
منذ بداية القرن، لم يسبق أن أعلنت الدولة الفرنسية هذا العدد للطرد أو الحرمان من الجنسية التي تستهدف دُعاة التشدد ومُرتكبي الجرائم الإرهابية، كما فعلت في العامين الماضيين، وفقا لتقرير نشره موقع "24"، الذي أشار إلى أنه تم استهداف 17 متطرفاً بهذا الإجراء منذ بداية العام، وهو رقم قياسي على الرغم من أنّه منخفض نسبياً مُقارنة بجيران فرنسا البريطانيين.
ويرى محللون فرنسيون، بحسب التقرير، أنّ "مواقف الدعاة الإسلاميين المُتطرّفين الذين يتم طردهم أو سحب الجنسية منهم، تعود إلى طبيعة جماعة الإخوان التي ينتمون لها، وأنّ الكثير من الإرهابيين التابعين لتنظيم داعش وغيره، إنما كانوا أصلاً من المُنتمين لتلك الجماعة المُصنّفة إرهابية في عدّة دول".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد طلب في مجلس الدفاع قبل انطلاق أولمبياد باريس 2024، تقريراً عن حالة التهديد الذي تُشكّله جماعة الإخوان اليوم، فيما يؤكد وزير الداخلية المُستقيل جيرالد دارمانين أنّه يُريد إحداث صدمة ضرورية في البلاد، حيث يواصل شنّ هجومه العلني ضدّ تنظيم الإخوان.
وبالتوازي مع إجراءات سحب الجنسية، أدرجت وزارة الداخلية الفرنسية في العامين الأخيرين نحو 1000 مهاجر غير شرعي مُبعد في التقرير الخاص بمنع التطرّف الإرهابي لضمان عدم عودتهم وفق تدابير مشددة تشمل بشكل خاص حظر إداري نهائي على دخولهم الأراضي الفرنسية.
تم استهداف 17 متطرفاً بهذا الإجراء منذ بداية العام وهو رقم قياسي على الرغم من أنّه منخفض نسبياً مُقارنة بجيران فرنسا البريطانيين
وقبل أيّام تمّ تجريد اثنين من مزدوجي الجنسية المولودين في فرنسا، والمُدانين بارتكاب أعمال إرهابية، من الجنسية الفرنسية بموجب مرسومين صادرين في 5 أغسطس (آب)، نُشرا على التوالي في الجريدة الرسمية يومي الثلاثاء 6 و الأربعاء 7 من الشهر الحالي.
والشخص الأول، يانيس بوغديري، هو فرنسي تونسي مُتطرّف يبلغ من العمر 28 عاماً، ويُعاني كذلك من اضطرابات انفصام الشخصية، ويقضي حُكماً بالسجن لمدة ست سنوات، صدر بحقه في عام 2022 بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية.
أما الثاني، بلال تاغي، فهو أوّل مخطط لهجوم متطرف تمّ ارتكابه في أحد السجون الفرنسية، وقد حُكم على هذا الفرنسي المغربي البالغ من العمر 32 عاماً، في عام 2019، بالسجن لمدة 28 سنة بتهمة الشروع في القتل، حيث هجم بسكين على اثنين من الحراس في سجن أوسني (فال دواز)، عام 2016 بأوامر من تنظيم داعش.
وتسبب هذا الهجوم، الذي تمّ تنفيذه داخل وحدة مخصصة للقضاء على التطرّف، في صدمة عميقة في إدارة السجن وتعطيل إدارة السجناء المُتطرّفين. وقد عجّل ذلك بإنهاء هذه الوحدات، واستبدالها بـِ "مناطق تقييم التطرف"، التي أُعلن عن إنشائها لاحقاً.
هاتين الحالتين من الحرمان من الجنسية تُوضحان اتجاهاً قويّاً، وفقا لما ورد في التقرير، فهذه التدابير الإدارية التي يُفترض أنها نادرة أصبحت أقل استثنائية، إذ بين عامي 2002 و2014 تمّ سحب الجنسية من 8 أشخاص فقط، ولكن خلال السنوات التي أعقبت إنشاء "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في عام 2015، تمّ سحب الجنسية الفرنسية من نحو 50 مواطناً مزدوج الجنسية. ويصدر قرار سحب الجنسية من رئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الدولة.