زلزال جديد يضرب الإخوان.. هل دق الفرقاء المسمار الأخير بنعش الجماعة؟

زلزال جديد يضرب الإخوان.. هل دق الفرقاء المسمار الأخير بنعش الجماعة؟


14/07/2022

استمراراً لحلقة الصراع المستعر داخل جماعة الإخوان بين مجموعتي لندن بقيادة إبراهيم منير، وإسطنبول بقيادة محمود حسين، أصدرت الثانية أول من أمس، بياناً باسم مجلس الشورى العام، وهو الهيئة التنظيمية المنوط بها اختيار المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد، بياناً أعلنت خلاله عدداً من القرارات أبرزها عزل منير من منصبه كعضو بمجلس الشورى العام.

ولا تعترف جبهة إسطنبول أصلاً بمنير كقائم بأعمال المرشد العام للجماعة، لذلك جاء القرار بالفصل من عضوية مجلس الشورى العام باعتباره مخالفاً لقرارات المجلس، وأكد البيان على فصل منير من عضوية التنظيم أيضاً بالقول نصاً: "نظراً لقيام الأخ الأستاذ إبراهيم منير، عضو المجلس، بعدم الالتزام بقرارات مؤسسات الجماعة الشرعية وتشكيل كيانات موازية بعيداً عن هذه المؤسسات، فيكون قد أعفى نفسه من جماعة الإخوان المسلمين، وعليه لم يعد يمثل الجماعة أو يعبّر عنها"، على حدّ قول البيان.

وشمل البيان عدداً من القرارات الأخرى أبرزها؛ تمديد عمل اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام برئاسة مصطفى طلبة، وفصل عدد من قيادات مجلس الشورى العام، هم: أحمد شوشة وأسامة سليمان وحلمي الجزار وعبد الله النحاس ومحمد البحيري ومحمد الدسوقي ومحمد جمال حشمت ومحمد طاهر نمير ومحمد عبد المعطي الجزار ومحمود الإبياري ومحيي الزايط ومسعد الزيني ونجيب الظريف، وعليه لم يعد أيّ من هؤلاء ممثلاً للجماعة أو معبّراً عنها.

لماذا الآن؟

فضلاً عن الرسائل التي حملها البيان، يرى بعض المراقبين أنّ هناك دلالة للتوقيت، تحدث عنها صراحة عصام تليمة المقرب من جماعة الإخوان، وهو المدير السابق لمكتب القيادي بالتنظيم يوسف القرضاوي، في فيديو نشره عبر قناته على "يوتيوب" تعليقاً على البيان، مرجحاً أن يكون محمود حسين قد اختار هذا التوقيت لإفساد أمر ما تسعى مجموعة لندن لتنفيذه، في إشارة إلى انتخاب مجلس شورى جديد للجماعة.

سامح عيد: يسعى إبراهيم منير لتشكيل مجلس جديد مستغلاً فرصة تفكك مجلس الشورى بسبب غياب أعضائه

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي سامح عيد يرى أيضاً أنّ "مجموعة إسطنبول لا تتصرف بشكل عشوائي، ولكنّها تحاول في الوقت الراهن إفساد خطة منير ومجموعته لانتخاب مجلس شورى يكون ممثلاً من كافة الأقطار"، مؤكداً أنّ "هناك تحركات تجري على قدم وساق خلال الفترة الراهنة لإتمام الأمر".

وتتمثل أهمية مجلس الشورى العام، وفق تصريح عيد لـ"حفريات"، في "كونه الجهة التشريعية داخل الجماعة، صاحبة الحق في منح الثقة للمرشد وأعضاء مكتب الإرشاد أو سحبها، ولذلك يسعى منير لتشكيل مجلس جديد مستغلاً فرصة تفكك مجلس الشورى بسبب غياب أعضائه، سواء وفاة بعضهم أو سجن بعضهم لاتهامه بقضايا إرهاب، ولم يبقَ من أعضائه البالغ عددهم نحو (118) عضواً سوى (18) فقط".

 

شمل البيان قرارات أخرى أبرزها تمديد عمل اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام برئاسة مصطفى طلبة

 

ويتفق الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والجماعات الإرهابية أحمد سلطان مع هذا الطرح، ويوضح أيضاً في تصريح لـ"حفريات" أنّ "إبراهيم منير عقد اجتماعاً مع مجموعته في لندن قرر خلاله عزل محمود حسين وجميع القيادات المؤيدين له من مجلس الشورى العام، وتعيين (33) عضواً بدلاً منهم في المجلس الجديد، وبعد الاجتماع حدثت محاولات للصلح وتهدئة الأمور بين الطرفين لكنّها فشلت ممّا دفع حسين للمسارعة بإصدار بيان العزل".

هل ثمة رسائل أخرى؟

يتفق الباحثان على كون البيان إحدى حلقات الصراع المحتدم بين قيادات الإخوان، وأنّه كاشف لوجه آخر قبيح للتنظيم، ويتفقان أيضاً على أنّ "محمود حسين حاول من خلال البيان استغلال إخوان الداخل، وخلط الأوراق للإيحاء بحصوله على دعم مكتب القاهرة، وظهر ذلك في تذييل البيان بجملة مفادها أنّ البيان تمّت صياغته من القاهرة".

 

عصام تليمة ألمح أن يكون حسين اختار هذا التوقيت لإفساد سعي مجموعة لندن انتخاب مجلس شورى جديد للجماعة

 

يقول سلطان إنّ "حسين قد استغل صلته بعدد من إخوان الداخل، وتواصل مع بعض الأفراد، وزعم أنّه عقد اجتماعاً معهم لمدة (3) أيام، وبناء عليه تم اتخاذ القرار بعزل القيادات التاريخية".

وبحسب سلطان، "يحاول حسين في الوقت الراهن قلب الطاولة على مجموعة منير، لكن يبدو جلياً أنّ الطرفين في موقف ضعف شديد، ولن يتمكن أيّ منهما من حسم الصراع لصالحه، فيما تمضي الجماعة نحو مزيد من الانقسام والتشظي".

كيف يختلف الصراع الراهن عن غيره؟

يتفق الباحثان على أنّ الصراع الراهن "سيكتب نهاية التنظيم لا محالة"، وبحسب سامح عيد، يختلف الصراع الراهن عن السوابق التاريخية للتنظيم التي نجح في تجاوزها، بـ(4) محاور رئيسية؛ أولها الاستمرارية، كونه يمتد منذ عام 2016، وثانيها العلانية على خلاف كافة الصراعات التي حدثت داخل الإخوان منذ نشأتها وظلت سراً ولم يتم الإفصاح عنها إلا بعد مرور أعوام، والثالث هو مركزية الصراع الذي يحدث بين شقّي الهرم التنظيمي، والرابع يتعلق بكون الأزمة حول الصراع على المال والسلطة.

أحمد سلطان: بيان محمود حسين جاء رداً على قرار منير بعزله ومؤيديه من مجلس الشورى العام

ويرى عيد أنّ الأزمة الراهنة تسببت في انهيار كامل لمركزية التنظيم، وأسقطت قدسية قياداته، وكشفت زيف ادعائهم؛ لأنّ طرفيه حاولا تشويه بعضهما بعضاً، وكشفا أسرار التنظيم للمرة الأولى، لذلك تكشفت أمام قواعد التنظيم طبيعة الفساد الأخلاقي لبعض القيادات، وهو ما دفع عشرات الشباب لتقديم استقالاتهم وإعلان انشقاقهم عن التنظيم.

وبحسب عيد، لم تنجح أيّ محاولة للوساطة بين طرفي الأزمة، وقد تحوّل الوسطاء إلى طرف، مشيراً إلى أنّ "حلمي الجزار، أحد القيادات الذين تم فصلهم من جانب حسين، كان مكلفاً في وقت مضى بملف التهدئة والمصالحة بين الطرفين، لكنّه لم ينجح وأصبح خصماً، الأمر الذي يعكس مدى احتدام الصراع واشتداد حالة الاستقطاب داخل التنظيم".

مواضيع ذات صلة:

بيان "المكتب العام": ماذا يريد القطبيون أن يقولوا لـ"إخوانهم"؟

دور إخوان ليبيا في فشل أعمال لجنة المسار الدستوري

المشروع الإخواني في المنطقة العربية.. وسائل التمكين وآليات المواجهة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية