ذهب الفراعنة في باريس يثير الجدل مرة أخرى حول فرعون الخروج.. ما القصة؟

ذهب الفراعنة في باريس يثير الجدل مرة أخرى حول فرعون الخروج

ذهب الفراعنة في باريس يثير الجدل مرة أخرى حول فرعون الخروج.. ما القصة؟


04/05/2023

تشهد العاصمة الفرنسية باريس منذ نيسان (أبريل) الماضي عرضاً نظمته وزارة السياحة المصرية لتابوت الفرعون المصري رمسيس الثاني، بالإضافة إلى ما يقرب من (200) قطعة أثرية قديمة من كنوز الفرعون، بعضها لم يغادر مصر من قبل.

يقام معرض رمسيس الثاني تحت عنوان: "رمسيس العظيم، ذهب الفراعنة في باريس"، في الفترة من 7 نيسان (أبريل) إلى 6 أيلول (سبتمبر)، ضمن جولة تشمل الولايات المتحدة وأستراليا، لكنّ فرنسا وحدها هي التي حظيت باستقبال التابوت الحجري؛ وذلك تقديراً للمساعدة التي قدّمها العلماء الفرنسيون الذين عملوا على إنقاذ المومياء من التآكل، إثر إصابتها بعدوى فطرية، ونجحوا في علاجها في باريس في عام 1976.

المستشار العلمي للمعرض بينيديكت لوير قال لوكالة الأنباء الفرنسية: إنّ العرض الاستثنائي جاء بفضل وجود اتفاقيات تعاون غير مسبوقة بين فرنسا ومصر في هذا المجال.

إحياء الجدل القديم

أحيا عرض تابوت رمسيس الثاني في باريس الجدل حول إشكالية فرعون الخروج، وما إذا كان نزوح اليهود من مصر قد حدث في عهد  ثالث ملوك الأسرة الـ (19) أم لا؟

الجدل ظهر إلى العلن مع قيام عدد من وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية بالحديث عن المعرض، حيث زعموا أنّ رمسيس الثاني هو فرعون الخروج، وهو ما ردّ عليه المتخصصون وعلماء الآثار.  

يقام معرض رمسيس الثاني تحت عنوان: "رمسيس العظيم، ذهب الفراعنة في باريس"

موقع "المونيتور" الكندي خصص مساحة واسعة ضمن تقرير له بالإنجليزية حول الأمر، وفيه استطلع رأي مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أكّد أنّه لا يوجد دليل أثري أو تاريخي في الآثار المصرية يشير على الإطلاق إلى أنّ الملك رمسيس الثاني هو فرعون الخروج. وأضاف: "رمسيس الثاني لا علاقة له من قريب أو بعيد بالشخصية التي كانت في السلطة أثناء الخروج، ربما كان الشخص الذي كان في السلطة في زمن النبي موسى من الهكسوس"، وأكد أنّ الخروج لا علاقة له بأيّ ملك مصري قديم.

وقال وزيري في تصريحاته للمونيتور: إنّ قدماء المصريين لم يتبنّوا أبداً مفاهيم تحرض على قتل النساء أو الأطفال. وأشار إلى المفهوم المصري القديم للعدالة والحقيقة والوئام والقانون والأخلاق والنظام، الذي تجسّده الإلهة ماعت.

فجّرت صحيفة (هيرالد تريبيون) الأمريكية مفاجأة، عندما أكدت أنّ  موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، زار المومياء سراً محتفياً بإخراج الفرعون من مصر

وبدوره، تحدث عالم المصريات محمد رأفت عباس للمونيتور عن عظمة رمسيس الثاني وأهميته التاريخية. وقال: إنّ الفرعون أصبح "هدفاً مباشراً للتشويه والضغينة وبث سموم الكراهية من جانب أعداء مصر التاريخيين؛ لأنّه يُعتبر دون أدنى شك رمزاً حقيقياً وأبدياً للحضارة المصرية القديمة". وأشار إلى أنّه "لا توجد منطقة أثرية في مصر، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، بدون آثار تحمل اسم رمسيس الثاني".

وفقاً لتصريحات عباس، فإنّ آثار الفرعون العظيمة والخالدة عبرت حدود مصر إلى فلسطين ولبنان وسوريا وشمال السودان، حيث يمكن للمرء أن يجد العديد من قطعه الأثرية، وبقايا المعابد التي أقامها في جميع أنحاء إمبراطوريته الشاسعة التي تتحدث عن عظمة أمجادها التاريخية، خاصّة في ميدان الحرب، والتي كانت أفضل تعبير عن المجد الإمبراطوري لمصر خلال فترة حكمه".

وزيري في تصريحاته للمونيتور: إنّ قدماء المصريين لم يتبنّوا أبداً مفاهيم تحرض على قتل النساء أو الأطفال

جدير بالذكر أنّ عالم المصريات ليستر جراب، في كتابه: "فجر إسرائيل: تاريخ كنعان في الألفية الثانية قبل الميلاد"، أكد على سقوط النظريات التي تؤمن بالصلة بين رمسيس الثاني وأحداث خروج الشعب الإسرائيلي.

إهانة الفرعون

كان الجدل قد تفجر بشدة في العام 1976، عندما أرسلت مصر مومياء رمسيس الثاني للعلاج في باريس، فبعد الانتهاء من عملية العلاج، عرض التلفزيون الفرنسي فيلماً تسجيلياً قصيراً عن المومياء التي ظهرت عارية من أكفانها لعدة دقائق، ممّا اعتبرته مصر إهانة لملكها، الذي خرج إلى باريس بجواز سفر رسمي، يحمل صفة ملك سابق.

الجماعات الصهيونية المتطرفة في باريس استقبلت الفيلم التسجيلي بنوع من الابتهاج والتشفي، كما فجّرت صحيفة (هيرالد تريبيون) الأمريكية مفاجأة، عندما أكدت أنّ  موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق زار المومياء سراً محتفياً بإخراج الفرعون من مصر، مثلما أخرج اليهود في الماضي.

عالم المصريات محمد رأفت عباس للمونيتور: إنّ الفرعون أصبح هدفاً مباشراً للتشويه والضغينة وبث سموم الكراهية من جانب أعداء مصر التاريخيين؛ لأنّه يُعتبر دون أدنى شك رمزاً حقيقياً وأبدياً للحضارة المصرية القديمة

ويبدو أنّ الدعاية الصهيونية لا تكفّ عن إعادة استخدام الأساليب نفسها، فقبل موعد المعرض بأسابيع، وبالتحديد في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي، ادّعى تقرير للقناة العاشرة الإسرائيلية أنّ رمسيس الثاني هو فرعون الخروج، وذلك بعد أن تمّت إعادة بناء وجهه بوساطة باحثين في جامعة جون مورس في ليفربول، بعد استخدام آلاف الصور بالأشعة السينية.

نفي علمي

في العام 2009 أكد عالم المصريات البارز زاهي حواس، في مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّه خلال الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء، بين عامي 1967 و1982، كلفت إسرائيل بعثات أثرية يهودية لإجراء حفريات هناك، بحثاً عن أيّ دليل على وجودهم وخروجهم من مصر، ولفت إلى أنّ "هذه البعثات لم تكتشف أيّ دليل يشير إلى الخروج". وأضاف أنّ عالم الآثار اليهودي البارز أليعازر أورين نشر أعمال التنقيب والاكتشافات التي قام بها في سيناء، وأكد أنّه لم يخرج بأيّ دليل أثري يشير إلى خروج شعب إسرائيل من مصر.

بحسب الدراسات التاريخية فإنّ رمسيس الثاني حكم أكثر من (60) عاماً

من جهته، قال مجدي شاكر، كبير علماء الآثار في وزارة السياحة والآثار، للمونيتور: إنّ أفضل دليل يدحض الادّعاء بأنّ رمسيس الثاني كان فرعون الخروج، هو مومياء الملك نفسه. وقال: "كانت مومياء الملك رمسيس الثاني أول مومياء ملكية يتم فحصها بأحدث الأجهزة العلمية والطبية على أعلى مستوى، في فرنسا عام 1976، لعلاج الفطريات التي بدأت تظهر في المومياء، وبحسب النتائج التي أعقبت الفحص ظهرت أنّ الملك لم يمت غرقاً".

وبحسب الدراسات التاريخية، فإنّ رمسيس الثاني حكم أكثر من (60) عاماً، خلال القرن الـ (13) قبل الميلاد، وأشرف على الفتوحات العسكرية الكبرى، ومشاريع البناء الضخمة، وتشير الدراسات أيضاً إلى أنّه كان أباً لأكثر من (100) طفل.

والتابوت الحجري المعروض في باريس مصنوع من خشب الأرز المطلي باللون الأصفر، ويصور الملك الراقد بألوان زاهية، وتظهر ذراعاه متقاطعتين على صدره، وهو يحمل صولجاناً وسوطاً، وتكشف النقوش على جوانب التابوت الحجري أنّه تم تحريك جسده (3) مرات، بعد أن اقتحم لصوص القبور مقبرته في وادي الملوك بالأقصر.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية