قرارات حماس الأخيرة.. ضبط للعمل الصحفي أم تكميم للأفواه؟

حماس

قرارات حماس الأخيرة.. ضبط للعمل الصحفي أم تكميم للأفواه؟


20/02/2019

في خطوة جديدة تهدف إلى تكميم أفـواه الصحفيين في قطاع غزة والحيلولـة دون ممارسـة عملهم بحريّة ومهنيّة، اتّخذ المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحكومة حماس، قراراً بضرورة امتلاك الإعلاميين العاملين في غزة بطاقة صحفية صادرة عنه، كي يتمكنوا من تأدية عملهم الصحفي وتداول المعلومات؛ الأمر الذي أثار غضب غالبية الصحفيين، الذين عبروا عن رفضهم لقرارات مكتب حماس الإعلامي التي من شأنها تقييد حرية العمل الإعلامي التي كفلتها لهم كافة القوانين الدولية.

اقرأ أيضاً: حماس تقيد الصحفيين.. ما هو قرارها الجديد؟!

وكان المكتب الإعلامي لحركة حماس في غزة، قرر في العاشر من شباط (فبراير) الجاري، أنّه بدءاً من تاريخ الأول من نيسان (إبريل) المقبل، لن يسمح لأيّ صحفي بإجراء مقابلات صحفية، أو أي عمل إعلامي داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية بغزة، إلا بعد إبراز البطاقة الصحفية الصادرة من وزارة الإعلام التابعة لحكومة حماس، في مخالفة واضحة للقوانين المنظمة للعمل الإعلامي في الأراضي الفلسطينية.

قرار المكتب الإعلامي لحماس ستكون له تداعيات خطيرة

تقييد عمل المؤسسات الإعلامية

وفي هذا السياق يقول نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، لـ "حفريات": إنّ "قرار المكتب الإعلامي لحماس مرفوض، وستكون له تداعيات خطيرة، وهو يتنافى مع حقّ الصحفيين في الوصول إلى المعلومات بسهولة، ويقيد حريتهم في أداء دورهم الصحفي"، منوّهاً إلى أنّ "ما صدر من شروط عن مكتب الإعلام الحكومي، يندرج في إطار تقييد عمل المؤسسات الإعلامية، والتضييق على طواقمها العاملة في غزة، لنقل الحقيقة إلى الرأي العام؛ العالمي والعربي".

الأسطل: الجهة المخولة بإصدار البطاقات التعريفية للإعلاميين هي نقابة الصحفيين المعترف بها فلسطينياً

وأكّد الأسطل أنّ "الجهة المخولة بإصدار البطاقات التعريفية للإعلاميين هي نقابة الصحفيين المعترف بها فلسطينياً، والتي تعمل على تنظيم العمل الصحفي داخل الأراضي الفلسطينية"، مبيناً أنّ قانون المطبوعات والنشر رقم (9)، الصادر عام 1995، كفل حرية الرأي والتعبير وحرية الطباعة والنشر والصحافة وحرية الحصول على المعلومات؛ حيث نصت المادة الثانية في القانون على أنّ "حرية الرأي مكفولة لكل فلسطيني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية قولاً وكتابة وتصويراً ورسماً في وسائل التعبير والإعلام".

الابتعاد عن البيروقراطية

وبين  الأسطل أنّ القرار "لا ينظم العمل الصحفي؛ لأنّه صادر عن الجهة غير المخولة قانونياً بمنح التصاريح لممارسة العمل الصحفي، وأنّ وزارة الإعلام الفلسطينية هي المختصة بمتابعة عمل المؤسسات الإعلامية، وأنّ قرار المكتب الإعلامي الحكومي يهدف لوضع شروط على عمل الطواقم الإعلامية والصحفية، بما يشكل انتهاكاً جسيماً لحرية العمل الصحفي، ويقوض فرص الحصول على المعلومات والوصول إليها بسهولة وبحرية دون أي معيقات".

اقرأ أيضاً: فتح وحماس وما صنع الحداد في موسكو .. تحدي المسافات الطويلة

ويؤكد الأسطل على أنّ "الحصول على المعلومات هو حقّ لكلّ صحفي يعمل في قطاع غزة، كفلته له كافة الأعراف والقوانين الدولية والمحلية، ويجب ألا يكون هذا القرار مقدمة لتقييد حرية الرأي والتعبير في القطاع؛ لأنّ ذلك سيحول دون نقل الصحفيين لرسائلهم السامية للرأي العام في غزة لاستيضاح عدة قضايا شائكة تزيد من وعي ومعرفة المواطنين بها".

اقرأ أيضاً: إغلاق مؤسسات حماس الإعلامية: أزمة مالية أم انعكاس لأزمات إقليمية؟

وشدد نائب نقيب الصحفيين على "أن يتمتع العمل الإعلامي بغزة بالحرية الكاملة، وأن يتم الابتعاد عن البيروقراطية التي تمنع دون وصول الصحفيين إلى المعلومات من مصادرها المختلفة، وأنّ على المكتب الإعلامي لحماس تسهيل عمل الصحفيين للقيام بواجبهم المهني دون فرض أيّة شروط تؤدي إلى إعاقة عملهم وتقييد حريتهم الكاملة في تقديم رسالتهم داخل المجتمع".

القرار لا ينظم العمل الصحفي؛ لأنّه صادر عن الجهة غير المخولة قانونياً

اعتقال حماس للصحفيين

المصري: هناك مشكلة في المعايير المهنية التي تضمن حرية الرأي والتعبير لدى الصحفيين في الحصول على المعلومات

من جهته، يقول أستاذ الإعلام والاتصال، عبد الرحمن المصري، لـ "حفريات": إنّ إجراء المكتب الإعلامي التابع لحكومة حماس بغزة "لم يكن الأول الذي تقوم به بحق الصحفيين في قطاع غزة؛ فأجهزة حماس الأمنية دأبت على اعتقال واستدعاء العديد من الصحفيين في القطاع، وقامت بالزج بهم في المعتقلات، على خلفية حرية الرأي والتعبير، وتمّ منعهم من التواصل مع وسائل الإعلام لأسباب وحجج واهية".

ويضيف المصري "هناك مشكلة وخلل كبير في المعايير المهنية التي تضمن حرية الرأي والتعبير لدى الصحفيين في الحصول على المعلومات، وذلك مع تركيز إعلام مؤسسات حركة حماس على الكذب والتدليس والتحريض على الصحفيين المستقلين، لعدم نقل الأخبار وتغطية الأحداث الجارية بموضوعية وشفافية، في محاولة لتكميم أفواه الصحفيين، ومنعهم من ممارسة عملهم بحرية".

حجب الصورة الحقيقية

من أهم العوامل الأخرى التي تلعب دوراً رئيساً في إعاقة العمل الصحفي وحرية النشر، هو "تبعية وسائل الإعلام للأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة، إضافة إلى الانفلات الأمني، وغياب ثقافة النقد والتعبير عن الرأي"، وفق المصري الذي يشير إلى أنّه مع "سيطرة حكومة الأمر الواقع على غزة؛ أصبحت المؤسسات الإعلامية والصحفية تحت رقابة المكتب الإعلامي لحكومة حماس بغزة، وهو الأمر الذي يعيق تمتع هذه المؤسسات بالحرية في أداء أعمالها المنوطة بها بشكل كامل".

اقرأ أيضاً : لهذه الأسباب لجأت حماس لعملة البيتكوين
وتابع المصري حديثه "لا يوجد فرق بين مفهوم حرية الصحافة وحرية التعبير؛ فكلاهما يندرجان تحت الحقّ في الاتصال واستقاء المعلومات وممارستها بكل حرية، لتزويد المواطنين بمختلف المعلومات حول القضايا المختلفة والتي تشهدها الأراضي الفلسطينية، إلا أنّ الصحافة في غزة تعاني من بعض الضغوط لوجود سلطة حاكمة تقوم باعتقال الصحفيين والاعتداء على المؤسسات الإعلامية، خوفاً من فضح الممارسات العنصرية التي ترتكبها حركة حماس بحقّ بعض الأشخاص والمؤسسات الصحفية، لمنع نقل الصورة الحقيقية ومصادرة الحريات الإعلامية".

وطالب المصري "بتشكيل مجلس أعلى للصحافة والإعلام، يكون مستقلاً، ولا يتبع لأيّة جهة حكومية أو أحزاب سياسية، ويكفل احترام حرية الرأي والتعبير، ويقوم بإعطاء الصلاحيات للحصول على المعلومات دون قيود، والعمل على إقرار قانون ينص على توقيف كل من يقوم بالاعتداء على المؤسسات الصحفية والعاملون فيها".

حركة حماس تتبع سياسة ملاحقة الصحافيين

تعذيب حماس للصحفيين

وكانت الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، قد أصدرت، مطلع العام الجاري 2019، بياناً قالت فيه، إن حركة حماس تتبع سياسة ملاحقة الصحافيين وتعذيبهم في سجونها في قطاع غزة، محمّلة الحركة وقياداتها المسؤولية الكاملة عن تبعات الاعتداء على الصحافيين.

اقرأ أيضاً : أشهر 10 صحفيين عرب قتلتهم كتاباتهم ومواقفهم
وأضافت النقابة، أنّ الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، تورطت في تعذيب عدد من الصحفيين، وخلقت بيئة معادية لحرية العمل الصحفي في قطاع غزة، مشيرة إلى أنّ هذه السياسة هي نتاج طبيعي لحجم التحريض والتربية الحزبية الضيقة لعناصرها وأجهزتها ضد حرية الرأي والتعبير وحرية العمل الصحفي.
وقالت إنّها تدرس سبل التصدي لهذه الموجة الخطيرة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحماس ضد الصحفيين وأعضاء النقابة، مؤكدةً وقوفها إلى جانب الصحفيين، ومقاومة سياسة حماس في استهداف العمل الصحفي.
وأشارت النقابة إلى أنّ مديرها الإداري، لؤي الغول، تعرّض لتعذيب وحشي من قبل أفراد وضبّاط من جهاز الأمن الداخلي التابع لحركة حماس، داعية الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية إلى اتخاذ موقف واضح ضد سياسة حماس.
التضييق على الصحفيين
وقالت منظمة العفو الدولية؛ إنّ سلطة إدارة الأمر الواقع، التابعة لحماس، قد ضيقت الخناق بصورة متزايدة على حرية التعبير خلال الأشهر الأخيرة، فشنت حملة قمعية على الرأي المعارض، تضمنت استجواب صحفيين يعملون في وسائل الإعلام واعتقالهم.

اقرأ أيضاً: "النهضة" تقاضي صحفيين تونسيين ومنظمات إعلامية تتهمها بتكميم الحرية
وقبضت قوات الأمن التابعة لحماس على صحفيَّين اثنين، في حزيران (يونيو) الماضي، ومنعت صحفيين من تقديم تقارير صحفية في بعض المناطق، كما قامت بتقييد عمل صحفي أجنبي، واعتقلت ما لا يقل عن 12 ناشطاً وصحفياً وجرى استجوابهم بشأن تعليقات أو رسوم كاريكاتيرية نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي بحجة أنّها تنتقد سلطات حماس، كما جمعت منظمة العفو الدولية أدلة تشير إلى أنّ "واحداً على الأقل من الناشطين قد خضع للتعذيب وسوء المعاملة في الحجز، بما في ذلك للضرب وهو معصوب العينين وإجباره على البقاء في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة".

من جانبه، عقد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى"، في 13 شباط (فبراير) الجاري، في رام الله، مؤتمراً تم من خلاله عرض التقرير السنوي لواقع الحريات الإعلامية في فلسطين، خلال العام الماضي، ونتائج مؤشر حرية الصحافة في فلسطين، وهو المؤشر الأول الذي يتم إعداده محلياً.

اقرأ أيضاً: منظمة دولية تعلن عن عدد الصحفيين القتلى في 2017
وكشف المركز أنه ما يزال استدعاء وتوقيف الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين قائماً، مشيراً إلى تعرض المصورين الصحفيين أو ممتلكاتهم إلى اعتداء من قبل قوات الأمن المحلية.
ونصت المادة الرابعة من قانون المطبوعات والنشر الفلسطيني، لعام 1995، "على اطلاع المواطن على الوقائع والأفكار والاتجاهات والمعلومات، على المستوى المحلي والعربي والإسلامي والدولي، وإفساح المجال للمواطنين لنشر آرائهم والبحث عن المعلومات والإحصائيات التي تهم المواطنين من مصادرها، حقّ المواطنين والأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والنقابات في التعبير عن الرأي والفكر، والإنجازات في مجالات نشاطاتها المختلفة من خلال المطبوعات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية