كيف مهد الإخوان لمشروع توطين الفلسطينيين في سيناء؟

كيف مهد الإخوان لمشروع توطين الفلسطينيين في سيناء؟

كيف مهد الإخوان لمشروع توطين الفلسطينيين في سيناء؟


24/10/2023

أعادت أحداث غزة الأخيرة الجدل حول مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء المصرية، في ضوء دعوات أطلقها الجانب الإسرائيلي تزامناً مع احتدام الصراع قبل نحو أسبوعين، طالب خلالها مواطني غزة بالهجرة جنوباً نحو سيناء، الأمر الذي قابلته مصر برفض قاطع، وحذّرت من أن تسبب تلك الدعوات في جر المنطقة إلى الحرب. 

الطرح الذي رفضته بشكل واسع أيضاً الدول العربية، أعاد إلى الأذهان مشروعاً قديماً ارتبط بجماعة الإخوان إبّان فترة حكمها بمصر عام 2012، وقد اتهمت قيادات سياسية بارزة التنظيم بالتمهيد لمشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، والعمل على تنفيذه، لولا سقوطهم عن الحكم في العام التالي 2013. 

رفض قاطع وتحذيرات من جانب مصر 

الردّ المصري جاء سريعاً وحاسماً على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن رفض مصر سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مع التشديد على أنّ أمن مصر القومي خط أحمر، ولا تهاون في حمايته، وأنّ القوات المسلحة المصرية ستدافع عن أرضها بكل حسم، مثلما وقفت صامدة ضد الإرهاب الغاشم.

ومؤخراً، حذّرت مصادر مصرية رفيعة المستوى، في تصريحات لقناة "القاهرة" الإخبارية، من دفع الفلسطينيين العزّل تجاه الحدود المصرية، وتغذية بعض الأطراف لدعوات بالنزوح الجماعي.

الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن رفض مصر سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية

وقالت المصادر: إنّ مصر لم تتوانَ منذ تفاقم الأوضاع في الأراضي المحتلة، وقد كثفت اتصالاتها بكافة الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لوقف التصعيد، وحقن دماء الشعب الفلسطيني.

كيف مهد الإخوان للمشروع؟ 

تناولت تقارير مصرية على نطاق واسع، خلال الأيام الماضية، معلومات حول المحاولات الإخوانية لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وأعادت نشر العديد من المعلومات والتصريحات الرسمية في هذا السياق. 

وبحسب المعلومات المنشورة لدى الصحافة المصرية، كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أيلول (سبتمبر) عن اقتراح طُرح عليه لحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين، على أساس إضافة أراضٍ من شبه جزيرة سيناء المصرية إلى قطاع غزة، لكنّه رفضه بشدة.

عباس قال حينها: إنّ المشروع الذي سبق أن طرحه مستشار إسرائيلي يُدعى إيغور إيلاند عام 1956 ينص على إضافة (1600) كم مربع من أراضي سيناء إلى قطاع غزة.

كشف نبيل أبو ردينة، وزير الإعلام الفلسطيني السابق إبّان 2014 أنّ الرئيس الإخواني محمد مرسي كان ينوي توطين الفلسطينيين في سيناء، وأبلغ موافقته على ذلك للرئيس الفلسطيني محمود عباس

وأضاف: "طُرح المشروع مرة أخرى، وقلنا لن نقبل بهذا، على كل حال من عرضوا ومن وافقوا على ذلك انتهوا، وهذا الموضوع غير مطروح إطلاقاً الآن، ولن يقبل الشعب الفلسطيني بذلك أبداً"، في إشارة إلى جماعة الإخوان الإرهابية ورئيسها محمد مرسي.

كما أشار عباس إلى أنّ "المشروع نفسه كان قد طُرح عام 1956 على الحكومة المصرية، وقد شعر الشعب الفلسطيني بذلك، "فقامت مظاهرات قادها المرحوم أبو يوسف النجار، والمرحوم معين بسيسو، والمرحوم فتحي البلعاوي، ووضعوا في السجن، لكنّهم عطلوا هذا المشروع".

ومضى عباس في كشف مزيد من التفاصيل، وأشار إلى أنّ المشروع عُرِض عليه شخصياً من "أحد كبار القادة في مصر".

مرسي تفاوض لنقل الفلسطينيين إلى سيناء

في السياق، كشف نبيل أبو ردينة، وزير الإعلام الفلسطيني السابق إبّان 2014 أنّ الرئيس الإخواني محمد مرسي كان ينوي توطين الفلسطينيين في سيناء، وأبلغ موافقته على ذلك للرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال في لقاء صحفي بمقر السفارة الفلسطينية بالقاهرة آنذاك: إنّه سمع الرئيس المعزول محمد مرسي وهو يقول للرئيس الفلسطيني أبو مازن: إنّه موافق على توطين الفلسطينيين في سيناء، وموافق على توطينهم في شبرا في قلب القاهرة، لو أرادوا.

مصر كثفت اتصالاتها بكافة الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لوقف التصعيد

وكشف أبو ردينة عن أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي أوقف مخطط ما يُطلق عليه في بعض وسائل الإعلام "صفقة القرن"، فقد رفض مناقشة الفكرة من الأساس، مشيراً إلى أنّ أحد بنود الصفقة كان توطين الفلسطينيين في سيناء.

وأشار إلى أنّ السلطة الفلسطينية تعتبر القضية الفلسطينية قضية أرض محتلة، وليست أرضاً متنازعاً عليها، كما تؤمن أنّ حلّ الدولتين، وأنّ القدس عاصمة لفلسطين، هو الحلّ الوحيد، مؤكداً أنّ السلطة الفلسطينية تعتبر السلام خياراً استراتيجياً. 

كيف تنظر مصر إلى هذا المخطط؟ 

من جهته، يقول هشام النجار المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية: إنّ هذا المخطط قديم، وقد ظهر إلى العلن منتصف الخمسينيات، ورفضه المصريون والفلسطينيون معاً، وكان الرفض المصري واضحاً وحاسماً، لإدراك أنّ وراءه هدفاً خبيثاً، وهو تصفية القضية الفلسطينية، والعصف بالثوابت التاريخية للفلسطينيين، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وحق عودة كل اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين إلى ديارهم منذ النكبة الأولى إلى اليوم. 

وبحسب النجار، في تقرير نشرته الهيئة الوطنية للإعلام المصرية، أسهمت قوى إقليمية غير عربية وتيارات وميليشيات وحركات طائفية مؤدلجة، مثل التنظيم الدولي للإخوان وأذرعه الإقليمية بالمنطقة، وحزب الله، في خلق واقع عربي وإسلامي مفكك ومتصارع، أفاد في المقام الأول إسرائيل، كما كرست هذه الحركات المؤدلجة والطائفية التي رفعت شعارات المقاومة الإسلامية الانقسام والانفصال والتشتت الداخلي الذي سمح لإسرائيل بترويج مزاعم أنّها لا تجد جبهة فلسطينية موحدة تتعامل معها، وأنّ هناك تيارات تسعى لمحوها من الوجود، ولا تريد تسوية عادلة. 

هشام النجار: جماعة الإخوان وافقت على التورط فى هذا المخطط الذي يُعدّ بمثابة خيانة عظمى، لأنّها كانت تبحث عن أيّ ورقة تقدمها لإسرائيل ولأمريكا لقبولها في السلطة والحكم

ويضيف: "علاوة على ذلك، وهذا هو الأفدح، أنّ هذه التيارات المتأسلمة المؤدلجة بدلاً من أن تناضل وترفع السلاح دفاعاً عن الأرض والمقدسات المغتصبة في فلسطين ضد العدو المحتل، تحركت لتضرب في سيناء قوات الجيش المصري ضمن جريمة كبرى ووصمة عار لا تُمحى من جبين تلك الحركات، لأنّها خدمت بشكل رئيسي المخطط الإسرائيلي والغربي لفصل سيناء عن جسد مصر، وتحويله إلى ولاية للجهاديين من غزة وسيناء، ليستقبل اللاجئين الفلسطينيين من كل مكان من العالم ومن غزة".

وتابع: "بذلك يتحقق الهدف الإسرائيلي عندما تفرغ المدن الفلسطينية من ساكنيها الأصليين، لينتقلوا إلى ولاية الإسلاميين المزعومة في سيناء، وهو المخطط الذي نشطت (جماعة الإخوان وداعش والقاعدة) لتحقيقه طوال العقد الفائت، وتصدى له الجيش المصري والأجهزة الأمنية المصرية والقيادة المصرية الوطنية".

وبؤكد النجار أنّ جماعة الإخوان وافقت على التورط في هذا المخطط الذي يُعدّ بمثابة خيانة عظمى، لأنّها كانت تبحث عن أيّ ورقة تقدمها لإسرائيل ولأمريكا لقبولها في السلطة والحكم، ورأت الجماعة أنّها لن تتمكن من إقناع القوى الغربية وأمريكا بها كجهة حاكمة، وفي صدارة السلطة بمصر وبدول المنطقة، إلّا إذا قدّمت تنازلات كبرى في الملف الذي رفض كل الحكام العرب تقديم تنازلات فيه، وهو إجراء صفقة القرن وتأسيس غزة الكبرى، وكان آخرهم الرئيس الراحل حسني مبارك الذي هدد نتنياهو بالحرب عندما عرض عليه موضوع تبادل الأراضي وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء. 

مواضيع ذات صلة:

كيف استعدت مصر لمشروع تهجير الفلسطينيين في سيناء؟

كيف تعامل الإعلام الإخواني مع الموقف المصري من العدوان الإسرائيلي على غزة؟

الأمن القومي المصري يبدأ من فلسطين



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية