صعود اليمين المتطرّف وتحذير بوريل

صعود اليمين المتطرّف وتحذير بوريل

صعود اليمين المتطرّف وتحذير بوريل


27/12/2023

أسعد عبود

أطلق الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية جوزيب بوريل، الأسبوع الماضي، تحذيراً من مغبة سيطرة أحزاب اليمين المتطرّف على البرلمان الأوروبي في الانتخابات التي ستجري في حزيران (يونيو) المقبل، وذلك على خلفية حربي أوكرانيا وغزة.

وبرأي بوريل، أنّ الأحزاب اليمينية المتطرّفة تلعب على وتر الخوف وعدم اليقين المتولدين لدى الناس بسبب الحروب، من أجل الحصول على التأييد في الانتخابات. ولهذا السبب حضّ بوريل على ضرورة وقف الحرب في غزة، وعلى ضرورة مساعدة أوكرانيا كي لا يتمكن الرئيس الروسي من الانتصار، لأنّ من شأن ذلك تشكيل تهديد للمشروع الأوروبي.

طبعاً، يعبّر بوريل عن مخاوف مستندة إلى واقع الأداء القوي لأحزاب اليمين المتطرّف في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، كان آخرها في هولندا، حيث فاز حزب الحرّية بزعامة غيرت فليلدرز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وقبل أيام، فاز مرشح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرّف تيم لوخنر في جولة الإعادة لانتخابات بلدية مدينة بيرنا التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة وتقع في ولاية ساكسونيا الشرقية. وكل التوقعات تشير إلى أنّ هذا الحزب سيخرج بمفاجآت في الانتخابات على المستوى الوطني في 2025.

وقبل عام، تولّت زعيمة حزب "أخوة إيطاليا" اليميني المتطرّف جورجيا ميلوني رئاسة الوزراء، وهي التي أبدت إعجابها بموسوليني ذات مرّة.

وفي فرنسا، يحتل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرّف بزعامة مارين لوبن المرتبة الثانية في الجمعية الوطنية، ولوبن نفسها حصلت العام الماضي على أكثر من 40 في المئة من الأصوات في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية في مواجهة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وفي بولندا، احتل حزب العدالة والقانون لليمين القومي المتشدّد أكبر عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات التي أُجريت الشهر الماضي، وإن كان عجز عن تشكيل الحكومة بسبب عدم ائتلاف أحزاب أخرى معه. وفي سلوفاكيا، تولّى بروت فيكو وهو زعيم حزب يساري متطرّف رئاسة الوزراء إثر فوزه في الانتخابات التي أُجريت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

تلك مؤشرات كلها، تجعل القلق يدبّ في أوصال الأحزاب التقليدية في أوروبا التي تشهد تراجعاً ملحوظاً لأحزاب اليمين واليسار التقليديين.

وأجادت أحزاب اليمين المتطرّف اللعب على وتر الهجرة من أجل اجتذاب الناخبين. وتصاعد العداء للمهاجرين سببه التردّي الاقتصادي الذي تعيشه دول أوروبية. وطبعاً تفاقمت الأزمات الاقتصادية بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، في وقت لم يتعاف العالم بعد من إغلاقات كورونا.

وبوريل محق في التحذير من أنّ حربي أوكرانيا وغزة قد تضطلعان في حال استمرارهما، بدور أساسي في تعزيز شعبية اليمين المتطرّف من الآن وحتى موعد الانتخابات في حزيران (يونيو) 2024.

وهذا من العوامل التي جعلت بعض الدول الأوروبية، التي اتخذت مواقف مؤيّدة مطلقة لإسرائيل في بداية الحرب، تعود عن مواقفها لمصلحة التأكيد على ضرورة وقف النار، بخلاف الولايات المتحدة التي تمضي في التأييد المطلق لإسرائيل.

ومن هنا أطلق بوريل تحذيره من أن تدفع حربا أوكرانيا وغزة، الناخبين الأوروبيين نحو الأحزاب الشعبوية التي تتقن مخاطبة مشاعر الناس في الأوقات الحرجة. وهذا ما يحتم على الأحزاب التقليدية أن تنتهج نهجاً مختلفاً وأكثر وضوحاً حيال أوكرانيا وغزة.

يحصل هذا على خلفية التخوف الأوروبي الأكبر من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ومعلوم أنّ ترامب المعروف بمواقفه الشعبوية، يمكن أن يعزز مواقع أحزاب اليمين المتطرّف في أوروبا وأميركا اللاتينية في ضوء فوز الشعبوي خافيير ميلي في الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية