فايننشال تايمز: الإمارات حاضنة للفنانين الناشئين

فايننشال تايمز: الإمارات حاضنة للفنانين الناشئين


22/11/2020

تقول صحيفة "فايننشال تايمز" في ملف نشرته أمس عن الفن والاقتصاد في منطقة الخليج، إنه نظراً لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تسمح بمزيد من الحريات الشخصية والاجتماعية، فإنّ جيل الشباب من الفنانين المحليين يسعون إلى العمل بطرق لا تمليها المؤسسات الرسمية أو المجموعات التجارية. وتشير الصحيفة إلى أنه بعد أن أعلنت مؤخراً عن مجموعة من اللوائح والقوانين التي تشجّع على تحرير اجتماعي كبير، فإنّ الإمارات العربية المتحدة  تشجّع أيضاً على جذب المزيد من رأس المال الثقافي؛ كجزء من الجهود المبذولة لتنويع اقتصادها.

يتم تمثيل الفنانين الإماراتيين الرواد بالفعل في الخارج؛ إذ يجري عرض أعمال الراحل حسن شريف، الذي يُنسب إليه الفضل في تطوير الحركة الفنية المفاهيمية في الإمارات العربية المتحدة، حالياً في مالمو كونستال السويدي؛ في أكبر معرض أوروبي لأعماله. سيمثل أحد مساعديه، الفنان محمد أحمد إبراهيم-الذي يستعين بالمواد الطبيعية على إنجاز أعماله ولوحاته-الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي فينيسيا 2022. في غضون ذلك، تطفو على السطح في الداخل موجة جديدة من الفن الذي يقوده شباب وشابات، مدعومين بتجارب سابقة.

فاينشال تايمز: قد لا تكون الإمارات مُصدِّراً غزيراً للفن المعاصر، لكنها بدأت تصبح حاضنة للمواهب الجديدة

دوافع الفنانين الشباب

في هذا السياق، من الطبيعي التساؤل عمّا يدفع الفنانين الشباب إلى تطوير المزيد من المبادرات الشعبية؟ وتلفت "فايننشال تايمز" لدى تقديم إجابة عن ذلك إلى أنه مع ندرة المساحات السكنية المخصصة للعروض الفنية والاستوديوهات في الإمارات العربية المتحدة، فإنّ المزيد من الفنانين المحليين الراسخين بساعدون المواهب الناشئة من خلال منحهم مساحة لإنشاء أعمالهم وعرضها.

يتم دعم الفنانين الشباب بشكل متزايد من قبل المنظمات الجديدة مثل معهد الفن الناشئ

وتعد مبادرة بيت 15، وهي عبارة عن استوديو يديره فنان في أبو ظبي، من أوائل المجموعات التي استجابت لحقيقة أنّ الفنانين لا يزالون غير قادرين على استئجار مساحات الاستوديو من دون ترخيص تجاري. لقد تأسس بيت 15 في عام 2017 من قبل الفنانين الإماراتيين الشباب؛ عفراء الظاهري، ميثاء عبد الله وهاشل اللمكي. كانت هذه المساحة في الأصل منزلاً لمحمد المزروعي، رسام وصانع أفلام مصري المولد. لقد استضافت هذه المجموعة، التي تضم مساحة عرض ومكتبة وإقامة وأربعة استوديوهات، مؤخراً المنصة الفنية 101، وهي عبارة عن منصة لعرض وبيع أعمال الفنانين، من دون الحاجة لإقامة معرض بالشروط التقليدية المكلفة.

وتنحو أوفيس رن (Office Run)، التي تتخذ من دبي مقراً لها، إلى تبني مقاربة تنظيمية أكثر سخرية؛ بقيادة الثنائي: الفنانة منى عياش ونادين غندور، حيث نظمت سلسلة من العروضات الفنية سريعة الزوال في مجمعات مكاتب فارغة خارج ساعات العمل.

(Office Run) خرجت "كنتيجة للمحادثات حول كيف يمكننا العمل والإبداع خارج إطار عمل المؤسسات ومعالجة رغبتنا في الفضاء"... تشرح الآنسة عياش. وتضيف أنه "بدلاً من محاربة [نقص أماكن العمل] المخصصة للأعمال الفنية الناشئة، نستخدم البنية التحتية التي وفرتها لنا المدينة، وهي وفرة من المساحات المكتبية المؤجرة بالساعة. نحن نفكر كثيراً في السرعة والهدوء والمناطق الحرة وإمكانيات المساحات المكتبية كفضاءات غير منتجة (خارج ساعات الدوام الرسمي) لا تساهم في الناتج المحلي الإجمالي"، بحسب ما تنقل "فايننشال تايمز"، التي تشير إلى أنّ إحدى مبادرات الثنائي السابقة، Cry Me a River ، هي معرض للسرد عن الفنانين الذين يعيشون مع والديهم.

اقرأ أيضاً: تنامي خطاب ديني يحارب الفن وينذر بفوضى التطرف في الجزائر

من ناحية أخرى، استوحى الفنانون الإماراتيون عائشة حضر وروضة الكتبي وشيخة الكتبي من البازار المحلي الذي يقدم أثاثاً بأسعار معقولة لبيع أعمال الفنانين عبر منصة على الإنترنت يطلق عليها اسم سوق الجمعة. يقوم هؤلاء الفنانون باسترداد الأشياء المهجورة لعمل منحوتات تعاونية ومقاطع فيديو وتركيبات متنوعة.

التعبير عن التغيرات الاجتماعية

يتم دعم الفنانين الشباب بشكل متزايد من قبل المنظمات الجديدة مثل معهد الفن الناشئ، الذي أطلقته هذا العام سلمى شهيم، مستشارة فنية مقيمة في دبي. ويشارك أيضاً مزيج من المنظمات المدعومة من الحكومة والتي يقودها المجتمع، مثل معرض أبوظبي 421 والمؤسسات الخاصة التي تعمل مثل المتاحف العامة، بما في ذلك مؤسسة Ishara للفنون في دبي.

الأتاسي: مهتمة بالجيل الجديد من الفنانات الإماراتيات اللواتي ظهرن في الآونة الأخيرة، وينقلن مزيجاً من الشعر واللغة والاهتمامات الاجتماعية في أعمالهن

لقد نظم مركز جميل للفنون في تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2020 دورته السنوية الثانية لدعم الفن الشبابي، والتي تستضيف معارض وورش عمل لفنانين من الإمارات العربية المتحدة. هذا العام على سبيل المثال، قامت مجموعة في سنّ 18 إلى 24 عاماً برعاية وإنشاء وتكليف أعمال 25 فناناً لتحريك الزوايا غير المستخدمة - في المكتبة والمصاعد والسلالم - جنباً إلى جنب مع عروض المتحف الرئيسية.

مع قائمة من الفنانين الإيرانيين والأوروبيين إلى حد كبير، أقام معرض الكربون 12 في دبي العام الماضي أول عرض فردي له مع سارة المهيري، وهي فنانة وشاعرة إماراتية أمريكية تبلغ من العمر 22 عاماً، وتعدّ أصغر فنانة محلية ممثلة في معرض، تخلق تراكيب تشبه الشبكة، وأجزاء من النص كتجريد للهندسة المعمارية والذاكرة.

مبادرة بيت 15، هي عبارة عن استوديو يديره فنان في أبو ظبي

وتقول "فايننشال تايمز" إنه نظراً لأنّ المعارض المحلية في الإمارات تولي مزيداً من الاهتمام للمواهب الشابة، فإنها تلتقط فنانين يشاركون اجتماعياً في التعبير الفني عن التغيرات المستوحاة من بيئتهم.

تقول مديرة أحد المعرض، ياسمين الأتاسي: "أنا مهتمة بالجيل الجديد من الفنانات الإماراتيات اللواتي ظهرن في الآونة الأخيرة، وينقلن مزيجاً من الشعر واللغة والاهتمامات الاجتماعية في أعمالهن".

اقرأ أيضاً: الإمارات تتصدّر دول الشرق الأوسط في عدد الأرقام القياسية في موسوعة "غينيس"

وتختم "فاينشال تايمز" بالقول: قد لا تكون الإمارات العربية المتحدة مُصدِّراً غزيراً للفن المعاصر، لكنها بدأت تصبح حاضنة للمواهب الجديدة. وتحتاج المؤسسات إلى إدراك أنها معنية بتقديم الدعم والعوامل التمكينية، وليس التدخل في إنتاج المحتوى. وتضيف: إلى جانب المؤسسات التقليدية، يقوم الفنانون ببناء البنية التحتية الخاصة بهم للتغيير، وتوظيف المساحات البينية التي تتيح توسيع رأس المال الثقافي، وتنويع الاقتصاد.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية