كيف تجمع إيران خيوط الفصائل المسلحة؟

كيف تجمع إيران خيوط الفصائل المسلحة؟

كيف تجمع إيران خيوط الفصائل المسلحة؟


06/02/2024

طارق العليان

بعد أيام من هجوم بمسيّرة أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين في موقع عسكري في الأردن، وهو هجوم أُلقي باللوم فيه على ميليشيا مغمورة مرتبطة بإيران، يبدو أنه أمكن تجنب الانزلاق في هوة صراع إقليمي أوسع، على الأقل حتى الآن.

يبقى مدى نفوذ إيران على هؤلاء الوكلاء سؤالاً كبيراً

وشنّت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا حتى الآن أكثر من 160 هجوماً ضد الجيش الأمريكي، منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وبداية الحرب الدائرة في غزة. كما هدد المسلحون الحوثيون في اليمن، المدعومون أيضاً من إيران، بمواصلة هجماتهم على السفن المارة في البحر الأحمر.

إذاً ما الدافع الذي يحرّك هذه الجماعات أعضاء ما يسمى "محور المقاومة"، وما مدى سيطرة إيران على تصرفاتها؟ تتساءل مريم فريدة، محاضرة في دراسات الإرهاب ومكافحة الإرهاب بجامعة ماكواري، في مقالها بموقع "آسيا تايمز" الياباني.

الجماعات المسلحة في العراق

قالت الميليشيا التي تحمّلها الولايات المتحدة مسؤولية الهجوم بمسيرة في الأردن، وهي جماعة كتائب حزب الله، في وقت سابق من هذا الأسبوع إنها أوقفت عملياتها العسكرية في العراق تحت وطأة الضغط من إيران والعراق.

وهذه مجرد واحدة من الجماعات الكثيرة المدعومة من إيران في البلد، والتي تمارس نشاطها تحت مظلة الفصيل الذي يطلق على نفسه "المقاومة الإسلامية" في العراق.

وبدأت الميليشيات المسلحة في الظهور في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي للبلد عام 2003، وازدادت قوتها بشكل كبير عندما نظمت نفسها كجبهة جماعية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

وتأسست قوات الحشد الشعبي عام 2014، وأصبحت المنظمة شبه العسكرية الشيعية الرئيسية التي تواجه داعش، إلى جانب الجماعات الأخرى المدعومة من إيران، كحزب الله في سوريا.

لكن مع تراجع خطر "داعش" بعد هزيمة التنظيم الإرهابي عسكريّاً عام 2019، حولت قوات الحشد الشعبي اهتمامها مرة أخرى إلى الأهداف الأمريكية في العراق.
وفي السنوات الأخيرة، قدمت هذه الجماعات نفسها كمقاومة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في العراق، وهكذا شنت مئات الهجمات ضد القواعد العسكرية الأمريكية والتركية وغيرها من الأهداف في العراق وسوريا.

حزب الله

ظهر حزب الله في ثمانينيات القرن الماضي كميليشيا مسلحة لتحرير الأجزاء الجنوبية من لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، وتحسين أوضاع الأقلية الشيعية المهمشة في لبنان.
وبعد ذلك قدم الحزب نفسه كحزب سياسي في لبنان، وهكذا تمكّن من العمل بنجاح عبر مجالات متعددة. فهو يمارس دوراً مدنيّاً (الدعوة) في مجال الرعاية الاجتماعية والتعليم الديني في لبنان، فضلاً عن دوره في مجال المقاومة، حيث ينفذ هجمات ضد أهداف أمريكية وإسرائيلية في لبنان، وعلى الجانب الآخر من الحدود مع إسرائيل.
وتعمقت علاقة حزب الله مع إيران على مر السنين، حيث يتلقى منها مئات الملايين من الدولارات سنويّاً لتمويل التدريب والأسلحة.

ومع ذلك، فقد أثبت حزب الله تمتعه بكفاءة عالية في قدرته على التقليل من شأن مُثُله ومبادئه الدينية لممارسة نشاطه باستقلالية كتنظيم سياسي من التيار السائد في لبنان.

الحوثيون

الحوثيون، المعروفون أيضاً باسم أنصار الله"، هم جماعة شيعية مسلحة خرجت من رحم الطائفة الزيدية في المرتفعات الشمالية باليمن في تسعينيات القرن الماضي، حيث شنت الجماعة تمرّداً ضد الحكومة اليمنية سنة 2014 وسيطرت في نهاية المطاف على معظم أنحاء البلد. ثم قضت الجماعة، بدعم من إيران، سنوات في قتال التحالف العربي.
الشيء المثير للاهتمام، حسب الكاتبة، أن الحوثيين وعلى الرغم من أنهم لم ينخرطوا قطّ انخراطاً مباشراً في مهاجمة أهداف لأمريكا أو لحلفائها، فيما مضى، فقد تغيّر هذا الوضع بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة.

العلاقة مع إيران

منذ البداية، كان القاسم المشترك بين هذه الجماعات هو الارتباط الطائفي والأيديولوجي المشترك.

ويعد حزب الله أول وأنجح التنظيمات المدعومة من إيران التي خرجت من رحم هذه الحركة، حيث تمكّن من بناء  ذراع عسكرية طولى وحضور سياسي قوي في لبنان، الأمر الذي جعله لاعباً إقليمياً رئيسياً.

وبفضل أسلحتها ودعمها المالي، أصبحت إيران الوصي الأيديولوجي على هذا "المحور" المتنامي من الجماعات في عموم الشرق الأوسط. وهذه الجماعات الوكيلة ساعدت بدورها إيران على المحافظة على درجة كبيرة من القوة الاستراتيجية في المنطقة، وهو الشيء الذي صار عنصراً أساسيّاً في سياستها الخارجية وقدرتها على ممارسة النفوذ.

المقاومة توحد الصفوف

ورغم أن هذه الجماعات تجمعها روابط سياسية وأيديولوجية عميقة، فإنها ما زالت تمارس نشاطها كتنظيمات قومية كلٍّ في بلدها، وهكذا فلكلٍّ منها مصالحها وطموحاتها الداخلية، ويشمل هذا تحسين سبل عيش الطوائف الشيعية، والاستحواذ على السلطة السياسية.

وفي الآونة الأخيرة، وحّدت هذه الجماعات صفوفها كشكل من أشكال المقاومة ضد إسرائيل، (وداعمها الرئيسي الولايات المتحدة)، على خلفية حربها ضد غزة.
ويبقى مدى نفوذ إيران على هؤلاء الوكلاء سؤالاً كبيراً، حيث نفت إيران إصدارها أوامر بشن هجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا  الأردن، قائلةً إن كل فصيل في "محور المقاومة" يتصرف بشكل مستقل لمناهضة "العدوان والاحتلال".

ومع ذلك لا شك في أن تصاعد العمليات العسكرية التي تنفذها كل هذه الجماعات تشير إلى أنها تزداد إلحاحاً يوماً بعد يوم كضرورة لإيران واستراتيجيتها لتوسيع نفوذها ومواجهة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية