فيلم "أميرة" يثير جدلاً واسعاً ومطالبات بمنعه.. ما القصة؟

فيلم "أميرة" يثير جدلاً واسعاً ومطالبات بمنعه.. ما القصة؟


08/12/2021

تسبب عرض فيلم "أميرة"، ضمن فعاليات الدورة 12 من مهرجان "كرامة لأفلام حقوق الإنسان"، في العاصمة الأردنية عمّان، بحالة من الجدل في الأردن وفلسطين، طالت مؤسسات رسمية ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب اعتبار البعض الفيلم "مسيئاً" للأسرى الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: "بنات عبد الرحمن" فيلم أردني يسلط الضوء على قضايا المرأة العربية

ويطرح فيلم "أميرة"، الذي ترشحه المملكة لجائزة أفضل فيلم أجنبي روائي في الأوسكار، قضية في غاية الحساسية لدى الشعب الفلسطيني، وهي سعي الأسرى الفلسطينيين المحتجَزين في سجون الاحتلال الإسرائيلية للإنجاب من زوجاتهم عن طريق تهريب النطف وإجراء عمليات تلقيح صناعي.

"يخدم رواية الاحتلال"

وأثار عرض الفيلم انتقادات من جانب مؤسسات رسمية وغير رسمية معنية بشؤون الأسرى، والتي اعتبرته "مسيئاً" إلى قضيتهم ويخدم رواية الاحتلال واستهدافه هذه الشريحة من الشعب الفلسطيني.

وأصدرت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية صباح اليوم، بياناً عبرت فيه عن غضبها واستنكارها لعرض الفيلم، وطالبت وزارة الثقافة الأردنية، وهيئة الإعلام، والهيئة الملكية للأفلام، وإدارة مهرجان كرامة السينمائي، بالإضافة إلى نقابة الفنانين الأردنيين، باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عرض هذا الفيلم ومنع عرضه في دور السينما وسحبه من كافة المنصات.

أصدرت اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية صباح اليوم، بياناً عبرت فيه عن غضبها واستنكارها لعرض الفيلم

كما طالب البيان "كافة الجهات السابق ذكرها بالوقوف عند مسؤولياتها ومحاسبة المسؤولين والقائمين على إنتاج هذا الفيلم الذي يسيء للأسرى والأردن"، بسحب "الفيلم من تمثيل الأردن في جائزة الأوسكار".

اقرأ أيضاً: السعودية تختار الفيلم الروائي "حد الطار" لتمثيلها في الأوسكار

وأضاف البيان "لطالما كنا ننادي بفن يعبر عن قضايانا العادلة وينشرها لنكسب الرأي العام ونوجهه لينصرنا، فهناك الإهمال الطبي في سجون الاحتلال وقضية أسرانا الأردنيين المغتصبة حقوقهم وقضية المفقودين من جيشنا الأردني الذين لم يُكتشف مصيرهم منذ عام ٦٧، لا أن ننتج أفلاماً لا تعبر عنا بل تسيء لنا ولتاريخنا بل تخدم الاحتلال أيضاً".

بدوره، قال نادي الأسير الفلسطيني، إنّ "الفيلم يخدم الاحتلال وروايته ضد الأسرى"، مشيراً إلى أنه "سيتخذ موقفاً وخطوات عملية ضدّه".

بوستر الفيلم

وأشار قدري أبو بكر، رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين في تصريحات صحافية لوكالة "معا" الإخبارية، إلى أنّ الهيئة خاطبت وزارة الثقافة الأردنية والهيئة الملكية للأفلام بشأن فيلم "أميرة" للوقوف على الإساءة العميقة الموجهة إلى الأسرى وعائلاتهم.

ونقلت الوكالة عن أبو بكر، قوله إنّ الأردن قرر رسمياً وقف عرض فيلم "أميرة" في عمّان ومنعه من التداول، بعد تواصل بين وزيري الثقافة الأردني والفلسطيني.

أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، أنّ فيلم "أميرة"، فيلم خيالي روائي وليس وثائقياً، واختيار أسلوب رواية القصة وسرد الأحداث يعود إلى طاقم العمل من الإخراج والتأليف والإنتاج

وأوضح قدري أبو بكر أنّ عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطيني تواصل مع وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار، وهناك توجه لوقف هذا الفيلم، حيث يدور حديث وحوار حالياً لإنهاء هذه المشكلة.

لكن أمين عام وزارة الثقافة  الأردنية هزاع البراري، نفى صدور قرار من الوزيرة هيفاء النجار فيما يخص منع عرض فيلم "أميرة".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب منعت دول عربية عرض فيلم "الأبديون"

وقال البراري لموقع "عمون" الأردني، إنّ وزارة الثقافة ليست الجهة المختصة أو المخولة بمنع أي فيلم أو إعطاء إجازة العرض، مشيراً الى أنّ هيئة الإعلام المرئي والمسموع والهيئة الملكية للأفلام هما الجهتان المختصتان في هذا الجانب.

 أمين عام وزارة الثقافة  الأردنية هزاع البراري: وزارة الثقافة ليست الجهة المختصة أو المخولة بمنع أي فيلم أو إعطاء إجازة العرض

كما ودانت وزارة الثقافة الفلسطينية الفيلم المثير الجدل، معتبرة إياه "تعدياً واساءة واضحة لكرامة الأسرى وبطولاتهم وتاريخهم الكفاحي العظيم".
وقال وزير الثقافة الفلسطيني، عاطف أبو سيف، في بيان صحفي: "الفيلم يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا شعبنا ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية، ويسيء بطريقةٍ لا لبس فيها إلى تاريخ ونضالات الحركة الأسيرة الفلسطينية، التي نعلم جميعًا مدى قدسيتها وأهميتها على المستويين الشعبي والرسمي وعلى المستوى القومي".
وطالب أبو سيف وزارة الثقافة في الأردن ومن الجهات الرسمية أن تنظر بخطورة إلى تداعيات نتائج هذا الفيلم المسيء.

غضب افتراضي

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، دشّن ناشطون أردنيون وفلسطينيون، حملة ضد الفيلم، مطالبين بمنع عرضه ومحاسبة المسؤولين عنه، معتبرين إياه إساءة إلى الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ولاقى وسم "#اسحبوا_فيلم_أميرة" تفاعلاً كبيراً من الكتّاب والإعلاميين، بعد يوم واحد من عرضه ضمن مهرجان "كرامة لأفلام حقوق الإنسان" في العاصمة الأردنية عمّان.

"فيلم خيالي"

من جهتها، أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، أنّ فيلم "أميرة"، فيلم "خيالي روائي وليس وثائقياً، واختيار أسلوب رواية القصة وسرد الأحداث يعود إلى طاقم العمل من الإخراج والتأليف والإنتاج".

وأضافت الهيئة، في تصريح صحفي، حول تقديم الفيلم إلى جوائز الأوسكار لعام 2022 لتمثيل الأردن، أن "دور الهيئة الملكية للأفلام في الإعلان عن فتح باب التقديم للأفلام الطويلة للترشح لجوائز الأوسكار واستلام الأفلام وتنظيم سير العملية، إضافة إلى تشكيل لجنة مستقلة من خبراء معنيين بقطاع المرئي والمسموع".

وتابعت: "وقع اختيار اللجنة على فيلم أميرة من بين عدد من الأفلام المتقدمة الأخرى".

عرض فيلم "أميرة" ضمن فعاليات الدورة 12 من مهرجان "كرامة لأفلام حقوق الإنسان" في العاصمة الأردنية عمّان

وحاولت "حفريات" التواصل عبر الموبايل مع المخرجة سوسن دروزة، مديرة مهرجان "كرامة لأفلام حقوق الإنسان" للتعليق على أسباب المطالبات بمنع الفيلم، لكن هاتفها كان مغلقاً.

وكانت دروزة قالت في تصريحات صحفية سابقة اليوم، إنه "ستُعقَد جلسة نقاشية حول الفيلم وما أثاره من جدل في وقت لاحق (اليوم الأربعاء)، كاشفة عن أنّ المهرجان قد يصدر بياناً صحافياً يعبّر عن موقفه من الفيلم وتداعياته.

ما قصة الفيلم؟

وتدور أحداث الفيلم المشترك بين الأردن ومصر وفلسطين، حول قصة "أميرة" التي تُجسد شخصيتها تارا عبود، التي تنشأ معتقدة أنها جاءت إلى الدنيا نتيجة عملية تلقيح صناعي من نطفة مهربة لوالدها في سجن "مجدو" الإسرائيلي، ما يمنحها شعوراً كبيراً بالفخر باعتبارها ابنة مناضل فلسطيني يتواجد في سجون الاحتلال.

لكن المفاجأة تقع عندما يعلن الأطباء أنّ النطفة التي استلموها هي لشخص عقيم لا يمكنه الإنجاب إطلاقاً، وهو ما يدفع عائلة الزوج ومعها أميرة للشك في سلوك الأم، التي تجسد شخصيتها صبا مبارك، وتبدأ عملية مطابقة للبصمة الوراثية مع جميع المحيطين بالزوجة لكن دون جدوى.

تواصل أميرة عملية البحث عن والدها البيولوجي إلى أن تصل لقناعة بأن حارس السجن الإسرائيلي الذي هرب النطفة قام باستبدالها بنطفته، وتنقلب حياتها رأسها على عقب.

 فيلم أميرة، الذي ترشحه الأردن لجائزة أفضل فيلم أجنبي روائي في الأوسكار، حصد 3 جوائز ضمن فعاليات مهرجان فينيسيا الـ 78، الذي أقيم خلال الفترة من 1 وحتى 11 أيلول الماضي

وبعدما تضيق الدائرة على الأم تعترف بخيانة الزوج مع زميل سابق له بالسجن كان حمل لها رسالة في الماضي، وتصبح على وشك دفع حياتها ثمناً لهذا الاعتراف، قبل أن يظهر الطبيب الذي أشرف على عملية التلقيح ويؤكد أن الحمل كان نتيجة العينة المهربة.

ويضم فريق عمل فيلم أميرة عدداً كبيراً من النجوم العرب، في مقدمتهم صبا مبارك وعلي سليمان، والممثلة الشابة تارا عبود التي يقدمها الفيلم لأول مرة سينمائياً في دور أميرة، وقيس ناشف ووليد زعيتر. وهو من إنتاج أحمد حافظ، وإخراج محمد دياب. 

وهذا الجدل ليس وليد اللحظة، فقد أثار جدلاً مشابهاً بعد عرضه ضمن مهرجان "الجونة السينمائي" في كانون أول (أكتوبر) الماضي.

وحينما أسدل الستار على مشهد النهاية في الفيلم، أصيب البعض بالإحباط، وعبر البعض الآخر عن غضبه بسبب نهاية العمل، وهو ما علق عليه المخرج مؤكداً على كونهم اختلفوا كثيراً حول هذا الأمر، لكنهم استقروا على هذه النهاية لأنها تخدم الفيلم.

يذكر أنّ فيلم أميرة، قد حصد 3 جوائز ضمن فعاليات مهرجان فينيسيا الـ 78، الذي أقيم خلال الفترة من 1 وحتى 11 أيلول (سبتمبر) الماضي.

والجوائز هي؛ جائزة "لانتيرنا ماجيكا" التي تمنحها جمعية "تشينيتشيركولي الوطنية الاجتماعية الثقافية" للشباب (CGS)، وجائزة "إنريكو فولتشينيوني" التي يمنحها "المجلس الدولي للسينما والتليفزيون والإعلام السمعي البصري" بالتعاون مع منظمة "اليونسكو"، وجائزة "إنترفيلم" لتعزيز الحوار بين الأديان.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية