قرض النقد الدولي.. هل يُخرج تونس من أزمتها المالية؟.. خبراء يجيبون

قرض النقد الدولي هل يُخرج تونس من أزمتها المالية؟.. خبراء يجيبون

قرض النقد الدولي.. هل يُخرج تونس من أزمتها المالية؟.. خبراء يجيبون


17/10/2022

ترزح تونس تحت وطأة أزمة مالية تثير مخاوف من احتمال تخلّف البلاد عن سداد ديونها، إلى جانب نقص في الغذاء والوقود خاصة بعد قفزة الأسعار عقب الأزمة الروسية الأوكرانية، وتضغط أزمة شح السيولة وصعوبات التموين على احتياطي العملة لدى البنك المركزي التونسي، الذي تراجع إلى مستوى (105) أيام من الواردات بما قيمته (23) مليار دينار، بينما يواصل الدينار تراجعه أمام العملات الأجنبية.

 تخفيفاً من تداعيات هذه الأزمات المتتالية، خاضت تونس مفاوضات مطولة مع صندوق النقد الدولي منذ أيار (مايو) الماضي، توصلت على إثرها يوم السبت إلى اتفاق بقيمة (1.9) مليار دولار على (48) شهراً، وقال النقد الدولي في بيان نُشر على موقعه الرسمي: إنّ تونس وصندوق النقد توصّلا إلى اتفاق خبراء لإقراض تونس (1.9) مليار دولار على (4) أعوام.

 النقد الدولي يقرض تونس (1.9) مليار دولار مبدئياً

وجاء في بيان الصندوق أنّ "الاتفاق النهائي بشأن الترتيب يخضع لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي من المقرر أن يناقش طلب برنامج تونس في كانون الأول (ديسمبر) المقبل".

 وأضاف بيان الصندوق أنّ "تدهور الوضع العالمي وارتفاع أسعار السلع يؤثران على الاقتصاد التونسي"، وأنّ وضع خارطة طريق لإصلاحات اقتصادية يتطلب "تعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع العام".

 التوصل إلى الاتفاق جرى على مستوى الخبراء عقب لقاء مع كريستالينا غورغييفا مديرة الصندوق على هامش اجتماعات الخريف في واشنطن، ويهدف القرض إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والمساواة الضريبية.

تونس تتوصل إلى اتفاق مع النقد الدولي بقيمة (1.9) مليار دولار على (48) شهراً

 وكانت حكومة نجلاء بودن قد أطلقت مفاوضات رسمية مع الصندوق من أجل تحصيل اتفاق بقيمة (4) مليارات دولار، تحتاجها تونس لتمويل عجز الموازنة، مقابل إصلاحات اقتصادية تشمل التقليص من دعم الغذاء والطاقة، وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي، إلى جانب إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية.

 تفاؤل حذر

وبرغم أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر قوّة نقابية في البلاد) رفض خطة الإصلاحات الحكومية التي طالب بها صندوق النقد الدولي، غير أنّ الخبير التونسي في الشأن الاقتصادي آرام بلحاج أعرب عن تفاؤله من اتفاق الخبراء مع صندوق النقد الدولي، مشيراً، في المقابل، إلى أنّه مبدئي، ولن يحل مشكلة الميزانية ومشاكل تونس الاقتصادية.

 وشدّد بلحاج، في تدوينة نشرها على موقع "فيسبوك"، على ضرورة إصلاح الاقتصاد، مؤكداً توفر كل الإمكانيات في تونس، وأنّ دولاً عديدة مستعدة لتعزيز التعاون، ودعا كلّ الأطراف المعنية إلى الجلوس على طاولة الحوار لإيجاد خطة إنقاذ موحدة.

تونس ترزح تحت وطأة أزمة مالية تثير مخاوف من احتمال تخلف البلاد عن سداد ديونها

 

 وقال الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق محسن حسن: إنّ الاتفاق الذي وافق عليه خبراء صندوق النقد الدولي يبقى جيداً لإطلاق الإصلاحات، وإن كان المبلغ زهيداً، إذ اقتضته الجوانب الفنية المتصلة بمخصصات تونس لدى الصندوق، لكن يتعين على الدبلوماسية التونسية التحرك لتعبئة في إطار التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف، وكذلك من المؤسسات المالية الدولية.

 وأوضح حسن، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء الحكومية، أنّ المبلغ زهيد خاصة في ظل ارتفاع حاجيات تونس لتعبئة موارد مالية خارجية، وأنّه يفتح أبواباً جديدة للتداين الخارجي والإصلاح الاقتصادي والمالي، والحدّ مستقبلاً من التبعية للمؤسسات المالية وللتمويل الأجنبي، ويقلص من آثار الأزمة الاقتصادية من خلال الإصلاحات المزمع القيام بها.

 وأضاف أنّ هذا الاتفاق سيمكّن تونس من النفاذ إلى مصادر تمويل أخرى كالمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي وغيرها من المؤسسات المالية المانحة، ويقيها شرّ عدم سداد قروضها وتعهداتها، وكذلك عدم القدرة على إصلاح اقتصادها.

 الفرصة الأخيرة

الخبير الاقتصادي وسيم بن حسين ثمّن من جانبه الاتفاق الأوّلي الحاصل بين تونس وصندوق النقد الدولي، والقاضي بمنح البلاد التونسية قرضاً بقيمة (1.9) مليار دولار، وهو يغطي تقريباً 80% من عجز الميزان التجاري، في انتظار الموافقة النهائية في شهر كانون الأول (ديسمبر)، بعد عرضه على أنظار المجلس التنفيذي للصندوق.

آرام بالحاج: متفائل من اتفاق الخبراء مع صندوق النقد الدولي

 واعتبر وسيم بن حسين في تصريح لجريدة "الصباح" التونسية أنّ قيمة هذه "الفرصة" وهذا الاتفاق المبدئي بيد الحكومة التي يجب عليها أن تسعى جاهدة إلى استثمار جانب من القرض في خلق الثروة على مدى (4) أعوام، وتقديم مؤشّرات حقيقية في مسار بداية تعافي الاقتصاد التونسي، وتحقيق السلم الاجتماعي، بالتوازي مع تحريك المنوال التنموي الاستثماري والانطلاق في تجسيم جملة الإصلاحات الاقتصادية المتّفق حولها بين الطرفين.

  وأوضح أنّه في حال حسن استغلال هذا القرض الذي يعتبره وفق تقديره "الفرصة الأخيرة الممنوحة من صندوق النقد الدولي"، فإنّ تونس سيكون بإمكانها النفاذ إلى مصادر تمويل أجنبية أخرى وإلى مؤسّسات مالية مانحة دون اللجوء إلى مسارات أخرى صعبة وموجعة في حال عدم استغلال هذه الفرصة الممنوحة بالشكل الجدّي المطلوب.

 آفاق جديدة لتونس

أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي قال: إنّ الاتفاق يُعدّ أمراً إيجابياً على الرغم من تواضع قيمته المالية، وأنّه مهم لأنّه سيفتح آفاقاً جديدة لتونس للحصول على تمويلات أجنبية من عدّة مؤسسات تمويل، على غرار البنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار والبنك الأوروبي للاستثمار إلى جانب التمويلات المالية في إطار العلاقات الثنائية.

 ولاحظ أنّ حصول تونس على القرض البالغ (1،9) مليار دولار هو أقصى ما يمكن أن تحصل عليه تونس، نظراً لأنّ حصتها في الصندوق لا تسمح لها بتجاوز هذا المبلغ، وفق رأيه.

محسن حسن: القرض سيفتح أبواباً جديدة للتداين الخارجي والإصلاح الاقتصادي والمالي

 

 ولفت إلى أنّ صندوق النقد الدولي رحّل الاتفاق النهائي للموافقة على هذا القرض إلى كانون الأول (ديسمبر) 2022 من طرف مجلس إدارته، في إشارة واضحة منه إلى انتظار نتائج الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها المزمع إجراؤها يوم 17 كانون الأول  (ديسمبر) 2022.

 الشكندالي أضاف أيضاً، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" للأنباء، أنّ النقد الدولي يرغب في تركيز مجلس نوّاب متعدد ومتنوّع وقادر على دعم الحكومة في إصلاحاتها.

 ولاحظ المتحدث أنّ حصول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي جاء في سياق ظرفية اقتصادية عالمية صعبة للغاية، في ظل تواصل النزاع الروسي الأوكراني، الأمر الذي أثر على جلّ الدول، وبدرجة أكبر على الدول النامية على غرار تونس.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية