كيف رد الناشطون على سؤال الإخوان: هل الجزائر مع فلسطين؟

كيف رد الناشطون على سؤال الإخوان: هل الجزائر مع فلسطين؟

كيف رد الناشطون على سؤال الإخوان: هل الجزائر مع فلسطين؟


23/12/2023

اختار عبد الرزاق مقري القائد السابق لحركة (السلم) الجزائرية "أكبر واجهة محلية للإخوان" طرح سؤال: هل الجزائر مع فلسطين، وإلى أي مدى؟ فردّ عليه الناشطون بهجوم معاكس، واعتبروا ما صدر عن مقري ناجماً عن "لغة الحسابات"، ومدفوعاً بالانتقام بعد منعه من السفر خارج الجزائر.

في منشور على صفحته الرسمية بمنصة (فيسبوك)، هاجم مقري السلطات الجزائرية قائلاً: "بعد الطوفان لا يوجد شيء مميّز قدّمته الجزائر إلى الآن للفلسـطينيين في محنتهم الجارية على أرض غزة والضفة الغربية، فلا الخطاب الرسمي بالنسبة إلى غيرها متقدم، ولا سمعنا حديثاً من المسؤولين عن الإدانة الواضحة للولايات الأمريكية المتحدة عن تخطيطها ومشاركتها في الجـريمة، ولا الجسر الجوي الذي تمّ التصريح به سابقاً ظهر أثناء أيام الهدنة، ولا سُمح للشعب الجزائري أن يُعبّر عن غضبه من الصهـاينة وحليفهم الأمريكي، وعن تضامنه مع إخوانه المظلومين، كغيره من الشعوب، ولا المواد العينية التي جمعها الهلال الأحمر وبعض الجمعيات وجدت طريقها لمن جُمعت لهم".

لم يُلقِ مقري بالاً لتعاطي الجزائر مع فلسطين بنمط "التضامن دون ضوضاء"، حيث كانت الجزائر وما تزال أوّل وأفضل داعم للقضية  الفلسطينية، بإنفاقها (130) مليون دولار انتصاراً للقضية الأمّ، كما تضخّ الجزائر سنوياً ما قيمته (55) مليون دولار، إضافة إلى مختلف المساعدات المقدّمة لفلسطين

 

وزعم مقري أنّه "لم يكن للجزائر دور دبلوماسي مؤثر وواضح في حشد القوى الدولية لصالح أشقائنا المظلومين المقهورين، ولا حتى نقْل المرضى والجرحى إلى المستشفيات الجزائرية قائم كما تفعل بعض الدول أخرى"، منتقداً الفعاليات المحلية بالقول: "رغم ذلك، ثمّة في الأحزاب والشخصيات والإعلاميين والنواب من يكرّر ويبالغ في التثمين والمدح والشكر للسلطة المتحكمة، ومن تجرأ من هؤلاء فقال بعد التثمين المكرّر: "ولكن"، اعتُبر مقصّراً ومتجاوزاً حدوده".

مقري اتّهم أطرافاً لم يسمّها بـ "التزييف"، مستفهماً: "كيف يحاول بعض من ليسوا لا في العير ولا في النفير تغليط الناس لتخفيف الضغط على النظام السياسي، فقط ليدعموا توجههم المهادن للنظام، ألا يخشى هؤلاء الله تعالى؟". 

وادّعى الرئيس السابق لـ (السلم) قائلاً: "كنت في اتصال مع أحد كبار المسؤولين من داخل غزة يتوسل أن تستقبل الجزائر بعض الجرحى والمرضى، وإلى حدّ الآن لا استجابة"، رغم أنّ مصدراً رسمياً جزائرياً أكّد استقبال (400) طفل فلسطيني مصاب لتلقي العلاج بالمستشفيات المدنية والعسكرية في محافظات الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة. 

القفز على "التضامن دون ضوضاء" 

لم يُلقِ مقري بالاً لتعاطي الجزائر مع فلسطين بنمط "التضامن دون ضوضاء"، حيث كانت الجزائر وما تزال أوّل وأفضل داعم للقضية الفلسطينية، بإنفاقها (130) مليون دولار انتصاراً للقضية الأمّ، كما تضخّ الجزائر سنوياً ما قيمته (55) مليون دولار، إضافة إلى مختلف المساعدات المقدّمة لفلسطين، وخصّصت ما لا يقلّ عن (75) مليون دولار لمشاريع بفلسطين، خاصة تلك المتعلقة بترميم أوقاف القدس المحتلة، بحسب تأكيدات مصادر مطلّعة على الملف.

عبد الرزاق مقري القائد السابق لحركة (السلم) الجزائرية

وارتضى المرشح الإخواني المرتقب لرئاسيات 2024 القفز على حقائق التاريخ، حيث كان قيام الدولة الفلسطينية من الجزائر العاصمة يوم 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988، كما كانت الجزائر أول دولة في العالم تعترف بالدولة الفلسطينية، إذ أقامت علاقات دبلوماسية كاملة معها في 18 كانون الأول (ديسمبر) 1988.

وأتى انضمام فلسطين إلى اليونيسكو عام 2011 بطلب من الجزائر للأمم المتحدة، وبين عامي 2008 و2021، اقترف الكيان (4) اعتداءات على غزة، وهنا أيضاً لم تسكت الجزائر التي تعتبر القضية الفلسطينية "مقدّسة".

لكنّ مقري اختار "التهوين"، بتصريحه: "تاريخ الجزائر في المساهمة الجادة والفاعلة في نصرة القضية الفلسـطينية معروف لدينا، ولا تحتاج تلك المساهمات إلى تبيان لنصاعتها ووضوحها، ولا يحتاج الأمر منّا أن نبرر لأنفسنا في القناعة بها".

اللعب على وتر الفزّاعة 

أبرز الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مناسبات كثيرة أنّ "الجزائر لن تبارك ولن تشارك في ما سمّاه "الهرولة نحو التطبيع"، وركّز على مركزية "أمّ القضايا"، بجانب تشديده على الدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحقّ العودة والتعويض للّاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) لعام 1948.

في المقابل، يصرّ مقري على رسم مشهد نقيض: "ثمّة تحولات في الموضوع وقعت في فترة التسعينيات أخذت تدفع بالجزائر إلى الاتجاه المعاكس، بل بدأت جهات نافذة في المجتمع والدولة تسعى خفية تارة وعلانية تارة أخرى لجرّ بلدنا إلى التطبيع مع الكيان"، مردفاً: "مع مرور الزمن بدأت الرياح التطبيعية الكريهة تنبعث من داخل الدولة، وقد سمعت بنفسي مسؤولين كباراً في أواخر عهد بوتفليقة يتحدثون بكل جرأة عن رفضهم أن تبقى الجزائر تضحّي بمصالحها من أجل فلسـطين، زاعمين أنّه لا يمكن أن نكون فلسـطينيين أكثر من الفلسـطينيين،  لكنّ الحراك الشعبي كنس كل تلك الأصوات".

مقري لم يكتفِ بذلك، بل رأى أنّه "كان من المفروض أن تمضي الجزائر في مبادرتها لدعم القضية الفلسطينية، وأن تستعين بتركيا في ذلك، إذ في مقاربة هذه الأخيرة نقاط مشتركة مع مبادرة بلدنا، وربما كنّا نجد مساحة مشتركة مع قطر وإيران، بدل المشاريع الجارية التي تُطبخ بين أمريكا وبعض الدول العربية، بغرض إحراج المقاومة سياسياً، حتى وإن انتصرت عسكرياً.

لغة الحسابات 

أشار الناشط عبد الرؤوف رايسي إلى أنّ "مشكلة الأحزاب الإسلامية دائماً وأبداً هي التموقع ليس نحو المستقبل وإعطاء الحلول، لكن التموقع في دوّامة كُنّا وفعلنا وعملنا، بمعنى لا نأخذ العبر وننطلق نحو المستقبل بنظرة جديدة تتحدى الصعاب، لكن الكلام بالنبرة التقليدية، والحب الجنوني نحو التراث، لأنّ أبي إن ترك لي بيتاً سأجدّده بمتطلبات عصري التي أحتاجها، وليس أهجره أو أغيّر مسكني، فهذا ليس تجديداً، وهو خروج عن التراث".

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

من جانبه، خاطب الهادي فايزي رئيس (السلم) السابق: "كل القضايا عندكم هي مجرّد سجلات تجارية تستعملونها للسمسرة ومصالحكم الضيقة، كفاكم مزايدة على غيركم". 

بدوره كتب أمير علي: "هزُلت والله، مقري يعلم أنّ الجزائر الدولة، والجزائر الشهامة، واقفة مع المستضعفين وهي من دول عدم الانحياز، تقف مع فلسطين القداسة والقدس، ثمّ يأتي الإخوان بعدميتهم ليشككوا في مواقف الجزائر تجاه قضية العرب والمسلمين، أقول مجدّداً هزلت".

وأردف حميد غلام: "سقطت الأقنعة"، وسجّل عبد القادر قاضي أسعد أنّ "الجزائر العميقة تخشى كل ما هو إسلامي، وإنّ تعلق ذلك بثورة التحرير...، فما بالك بفلسطين!"، بينما ألّح يحيى بايزيد على أنّ "الجزائر هي الشعب الجزائري، وهو مع فلسطين"، مثلما استغرب مسعود عزيز: "هل تعتقد أنّ بلداً كالجزائر يمكنه أن يخون القضية الفلسطينية؟ انتبه". 

ولاحظ الناشط داود جروان أنّ "تمكّن المواطن الجزائري من مساندة القضية الفلسطينية والتعبير عن دعمه لها بكل حرية في بلده أكبر نعمة، وعليه أن يحمد الله عليها ويفتخر بجزائريته، لذا يا عزيزي مقري قبل أن تتهم الدولة الجزائرية بالتقصير في دعم الشعب الفلسطيني، ننصحك أن تسعى لتعرف قيمة بلادك". 

الأجندات المعادية

لم يكن عثمان مريخي رحيماً بمقري: "هو يريد إيهام الشعب الجزائري بأنّ بلاده لا تقوم بواجب الدعم نحو القضية الفلسطينية!، هدفه إثارة الفوضى داخل الشارع ويريده للخروج ،...مقري لك أجندات معادية للجزائر يجب أن تحاسب فوراً".

عبد القادر دزيري، من جهته، طالب مقري وفصيل الإخوان بـ "ممارسة بعض الحكي قليلاً عن تطبيع تركيا، وكيف مكّن أجدادهم العثمانيون اليهود من دخول فلسطين". 

وأبدى محمد زروقي خشيته من "تخبطات مقري"، قائلاً: "نحن خائفون أن يسمحوا لك بالسفر، فتتراجع عن كلامك، وتعود إلى المدح والتثمين كعادتك، فأنت لم تبقَ في موقف ثابت يوماً، وكل ما يُفتح لك الباب تدخل مهرولاً".

عبد القادر دزيري، من جهته، طالب مقري وفصيل الإخوان بـ "ممارسة بعض الحكي قليلاً عن تطبيع تركيا، وكيف مكّن أجدادهم العثمانيون اليهود من دخول فلسطين"

 

وتابع يحيى نجم الدين: "أظن أنّ عداوتك للنظام أعمت بصيرتك، أنت تسلك مسلكاً خاطئاً وتخدع متابعيك، الكثير الكثير من التحامل والذاتية، لست منصفاً ولا تقول الحق، اتقِّ الله، ولا تغمط الحق". 

وتساءل آدم فيتشي: "كلكم تريدون ركوب الموجة....، أين مقترحاتك؟ وماذا تفعل الجزائر؟ وكيف ومع من وأين؟"، وأضاف طارق سمير عن موقف أتباع (السلم): "أعضاء حزبك في البرلمان يتقاضون دراهم كثيرة كل شهر، وهم صُمٌ بُكمٌ، هم لا يتكلمون، إنّها الجزائر الجديدة التي خذلتموها في التشريعيات المزوّرة". 

واعتبر الناشط أكسل خلوي أنّ "مقري لم يفوّضه أحد ليتكلم عن الجزائر التي تبقى كبيرة عليه"، وأمّا  بوعلام حمود، فقد دعا مقري ليستوضح "مولاه أردوغان حول ما قدّمه لغزة، فهل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل؟ هل أوقف إيصال النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل مروراً بتركيا ؟ هل أرسل درون بيرقدار للمقاومة في غزة ؟ طبعاً لا، ولو أنّ كل المطبّعين، وعلى رأسهم مولاكم ومثلكم الأعلى أردوغان، اجتمعوا وقرّروا، لتغيّر الكثير".

مواضيع ذات صلة:

كيف وصف الناشطون أداء الإخوان في الجزائر؟

الجزائر: ما تداعيات الرسالة الإخوانية إلى الرئيس تبون؟

الجزائر: كيف رد الناشطون على دعوة الإخوان للتظاهر مجدداً لأجل غزة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية