سحب الثقة من حكومة الدبيبة... مناكفات سياسية أم مساعٍ لإطالة الأزمة الليبية؟

سحب الثقة من حكومة الدبيبة... مناكفات سياسية أم مساعٍ لإطالة الأزمة الليبية؟


22/09/2021

ردّ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح على تصريحات رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة بعد سحب البرلمان الثقة من حكومة الوحدة الوطنية.

وقال صالح في تصريح صحفي نقلته قناة الحدث الليبية: إنّ "الذي أعطى الثقة هو الذي يسحبها".

واتهم صالح الحكومة بعدم تنفيذ الاستحقاقات التي أوكلت إليها، قائلاً: إنها "حادت عن مهامها ونفذت عقوداً طويلة الأجل"، مضيفاً: "ما وصل إلينا أنها أنفقت 84 ملياراً في فترة وجيزة خلال 6 أشهر".

اقرأ أيضاً: سلاح تركي جديد إلى ليبيا.. أين القرارات الدولية؟

وكشف تشكيل "لجان ذات اختصاص قضائي أنّ هناك أفعالاً قامت بها الحكومة تصل إلى جرائم بحق اقتصاد البلاد"، وفق تعبيره.

وأكد أنّ حكومة الدبيبة ستقوم بتسيير الأعمال وتوفير كل متطلبات المواطنين.

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة رفضه لقرار البرلمان سحب الثقة من حكومته، قائلاً: إنه سيواصل مهامه لاستكمال ما بدأه حتى توحيد البلاد وإجراء الانتخابات، وفق وكالة الأنباء الرسمية (وال).

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح

ودعا الدبيبة في كلمة له أمس، أمام تجمع في مدينة الزاوية الواقعة غرب البلاد، كافة الليبيين من جميع المدن للخروج إلى الشارع يوم الجمعة والاحتشاد في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس للتعبير عن آرائهم ودعم الحكومة.

وأضاف أنّ "الحكومة تقف مع الشعب الليبي فيما يختاره"، مؤكداً رفضه للحرب والانقسام.

إلى ذلك شدد الدبيبة قائلاً: "عازمون على استكمال ما بدأناه حرصاً على إنقاذ الوطن وأملاً في توحيد صفوفه"، لافتاً إلى أنّ مجلس النواب سيسقط، ولن يكون ممثلاً لليبيين بهذه الصورة.

 

عقيلة صالح: الذي أعطى الثقة هو الذي يسحبها، والدبيبة لم ينفذ الاستحقاقات التي أوكلت لحكومته

 

في المقابل، قال أعضاء في البرلمان من طرابلس إنّ قرار سحب الثقة من الحكومة لا يعبّر عن إرادة المجلس، وسيقود البلاد إلى أزمة دستورية.

وقال أعضاء مجلس النواب المعترضون على سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، في بيان صدر أمس: إنه "حدث تضليل داخل قاعة مجلس النواب في حساب عدد الأصوات التي صوتت على سحب الثقة من الحكومة"، وفق ما نقلت وكالة (وال).

اقرأ أيضاً: ماذا وراء اتهامات الدبيبة لتونس بتصدير الإرهاب إلى ليبيا؟

وأضاف النواب في بيان مشترك وقّع عليه 39 عضواً: إنّ "عملية العد تمّت بطريقة غير صحيحة، وإنّ العدد الحقيقي لا يتجاوز في أفضل الأحوال 73 صوتاً، وهو غير كافٍ لسحب الثقة من الحكومة، وفقاً لنص المادة 194 من النظام الداخلي التي تؤكد أنّ الأغلبية المطلوبة لسحب الثقة من الحكومة هي الأغلبية المطلقة لأعضائه والبالغة 87 عضواً يصوتون بنعم لسحب الثقة، وهو ما لم يحدث".

وشدد النواب الموقعون على البيان أنّ "ما حدث بالجلسة لا يعبّر عن إرادة مجلس النواب، وسيقود البلاد إلى أزمة دستورية، خاصة في ظل تعطيل عمل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا التي يجب أن يلجأ إليها المتضرر من الإجراءات المخالفة للنظم والقوانين المعمول بها في هذا الجانب".

وبالتزامن مع تصريحات الدبيبة، خرجت مظاهرات داعمة لرئيس الحكومة ومناهضة لقرار البرلمان في العديد من المدن الليبية، وتجمع العشرات رافعين شعارات تطالب ببقاء حكومة الدبيبة وإجراء الانتخابات، ومنددة بقرار مجلس النواب الذي وصفوه بـ"الباطل".

إلى ذلك، أعلن عمداء 66 بلدية أمس رفضهم قرار مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، واصفين القرار بـ"الخطوة العبثية"، التي تفتقد "أي سند دستوري أو قانوني".

 

الدبيبة يرفض قرار البرلمان سحب الثقة من حكومته، ويؤكد أنه سيواصل مهامه لاستكمال ما بدأه حتى توحيد البلاد وإجراء الانتخابات

 

ونص بيان مشترك موقع من عمداء 66 بلدية من المناطق الشرقية والجنوبية والغربية: "نحن عمداء البلديات المنتخبين من الشعب الليبي والممثلين لكل بلديات ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً، نعلن رفضنا القاطع للخطوة العبثية التي قام بها اليوم رئيس مجلس النواب وعدد من النواب الداعمين له بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية"، وفق صحيفة "بوابة الوسط".

 أشار البيان إلى أنّ القرار يُعدّ "مخالفة صريحة وواضحة للإعلان الدستوري وتعديلاته والاتفاق السياسي وخريطة الطريق المتفق عليها في جنيف"، معتبرين أنّ هذه الخطوة جاءت "تحت ضغط المصالح الشخصية لعدد من النواب وتعارض مصالحهم مع ما قامت به الحكومة من خطوات وإنجازات خلال فترة زمنية قصيرة، ودون حتى إقرار للميزانية".

اقرأ أيضاً: تونس تتصدى للمرتزقة والسلطات تطوق الحدود.. ما علاقة ليبيا وتركيا؟

 وأوضح عمداء البلديات في بيانهم أنّ "مجلس النواب لا يملك، من الناحية القانونية والسياسية، الحق منفرداً في سحب الثقة"، وأنّ "الحكومة التي وُلدت بتوافق سياسي كبير من خلال ملتقى الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة وتحظى بشرعية شعبية واسعة في كل مناطق ليبيا جاءت لتنفيذ خارطة الطريق، لا أن تتم عرقلتها عن أداء وظيفتها".

 أصدر الاتحاد الأوروبي  بياناً يشيد فيه بتصريح البعثة الأممية في ليبيا بما يتعلق بموضوع سحب الثقة من حكومة الدبيبة

 بدورها، عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها ممّا سمّتها تقارير بشأن قيام مجلس النواب بحجب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية.

 وأكدت البعثة أنّ حكومة الوحدة الوطنية الحالية تظل الحكومة الشرعية حتى يتم استبدالها بحكومة أخرى من خلال عملية منتظمة تعقب الانتخابات.

 وأضاف بيان للبعثة، نُشر على موقعها الإلكتروني وصفحاتها على مواقع التواصل، أنّ المبعوث الخاص يان كوبيش يتوقع أن تتركز جهود مجلس النواب على وضع اللمسات الأخيرة على قانون الانتخابات البرلمانية، وأن تعمل قيادة المجلس على تعزيز جهودها نحو بناء توافق واسع النطاق بشأن الإطار التشريعي للانتخابات الذي يجري العمل عليه.

وحثت البعثة مجلس النواب على استكمال العمل على قانون الانتخابات النيابية خلال الأسبوع المقبل في أقصى تقدير، مذكرة بضرورة الالتزام بالإطار القانوني والدستوري الذي يحكم العملية السياسية الليبية.

 

أعضاء في البرلمان: قرار سحب الثقة من الحكومة لا يعبّر عن إرادة المجلس، وسيقود البلاد إلى أزمة دستورية

 

 ودعت مجلس النواب وجميع المؤسسات والجهات السياسية الفاعلة ذات الصلة إلى التركيز على استكمال إعداد الإطار الدستوري والتشريعي لانتخابات 24 كانون الأول (ديسمبر)، والامتناع عن أي إجراء يمكن أن يقوض العملية الانتخابية ووحدة البلاد وأمنها واستقرارها.

 من جهته، أصدر الاتحاد الأوروبي  بياناً يشيد فيه بتصريح البعثة الأممية في ليبيا بما يتعلق بموضوع سحب الثقة من حكومة الدبيبة، وإلزام مجلس النواب بإصدار قانون انتخابات البرلمان لتكتمل إجراءات إجراء الاستحقاق الانتخابي في وقته، مؤكداً أنه يجب التركيز الآن على هذا الاستحقاق في 24 كانون الأول (ديسمبر) الذي سيخرج ليبيا من أزمتها، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا: هل مررت الجماعة تمركز داعش عند الحدود التونسيّة؟

 وكان لرئيس مؤسسة السليفيوم للأبحاث والدراسات جمال شلوف وجهة نظر مغايرة، فقد قال: إنّ قرار سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية سيكون في صالح رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، لو أراد الترشح للانتخابات المقبلة.

 

عمداء 66 بلدية يرفضون قرار مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ويصفون القرار بالخطوة العبثية

 

 وقال شلوف في تدوينة له بموقع "فيسبوك": إنّ رد الفعل المنتظر الذي سيحدد أحداث الفترة القليلة القادمة هو رد فعل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة (دون غيره) والذي سيحدد قبوله من سحب الثقة من عدمه، مؤكداً أنّ المادة 194 من القانون 4 لعام 2014 تنص على أنّ الحكومة التي تسحب منها الثقة تُعدّ (مستقيلة)، وتستمر في تسيير الأعمال حتى تكليف حكومة أخرى.

 وأضاف شلوف أنّ الدبيبة لو أراد أن يترشح لرئاسة ليبيا في الانتخابات القادمة، فسيعتبر أنّ قرار سحب الثقة في صالحه، وسيعفيه من تعهده للجنة الـ75 بعدم الترشح، وأنه في حكم المستقيل قبل 3 أشهر من الانتخابات، ممّا يجعل ترشيحه ممكناً بحسب قانون انتخاب الرئيس، مشدداً على أنّ اعتراضات رئيس مجلس الدولة خالد المشري ومجلسه مجرّد ظاهرة صوتية.

 يُذكر أنه في وقت سابق أمس صوّت البرلمان بالأغلبية على سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، بعد 6 أشهر من توليها السلطة، وقبل 3 أشهر على انتهاء مهامها.

 وأرجع مجلس النواب قراره إلى فشل الحكومة في ملفات توحيد المؤسسات والتوزيع العادل للثروة بين الأقاليم والصحة وغيرها، ولفت إلى أنّ سحب الثقة من الحكومة لن يؤثر على موعد الانتخابات.

 

شلوف: قرار سحب الثقة من حكومة الوحدة سيكون في صالح الدبيبة لو أراد الترشح للانتخابات المقبلة

 

 وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق في تصريح صحفي: إنّ قرار سحب الثقة من الحكومة يتعلق بوقف الاتفاقيات طويلة الأمد أو أي إجراءات من شأنها الخروج عن مهام الحكومة التي جرى الاتفاق عليها.

 وأضاف: إنّ حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة مؤقتة، وقد أنشئت من أجل توحيد مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة بين الليبيين، وتوفير احتياجات المواطن اليومية، والتجهيز للانتخابات في موعدها 24 كانون الأول (ديسمبر)، وليس كما عملت الأشهر الماضية من توقيع اتفاقيات طويلة الأمد وصرف قرابة 50 مليار في ظل تردّي الخدمات.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية