كيف نجح عرب أمريكا في هزيمة التجاهل والتشهير والإقصاء؟

كيف نجح عرب أمريكا في هزيمة التجاهل والتشهير والإقصاء؟


20/04/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

نيسان (أبريل) هو شهر التّراث العربيّ الأمريكيّ، قد لا يكون هذا أمراً كبيراً بالنّسبة إلى البعض، لكن بالنّسبة إلى أبناء جيلي، يُمثّل هذا الاعتراف نصف قرن من النّضال للتّغلّب على التعصّب الصّريح، والإقصاء السّياسيّ، والجهل بهويّة الجالية، وتاريخها، وإسهاماتها في الحياة الأمريكيّة. على عكس العديد من الجاليات الإثنيّة الجديدة الأخرى، التي تكافح من أجل القبول في الحياة الأمريكيّة، كان على الأمريكيّين العرب ليس فقط بناء أنفسهم، لكن أيضاً بناء مؤسّسات مجتمعيّة، وعلى طول الطّريق، مواجهة تحديّات وعقبات فريدة.

في وسائل الإعلام والثّقافة الشّعبيّة، غالباً ما صوّر العرب في قوالب نمطيّة سلبيّة وكاريكاتيرات فجّة. عندما انتظم العرب كحركة سياسيّة وطنيّة، كانت هناك قوى نافذة ضدّ الجالية أصرّت على استبعادهم من التّيّار السّياسيّ السّائد. وحتّى في مجال التّعليم، غالباً ما تمّ تجاهل إسهامات العرب في الحضارة الإنسانيّة، وكذلك الأدوار التي لعبها الأمريكيّون العرب في السّياسة، والثّقافة، والأعمال.

كان مسار نموّ الجالية خلال نصف القرن الماضي صعوداً ثابتاً، وانتُخِب المئات من العرب الأمريكيّين في مناصب حكوميّة مهمّة، وخدموا في وزارات رئاسيّة، وعُيِّنوا في مناصب رفيعة المستوى.

الإقصاء شيء من الماضي

أصبح الإقصاء من السّياسة شيئاً من الماضي، حيث يلعب العرب الأمريكيّون اليوم أدواراً رئيسة في السّياسة الأمريكيّة على مستوى الدّولة والمستوى الوطنيّ. ليس ذلك فحسب؛ بل إنّ أفراد الجالية يفخرون بإظهار هويّتهم وثقافتهم وكسر القوالب النّمطيّة السّلبيّة. يُدرَّس التّاريخ العربيّ، وكذلك اللّغة العربيّة. الأبطال العرب معروفون الآن، كما أنّ الجالية تناضل من أجل استعادة طعام المنطقة من الاستيلاء الثقافيّ، من وصفه بأنّه مطبخ شرق أوسطيّ أو مطبخ متوسطيّ.

بدا أولئك الذين حشدوا لاستبعاد العرب الأمريكيّين خائفين من أنّه إذا ازدادت أصوات الجالية العربيّة قوّة، فإنّ أعضاءها سيتحدّون السّيطرة الحصريّة على النّقاش حول إسرائيل/فلسطين، حتّى إنّهم ذهبوا إلى حدّ رفض رؤية المجموعة كجالية إثنيّة، وصوّروها بدلاً من ذلك كاريكاتوريّاً على أنّها لوبي مناهض لإسرائيل تجمعه قضيّة واحدة جوهريّة.

على مرّ الأعوام، تغلّب العرب الأمريكيّون على ضيق الأفق والتّعصّب، وأنشأوا جمهوراً انتخابيّاً رئيساً في الائتلافات السّياسيّة حول قضايا تتراوح من سياسة الشّرق الأوسط إلى الحرّيّات المدنيّة، وجرائم الكراهية، وإصلاح الهجرة، وحقوق التّصويت. عندما سعى الأمريكيّون العرب، للمرة الأولى للاعتراف الرّسميّ بشهر تراثيّ على المستوى الوطنيّ، فشل الجهد، لأنّ بعض القادة السّياسيّين كانوا يخشون التّداعيات السّياسيّة لهذا الاعتراف، ولم يعد هذا هو الحال.

قصّة الجالية العربيّة الأمريكيّة

أصدر الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، هذا العام إعلاناً من البيت الأبيض كتب فيه: "إنّ تاريخ وقصّة الجالية العربيّة الأمريكيّة منسوجان بعمق في نسيج أمريكا المتنوّع. في هذا الشّهر الوطنيّ للتّراث العربيّ الأمريكيّ، أشكر الجالية على كلّ ما فعلته للمساعدة في المضيّ قدماً وتمثيل أفضل ما نحن عليه".

وأردف بايدن: "على مدى قرون، اعتنق العرب الأمريكيّون العمل الجاد، وردّ الجميل، وتنمية الصّداقة والجالية، ممّا ساعد في تشكيل تاريخ أمّتنا وبناء مستقبلنا. اليوم، نرى إسهامات العرب الأمريكيّين تنعكس في كلّ جانب من جوانب الحياة الأمريكيّة. من خلال تعزيز الابتكار، وقيادة الأعمال، والخدمة في جيشنا، والتّدريس في مدارسنا، وتمثيل الجاليات في مناصب منتخبة، يجعلنا الأمريكيّون العرب أقوى ويساعدوننا في تشكيل أمريكا أكثر تنوّعاً وحيويّة".

وتابع: "ندرك أيضاً أنّ عدداً كبيراً جدّاً من الأمريكيّين العرب ما يزالون يتضرّرون من التّمييز، والتّحيّز، والعنف. وبصفتي رئيساً، فقد جعلت من أولويّاتي تعزيز استجابة الحكومة الفيدراليّة لجرائم الكراهيّة وتعزيز مقاربة حكوميّة شاملة وجامعة تجاه العدالة العرقيّة والمساواة حتّى يتمكّن جميع الأمريكيّين، بمن فيهم الأمريكيّون العرب، من تحقيق كامل إمكاناتهم. وإنّني ممتنّ للعمل الدّؤوب للمنظّمات التي تروّج للتّراث العربيّ الأمريكيّ وتُمكّن الأمريكيّين العرب في  أنحاء بلدنا كافّة".

شهر التّراث العربيّ الأمريكيّ

وانضمّ إلى بايدن أمناء مجلس الوزراء، و"جمعيّة التّعليم الوطنيّة"، ورئيس الحزب الدّيمقراطيّ والعديد من الأشخاص الآخرين الذين أصدروا بيانات مماثلة. وعلى الرّغم من أنّ الاعتراف الوطنيّ جديد، فإنّ الجهود على مستوى الدّولة والمستوى المحلّيّ للاعتراف بشهر التّراث العربيّ الأمريكيّ مستمرّة منذ عقود، بفضل عمل أفراد الجالية الذين قادوا البرامج في مناطقهم التّعليميّة المحلّيّة وأمام مجالس مدنهم و المجالس التّشريعيّة للولايات.

اليوم، بمساعدة الجهود التّنظيميّة الأخيرة لموقع "ArabAmerica.com"، نتج عن الحركة على المستوى المحلّيّ اعتراف رسميّ من قِبل حُكّام ومجالس تشريعيّة، في 28 ولاية (مع المزيد في المستقبل)، وإضافة إلى ذلك، يخطّط البيت الأبيض لسلسلة من الإحاطات لقادة الجالية حول عدد من مخاوف السّياسات.

كما أشرت في البداية، قد يرفض البعض هذه الأشياء باعتبارها "إيماءات جوفاء"، لكن عند النّظر إليها في سياق نضالات العرب الأمريكيّين لكسب الاحترام والتّقدير، تتّضح أهمية هذه التّصريحات.

من المؤكّد أنّ هناك الكثير ممّا يجب القيام به لتغيير السّياسة الأمريكيّة، وضمان الحقوق الدّيمقراطيّة الكاملة للجالية، وضمان أن تتعلّم الأجيال القادمة حقيقة تاريخ وثقافة العرب الأمريكيّين، ومع ذلك؛ فإنّ الحقيقة المهمّة التي يجب تذكّرها هي أنّنا الآن في وضع أفضل من أيّ وقت مضى لتولّي هذه المهام الحاسمة.

عند سماعي أدافع عن الأمر على هذا النّحو، علّق ناقد ساخراً بأنّني "أرى نصف الكوب الممتلئ"، أجبت أنّ الأمر لا يتعلّق بكون الكوب نصف ممتلئ أو نصف فارغ؛ لأنّني أتذكّر عندما لم يكن لدينا كوب على الإطلاق. الآن، لدينا كوب ونعمل بجدّ على ملئه، انتقلنا من التّجاهل، والتّشهير، والإقصاء إلى الاعتراف بنا وتكريمنا كجمهور انتخابيّ أمريكيّ محترم. وهذا يُسمّى تقدّماً.

مصدر لترجمة عن الإنجليزية:

جيمس زغبي، ذي ناشونال، 13 نيسان (أبريل) 2022

مواضيع ذات صلة:

بينهم عرب وأفارقة... العثور على جثث مهاجرين قبالة تونس.. تفاصيل

سوء معاملة الأوكرانيين للعرب والأفارقة... عنصرية أم رُهاب؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية