قصة (تاج) آخر حزب جزائري منشق عن الإخوان

قصة (تاج) آخر حزب جزائري منشق عن الإخوان

قصة (تاج) آخر حزب جزائري منشق عن الإخوان


25/07/2023

قبل (11) عاماً، خرج حزب (تاج)، وزعيمه الوزير الإخواني السابق عمر غول، من عباءة التشكيلة الأمّ حركة (السلم) أهمّ ذراع إخوانية محلياً، فما قصة ومآلات (تاج) بعد حبس قائده وإدانته في قضايا فساد؟

تأسس حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) في 20 أيلول (سبتمبر) من العام 2012 في أوج صراع الزعامات الذي مزّق إخوان الجزائر، وأتى ميلاد (تاج) بمبرّر "انحراف بعض ورثة الزعيم الراحل محفوظ نحناح (1942ـ 2003)".

وكان مؤسس (تاج) الوزير السابق للإنشاءات العامة عمر غول، (62) عاماً، قد فاز بمقعد في الجمعية الوطنية (البرلمان) غداة ترشّحه للانتخابات التشريعية في 10 أيار (مايو) 2012 تحت لواء (السلم)، قبل أن يشقّ عصا الطاعة بعد شهر.

ناشطة: أسلوب وأفكار الإخوان هو نفسه، الدنيا تطورت والزمن تغير فقط، بينما هم يراوحون مكانهم، ببساطة هو الإفلاس

وظلّ غول رئيساً لـ (تاج) إلى غاية 18 تموز (يوليو) 2019، حين توبع في قضايا فساد شملت عدداً من رموز النظام في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وأدان القضاء الجزائري غول الذي كان مقرّباً من (الكارتل المالي) زمن بوتفليقة، في عدّة قضايا فساد تخص تلاعبات بالصفقات العمومية ونهب المال العام.

وكان غول جزءاً من الحكومات الـ (14) ما بين عامي 1999 و2019، حيث تولّى تباعاً حقائب الموارد الصيدية، الإنشاءات العامة، النقل، السياحة، الصناعات التقليدية، التهيئة العمرانية.

شعار حزب تاج

وحرص غول على ضمّ (تاج) إلى ما كان يُسمّى "التحالف الرئاسي" الداعم لبوتفليقة في أعوام حكمه، وظلّ غول وحزبه يقولان "نعم" لكل مشاريع ودساتير وقرارات السلطة، وبقي يصرّح: "نحن نمثّل التيار المحافظ المتديّن في السلطة"، و"العبرة ليست باصطناع البطولات والخصومات مع السلطة، بل بحُسن التخطيط والتدبير والتموقع فيها"، وحرص على حثّ أتباعه قبل أعوام بالقول: "يجب ألّا نترك العلمانيين ينفردون بالمغانم والمناصب".

لكن بعد حراك 22 (شباط/ فبراير) 2019، وتنحّي بوتفليقة في 2 نيسان (أبريل) من العام ذاته، غيّر غول موقفه مباشرة، ودعا الجميع لتأييد مبادرة الجيش للخروج من الأزمة الناشبة حينذاك، بعدما واظب مهندس الفيزياء النووية على دعم منظومة بوتفليقة باستماتة شديدة.

وتتولى الوزيرة السابق للبيئة فاطمة الزهراء زرواطي رئاسة (تاج) منذ 27 أيلول (سبتمبر) 2020، بيد أنّ طيف (تاج) تراجع كثيراً، فبعد استيعابه لنحو (30) نائباً برلمانياً قبل عقد، خرج خاوي الوفاض من الانتخابات التشريعية المقامة في 12 حزيران (يونيو) 2021، واكتفى بـ (119) مقعداً من أصل (24801) في انتخابات مجالس البلديات والمحافظات التي نُظّمت في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021.  

"لستَ أردوغان ولا غول تركيا"

لم يكن حملاوي عكوشي الأمين العام السابق لحركة الإصلاح الإسلامي رحيماً بعمر غول، وخاطبه: "أنت لست أردوغان ولا غول تركيا، وقد أخرجت نفسك من دائرة الإسلاميين بانشقاقك عن (السلم) التي قدّمتك للشعب ورفعت شأنك أمامه".

من جهته، عاد أبو جرة سلطاني الرئيس السابق لـ (السلم) إلى حيثيات انشقاق عمر غول مطلع صيف 2012: "المنشقون لم يقدّموا مبرّرات مقنعة حول أسباب انسحابهم سوى الحديث عن الانحراف عن خط الراحل نحناح".

وتابع: "مجلس الشورى الوطني طرح السؤال على عمر غول، وكل من انسحب معه، عن أسباب استقالتهم من الحركة، فما وجد لدى هؤلاء من إجابة غير قولهم كلاماً عاطفياً غير مقنع".

وأضاف: "قلنا لهؤلاء: قولوا لنا بربكم لماذا انسحبتم؟ هل من أجل أنّنا لا نريد المشاركة في الحكومة؟ هل لأنّنا انحرفنا عن خط الشيخ محفوظ نحناح؟ وأين الانحراف؟ هل لأنّنا نريد أن نخدم الجزائر من مواقع أخرى ليست مواقع المشاركة؟ هل لأنّ مجلس الشورى قرّر غير ما تريدون؟ هل لأنّ عندكم أجندة وتريدون أخذ الحركة رهينة لخدمة أجندتكم الخاصة؟ فما وجدنا لدى هؤلاء من إجابة غير قولهم: (نحن إخوة لا يوجد شيء بيننا، ونعمل مع بعضنا بعضاً ونلتقي)، وغير ذلك من الكلام الذي لا يتحمّل أصحابه المسؤولية".

مؤسس (تاج) الوزير السابق للإنشاءات العامة عمر غول

وقال الوزير السابق للعمل والضمان الاجتماعي: "كان عليهم قولها بوضوح، إنّنا تربينا في الحكومة، ونريد أن نبقى فيها، لا أن يتحجّجوا بأسباب واهية ليست حقيقية وليست شرعية ويقولون إنّ الحركة انحرفت عن نهج الشيخ نحناح الذي صار قميص عثمان، وعلى هؤلاء أن يكشفوا من كان يقف وراءهم بالضبط، وإذا كانت السلطة موجودة في هذا الخليط، فإنّها أخذت رجالها الذين كانوا مندسّين عندنا، وكفى الله المؤمنين شر القتال".

حرب المواقع وحمّى المصالح  

أجمع ناشطو منصات التواصل الاجتماعي على أنّ (تاج) شكّل منذ التأسيس، دائرةً للباحثين عن المواقع والمصالح، ممّا أفرز، بحسب امحمد بوقرة، "حرباً وحمّى تفاقما في صفوف الحزب المذكور"، واستدلّ بوقرة بـ "ما شهدته صفوف (تاج) في محافظة المدية (170 كيلومتراً غربي العاصمة الجزائر)، فقد استقال العشرات احتجاجاً منهم على فرض المسؤولين المركزيين لحزب غول بعض الأشخاص المنبوذين محلياً".

بدوره، أبرز زبير حمدود أنّ "بدايات تاج لم تكن على أساس سليم، فقيادات المكاتب الولائية للحزب تمّ تعيينها دون تصويت أو استشارة، إثر صدور أوامر التعيين من المتنفذين"، وأردف: "الغريب في الأمر هو القابلية للانبطاح التي يملكها هؤلاء".

من جانبه، لاحظ خير الدين خرّاز: "الدرس نفسه ينتهي ويتكرر"، وذهب أحمد داودي إلى أنّ "الكل يريد أن يتموقع، ولو على حساب المبادئ"، في حين شدّدت سهام غدير: "أسلوب وأفكار الإخوان هو نفسه، الدنيا تطورت والزمن تغير فقط، بينما هم يراوحون مكانهم، ببساطة هو الإفلاس"، وأضاف فضيل عدواني: "كلهم في طلب المغانم سواء، لا يختلفون ولا يتخلفون عن ذلك".

كتب جليل بوجيرة ومحمد عبداوي: المشكلة أنّ هؤلاء يمتطون العاطفة الإسلامية، وسجّل رزقي بن الشيخ: سقط القناع عن القناع، وانكشف النفاق السياسي الذي لوّث هواء الجزائر من أمثال هؤلاء

وركّزت فاطمة طريش على "قابلية التحوّل والمجاراة" لدى الإخوان وغيرهم من الإسلاميين، وكتبت على (فيسبوك): "في زمن أول انتخابات ديمقراطية في الجزائر، كان أنصار وأعضاء الأحزاب الإسلامية يؤلّفون أناشيد وشعارات لمناصرة أحزابهم، وجاء في مطلع أنشودة لأنصار الجبهة الإسلامية المحظورة: إنّ للإنقاذ صرحاً حيث ما لاح نبراس... لا تسلني من بناه إنّه الشيخ عباس، وفي أثناء الحملة الانتخابية غيّروا في الكلمات ليكون ذلك المقطع لمجاراة الحزب المنافس... فصار المقطع يقول :"إنّ لحماس صرحاً فيه القاري والبراح... لا تسلني من بناه إنّه الشيخ نحناح".

سقط القناع

كتب جليل بوجيرة ومحمد عبداوي: "المشكلة أنّ هؤلاء يمتطون العاطفة الإسلامية"، وسجّل رزقي بن الشيخ: "سقط القناع عن القناع، وانكشف النفاق السياسي الذي لوّث هواء الجزائر من أمثال هؤلاء".

ولاحظ المعتز بالله بحري أنّ "عمر غول تخابر مع جهات أجنبية، والتقى سفراء دول غربية"، وألّح حاج لعجال على أنّ "تجار الدين أخطر من تجار المخدرات".

وذكر فتحي بن عمر: "يدعّون المنهج الإسلامي لكسب الكرسي والمنصب للاحتيال على الشعب، وعندما تُفتح السلطة لأحدهم، ينشقّ ويهرول، ولدينا أمثلة كثيرة منهم".

فاطمة الزهراء زرواطي الرئيسة الحالية لحزب تاج

وبكثير من الاستهجان، ردّ متابعو الشأن السياسي المحلي على تصريح الرئيسة الحالية لـ (تاج) حول "مواصلة الحزب اقتحامه المواعيد الانتخابية لحاجة الجزائر إلى اللحمة الوطنية"، في هذا الشأن، استغرب محمد الصغير بالله: "مفككو البلاد ومخرّبوها يتحدثون عن اللحمة الوطنية".

واسترسل عبد المجيد بودشيشة: "لو كانت تملك ذرّة من الشجاعة، لتحمّلت المسؤولية وقدّمت استقالتها من الحزب، لكنّها لم تفعل، ولن تفعل، وبالتالي لا فرق بينها وبين باقي قيادات الأحزاب الذين عمّروا عقوداً في مناصبهم ولا يعترفون بالتداول على المناصب".

وعلى المنوال ذاته، ردّد أحمد مرابط: "سبحان الله، كل من يريد أن يغطي على نهب المال العام يؤسس حزباً، مثل عمر غول الذي نهب من مشروع الطريق السيار ذهاباً وإياباً، وأسّس حزباً لمساندة وليّ أمره. دخل السجن واستمر الحزب"، وتقاطع معه بغداد ريحي: "فاشلون لكن ماضون".

مواضيع ذات صلة:

الصيرفة الإسلامية في الجزائر: جدل وضبابية

الجزائر انتصرت على الإرهاب... ولكن

حرق العلم الجزائري في تونس... ما علاقة الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية