سد النهضة إلى الواجهة مجدداً... ما آخر التطورات؟

سد النهضة إلى الواجهة مجدداً... ما آخر التطورات؟

سد النهضة إلى الواجهة مجدداً... ما آخر التطورات؟


18/12/2022

عادت أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى مركز اهتمام السياسة الخارجية المصرية، بعد حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجدداً عن الأزمة خلال مشاركته بالقمة الأمريكية الأفريقية الأربعاء الماضي، واعتبار أنّ قضية السد تهديد وجودي للقاهرة، مطالباً الولايات المتحدة بالعودة إلى الضغط مجدداً على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق عاجل بين كافة الأطراف.

وكانت قضية سد النهضة حاضرةً في كافة المناقشات التي عقدها الرئيس المصري مع المسؤولين الأمريكيين خلال زيارته لواشنطن، على هامش اجتماعات القمة، وعكست عدة بيانات صحفية صادرة عن الجانب الأمريكي عودة الولايات المتحدة إلى قيادة المفاوضات بدعم الموقف المصري في هذا الصدد. 

وخلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على هامش اجتماعات القمة  الأربعاء، أكد الرئيس المصري أنّ "القضية وجودية بالنسبة إلى القاهرة، وأن التوصّل إلى اتفاق ملزم قانوناً يمكن أن يحقّق شيئاً جيداً وفقاً للمعايير والأعراف الدولية، وتابع: "نحتاج إلى دعمكم في هذا الشأن"، بحسب "فرانس 24".

التزام أمريكي بدعم الموقف المصري

ومن جانبها، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان عقب الاجتماع أنّ بلينكن "شدد على أهمية التوصّل إلى تسوية دبلوماسية تحمي مصالح جميع الأطراف"، وفق "العربية".

الرئيسي المصري عبدالفتاح السيسي خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

كما أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي، عقب لقاء جمعه بالرئيس المصري في ختام زيارته السبت، دعم واشنطن للأمن المائي المصري.

وأكد سوليفان بحسب بيان صادر عن البيت الأبيض السبت على أهمية التوصل إلى حل دبلوماسي سريع بشأن (سد النهضة) يرضي مصالح جميع الأطراف.

عباس شراقي: جوهر الخلاف بين مصر وإثيوبيا هو عدم موافقة أيّ منهما على التوقيع على رقم محدد للحصة المصرية، فإثيوبيا ترفض الاعتراف بوجود حصة سنوية، حتى ولو أقل من )55.5( مليار م3، وفي المقابل ترفض مصر المساس بحصتها السنوية

ومن جانبه، قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، في بيان صحفي السبت: إنّ "مستشار الأمن القومي الأمريكي ثمَّن دور مصر في تدعيم الأمن والاستقرار بمحيطها الإقليمي، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز وتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين البلدين خلال المرحلة المقبلة في مختلف المجالات، لا سيّما على صعيد التعاون الأمني والعسكري".

في حين أكد الرئيس المصري "أهمية تطوير التنسيق والتشاور بين الجانبين إزاء القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما يُمكّنهما من التعامل مع التحديات غير المسبوقة والأزمات التي تواجه المنطقة"، بحسب "الشرق الأوسط".

جوهر الخلاف بين مصر وأثيوبيا

يقول أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي: إنّ "جوهر الخلاف بين مصر وإثيوبيا هو عدم موافقة أيّ منهما على التوقيع على رقم محدد للحصة المصرية، حيث إنّ إثيوبيا ترفض الاعتراف بوجود حصة سنوية، حتى ولو أقلّ من(55.5) مليار م3، وفي المقابل ترفض  مصر المساس بحصتها السنوية".

وبحسب بيان نشره شراقي عبر صفحته على "فيسبوك": الموقف الآن في سد النهضة طبقاً للأقمار الصناعية هو عدم البدء في تحضير الممر الأوسط استعداداً للتخزين الرابع الذي سوف يزيد التوتر المصري السوداني مع إثيوبيا، في حال عدم الوصول إلى اتفاق.

شراقي: في ظل التنافس بين الصين وأمريكا، سيكون للنظام الأمريكي دور أكثر فاعلية خلال الأسابيع القادمة للوصول إلى اتفاق في قضية سد النهضة قبل أن تتدخل الصين، وحينئذ سيكون هناك تراجع كبير للدور الأمريكي في أفريقيا

 ويشير شراقي إلى أنّ المياه ما زالت تعبر أعلى الممر الأوسط بحوالي (50) مليون م3 يومياً، وأنّ التوربينين لا يعملان بكفاءة بعد توقف دام أكثر من (100) يوم لأسباب فنية، بدليل استمرار عبور المياه القليلة نسبياً أعلى الممر الأوسط، رغم أنّهما قادران على عبور هذه الكمية المحدودة من خلالهما في حالة التشغيل الكامل (50 ـ 100) مليون م3 يومياً.

وأوضح أنّ استمرار ضعف التشغيل سوف يدفع إثيوبيا إلى فتح إحدى بوابتي التصريف اللتين تم إغلاقهما أول أيلول (سبتمبر) الماضي.

تنافس أمريكي صيني في أفريقيا... كيف تستفيد منه الأزمة؟

بحسب الخبير المصري المختص في مجال الموارد المائية، عقدت القمة الأمريكية الأفريقية بعد (8) أعوام من القمة الأولى، بهدف دعم الدور الأمريكي في القارة الأفريقية، خاصة في ظل التنافس الشديد بينها وبين الدول الكبرى على التوسع والانتشار في أفريقيا، وعقدت عدة قمم سابقة مع أفريقيا في روسيا وأوروبا.

عباس شراقي: المياه ما زالت تعبر أعلى الممر الأوسط بحوالي (50) مليون م3 يومياً

ويشير شراقي إلى ازدياد النشاط الصيني في العقد الأخير لإثبات الوجود على المستوى الدولي، بعد العمل بعيداً عن الأضواء طوال العقود السابقة حتى تثبت أقدامها، فأصبح للصين دور واضح في المشكلات الدولية المعاصرة، وعقدت مؤخراً لأول مرة القمة الصينية العربية في الرياض.

وأوضح شراقي أنّه "في ظل هذا التنافس فقد يكون للنظام الأمريكي دور أكثر فاعلية خلال الأسابيع القادمة للوصول إلى اتفاق في قضية سد النهضة قبل أن تتدخل الصين، وحينئذ سيكون هناك تراجع كبير للدور الأمريكي في أفريقيا".

هل تلعب الولايات المتحدة دوراً جديداً في الأزمة؟

بحسب المحلل السياسي المصري أحمد رفعت، يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوظيف حالة الزخم الحالية بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية لتحفيز الدعم الأمريكي في ملف السد الإثيوبي.

ويقول رفعت، بحسب ما نقلته عنه "روسيا اليوم": إنّ إيقاع حركة التعاون بين أفريقيا والولايات المتحدة ساخن وعلى أشده من خلال القمة، لذلك يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوظيف ذلك من خلال دفع الولايات لمتحدة للعب دور في أزمة السد الإثيوبي ينتهي بإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق قانوني يضع كل النقاط فوق كل الحروف في الملف الذي تتملص فيه الحكومة الإثيوبية من أيّ التزامات سياسية أو فنية تخص السد، ولا حتى إبداء حسن النية واقعياً مع جيرانها مصر والسودان.

أحمد رفعت: يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوظيف حالة الزخم الحالية بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية لتحفيز الدعم الأمريكي في ملف السد الإثيوبي

وبحسب رفعت، تضع الولايات المتحدة نفسها كشريك كبير لأفريقيا، كما أنّها لها سابقة وساطة في الملف، وسبق أن فرضت بعض العقوبات على إثيوبيا بسبب ملفات حقوقية، ولكن هذه النقطة تضعف فرص تأثير الولايات المتحدة عليها.

ماذا عن الموقف الإثيوبي؟

من جانبها، أكدت إثيوبيا الخميس الماضي أنّها ما تزال ملتزمة بالمفاوضات الثلاثية المتعلقة بسد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق.

أحمد رفعت: إنّ إيقاع حركة التعاون بين أفريقيا والولايات المتحدة ساخن وعلى أشده من خلال القمة

وقال السفير ملس ألم، المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، خلال مؤتمر صحفي حول مختلف القضايا الراهنة في البلاد: إنّ "إثيوبيا تراعي مخاوف مصر التي يمكن حلها عبر التفاوض والحوار عبر حلول أفريقية ترضي الجميع، وتكون فيها البلدان الـ (3) رابحة"، وفق صحيفة "العين" الإخبارية.

وأضاف: إنّ "إثيوبيا مستعدة لاستئناف المفاوضات بهدف الوصول إلى اتفاق بين البلدان الـ (3) حول القضايا العالقة بشأن سد النهضة".

ولفت إلى أنّهم "يتفهمون مخاوف مصر من التأثيرات المحتملة لسد النهضة"، مشيراً إلى أنّه "يجب أن تلبي الحلول تطلعات إثيوبيا من التنمية باستخدام موارد مياه نهر النيل، مع مراعاة مخاوف بلدان المصب التي يمكن التفاهم حولها عبر المفاوضات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية