عودة المفاوضات المصرية التركية.. هل من جديد؟

عودة المفاوضات المصرية التركية.. هل من جديد؟


01/09/2021

لم يستغرق تحسين العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة سوى أيام، رغم الخلافات الكبيرة بينهما على مدار أعوام، فبمجرد التصريحات الإيجابية وزيارة وفد إماراتي لأنقرة، أجرى أمس ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفياً، هو الأول منذ أعوام.

الأمر ذاته سبق أن حدث مع المملكة العربية السعودية، فقد بدأت أنقرة في إرسال رسائلها الإيجابية إلى الرياض، ثم زار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو السعودية في 10 أيار (مايو) الماضي.

على خلاف ذلك، يبدو ملف المصالحة مع مصر أكثر تعقيداً، إذا ما نظرنا إلى أنّ الرسائل الإيجابية أحادية الجانب ظلت تبعث من أنقرة إلى القاهرة على مدار شهور قبل بدء خطوة رسمية أو إبداء استعداد معلن من القاهرة للتجاوب.

وبعد أول خطوة رسمية في 4 أيار (مايو) الماضي بزيارة وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، وعقد مباحثات "استكشافية" مع نائب وزير الخارجية المصري، تبعها توجيه رسمي من أنقرة بوقف الهجوم على مصر من فضائيات الإخوان الموجودة في أنقرة، توترت العلاقات مجدداً بين البلدين، بسبب "ملف ليبيا والتنقيب عن الغاز في المتوسط، والإخوان"، بحسب مراقبين.

اقرأ أيضاً: إخوان مصر وتركيا.. هل يتعظ الآخرون؟

وبعدما بدا أنّ ملف المصالحة المصرية ـ التركية قد أغلق، وأنّ تركيا استعاضت عنه بتحسين علاقتها مع دول الخليج، خصوصاً الإمارات، عاد الملف إلى الواجهة من جديد، فغداة الاتصال بين أردوغان وبن زايد، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن سفر وفد مصري إلى أنقرة في جلسة المباحثات الاستكشافية الثانية، وذلك في أيلول (سبتمبر) الجاري.

نائب وزير الخارجية المصري سيزور أنقرة يومي 7 و8 أيلول استجابة لدعوة من الخارجية التركية

وقالت الخارجية المصرية أمس في بيان: إنه "استجابة للدعوة المقدمة من وزارة الخارجية التركية، يقوم السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية بزيارة إلى أنقرة يومي7 و8 أيلول (سبتمبر)، لإجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين البلدين، والتي ينتظر أن تتناول العلاقات الثنائية بين الجانبين، فضلاً عن عدد من الملفات الإقليمية".

وتتمثل نقطة الخلاف الرئيسية بين الدولتين في الملف الليبي بتمسك مصر بخروج القوات التركية والمقاتلين المحسوبين عليها من البلاد، فيما تتمسك تركيا ببقائها على اعتبار أنّ وجودها شرعي يستند إلى اتفاقات أبرمتها مع الحكومة السابقة، ورضا من الحكومة الحالية.

اقرأ أيضاً: مصر وتركيا ومصير "الإخوان"

وفي خضم التوترات بين الدولتين، مالت تركيا إلى إثيوبيا مؤكدة عمق العلاقات بين البلدين وتوطيد التعاون، في موقف عدّه البعض مناكفة للقاهرة، وذلك عبر استقبال رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في أنقرة، وإبداء تركيا استعدادها الوساطة بين إثيوبيا والسودان في النزاع الحدودي بينهما في 18 آب (أغسطس) الماضي، في الوقت الذي يتعرض فيه آبي أحمد لانتقادات دولية على خلفية الانتهاكات التي ترتكبها قواته في إقليم تيغراي.

محمد حامد: القاهرة غير متعجلة لتطبيع العلاقات مع أنقرة، ولن تُقبل على ذلك إلا بعد التأكد من تنفيذ أنقرة للملاحظات والاشتراطات المصرية

أمّا مصر، فقد بدت كالعادة أكثر هدوءاً وثقة من تركيا، فلم تسعَ إلى استفزاز الأخيرة، وجاءت خطواتها كرد فعل، فحين سأل وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تموز (يوليو) الماضي، عن تطبيع العلاقات مع تركيا قال إنّ مصر "لم تحدد موعداً لزيارة وفد مصري إلى تركيا رداً على زيارة مماثلة من الجانب التركي، مشيراً إلى أنّ مصر ما زالت لديها تحفظات على بعض السياسات التركية في عدد من الملفات، لا سيّما الملف الليبي".

من جانبه، يرى ممدير منتدى شرق المتوسط محمد حامد أنّ "القاهرة غير متعجلة لتطبيع العلاقات مع أنقرة، ولن تُقبل على ذلك إلا بعد التأكد من تنفيذ أنقرة للملاحظات والاشتراطات المصرية، وهو ما يعكس سبب البطء الشديد في الملف، أو تحقيق طفرات فيه".

وتوقع حامد في تصريح لـ"حفريات" "ألّا تخرج الزيارة المرتقبة للوفد المصري عن الزيارة السابقة، من الاستكشاف والوقوف على ما تم إنجازه أو نوايا أنقرة؛ أي إنها قد لا تشهد خطوات مباشرة بعدها".

المرحلة الحقيقية التي يمكن عندها القول إنّ التطبيع في العلاقات قد بدأ هي تبادل السفراء بين الدولتين، ووقوف سفير تركي لحلف اليمين أمام الرئيس المصري

وتابع أنّ "المرحلة الحقيقية التي يمكن عندها القول إنّ التطبيع في العلاقات قد بدأ هي تبادل السفراء بين الدولتين، ووقوف سفير تركي لحلف اليمين أمام الرئيس المصري، ما يعني اعترافاً رسمياً من تركيا بالنظام الذي لطالما نعتته بالانقلابي وهاجمته".

وفيما يتعلق بالمصالحة التركية مع دول الخليج قال حامد: إنّ الحسابات التركية الخليجية مختلفة، وقائمة بالأساس على المصالح الاقتصادية، وهو ما يفسّر القفزات السريعة في التوافق بينهم.

اقرأ أيضاً: مصر وتركيا والخطط الوهمية لإردوغان

الخلاف بين تركيا والإمارات تمثل في رفض الأخيرة للدعم التركي لجماعات الإسلام السياسي، فضلاً عن محاولات تركيا الزعامة في المنطقة، ومدّ نفوذها على حساب الدول العربية واستقرارها.

وقد مهدت الخطوات التركية نحو مصر لتحسين العلاقات مع الإمارات والسعودية، إذ تتلاقى جميعها في نقاط واحدة؛ في مقدمتها الموقف من جماعة الإخوان المسلمين، الذي تراجع كثيراً من قبل تركيا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية