زيارة وفد "حماس" لطهران: هل هي رسالة حرب؟

حماس

زيارة وفد "حماس" لطهران: هل هي رسالة حرب؟


31/07/2019

ينظر بعض المحللين السياسيين إلى زيارة وفد حركة حماس إلى طهران الأسبوع الماضي، بأنّه "رسالة حرب" موجهة إلى إسرائيل، وبأنّ التعاون الإيراني مع المقاومة لم ينتهِ، وأنّه قادر على خلق حالة من الرعب لدى الاحتلال، والتهديد بنشوب حرب على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، وكذلك على حدود غزة.

أكرم عطا الله: حماس تغيرت كثيراً بعد توليها القطاع فهي أدركت أنّ عليها أن تكون أكثر واقعية بالمعنى السياسي

ودلّت زيارة الوفد برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي، صالح العاروري، على سعي "حماس" للخروج من عزلتها السياسية، وتخطّي الأزمة المالية التي تعاني منها، من خلال البحث عن حلفاء جدد، واستعادة حلفائها السابقين. ووصف العاروري الزيارة بأنها "تاريخية إستراتيجية".
وفي الوقت ذاته؛ تحاول "حماس" الحفاظ على حلفائها الحاليين، لكسب التأييد والدعم الخارجي لها وللقضية الفلسطينية، بعد الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها خلال الأعوام الماضية.
ويأتي انفتاح حركة حماس على الدول الخارجية في ظلّ التغيرات الإقليمية والصراعات الشديدة بين الأطراف؛ فهل ذلك نابع من التطور السياسي للحركة؟ أم أنّه تطور نتيجة التحولات التي شهدها الاقليم الفترة الماضية؟ وهل ترغب حماس في الاستفادة من الجميع لصالح المشروع الوطني، أم هي حركة انتهازية سياسية كما يصفها البعض؟ وهل أنتج ذلك خلافات داخل الحركة؟
تسعى حماس للخروج من عزلتها السياسية

إنضاج حماس
وفي سياق الردّ على تلك التساؤلات؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، لـ "حفريات": إنّ "هناك تطورات كثيرة حدثت بالإقليم، وبالساحة الفلسطينية، لعبت دوراً كبيراً في إنضاج حركة حماس من جهة، وإحداث تغيرات سياسية لدى الحركة من جهة أخرى، مثل الإطاحة ببعض الأنظمة العربية، وبقاء أخرى، فحماس حاولت الهروب من بعض الاستحقاقات".

اقرأ أيضاً: "حماس" و"حزب الله" والجوامع المشتركة
وفي المقابل؛ حاولت حركة حماس، كما يتابع عطا الله، أن "تلتحق بسفن كانت تعتقد أنّها بدأت بالإبحار، وأنّه يمكن أن يكون لها نصيب بالإبحار بها، والدليل على ذلك فوز الإخوان المسلمين في مصر، وظهور الثورة السورية، واعتقادها أنّ النظام السوري سينهار، وبالتالي قفزت من المركب بعد أن كانت جزءاً منه".
ويرى أنّ "حركة حماس تغيرت كثيراً بعد توليها حكم قطاع غزة؛ فهي أدركت أن تكون أكثر واقعية بالمعنى السياسي، ولكن تلك الواقعية أوجدت لها الكثير من الخلافات الداخلية، فهناك بعض العناصر التي تلقت تربية أيديولوجية صارمة، لا تسمح للتغيرات السياسية مارستها الحركة".
خلافات داخلية
وشدّد عطا الله على أنّ اللاعب السياسي لحركة حماس كان واضحاً، لمن تربّوا على قيم معينة داخل حماس لم تعجبهم تصرفات الحركة، ومنهم الدكتور محمود الزهار، عضو المكتب السياسي للحركة، الذي اعترف بخطأ معاداة النظام السوري، إضافة إلى أنّ العلاقة مع مصر لم تنل رضى بعض قيادات حماس حتى هذه اللحظة، الأمر الذي أدى إلى حدوث خلافات داخلية بالحركة.

اقرأ أيضاً: حماس في الخطوط الأمامية دفاعاً عن إيران
ويلفت إلى أنّ حركة حماس ظهرت في لحظة ما بأنّها "حركة تستفيد من الجميع، وبالمقابل ظهرت وكأنها حركة انتهازية، كما يراها البعض، بعد مهاجمتها للنظام السوري التي كانت تقترب منه كثيراً، ومهاجمتها للنظام المصري الحالي، بعد الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، والآن تفتخر بعلاقتها معه، فتلك الانتهازية أثرت في علاقاتها مع الكثير من الأطراف وجعلتهم لا يرغبون بقربها منهم".
ويرى عطا الله؛ أنّ حركة حماس "أخطأت كثيراً، وأنها تنازلت عن العديد من القضايا التي كانت تؤمن بها، وتراجعت عمّا كانت تنادي به، وهذا نتيجة نضوج تجربتها السياسية، ووجودها في سدّة الحكم، وشعورها بأنّ المسؤولية ثقيلة".

\تغيير مسار اللعبة
ويؤكّد المحلل السياسي؛ أنّ حركة حماس الحالية لا تشبه الحركة التي انطلقت عام 1987؛ لأنّها أصبحت بالحكم، ولأنّ الإقليم التي كانت تحلم بأنّ يسقط في جيبها، مع بدء "الربيع العربي"، وفي جيب الإخوان المسلمين، لم يسقط، لذلك لم يكن أمامها إلا أن تتغير مع التغيرات، واضطرت لمواءمة نفسها مع التغيرات الإقليمية؛ لأنّها لا تريد أن تقف في صفّ المهزومين، وتريد أن تبقى محايدة".

سارة الشلقاني: تطور حماس السياسي وموقفها الحالي والتحديات التي تواجهها لا يجعلها تخاطر بالوقوع في فخّ اتخاذ مواقف عدائية

وفي رده على سؤال عن سبب زيارة حماس إلى طهران، أجاب عطا الله: "إيران كانت من أبرز الداعمين لحركة حماس، وكانت بينهم علاقة قوية جداً، لكن بعد فوز الإخوان المسلمين، وتولّي محمد مرسي رئاسة مصر، اعتقدت حماس أنّ الدور الإيراني انتهى، وأنّ علاقتها به لم تعد تنفعها، وبالتالي تتلقى الدعم من الإخوان المسلمين، ولكن بعد الإطاحة بنظام الإخوان، وثبات النظام السوري؛ عادت حماس لتجديد علاقتها بطهران، وقد توجه وفد من الحركة مؤخراً لبحث سبل التعاون بين الطرفين".
خسارة بسبب المواقف السياسية
في السياق ذاته؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي، أحمد عوض، لـ "حفريات": إنّ "حركة حماس خسرت كثيراً إزاء بعض مواقفها السياسية، وتدخلاتها بالشؤون الداخلية للدول الأخرى، مما جعلها تعاني من عزلة سياسية حادة، نتيجة خسارة الكثير من حلفائها بالمنطقة؛ لذلك اضطرت إلى تغيير وثيقتها السياسية، عام 2017، وأعلنت أنها حركة تحرر فلسطينية بحتة، وأنّه ليست لديها أية ارتباطات بالإخوان المسلمين، وأنّها لا تتدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية".
وأردف: "تسعى حركة حماس لاستعادة علاقتها ببعض حلفائها، مثل إيران وسوريا، وبعض الدول، خاصّة أنّ قطر لم تعد تقدم الأموال كما السابق، لأنّ المساعدات القطرية المقدمة للفلسطينيين مشروطة بالقبول الإسرائيلي، لذلك تبحث حماس عن مصادر أخرى تقدم لها الدعم بعيداً عن الاحتلال الإسرائيلي وشروطه".
وأكد أنّ حركة حماس كانت ترغب بالتقرب والانفتاح على بعض الدول الخليجية، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية، ولكن تلك المحاولة باءت بالفشل، نظراً لموقف الدولتين من الاطراف التي تتحالف معها حركة حماس بالمنطقة، خاصة إيران وقطر وتركيا.
تسعى حركة حماس لاستعادة علاقتها ببعض حلفائها

تعديل موقف حماس
في المقابل؛ ترى سارة الشلقاني، المحللة المصرية المتخصصة في الصراع العربي الإسرائيلي؛ أنّ الأحداث والتغييرات الإقليمية ساهمت في "نضج حركة حماس الفلسطينية، وتطورها على الصعيد السياسي، وهو ما ظهر في تعديل موقفها تجاه بعض الأنظمة في المنطقة، والتي كانت تهاجمها في وقت سابق"، موضحةً أنّ الحركة الفلسطينية تحاول عدم الوقوع في عزلة سياسية، أو اقتصار علاقاتها على دول محددة فقط.
وتؤكّد الشلقاني، في تصريحها لـ "حفريات"؛ أنّ حماس تستغل هذا النضج السياسي "للاستفادة من انفتاح علاقتها على عدد من الدول في تلقي الدعم السياسي والمالي لمشروع المقاومة، في ظلّ توتر الساحة بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، والتي تقتضي أن تحافظ الحركة الفلسطينية على تزايد الدعم لها.

اقرأ أيضاً: حماس تواصل تعزيز علاقاتها مع إيران.. آخر اللقاءات
وتعتقد أنّ "تطوّر العلاقات بين حماس ومصر، وسعي الحركة الفلسطينية لتوطيد العلاقات مع القاهرة، وإعلانها عدم ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، خلال زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، إلى مصر، في شباط (فبراير) الماضي، دليل على وعيها السياسي المتزايد، وتعديل لموقفها الذي اتخذته إبان عزل الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، إضافة إلى أنّه دليل على أنّ القاهرة دائماً هي الحاضن لأيّ طرف فلسطيني، حيث أدركت حماس أنّه لا بديل عن مصر فيما يخصّ القضية الفلسطينية، والتفاهمات مع تل أبيب بشأن غزة".
رسالة حرب
وأوضحت الشلقاني؛ أنّ الزيارة الأخيرة التي أجراها وفد من حماس إلى إيران، لها هدف واضح، وهي بمثابة "رسالة حرب"، موجهة للاحتلال الإسرائيلي فقط؛ بأنّ التعاون الإيراني مع المقاومة لم ينتهِ، وأنّ ذلك التعاون قادر على خلق حالة من الرعب لدى الاحتلال، بنشوب حرب على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، وكذلك على حدود غزة.
وتوضح المحللة السياسية المصرية: "زيارة وفد من حماس لطهران هدفها موجه لإسرائيل فقط لا غير، وكذلك تلقّي دعم عسكري من إيران ضدّ تل أبيب، وليست لافتة إلى تفضيل دولة عن أخرى، أو أنّها تستغني بعلاقتها مع إيران عن باقي الدول؛ لأنّ ذلك أمر يضرّ حماس، ولا يصبّ في صالحها، خاصةً على الصعيد السياسي"، مشيرةً إلى أنّ الهدف الثاني من زيارة حماس لطهران، هي المحاولات التي تقودها إيران لـ "عودة العلاقات بين النظام السوري، والحركة الفلسطينية".
ونوهت إلى أنّ الحديث عن وجود خلافات داخلية لدى حماس بشأن العلاقات مع عدة دول "أمر غير منطقي"، فنضج الحركة سياسياً يجعل أعضاء مكتبها السياسي على دراية كاملة بما يسعى له بشكل متوافق عليه، وليس تفضيل رؤية على أخرى لأسباب غير منطقية.
وتابعت: "تطور حماس السياسي، وموقفها الحالي، في ظلّ التحديات التي تواجهها، لا يجعلها تخاطر أو تقع في فخّ اتخاذ موقف عدائي من دولة، أو طرف ما، على حساب آخر، وبالتالي من المرجَّح أن تكون حماس أبلغت أطرافاً إقليمية بهدف زيارتها إلى طهران، أو علاقتها ببعض الأطراف الأخرى، كي لا يتحفظوا عليها أو يتخذوا موقفاً من الحركة الفلسطينية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية