ على مجموعة كبيرة من المشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة وظهرت بوصفها نشيداً مناهضاً للحكومة، في حين أنّ المقطع المثير لكيليتشدار أوغلو كان أكثر صقلاً وصدمة.

أعلن قائلاً «أنا علوي»، محطّماً أحد المُحرمات غير المعلنة، قبل أن يحثّ النّاخبين الشّباب على إرشاد بلادهم نحو حقبة جديدة من الفضيلة والوحدة.

تماماً كما لا تتحدّث عائلة مادريغال في فيلم ديزني «إنكانتو» عن برونو، فإنّ معظم الأتراك لا يتحدّثون عن العلويّة، على الأقل ليس علناً. وهذا يرجع أساساً إلى تاريخٍ طويلٍ من التّمييز.

كمال كيليتشدار أوغلو ومنافسه الرئيس أردوغان

العلويّون هم ثاني أكبر مجموعة دينيّة في تركيا بعد السُّنّة، ويمثّلون خمس السّكان، أو حوالي 15 مليون شخص. والعقيدة العلويّة أقرب إلى الصّوفيّة منها إلى الشّيعة، وهي شكل غير أرثوذكسي للإسلام. وعلى مرّ القرون، واجهت المجموعة بانتظام الاضطّهاد والتّهميش.

لم يكن لتركيا قطّ رئيس علويّ أو رئيس وزراء علويّ، وعارضَ بعض زعماء المعارضة تسمية كيليتشدار أوغلو مرشحاً رئاسيّاً خشية أن يؤدّي إرثه العلويّ إلى إبعاد النّاخبين.

لكنّ كيليتشدار أوغلو يهدف إلى قلب كلّ ذلك رأساً على عقب. وقد وصف مراقبون مقطع الفيديو بأنّه شجاع، وتاريخيّ، وصادق بقوّة - وتُعدّ الأخيرة صفة غير متوفّرة بين الكثير من السّياسيّين هذه الأيّام. ردّاً على ذلك، قال مسؤولون من "حزب العدالة والتّنمية" إنّ كيليتشدار أوغلو يسعى إلى تحويل التّركيز إلى الهويّة لأنّه فشل عندما تعلّق الأمر بالموهبة.

رداً على الفيديو، قال مسؤولون من "حزب العدالة والتّنمية" إنّ كيليتشدار أوغلو يسعى إلى تحويل التّركيز إلى الهويّة لأنّه فشل عندما تعلّق الأمر بالموهبة

ومع ذلك، اتّخذ بعض مؤيّدي الحزب موقفاً أكثر تشدّداً. المحلّل طلحة عبد الرّزاق، وهو وجه دائم الظّهور على محطّة "تي آر تي وورلد" التي تديرها الحكومة، غرّد: "أتمنّى أن تُبقي ذكرى السّلطان سليم طائفتك بعيداً عن السّلطة". أثار هذا التّعليق غضباً واسع النّطاق، حيث اشتكى كثيرون التّغريدة إلى "تويتر" على أنّها كلام يَحضّ على الكراهية.

خلال عيد الفطر، أثناء زيارة كيليتشدار أوغلو لمقاطعة أديامان، التي ضربها الزّلزال، استقبلته حشود غاضبة أطلقت في وجهه الشّتائم والسّباب واعتدت على موكبه. وانتهى به الأمر إلى إلغاء بقيّة زياراته والعودة إلى أنقرة.

يبدو أنّ مقطع الفيديو أثار غضب المحافظين، على الرّغم من أنّه من المستحيل قياس مدى نجاحه السّياسيّ حتّى الانتخابات المزمع عقدها في 14 أيار (مايو). ومع ذلك، من الواضح أنّه بدلاً من نقل النّقاش إلى ما وراء الهويّة - يؤكّد في المقطع «لن نتحدّث عن الهويّات بعد الآن» - وضع كيليتشدار أوغلو الهوية في المقدّمة وفي المنتصف.

الانتخابات الرئاسية التركية

في الوقت نفسه، أنشأ منبراً جديداً للتّنفيس، أيضاً. قد يكون التّأثير الدّائم لمقطع الفيديو اجتماعيّاً، وليس سياسيّاً، كأنّه نظير علويّ لحملتي «أنا أيضاً» و«حياة السّود مهمّة». تساءل سنان إيرينسو، المحاضر في جامعة بوغازيتشي في إسطنبول: «هل صحيح أنّني لم أنظر إلى شاشة من قبل وأرى شخصاً يقول أنا علويّ؟ لا أعتقد أنّني سبق ورأيت شيئاً مثل هذا».

وقد حفّز انفتاح كيليتشدار أوغلو مهندس كمبيوتر يبلغ من العمر ثلاثين عاماً من إزمير، ويُدعى كان أوزدمير، ليشرح في تغريدة لماذا لم يلتق بجدّيه لأمّه قطّ. في التّسعينيّات من القرن الماضي، رفضا زواجها من والده لأنّه علويّ، ولذلك اضطرّت إلى ترك منزلها وعائلتها للارتباط به. وبقيت بعيدة حتّى بلغ أوزدمير العاشرة. حينها اصطحبته لزيارة قريتها في مقاطعة أكساراي، على أمل لم الشّمل. منعهما والداها من دخول البيت. يتذكّر أوزدمير قائلاً: «عدتّ أنا وأمي إلى إزمير في حالة بكاء».

سجّلت تغريدته أكثر من مليون مشاهدة في ثلاثة أيّام فقط، وهي واحدة من بين مئات التّغريدات. في كثير من الأحيان، هكذا يبدأ التّغيير.

المصدر:

ديفيد ليبيسكا، ذي ناشونال، 2023

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2023/04/25/will-kilicdaroglus-viral-alevi-video-make-history-in-turkey


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية