صفعة جديدة للإسلاموية.. ما الذي غير خطاب "خليفة المسلمين" الحاد تجاه إسرائيل؟‎

صفعة جديدة للإسلاموية.. ما الذي غير خطاب "خليفة المسلمين" الحاد تجاه إسرائيل؟‎


10/03/2022

بعد أعوام من نهيه عن التعاون مع إسرائيل، ووصفها بأنّها دولة "احتلال وإرهاب"، وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لطالما وصفته الجماعات الإسلاموية أنه "خليفة المسلمين"، وضع يده في يد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أمس الأربعاء.

ووسط مراسم احتفال رسمية، استقبل أردوغان هرتسوغ، الذي رافقه سلاح الفرسان التركي حتى المجمع الرئاسي، قبل أن يتم إطلاق 21 طلقة ترحيباً بـ"ضيف" أردوغان، في احتفاء غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين إسرائيل وتركيا التي لطالما تاجرت بالقضية الفلسطينية وتباهت بقدرتها على الجهر بإدانة الاحتلال الإسرائيلي ومعاملته للفلسطينيين.

 الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها أردوغان نظيره الإسرائيلي أخرجت "خليفة المسلمين" من فلك التصريحات النارية والإدانات للكيان الصهيوني.

 

في احتفاء غير مسبوق في تاريخ العلاقات الثنائية، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ

 

ورغم أنّ التعاون التجاري بين تركيا وإسرائيل لم ينقطع؛ بل ظلّ في نمو وازدهار مستمر، وهو ما تثبته الأرقام والسجلات الرسمية، إلا أنّ أردوغان لم يترك مناسبة إلا وانتقد فيها إسرائيل ووصفها بدولة "الاحتلال والإرهاب"، الأمر الذي لا يمكن وصفه إلا بـ "نفاق" قرر أردوغان أخيراً التخلص منه.

نقطة تحول في العلاقات

 عقب لقاء طويل مع الرئيس الإسرائيلي، وصف أردوغان في تصريحات للإعلام زيارة هرتسوغ بـ"التاريخية"، مضيفاً أنّها "ستكون نقطة تحول في العلاقات بين تركيا وإسرائيل. إنّ تعزيز العلاقات مع دولة إسرائيل له قيمة كبيرة لبلدنا".

وأشار إلى أنّ الاجتماع مع هرتسوغ تضمن مناقشة حول الأحداث في أوكرانيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، معرباً عن اعتقاده بأنّ "الفترة المقبلة ستجلب فرصاً جديدة للتعاون الإقليمي والثنائي على حد سواء".

وأعرب الرئيس التركي، الذي يتداعى اقتصاد بلاده، عن أمله في أنّ "هذه الزيارة المهمة، التي تمت بعد فترة طويلة، ستوفر فرصاً مشتركة مستقبلية".

 الدفاع عن "السامية"

في تحول 180 درجة بين تصريحات أردوغان في الماضي وتصريحاته أمس، عقب محادثاته مع هرتسوغ، وصف "خليفة المسلمين" معاداة السامية بأنّها "جريمة ضد الإنسانية".

وقال أردوغان: إنّ "جرائم الكراهية مستمرة في جميع أنحاء العالم"، متعهداً: "سنواصل معالجة كراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام".

وأكد أردوغان: "هدفنا المشترك هو تنشيط الحوار السياسي بين بلدينا على أساس المصالح المشتركة واحترام الحساسيات المتبادلة"، معرباً عن ثقته بأنّ "العلاقات التركية الإسرائيلية في الفترة القادمة ستجلب معها فرصاً جديدة من حيث التعاون الإقليمي".

وصف أردوغان زيارة الرئيس الإسرائيلي بالتاريخية، مضيفاً أنّها ستكون نقطة تحول في العلاقات بين تركيا وإسرائيل

 

وكان الرّئيس التّركي قد انتقد بشدّة قادة إسرائيل، في أيار (مايو) الماضي، بسبب الضربات على قطاع غزة، قائلاً: "إنّهم قتلة لدرجة أنّهم يقتلون أطفالاً بعمر (5 و6) أعوام، لا يُشبعهم إلا سفك الدماء"، متّهماً الإسرائيليّين بممارسة "الإرهاب" ضد الفلسطينيين، واعتبر مؤخراً أنّ ذلك "في طبيعتهم"، التصريحات التي اعتبرتها وزارة الخارجية الأمريكية "معاداة للسامية".

وحمل أيضاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن بسبب دعمه الدبلوماسي لإسرائيل قائلاً: إنّ يديه "ملطّختان بالدماء"، قبل أن يصافحه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي خلال قمة الـ20 التي استضافتها العاصمة الإيطالية روما.

 موقف حماس والجماعة

على مدار أعوام، غمر الإخوان المسلمون، وفي مقدمتهم حركة "حماس"، أردوغان بوصلات من التمجيد، معتبرين أنّه السد المنيع ضد الكيان الصهيوني، أمّا الآن، فتعيد الجماعة رسائلها السالفة، وتبكي على التصريحات الزائفة.

ودون أن تذكر تركيا أو أردوغان، أدانت حركة حماس، في بيان، أمس الأربعاء زيارة الرئيس الإسرائيلي لـ"دول في المنطقة"، بالتزامن مع وصول هرتسوغ إلى تركيا في أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى أنقرة منذ عام 2007.

 

أعرب أردوغان عن اعتقاده بأنّ الفترة المقبلة ستجلب فرصاً جديدة للتعاون الإقليمي والثنائي على حد سواء

 

وقالت الحركة: "نتابع بقلق بالغ زيارة مسؤولي وقادة إسرائيل لعدد من الدول العربية والإسلامية، وآخرها زيارة إسحق هرتسوغ لعدد من دول المنطقة". وعبّرت عن أسفها من الزيارات التي يجريها مسؤولون إسرائيليون إلى الدول العربية والإسلامية، داعية إلى "عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها"، على حد تعبيرها.

 العصا السحرية

دأب أردوغان على اللجوء للقضية الفلسطينية ومآسيها، الكفيلة بتحريك مشاعر العالم أجمع، قبل كل انتخابات تشريعية ورئاسية في تركيا.

وخلال لقائه مع هرتسوغ، لم ينسَ أردوغان عصاه السحرية أو القضية الفلسطينية، حيث قال: "عبّرنا عن الأهمية التي نوليها لتقليل التوترات في المنطقة والحفاظ على رؤية حل الدولتين. وشددت على الأهمية التي نوليها للوضع التاريخي للقدس والحفاظ على الهوية الدينية وقدسية المسجد الأقصى في البلدة القديمة التاريخية في القدس."

 أردوغان مختلف في عيون الصحف العبرية

كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أنّ الإسرائيليين رأوا "أردوغان مختلفاً أمس عن ذلك المألوف لهم في العقد الماضي. واسُتبدلت شتائمه القاسية ببيانات إيجابية ومتفائلة حول المنافع المتبادلة للتعاون. ودعا إلى زيادة التجارة وتوثيق التعاون في مجال أمن الطاقة."

غير أنّها رأت أنّ الحفاوة التي استقبل بها أردوغان نظيره الإسرائيلي "لا يمكن أن تمحو إرث  العقد الماضي"، مشيرة إلى تصريحات هرتسوغ لأردوغان "سنحاول تعزيز الحوار واختباره بالأفعال. ثقل الماضي لا يختفي أبداً من تلقاء نفسه".

 

دون ذكر تركيا أو أردوغان، أدانت حركة حماس، في بيان أمس الأربعاء زيارة الرئيس الإسرائيلي لـ"دول في المنطقة"

 

 كانت تركيا وإسرائيل حليفين مقربين حتى عام 2010 عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية سفينة المساعدات "مافي مرمرة" لقطاع غزة في تحدٍ للحصار الإسرائيلي، وأسفر الاقتحام الإسرائيلي عن مقتل (9) نشطاء أتراك، على إثر ذلك، سحبت الدولتان سفيريهما في عام 2010.

وعلقت الصحيفة العبرية على ذلك قائلة: "لم يتم الإعلان من قريب أو بعيد عن عودة سفراء الدولتين، كما لم يدعُ هرتسوغ أردوغان علانية لزيارة إسرائيل." وكشفت: "سيزور وزير الخارجية التركي إسرائيل الشهر المقبل لمناقشة الخطوات التالية مع (وزير الخارجية الإسرائيلي يائير) لابيد."

 وتحت عنوان "أردوغان لم يكرم هرتسوغ حباً في إسرائيل"، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية: "إنّ تل أبيب ما تزال تنظر إلى أردوغان بتشكك"، مشيرة إلى أنّ خطاب أردوغان تجاه إسرائيل في الماضي "كان سامّاً"، وأنّه كان يؤوي عناصر "حماس" في بلاده.

 وتابعت الصحيفة أنّ "عداء الرئيس التركي تجاه إسرائيل يعود إلى أكثر من عقد من الزمان، بدءاً بعملية الرصاص المصبوب، والتي أغضبت أردوغان لأنّه التقى برئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت قبل أيام قليلة، وشعر أنّه أُجبر على أن يبدو وكأنّه يوافق عليها"، موضحة أنّ العلاقات وصلت بعد ذلك إلى أدنى مستوياتها بعد حادثة "مافي مرمرة".

 هل يستغل أردوغان اليهود كما استغل الإخوان؟

 وسلطت "جيروزاليم بوست" الضوء على حالة الاقتصاد التركي المتداعي، معتبرة "الآن، مرة أخرى، غيّر أردوغان رأيه، في وقت تكون فيه تركيا في وضع تحتاج فيه إلى تكوين صداقات. اقتصادها في حالة سقوط حر، ولسان أردوغان الحاد لا يضر فقط بالعلاقات مع إسرائيل ولكن مع العديد من الدول الأخرى في المنطقة وخارجها، ممّا أدى إلى عزل تركيا نسبياً."

 وأكدت الصحيفة العبرية أنّ أردوغان يستغل تحسين العلاقات مع إسرائيل كـ"أداة" لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنّه "في التسعينيات كان للجالية اليهودية الأمريكية دور فعال في تحسين العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، حيث كانت المنظمات تنظر إلى أنقرة على أنّها حليف مهم لإسرائيل يستحق المساعدة."

 وعلى ذكر الاقتصاد التركي المتداعي، زار وفد مكون من أكثر من 100 رجل أعمال تركي تل أبيب لعقد لقاء مع نظرائهم الإسرائيليين. ووقع الوفد مذكرة تفاهم بين جمعية المصدرين الأتراك واتحاد غرف التجارة الدولية الإسرائيلي.

 وشهدت التجارة بين تركيا وإسرائيل طفرة خلال الأعوام الـ5 الماضية، حيث سجلت رقماً قياسياً بلغ 8.4 مليارات دولار العام الماضي، ووفقاً للبيانات الرسمية، شهدت ارتفاعاً من 6.2 مليارات دولار في عام 2020، وفقاً لصحيفة "ديلي صباح" التركية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية