فايننشال تايمز: حرب إسرائيل انتقامية.. سترتد عليها

فايننشال تايمز: حرب إسرائيل انتقامية.. سترتد عليها

فايننشال تايمز: حرب إسرائيل انتقامية.. سترتد عليها


25/11/2023

جورج عيسى

بعد نحو سبعة أسابيع من الصراع المدمر بين إسرائيل وحماس، أمكن التوصل إلى اتفاق على إطلاق سراح 50 امرأة وطفل محتجزين رهائن لدى الحركة، ووقف الأعمال العدائية، ما أدى أخيراً إلى بعض الأخبار الإيجابية.

ذا استمرت إسرائيل على مسارها الحالي فلن يتبقى سوى أرض قاحلة حيث ستبدأ جذور الأزمة المقبلة حتماً في الترسخ فيها.

وأدت محنة نحو 240 رهينة، من ضمنهم مدنيون، إلى تفاقم الصدمة العميقة التي يشعر بها الإسرائيليون بعد الهجوم المروع الذي شنه مسلحون فلسطينيون في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والذي أدى إلى الحرب. لقد طال انتظار إطلاق سراحهم.

وفي جزء من الصفقة، تقول "فايننشال تايمز" وافقت إسرائيل على وقف هجومها البري والجوي على غزة أربعة أيام لضمان خروج آمن للرهائن والسماح بدخول المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى القطاع المحاصر.

سيجلب هذا بعض الراحة الموقتة لـ2.3 مليون فلسطيني داخل القطاع الذين عانوا من القصف الإسرائيلي، فهم في حاجة ماسة إلى الغذاء، والماء، والدواء، والوقود، ولم تسمح إسرائيل إلا بدخول قدر ضئيل من المساعدات إلى غزة منذ أن شنت حربها ضد حماس.

استغلال الفرصة

تشدد الصحيفة على ضرورة ألا يذهب هذا الاختراق الدبلوماسي هباءً. لا بد من الضغط على إسرائيل وحماس لحملهما على تمديد الاتفاق، لضمان حرية الرهائن المتبقين، وتخفيف معاناة سكان غزة الذين شرد أكثر من نصفهم. يجب أن يؤدي الاتفاق إلى وقف إطلاق نار لأسباب إنسانية. يجب أن تنتهي الكارثة في غزة، وأن يسلم المزيد من المساعدات. وعلى إسرائيل أن تستغل هذه اللحظة لتحسين أهدافها والابتعاد عن خطابها المتطرف.

إن رغبتها في سحق حماس التي تسيطر على غزة منذ 2007 أمر مفهوم بعدما نفذ مقاتلو الجماعة الهجوم الأكثر دموية على الإطلاق ضد إسرائيل. لكن عدد القتلى في غزة كان مروعاً، حيث قتل ما يقرب من 13 ألف شخص، كما يقول مسؤولون فلسطينيون. ومن الواضح أن إسرائيل تفتقر إلى خطة سياسية متماسكة لمرافقة هجومها الشرس. 

تداعيات السياسة الإسرائيلية

وحتى لو استنزفت إسرائيل قدرة حماس العسكرية وبنيتها القيادية بشدة، فإن الجماعة، أو مقاتلين تحت راية مختلفة، سيستمرون في التعبئة والقتال. ولن تسحق أيديولوجيتها بالقنابل. لقد أحرزت إسرائيل بالفعل تقدماً في إضعاف حماس. الهدف الأكثر واقعية لعمليتها هو منع المجموعة من تشكيل تهديد، بدل القضاء عليها بالكامل، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بتدمير غزة وتسويتها بالأرض.

إن المذبحة في القطاع تهدد بولادة جيل مقبل من المسلحين في الأراضي الفلسطينية ما يعرض الأهداف الأمنية التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها للخطر، ويقوض دعمها حول العالم. وكلما طال أمد الهجوم دون أن تلوح نهاية اللعبة في الأفق، أصبح يحمل بصمات انتقام لا الاستراتيجية.

رهانات خاسرة

يبدو أنه لا مناقشات جدية في إسرائيل حول من سيحكم غزة، حتى لو أزيلت حماس، أو من سيوفر الخدمات والأمن والمساعدات وإعادة الإعمار الملحة. واقترحت واشنطن أن تنتقل السلطة الفلسطينية،  الضعيفة التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، إلى القطاع. ينطوي هذا على بعض المنطق نظرياً، لكن لا يرجح أن تثبت واقعيته في الممارسة العملية.

ووفق الصحيفة نفسها، يظهر أن إسرائيل تراهن على قدرتها على رمي المسؤولية عما سيحصل لاحقاً على الولايات المتحدة والدول العربية، وسط الحديث عن شكل من أشكال الإدارة الدولية أو قوة حفظ سلام في غزة. لكن  أي لاعب خارجي لا يريد في أن يُشاهد وهو يتوغل في حطام غزة على ظهر دبابات إسرائيلية ويتحمل مسؤولية سكان مقفرين ويواجه تمرداً.

نهاية المسار 

حتى ينتهي القصف على غزة، يستحيل فهم  الواقع الذي سيرسم بعد ذلك في القطاع. إن مناقشات في عواصم غربية عن "اليوم الموالي" مهمة، ولكن لا يمكن فصلها عما يحدث اليوم لغزة وشعبها.

وقالت الصحيفة في الختام، إنه إذا استمرت إسرائيل على مسارها الحالي فلن يتبقى سوى أرض قاحلة حيث ستبدأ جذور الأزمة المقبلة حتماً في الترسخ فيها.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية