كيف فشل إخوان الجزائر في منع إقرار قانون العمل النقابي؟

كيف فشل إخوان الجزائر في منع إقرار قانون العمل النقابي؟

كيف فشل إخوان الجزائر في منع إقرار قانون العمل النقابي؟


12/03/2023

منذ وصولها إلى البرلمان، تحاول الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم (حمس) إثبات وجودها بشتى السبل، فقد عارض نواب الذراع الإخوانية مشروع قانون ممارسة الحق النقابي، الذي أراد من خلاله المشرّع تطهير العمل النقابي من البارونات التي هيمنت طويلاً على المشهد النقابي، بالإضافة إلى تطهير الساحة النقابية من الدخلاء، وإعادة بعث روح النضال النقابي، والحد من استغلال العمل النقابي للحصول على منافع ذاتية.

حركة مجتمع السلم رفضت القانون، وشنّ النائب الإخواني خرفي موسى هجوماً حاداً عليه؛ بداعي أنّ المادة (9) من المشروع "من شأنها أن تحرم كثيراً من القطاعات الوظيفية من الحق النقابي، كالمديرين والنظار والمسيرين الماليين، ومختلف مسؤولي الإدارات، في مختلف القطاعات". وتنص المادة على "منع الجمع بين قيادة النقابة والمسؤولية الإدارية في الهيئة المستخدمة".

موسى انتقد كذلك المادة (12) من القانون، ووصفها بالمجحفة؛ لأنّها، بحسب رأيه، تجرد الفرد العامل من ممارسة العمل السياسي، رغم أنّه حق مكتسب طبقاً للدستور. كما شدّد النائب على أنّ المادة (56) التي تُحدد عهدة الهيئة القيادية للنقابة بمرة واحدة، قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، سوف تقصي القيادات النقابية التي تمتلك الخبرة والتجربة، مدعياً أنّ الهدف من هذه المادة، هو إقصاء القيادات النقابية المتمرسة التي تحسن التفاوض مع الحكومة.

القانون يقطع الطريق أمام تمدد الإخوان

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث في العلوم السياسية، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ معارضة نواب حركة مجتمع السلم للقانون النقابي كشفت الوجه الحقيقي لإخوان الجزائر، حيث إنّ الجماعة تسعى دائماً تجاه السيطرة على النقابات؛ كخطوة لتطويق المؤسسات، وبالتالي فإنّ منع الجمع بين العمل السياسي والنقابي يعني ببساطة تقويض خطط التمكين، وجعل الهيمنة على النقابات بلا أهمية.

عبد السلام القصاص: معارضة نواب حركة مجتمع السلم للقانون النقابي كشفت الوجه الحقيقي لإخوان الجزائر

ويرى القصاص أنّ الإخوان لا يعنيهم القضاء على الفساد والهيمنة لأعوام طويلة على المناصب، بقدر ما تعنيهم وتهمهم السلطة؛ وبالتالي فإنّ رفض الجماعة للقانون النقابي يأتي متفقاً مع إيديولوجيتها التي ترفض تداول السلطة، كما أنّ مواد القانون تقضي على استغلال السلطة الإدارية للعمل النقابي، وهو ما ترفضه حركة مجتمع السلم بإصرار، وتزعم حمس أنّ القانون الجديد لا يساعد على حماية مكتسبات التعددية النقابية، كما يزعم النائب نقار محمد سالم، الذي يرى أنّ النص الجديد يضيق على النقابات الحديثة التأسيس، مستدلاً بقيود صفة التمثيلية، التي يجب خفضها إلى 15% على الأقل. وفي الحقيقة فإنّ هذا النص بالتحديد يضمن عدم دخول الانتهازيين إلى العمل النقابي، ويحمي النقابات من التدليس والفساد، لكنّه في الوقت نفسه لا يخدم مناورات الإخوان وتدليسهم، فيما يتعلق بتكوين كيانات وهمية، يمكنها أن ترجح كفتهم الانتخابية.

عبد السلام القصاص: الجماعة تسعى دائماً تجاه السيطرة على النقابات؛ كخطوة لتطويق المؤسسات، وبالتالي فإنّ منع الجمع بين العمل السياسي والنقابي يعني ببساطة تقويض خطط التمكين

ولفت القصاص إلى أنّ القانون ينظّم حق العمل النقابي بشكل غير مسبوق، عن طريق خضوع المنظمات النقابية لتقييم دوري؛ يقوم على معايير الشفافية والأقدمية والحياد الإقليمي والمهني، وتفادي انخراط الأشخاص ضمن أكثر من نقابة.

هزيمة برلمانية مدوية

على الرغم من المعارضة الشرسة التي قام بها نواب حركة مجتمع السلم، تمكن نواب الغرفة السفلى للبرلمان من انتزاع (4) تعديلات جوهرية على قانون ممارسة الحق النقابي، ولم يتمكن نواب الإخوان من الصمود أمام الأغلبية البرلمانية، التي أقرت القانون النقابي الجديد.

المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم أصدرت بياناً رسمياً، أعلنت فيه موقفها من التعديلات، وقالت إنّه بعد عرض كلٍّ من مشروع قانون تسوية الميزانية لعام 2020، ومشروع القانون العضوي الناظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، ومشروع قانون ممارسة الحق النقابي، وبعد مداخلات نواب المجموعة البرلمانية للحزب، وكذا التعديلات المقترحة من طرفهم، فإنّ المجموعة قررت التصويت بـ "لا" على هذه المشاريع.

على الرغم من المعارضة الشرسة التي قام بها نواب حركة مجتمع السلم، تمكن نواب الغرفة السفلى للبرلمان من انتزاع (4) تعديلات جوهرية على قانون ممارسة الحق النقابي

الحركة زعمت أنّ رفضها لمشروع قانون ممارسة الحق النقابي يرجع إلى "مصادرة حقوق أقرّها الدستور، ومخالفة الاتفاقيات الدولية التي أمضتها الجزائر، خاصّة ما يتعلق بحقوق المعارضة".

تصويت حركة مجتمع السلم بالرفض لم يغير شيئاً؛ فقد شهدت جلسة الختام تصديق النواب بالأغلبية على القانون المختص بممارسة العمل النقابي، وإقرار (4) تعديلات مركزية فيه، طرحتها اللجنة، وترتبط بالمواد: (12، 13، 23، 31).

تصويت حركة مجتمع السلم بالرفض لم يغير شيئاً

الجلسة الختامية للمجلس الشعبي الوطني استغرقت أكثر من (5) ساعات، قبل أن يوافق نواب الهيئة التشريعية على قانون ممارسة الحق النقابي، واستمر الجدل حول المادة (13) وقتاً طويلاً، وهي تُوجب على مؤسسي وقيادات النقابات التزام الحياد السياسي، وعلى الرغم من إصرار نواب حركة مجتمع السلم على إلغائها أو مغادرة القاعة، تمسك نواب الأغلبية بالمادة، وتسبّب الجدل في وقف الجلسة، وانعقاد اجتماع طارئ لرؤساء الكتل البرلمانية، وانتهى بالتصويت للمادة، حيث صوّت (183) نائباً لصالح الإبقاء على المادة (13)، مقابل (90) نائباً لصالح حذفها أو تعديلها. وأكدت اللجنة أنّ "الصياغة الجديدة للمادة لا تُعد تضييقاً على الإرادة الفردية لأعضاء المنظمات النقابية في مساندة الأحزاب السياسية، إذ تنص المادة (13) على الالتزام بالحياد، والامتناع عن التصريح بمساندتهم للأحزاب السياسية، أو لأيّ شخصية سياسية".

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: اختراق البلديات في تونس وارتباك في الجزائر ومؤامرات في السودان

بين الجزائر والمغرب... ما أفسدته السياسة عقدته الرياضة

المغرب والجزائر متفقتان في الغضب من فرنسا. لماذا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية