عام الصناعة المصرية... هل تنجح الطفرات في احتواء أزمة الاقتصاد؟

عام الصناعة المصرية... هل تنجح الطفرات في احتواء أزمة الاقتصاد؟

عام الصناعة المصرية... هل تنجح الطفرات في احتواء أزمة الاقتصاد؟


10/04/2023

تعتمد الحكومة المصرية، في ضوء خطتها لتجاوز تداعيات أزمة الاقتصاد، عدة محاور للمساهمة في التخفيف من الآثار السلبية، واحتواء أزمات التضخم وارتفاع الأسعار، وتوفير العملة الأجنبية بشكل رئيسي، وأحد أبرز تلك الإجراءات هو العودة إلى تحفيز النشاط الزراعي في الدولة، ودعم قطاع الصناعة المحلية بشكل مضاعف من أجل تحقيق طفرات من شأنها دعم موازنة الدولة التي تعاني عجزاً متراكماً، إضافة إلى توفير فائض من العملات الأجنبية نتيجة زيادة الصادرات المعتمدة على المنتج المحلي.

وتصف تقارير مصرية عام 2023 بأنّه عام الصناعة، متوقعة أن يشهد طفرات غير مسبوقة في مجالات التصنيع المحلي، من شأنها المساهمة بشكل كبير في تخفيف عجز الميزان التجاري والدين العام، وأيضاً تقليل عجز الموازنة.

بحسب التقارير، تعتمد منظومة التصنيع المصرية على دعم (9) قطاعات رئيسية؛ أبرزها، الصناعات الكيماوية والمنسوجات، ومواد البناء، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية.

2022... عام التحديات

استعرضت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، للباحث أحمد بيومي، معلومات وبيانات حول التطورات الحاصلة في قطاع التصنيع المصري خلال العام الماضي، وخطط إنعاش منظومة الصناعة خلال العام الجاري، متوقعة أن تشهد الصناعة المحلية طفرات تاريخية.

بحسب الدراسة، كانت الحرب الروسية الأوكرانية التي نشبت في نهاية شباط (فبراير) من العام الماضي سبباً كافياً للضغط على سلاسل التوريد عالمياً الهشة بالفعل، وهو ما ترك الشركات الصناعية حول العالم في صراع للحصول على مدخلات التصنيع، الأمر الذي تسبب في تأخر عمليات الإنتاج وتوقفها في بعض الصناعات، وارتفاع تكلفتها في الصناعات الأخرى.

توقعات بأن تشهد الصناعة المصرية المحلية طفرات تاريخية

وكانت مصر من بين تلك البلدان التي عانت أزمة مركّبة في قطاع الصناعة؛ يتمثل أولهما في أزمة سلاسل التوريد عالمياً والتي تحجم قدرة الشركات الصناعية المصرية في توفير المواد الخام اللازمة للعملية التصنيعية، أمّا الأزمة الثانية، فتتمثل في الوضع الخاص بالأسواق الناشئة والاقتصاد المصري والمتمثل في أزمة نقص العملات والتي ترتب عليها تطبيق سياسات اقتصادية لتحجيم عمليات الاستيراد لتخفيف الضغط على الدولار الأمريكي، وسياسات أخرى تنادي بإحلال المنتجات المستوردة وتشجيع توطين الصناعات.

مبادرة "ابدأ" نحو انطلاقة صناعية تاريخية

وفي ضوء محاولات دعم الصناعة، أطلقت مصر المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية "ابدأ"، والتي تستهدف استثمار مبلغ (200) مليار جنيه خلال (4) أعوام لمساعدة المشروعات الصناعية القائمة وإنشاء صناعات جديدة، بحسب الدراسة.

 وتُعدّ شركة ابدأ الذراع الاستثمارية لمؤسسة حياة كريمة التي ترتكز أهدافها على تحقيق التنمية الاجتماعية للمواطن، وعليه فقد شملت تلك المبادرة عدداً من الأهداف الاجتماعية المتمثلة في توفير (150) ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال (4) أعوام، وإطلاق (64) مشروعاً في قطاعات مختلفة بمشاركة (33) شركة محلية و(20) شركة أجنبية من (12) دولة مختلفة.

شهد العام 2022 احتلال مصر للمرتبة الأولى كأعلى دولة من حيث إمكانات الأتمتة، لتصل نسبة الأتمتة بالقطاع الصناعي إلى 48%، خاصة في قطاع تصنيع الأجهزة المنزلية والأغذية والمشروبات والصناعات الدوائية والكيماوية

 ويركز النموذج المالي لمبادرة ابدأ على مساعدة الشركات والمصانع المتعثرة من خلال الاستحواذ على حصة بحوالي 40% من الشركة بهدف توفير السيولة لها من خلال زيادة رأس مالها، وتترك الإدارة للشريك الخاص والشريك الفني الذي يتم تعيينه من جانب شركة ابدأ بمجلس إدارة الشركة، أمّا عن الشركات التي يتم إنشاؤها، فتقدم المبادرة عدداً من الحوافز لتشجيع الشركات على الاستثمارات.

وقد استفاد من تلك المبادرة (1500) منشأة صناعية على الأقل، من خلال تمكينهم من تقنين أوضاعهم والحصول على التراخيص وتقديم المستندات اللازمة.

سياسة جديدة لإدارة أملاك الدولة

وفق الدراسة، كانت وثيقة سياسة ملكية الدولة هي الخطوة الثانية التي تضع استراتيجية طويلة المدى لتخرج الحكومة بشكل كامل أو جزئي من حوالي (79) قطاعاً من القطاعات الاستراتيجية، بهدف مضاعفة نصيب القطاع الخاص في الاقتصاد إلى حوالي 65% في غضون (3) أعوام.

في ضوء محاولات دعم الصناعة، أطلقت مصر المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية "ابدأ"

وقد تمّت صياغة تلك الاستراتيجية بعد عقد العديد من ورش العمل لقطاعات المنسوجات والملابس، وصناعة السيارات والصناعات الهندسية، وصناعة الطباعة والتعبئة والتغليف، والسلع الاستهلاكية، وصناعة الأدوية، وصناعة الأثاث.

ثورة صناعية

فيما تصفه الدراسة بأنّه ثورة في القطاع الصناعي، شهد العام 2022 احتلال مصر للمرتبة الأولى كأعلى دولة من حيث إمكانات الأتمتة (الاعتماد على التكنولوجيا بشكل كامل في المجالات الصناعية)، لتصل نسبة الأتمتة بالقطاع الصناعي إلى 48%، خاصة في قطاع تصنيع الأجهزة المنزلية والأغذية والمشروبات والصناعات الدوائية والكيماوية، وقد تحققت تلك النسبة التي تُعدّ الأعلى من بين (6) دول بالمنطقة، وهي (الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ومصر).

ينتظر المجتمع الصناعي المصري، وفق الدراسة، إطلاق استراتيجية الصناعة المصرية (2022-2026) التي سبق الإعلان عنها في أيلول الماضي، والتي تستهدف تنمية وتطوير الصناعة المصرية وزيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعي في الناتج القومي الإجمالي، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل

لكنّ الأزمة الكبيرة التي واجهت الجميع، بحسب الباحث، كانت أزمة الواردات، فقد كافحت الصناعات لمواصلة العمل في ظل قيود الاستيراد التي أعاقت جلب المكونات ومستلزمات الإنتاج، وتسببت تلك القيود في تكبّد تلك المصانع لخسائر بملايين الدولارات، وفقاً لبيانات اتحاد الصناعات المصرية، وتطلب الأمر تدخلاً رئاسياً لتقديم تعهدات بحل مشاكل المستثمرين قبل نهاية العام، وقد كان لتلك الأزمة أثر على ارتفاع سعر المنتجات المستوردة وتحول المستهلكين إلى المنتج المحلي خاصة في السلع التي لها منتجات محلية بديلة.

2023 عام الصناعة المصرية

بالرغم أنّ عام 2022 كان مليئاً بالتحديات التي تمثلت في نقص العملات الأجنبية وارتفاع أسعار المواد الخام وارتفاع معدل التضخم، لكن تشير البوادر الأولى لعام 2023 إلى أنّ سياسات الحكومة ستكون أكثر تسامحاً مع القطاع الصناعي، حيث أطلقت الحكومة حزمة لتحفيز القطاعات الصناعية الرئيسية وتخفيف الاختناقات اللوجستية التي واجهتها في الأعوام السابقة، وتقديم مبادرة تمويلية جديدة تساهم في سد العجز الذي يواجه القطاع في التمويل، بحسب ما أوردته الدراسة.

بدأت تلك المبادرات، بحسب الدراسة، بتحديد الحكومة لـ (9) قطاعات رئيسية تم تصنيفها على أنّها قطاعات ذات أولوية ضمن برنامج إحلال الواردات، وقد شملت تلك القطاعات صناعة مواد البناء والصناعات الكيماوية والمنسوجات، والصناعات الدوائية والطبية، تلك القطاعات مجتمعة تشكل حوالي 23% من فاتورة الاستيراد، أو نحو (17 ـ 19) مليار دولار.

كما  تعتزم "ابدأ" استثمار نحو (200) مليار جنيه في تلك القطاعات، وتوفير حوافز أخرى مثل منح المزيد من الأراضي للمصنعين بنظام حق الانتفاع بالإضافة إلى العديد من المزايا الأخرى، أمّا القرار التالي في مطلع العام 2023، فقد كان قرار إلغاء الاعتمادات المستندية والعودة إلى مستندات التحصيل لتمويل الواردات والذي نشر حالة من التفاؤل بين اللاعبين بالقطاع الصناعي التي تكدست بضائعهم بالموانئ بسبب صعوبة وصول المستوردين إلى خطابات الاعتماد المستندية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على نقص السلع الصناعية والاستهلاكية.

 تشير البوادر الأولى لعام 2023 إلى أنّ سياسات الحكومة ستكون أكثر تسامحاً مع القطاع الصناعي

من جانب آخر، كان لمبادرة تمويل القطاع الصناعي بقيمة (150) مليون جنيه بمعدل فائدة يبلغ 11% في ظل معدل الفائدة الحالي الذي يبلغ 19% تقريباً أثر إيجابي على المصنعين المصريين، حيث عالج جزئياً أحد أهم تحديات العملية الصناعية بمصر، التي تتمثل في تكاليف الاقتراض المرتفعة والتي تمثل تحدياً حقيقياً أمام المصنعين، أمّا عن تسهيل عمليات الترخيص، فقد شهد المؤتمر والمعرض الدولي الأول للصناعة إعلان الرئيس المصري بفتح الرخصة الذهبية لجميع المصنعين والمستثمرين الراغبين في الاستثمار في مصر.

وينتظر المجتمع الصناعي المصري، وفق الدراسة، إطلاق استراتيجية الصناعة المصرية (2022-2026) التي سبق الإعلان عنها في أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي تستهدف تنمية وتطوير الصناعة المصرية، وزيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعي في الناتج القومي الإجمالي، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية