كيف نقرأ موقف الإمارات من أزمة أوكرانيا؟

كيف نقرأ موقف الإمارات من أزمة أوكرانيا؟


01/03/2022

في حين أنّ التفسير الرسمي لقرار دولة الإمارات العربية المتحدة، الجمعة الماضية، بالامتناع عن التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا هو منح العملية الدبلوماسية مزيداً من الوقت، فإنّ هذه الخطوة تعكس، بحسب محللين، أيضاً تحولاً مهماً في النهج الجيوسياسي لدولة الإمارات منذ تولّيها مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي في شهر  كانون الثاني (يناير) 2022.

ويقول تحليل، نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إنه قبل يوم من تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار أمريكي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، تواصلت واشنطن مع أحد أهم شركائها العرب (دولة الإمارات) في سعيها لحشد الدعم ضد الرئيس فلاديمير بوتين. وتنقل الصحيفة عن الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، قوله: "لم نعد بحاجة إلى ضوء أخضر من أمريكا أو أي عاصمة غربية أخرى لاتخاذ قرار بشأن مصلحتنا الوطنية... نحن لسنا مع أو ضد - هذا هو الموقف".

وتضيف "فايننشال تايمز": كان رد فعل معظم دول الخليج، التي اعتبرت الولايات المتحدة على مدى عقود ضامناً لأمنها، صامتاً في أثناء محاولتها اتباع موقف محايد للحفاظ على التعاون مع موسكو في القضايا الجيوسياسية والطاقة.

اقرأ أيضاً: الإمارات تشجب العنف في أوكرانيا... بيان جديد حول الحرب

 واعتبر مسؤول إماراتي الأحد أنّ تأييد طرف في الأزمة الروسية الاوكرانية لا يؤدي إلا إلى "مزيد من العنف"، وذلك قبل أيام من تولّي بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الامن الدولي، وبعيد إحجامها عن التصويت على مشروع قرار يدين موسكو.

قرقاش: نؤمن بأنّ الاصطفاف والتموضع لن يفضي إلا إلى المزيد من العنف، وفي الأزمة الأوكرانية أولوياتنا تشجيع جميع الأطراف لتبنّي الدبلوماسية والتفاوض لإيجاد تسوية سياسية تنهي هذه الأزمة

وتستعد دولة الإمارات، الحليفة للولايات المتحدة والقريبة من موسكو في آن، لتولّي رئاسة المجلس التابع للامم المتحدة لمدة شهر بدءاً من اليوم وكانت انتخبت عضواً في المجلس لعامي 2022 و2023، وفق "وكالة الأنباء الفرنسية".

والجمعة، امتنعت الإمارات، إلى جانب الصين والهند، عن التصويت على مشروع قرار أمريكي وألباني في مجلس الأمن يدين الغزو الروسي لأوكرانيا ويطالب موسكو بسحب قواتها. واستخدمت روسيا، كما كان متوقعاً، حقّ النقض (الفيتو) ضدّ مشروع القرار.

اقرأ أيضاً: الإمارات والسعودية تعلقان على فرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على الحوثيين

ويرتبط امتناع الإمارات عن التصويت في الأمم المتحدة برغبة في الحفاظ على إمكانيات "الحوار" لإيجاد حل سلمي للأزمة، كما أوضح لوكالة فرانس برس دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته. وأكد أنّ الإمارات قلقة جداً من "العواقب الإنسانية" للنزاع.

التحوّط الإماراتي

وشرح مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش في تغريدة الأحد أنّ "موقف الإمارات راسخ إزاء المبادئ الأساسية للأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة الدول ورفض الحلول العسكرية".

وقال "نؤمن بأنّ الاصطفاف والتموضع لن يفضي إلا إلى المزيد من العنف، وفي الأزمة الأوكرانية أولوياتنا تشجيع جميع الأطراف لتبنّي الدبلوماسية والتفاوض لإيجاد تسوية سياسية تنهي هذه الأزمة".

وتنقل "فايننشال تايمز" عن إميل حكيم، خبير الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله إنّ امتناع الإمارات عن التصويت في مجلس الأمن الدولي الجمعة الماضية "في وقت إجماع غربي فاجأ بعض المسؤولين الغربيين". لكنه أضاف أنّ "سلوك التحوط الإماراتي مستمر منذ بعض الوقت".

وقد علّقت صحيفة إماراتية ناطقة بالإنجليزية بالقول: "يعتبر قرار الإمارات بالامتناع عن التصويت ذا أهمية خاصة، لأنه يمثل تحولًا في تحالف الإمارات التقليدي مع الولايات المتحدة؛ إذْ يؤسس وجوداً دبلوماسياً أكثر تميزاً على المسرح العالمي. إنّ الافتقار إلى الثقة في قدرة أمريكا على فهم الاحتياجات الأمنية للحلفاء ومصالحهم له تداعيات طويلة الأمد".

الموقف الخليجي

وتشير "الفرنسية" إلى أنه "على غرار دول الخليج الأخرى، تقيم الإمارات، الطامحة للعب دور سياسي أكبر على الساحتين الإقليمية والدولية، علاقات أمنية واقتصادية وعسكرية مهمة مع واشنطن، لكن الروابط المتنامية مع موسكو باتت تجبر هذه الدول على السعي لتحقيق توازن صعب في مواقفها. فبينما سارع العالم لإدانة غزو روسيا لجارتها الأصغر، لزمت السعودية والبحرين وسلطنة عمان الصمت إلى حد كبير، بينما امتنعت الكويت وقطر عن انتقاد موسكو مباشرة واكتفتا بإدانة العنف".

قفزت التجارة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي من نحو 3 مليارات دولار في 2016، إلى أكثر من 5 مليارات دولار في 2021، غالبيتها مع الإمارات والسعودية، وفقاً لإحصائيات رسمية

ولطالما كان يُنظر إلى الإمارات، ولا سيما إمارة دبي، على أنّها نقطة جذب للاستثمارات الروسية، ووجهة النخب الروسية لقضاء الإجازات، كما تذكر "الفرنسية".

وقفزت التجارة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي من نحو 3 مليارات دولار في العام 2016، إلى أكثر من 5 مليارات دولار في 2021، غالبيتها مع الإمارات والسعودية، وفقاً لإحصائيات رسمية.

وتقول "الفرنسية": بصفتها لاعباً رئيسياً في أسواق الطاقة، تقيم كل دول مجلس التعاون الخليجي علاقة مع روسيا في مجال الطاقة، بينما تقود الرياض وموسكو منذ سنوات تحالف "أوبك بلس"، حيث تتحكّمان معا في الإنتاج لتحقيق استقرار في سوق الأسعار.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، قاومت الرياض الضغوط الأمريكية لضخ المزيد من النفط، حيث يقول محللون إنها تعتقد أنّ زيادة الإمدادات لن تحدث فرقًا يذكر. وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن المملكة ملتزمة بأوبك بلس، بحسب بيان سعودي، أمس الإثنين.

وقال قرقاش في تغريدته "من واقع تجربتنا في منطقة مليئة بالأزمات نرى بأنّ الحلول السياسية وخلق توازنات تعزز الأمن والاستقرار هي الطريق الأفضل لمواجهة الأزمات والحد من آثارها".

حظر سلاح على الحوثيين

في سياق ذي صلة (اعتبرته وكالة الأنباء الفرنسية ثمرة تعاون دبلوماسي بين أبوظبي وموسكو)، فرض مجلس الأمن الدولي أمس حظر سلاح على جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران بعد أن تبنت الحركة هجمات عدة بطائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات والسعودية هذا العام.

اقر أيضاً: الإمارات تعلن موقفها من الأزمة الروسية الأوكرانية

ويوسع القرار، الذي اقترحته الإمارات، حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على العديد من قادة الحوثيين ليشمل الحركة بأكملها، بحسب "رويترز". وأقر المجلس القرار بعد موافقة 11 صوتاً عليه، بينما امتنع أعضاء المجلس الأربعة الباقون- أيرلندا والمكسيك والبرازيل والنرويج- عن التصويت.

وقالت بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة إنّ القرار سيحدّ من قدرات الحوثيين العسكرية و"يدفع باتجاه وقف تصعيدهم في اليمن والمنطقة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية