سجين سياسي سابق يشعل النار في جسده وفي مقرّ النهضة.. ما الأسباب؟

سجين سياسي سابق يشعل النار في جسده وفي مقرّ النهضة.. ما الأسباب؟


11/12/2021

لم تهدأ الأوضاع في تونس، على مدى السنوات العشر الماضية؛ إذ عاشت البلاد سلسلة من الأزمات، والاحتجاجات الشعبية، وتغيير الحكومات، ومفاوضات شاقة، اهتزّ لها الشعب في كلّ مرّة، وكانت حركة النّهضة الإخوانية متسببة أو حاضرة في جميعها، ليهتزّ الشارع أول من أمس بسبب حرق مقر الحركة على يد أحد ناشطيها، قبل تفحّمه بالنيران التي أشعلها.

استغنوا عن خدماته ورفضوا الاستماع إليه فأحرقهم

أكدت مصادر صحفية قريبة من مقر حركة النهضة لـ"حفريات"، أنّ الحريق الذي نشب داخل مقر النهضة، تسبب به شخص أضرم النار في جسده بقاعة الاستقبال بعد أن سكب على نفسه البنزين، مرجحين تسرّب كمية منه إلى باقي غرف المقر.

وتؤكد المصادر ذاتها أنّ المتسبب بالحريق ناشط سابق بالحركة، وكان يعمل بالاستقبال، لكن تم الاستغناء عن خدماته، وقد تحول إلى المقر للاحتجاج على وضعيته، وطلب لقاء زعيم الحركة راشد الغنوشي، أو الاستماع إليه لإيجاد حل لوضعيته، لكنهم رفضوا تمكينه من ذلك.

سجين سياسي سابق يضرم النار في جسده داخل مقر حركة النهضة

وبحسب مصادر خاصّة مقرّبة من قيادات الحركة، فإنّ الضحية هو سجين سياسي سابق، تم طرده مؤخراً من عمله بمكتب النهضة، بعد خروج مجموعة من القيادات الرافضة لسياسة راشد الغنوشي، بسبب مواقفه السياسية، وأنّه لم يتمتع بتعويضات.

كما كشف أحد قيادات الحركة، الذس كان حاضراً بالمقر، أثناء حادثة الحرق، سماع دوي انفجار قبل لحظات من اندلاع الحريق.

 

باسل ترجمان: وفاة السجين السابق تعكس شدّة الخلاف بين جماعة السجون (مساجين سابقين) وجماعة المهجر (كانوا يعيشون خارج تونس) والتي يقودها راشد الغنوشي

 

من جهتها، أكدت وزارة الداخلية التونسية أنّه تم العثور على جثة متفحّمة لشخص داخل مقرّ الحزب، من مواليد سنة 1970، عمل سابقاً كعون استقبال، وأنّه تم نقل 18 مصاباً لتلقي العلاج، منهم 16 حالة اختناق بسيط وشخص تعرّض لحروق متفاوتة الخطورة وشخص آخر تعرّض لكسور متعددة.

هذا وتم نقل رئيس الحكومة الأسبق ونائب رئيس الحزب علي العريض، إلى المستشفى بعد قفزه من الطابق الثاني للمبنى لتجنب النيران، وهو ما أشعل موجة من الانتقادات، التي اعتبرت أنّه هرب من الحريق، دون التفكير في باقي العاملين بالمقر، أو قيادات الحزب الموجودة حينها.

"انتهازية" الغنوشي

وفي تفسيره لما حدث، قال الغنوشي إنّ الكهل الذي أضرم النار في جسده وتسبّب في اندلاع حريق في المقرّ المركزي للحزب "من ضحايا الفقر والتهميش وقد أمضى أكثر من 10 سنوات في السجن مناضلاً ضد الاستبداد والديكتاتورية، ورغم الثورة وقيام الحرية، لكن وبعد 10 سنوات لم ينل الحد الأدنى من الكرامة، رغم أنّ هيئة الحقيقة والكرامة والعدالة الانتقالية أفضت لمقررات  لكنها بقيت حبراً على ورق".

اقرأ أيضاً: حريق في المقر الرئيسي لحركة النهضة... ما القصة؟

تصريحات استنكرها معلقون على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوها بـ"الانتهازية"، معتبرين أنّه يحاول من خلالها التستر على السبب الحقيقي لانتحار "المناضل"، الذي كان يعمل حارساً في مقر الحركة، وأقدم على الانتحار بعد أن رفض الغنوشي استقباله والاستماع إلى مشكلته.

أمين عام حزب التيار الشعبي زهير حمدي: حركة النهضة لا ترحم المقرّبين منها فما بالك بالشعب التونسي ومن لم ينتخبهم

كما اعتبر العديد من المنتقدين أنّ الغنوشي يحاول استثمار مأساة وفاة أحد ناشطي الحركة، الذي وصفه بـ"المناضل السابق" للحركة، عبر إلقاء اللوم على الآخرين، خصوصاً أنّ الضحية أراد مقابلة الغنوشي قبل إحراق نفسه، ولم يستطع.

 

زهير حمدي: ما حصل في مقرّ "النهضة" يكشف أنّها جماعة لا علاقة لها بالدين ولا بأخلاق المجتمع التونسي، وهي بؤرة سرطانية ويجب التخلّص منها لأنّها مدمّرة لتونس ولشعبها

 

وكانت الحركة قد تلقت ضربة جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات والهزات التي تعصف بها منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد تعليق عمل البرلمان، حيث أعلن 15 عضواً في مجلس الشوى تعليق عضويتهم حتى اعتزال زعيم الحركة راشد الغنوشي السياسة والتنحي عن رئاسة الحزب.

ويعتبر مجلس الشورى بحركة النهضة بتونس أهم جهاز داخل الحركة الإرهابية منذ تأسيسها، حيث يسيطر على إدارته راشد الغنوشي منذ سنة 1981، تاريخ التأسيس الفعلي لحركة النهضة التي سميت سابقاً بـ"حركة الاتجاه الإسلامي".

جزء من أزمات خطيرة

تعليقاً على حادث الحريق والتصريحات التي رافقته، يعتبر المحلل السياسي باسل ترجمان في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ إقدام سياسي سابق على حرق نفسه داخل مقرّ حزبه، هو تعبير عن يأسه من ممارسات الحركة، وأسلوب عدم الاحترام والإهانة التي تعرّض لها من طرف قيادات النّهضة، مشدّداً على أنّه حادث مؤسف يعكس مدى خطورة الأزمات التي تعيشها النهضة.

المحلل السياسي باسل ترجمان: الرجل وقع طرده مؤخراً من عمله

وقال ترجمان إنّ الرجل وقع طرده مؤخراً من عمله، وهذا يعكس شدّة الخلاف بين جماعة السجون (مساجين سابقين) وجماعة المهجر (كانوا يعيشون خارج تونس) والتي يقودها راشد الغنوشي، لافتاً إلى أنّه يعكس أيضاً حجم التمايز في الامتيازات والمنافع التي تمتع بها أعضاء الحركة.

اقرأ أيضاً: باحث تونسي يقارن بين "الموساد" و"النهضة" في التخلص من الخصوم

 المحلل السياسي لفت أيضاً إلى التصريحات التي أعقبت الحريق، وإلى التعليقات التي نشرتها صفحات فيسبوكية محسوبة على النهضة، ووصفها بـ"الكارثة" التي انطلقت من تصريح الغنوشي، وقال إنّها تؤكد أنّ ارتدادات هذا الحادث ستكون "كبيرة جداً" في أوساط النهضة.

من جانبه، يعتقد أمين عام حزب التيار الشعبي زهير حمدي أنّ حركة النهضة "لا ترحم المقرّبين منها، فما بالك بالشعب التونسي، ومن لم ينتخبهم"، معتبراً أنّها "مافيا تساعد وتمنح الأكثر موالاةً فقط، ولا تعتمد معياراً غير الموالاة".

عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أيمن علوي: الغنوشي يسعى لتوظيف كل المآسي من مآسي تتعلق بالشعب التونسي إلى نفسه والمقربين منه

وأكد حمدي في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ وفاة السجين السياسي السابق سببها الأول القهر الذي عاشه من رفاقه وحركته التي ناضل من أجلها، ولأنّه أمضى سنوات من عمره في السجن غير أنّها تنكرت له، وأقصته.

اقرأ أيضاً: حركة النهضة وملف تسفير الجهاديين... كيف يكذب علي العريض؟

وأضاف حمدي أنّ ما حصل في مقرّها يكشف أنّ جماعة النهضة "لا علاقة لها بالدين ولا بأخلاق المجتمع التونسي"، ويؤكد كم أنّها "موغلة في الشر والقتل"، معتبراً أنّها "بؤرة سرطانية ويجب التخلّص منها لأنّها مدمّرة لتونس ولشعبها".

أيمن العلوي:  تصريحات الغنوشي تندرج ضمن لعبته المتواصلة المتعلّقة بالمال والسلطة وتسوية ملفاته وجرائمه

من جهته، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أيمن العلوي، أنّ تصريح زعيم النهضة راشد الغنوشي ظلّ وفياً جدّاً لشخصيته الشريرة واللاإنسانية التي تسعى لتوظيف كل المآسي من مآسي تتعلق بالشعب التونسي، إلى نفسه والمقربين منه.

وأضاف العلوي في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ تصريحات الغنوشي تندرج ضمن لعبته المتواصلة المتعلّقة بالمال والسلطة وتسوية ملفاته وجرائمه.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية