فتح صندوق مصور غزة الأول في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة

فتح صندوق مصور غزة الأول في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة

فتح صندوق مصور غزة الأول في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة


02/05/2024

انتقل الطفل (كيغام دجيغاليان) 1915-1981 من أرمينيا إلى فلسطين في عشرينيات القرن الماضي، وأنشأ أول استوديو للتصوير الفوتوغرافي في غزة عام 1944، وكان مصوراً بارزاً وموهوباً، كما قام بتوثيق الحياة اليومية في المدينة خلال الفترات المضطربة حتى السبعينيات، ولم تقتصر صوره على صور الاستوديو، بل امتدت إلى التجمعات العائلية، وصور مخيمات اللاجئين والجنود، ويعطينا تنوع أعماله نظرة ثاقبة للتطور الاجتماعي والسياسي في غزة في تلك الفترة.

العثور على الكنز 

بعد وفاة (كيغام) الجد بأعوام طويلة عثر حفيده، الذي يحمل الاسم نفسه، في عام 2018 على (3) صناديق حمراء مخبأة بعناية ومنسية في خزانة ملابس والده في القاهرة، ولم يصدق حظه، فقد كانت الصناديق تحتوي على الـ"نيجاتيف" أو الصور السلبية لأكثر من (1000) صورة فوتوغرافية التقطها جده بين أربعينيات وسبعينيات القرن الماضي. نشأ الحفيد على سماع أنّ جده هو مصور غزة الأول وأحد أهم المصورين، لكنّه لم يرَ صوره الاحترافية حتى اكتشف تلك الصناديق.

لم يكن هناك ترتيب أو تصنيف واضح للصور التي وجدها (كيغام) الحفيد، ولم تكن هناك مواد مصاحبة لتأريخها، أو حتى ذكر أسماء الأشخاص الذين تم تصويرهم، لكنّ فوضى لفات الأفلام كانت أقرب ما وصل إليه (كيغام) الحفيد من عمل جده، وكانت الدليل الملموس على إرثه، أخذ (دجيغاليان) الحفيد كنزه إلى باريس حيث يعيش، وبدأ في تظهير الأفلام التي وجدها بالمصادفة، وقام بعرضها لاحقاً على الجمهور لأول مرة في آذار (مارس) 2020 كجزء من معرض "أسبوع القاهرة للتصوير الفوتوغرافي".

الصور مثيرة بقدر ما هي غنية بالمعلومات عن غزة، وبعضها عبارة عن صور شخصية تظهر أشخاصاً من مختلف الأعراق، وهم يبتسمون وينظرون بشكل حالم خارج الإطار. ويظهر البعض الآخر أفراداً عسكريين، وتجمعات مثل النزهات وحتى الحفلات التنكرية. توفر الصور المتنوعة والمبهجة نظرة تاريخية ثمينة للحياة اليومية التي نادراً ما يتم توثيقها في غزة في منتصف القرن الـ (20)، قبل الحصار الإسرائيلي والقصف العنيف على القطاع، بل إنّ بعضها يشير إلى الشكل الذي كانت ستبدو عليه المدينة لو لم تكن تعاني من نقص الغذاء والماء والمساعدات الطبية.

افتتاح معرض آخر لأعمال كيغام في القاهرة  

يستضيف المركز الثقافي الفرنسي بوسط مدينة القاهرة، في الفترة من 26 نيسان (أبريل) حتى 12 أيار (مايو) 2024 معرضاً لصور (كيغام) الجد، وفي حفل افتتاح المعرض قام الحفيد بإلقاء كلمة عن رحلة جده "الذي تم تهريبه وهو طفل صغير مع ناجين آخرين من المذبحة الأرمنية إلى القدس، حيث نشأ وترعرع بين القدس ويافا، وعمل في استوديو للتصوير، وتعلم أساسيات الحرفة، ثم في أوائل الأربعينيات انتقل إلى غزة مع زوجته، وأنشأ الاستوديو الأول في مدينة غزة "فوتو كيغام" في عام 1944، ويضيف (دجيغاليان): أعتقد أنّه رأى فرصة عمل، لقد نصح بالذهاب إلى غزة على وجه التحديد، لأنّه لم يكن هناك مصورون ولا استوديو تصوير، خلافاً ليافا والقدس اللتين تعيش فيهما أغلب العائلات الأرمنية، وأحبّ غزة كأنّها وطنه، وربما ألهمت فطنة رجل الأعمال (كيغام) الجد للانتقال إلى غزة وفتح استوديو للتصوير، لكنّ عينه الوثائقية الثاقبة هي التي دفعته إلى تصوير كل ما رآه وجعله شخصية مؤثرة في المجتمع.

قال (كيغام): "لم يكن جدي مصوراً صحفياً، ولم يعمل في أيّ جهة غير الاستوديو الخاص به، لكن كانت عنده الرغبة الملحة في توثيق كل شيء".

قام (كيغام) بتصوير التطورات الاجتماعية والسياسية في غزة على مدار ما يقرب من (4) عقود، خلال فتراتها الانتقالية المضطربة، كان هناك يوثق الحياة اليومية في ظل الانتداب البريطاني الذي انتهى عام 1948، وكذلك الحكم المصري بين عامي 1949 و1956، ومرة أخرى من عام 1957 إلى عام 1967. كما قام بتصوير مخيمات اللاجئين التي انتشرت حول ضواحي غزة بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، ووثق الاحتلال الإسرائيلي لغزة عام 1956، والصراع العربي الإسرائيلي عام 1967.

عُرضت الصور بشكل مشابه لما تم العثور عليه؛ بدون أسماء أو تواريخ. وكتب (دجيغاليان) في بيان المعرض: "لقد احتضنت هذا الغموض واحترمته، لا من أجل تعبيره عن العاطفة والحنين فحسب، بل للاعتراف بالسرديات والسياقات الممزقة لقصة (كيغام) وصوره أيضاً".

تمكّنك زيارة ذلك المعرض من الانغماس في النسيج الغني للتاريخ البصري لغزة كما التقطته عدسة (كيغام دجيغاليان) على مدى ما يقرب من (4) عقود.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية