كيف سيؤثر قانون الانتخابات التونسي في الحياة السياسية؟

كيف سيؤثر قانون الانتخابات التونسي في الحياة السياسية؟

كيف سيؤثر قانون الانتخابات التونسي في الحياة السياسية؟


03/10/2022

تبعاً للمسار الإصلاحي الذي خطّه الرئيس التونسي قيس سعيّد، في 25 تموز (يوليو) 2021، والذي تكلّل بالاستفتاء على الدستور في التاريخ نفسه عام 2022، أصدر الرئيس مرسوماً بتعديل القانون الأساسي الذي ينظّم عملية الانتخابات في البلاد.

وشمل القانون المُعدَّل العديد من التعديلات الجوهرية، وعلى رأسها استبدال نظام القوائم في عملية الاقتراع، أو ما يُعرف بالتمثيل النسبي، بنظام الانتخاب الفردي لكلّ دائرة على حدة، مع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، لتكون أصغر حجماً، وهو التعديل الذي طالما نادى به العديد من الساسة والأحزاب في البلاد، بدلاً من النظام السابق الذي يرى كثيرون أنّه كان مفصلاً ليناسب حركة النهضة الإخوانية.

تنقيح قانون الانتخابات

وأصدر الرئيس قيس سعيد المرسوم عدد (55) لسنة 2022، بتاريخ 15 أيلول (سبتمبر) الجاري، ويتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد (16) لسنة 2014، المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه.

وشمل التنقيح العديد من مواد القانون الأساسي، وعلى رأسها استبدال المصطلحات والفقرات التي تنصّ على إجراء الانتخابات التشريعية وفق نظام التمثيل النسبي (القوائم)، بنظام الانتخاب الفردي، وإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في البلاد، لتناسب الترشح الفردي على المقاعد.

الرئيس قيس سعيّد: حزمة تدابير استثنائية

كما اشتمل تضمين التعديلات التي أقرها الدستور الجديد بخصوص أهلية التصويت والترشح للانتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية. وجاء ذلك في الفصل (19) جديد، والذي نصّ على "الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية مولود لأب تونسي أو لأم تونسية وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي".

بينما كان هذا الحق قبل التعديل "الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكلّ ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ عشر سنوات على الأقل".

تم إحداث فصل جديد يمنح الناخبين الحقّ في التصويت على سحب الوكالة من نائبهم في مجلس نواب الشعب بعد انتخابه، وهو الفصل 39

فضلاً عن اشتمال القانون على مواد تبدو صعبة الضبط، مثل الفصل (21) جديد، والذي يتعلق بالأوراق المطلوبة للتقدم للترشح في انتخابات مجلس النواب، ومنها: "موجز البرنامج الانتخابي للمترشح مشفوع بقائمة اسمية تضم أربعمائة تزكية من النّاخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية معرف عليها".

وإلى جانب ذلك، تم إحداث فصل جديد يمنح الناخبين الحقّ في التصويت على سحب الوكالة من نائبهم في مجلس نواب الشعب بعد انتخابه، وهو الفصل (39)، ونصّ في فقرته الأولى على أنّه "يمكن سحب الوكالة من النّائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النّيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح"، وحدّد الفصل شروط وكيفية سحب الوكالة.

مواقف الأحزاب

ورفضت العديد من الأحزاب السياسية التونسية قانون الانتخاب المُعدل، وعلى رأسها حزب حركة النهضة الإخوانية، وأعلنت تلك الأحزاب مقاطعة الانتخابات النيابية، التي دعا إليها الرئيس في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وفق أمر رئاسي عدد (710).

ومن جانبه، قال رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري: "على عكس بقية الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات التشريعية، والتي تنوي القيام بعمليّة تحيّل سياسي جديد على الشعب التونسي من خلال ترشيح مستقلين، قرّرنا في حزب التحالف من أجل تونس المشاركة الفعليّة في الانتخابات القادمة".

وأشار الناصري، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ المال السياسي لعب دوراً كبيراً في الانتخابات الثلاث السابقة، في أعوام 2011 و2014 و2019، ونفى أن يؤدي نظام الانتخاب الفردي إلى نموّ القبلية.

سرحان الناصري: المال السياسي لعب دوراً كبيراً في الانتخابات الثلاث السابقة

وقال رئيس حزب التحالف من أجل تونس: "نرى أنّ الانتخاب على الأفراد في الدوائر الضيقة فيها نوع من العدالة بين أفراد الشعب التونسي؛ حيث المعتمديات ستكون ممثلة، لكن في الانتخابات السابقة رئيس القائمة يكون على مركز الدائرة الانتخابية، وبقية المعتمديات في الترتيب الرابع والخامس والسابع والعاشر، ومن المستحيل أن يصل مرشحيهم إلى البرلمان".

وأشار إلى أنّ تعديل قانون الانتخابات سيخدم الأحزاب السياسية، خاصة الجديدة والداعمة لمسار 25 يوليو. ووفق نظام الانتخاب الفردي؛ ليس هناك نصّ يحدد مبدأ التناصف بين الرجال والنساء، على خلاف القوائم التي كان القانون القديم ينصّ على "تقّدم الترشحات على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة".

الصحفي التونسي حبيب مستوري لـ "حفريات": بعض المواد في القانون المُعدَّل للانتخابات تحتاج إلى توضيحات أو إعادة النظر فيها؛ لأنّها حيّرت العديد ممّن يعتزمون الترشح للانتخابات

ورداً على ذلك، قال الناصري: "بالطبع منطق تقسيم الدوائر الضيقة سيشكّل تحدياً للنساء، لكنّ المرأة التونسية قيادية، وهناك العديد من النساء اللاتي سيتقدّمن للترشح، وسيحصلن على التزكيات، وسيحققن وجوداً لافتاً في مجلس النواب".

وحذّر رئيس حزب التحالف من أجل تونس، من استغلال أحزاب حركة النهضة وائتلاف الكرامة والأحزاب السياسية التي تسبّبت في الفساد خلال الأعوام الماضية من النظام الفردي للدخول إلى مجلس النواب، عبر ترشيح مستقلين، وطالب الناخبين باليقظة لقطع الطريق عليهم.

واقع جديد

ووجّه العديد من الساسة انتقادات إلى القانون المُعدل للانتخابات، وتراوحت بين النقد البنّاء والمطالبة بإجراء تعديلات على القانون، والرفض القاطع للقانون والانتخابات، خصوصاً من الأحزاب التي كان لها تمثيل في مجلس النواب السابق، والتي سيؤدي القانون الجديد إلى إضعاف حظوظها الانتخابية بشكل كبير.

ومن جانبه، لفت الصحفي التونسي، حبيب مستوري، إلى أنّ بعض المواد في القانون المُعدل للانتخابات تحتاج إلى توضيحات أو إعادة النظر فيها؛ لأنّها حيّرت العديد ممّن يعتزمون الترشح للانتخابات التشريعية.

وأضاف لـ "حفريات": "شرط الـ 400 مزكٍّ، نصفهم نساء وربعهم للشباب تحت 35 سنة، من بينهم تزكيات مشفوعة بالتعريف بالإمضاء لدى السلط المعنية، ثمنها في تونس، على ما أظن، 750 مليماً للتعريف الواحد، بينما في القنصليات التونسية في الخارج تكلفتها ثقيلة جداً مقارنة بالدينار، فمعلوم أنّ التعريف بالإمضاء يكلف حوالي 6-7 يورو، أي حوالي 18 ديناراً في عدد 400 تزكية، سيتكلّف المتقدمون للانتخابات من حصة الخارج الكثير، فضلاً عن أنّ عدد القنصليات في الخارج قليل وهي بعيدة ومفتوحة للجالية في الفترة الصباحية فقط من الثلاثاء إلى السبت".

وأفاد بأنّ "عدد الجالية التونسية في إيطاليا يفوق 200 ألف، وربما 250 ألفاً، وقانون الانتخابات يعطيها نائباً واحداً لا غير. أما فرنسا، التي لوحدها تحوز على ثلاثة أرباع الجالية، حوالي المليون تونسي، حدّد لها قانون الانتخابات (3) نواب فقط، وبقية البلدان، فرادى أو مجمعة، لا يفوق تمثيلها النائب الواحد".

حبيب مستوري: عدد القنصليات في الخارج قليلة وبعيدة

وأشار الصحفي التونسي إلى صعوبة تحمّل المترشح لسائر مصاريف الحملة الانتخابية، بعد حذر تلقي أموال أجنبية أو مجهولة المصدر، والالتزام في حالة الفوز في الانتخابات القادمة بترك ممارسة أيّة مهنة أو نشاط خارج قبة البرلمان.

وكانت تونس قد أجرت استفتاءً شعبياً على الدستور الجديد، في 25  تموز (يوليو) الماضي، وجاءت نسبة التصويت بنسبة 94.60% لمشروع الدستور الجديد.

وكان الرئيس قيس سعيّد قد أعلن عن حزمة تدابير استثنائية، في 25 تموز (يوليو) 2021، تضمّنت إعفاء رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وتجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوماً، ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب، وتولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة عيّنه رئيس الجمهورية، وتولي رئيس الجمهورية رئاسة النيابة العمومية.

وتبع ذلك تجديد التدابير الاستثنائية، وصولاً إلى قرار حلّ مجلس نواب الشعب، في 30 آذار (مارس) 2022، ثم إطلاق الحوار الوطني العام، تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، وإجراء الاستفتاء في 25 تموز (يوليو) 2022 الماضي.

مواضيع ذات صلة:

مستقبل حركة النهضة في تونس..ماذا بعد إحالة الغنوشي إلى قاضي مكافحة الإرهاب؟

هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟

تونس: اعتقال آمر سابق لمطار قرطاج وتمديد حبس إخوانيين اثنين... ما علاقة سوريا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية