دور الإعلام الإخواني السلبي في أحداث غزة

دور الإعلام الإخواني السلبي في أحداث غزة

دور الإعلام الإخواني السلبي في أحداث غزة


20/05/2024

تظهر قوة وسائل الإعلام على المجتمع والحكومات في قدرتها وتأثيرها على الرأي العام والقرارات السياسية وحل المشكلات، لأنّ المواطن يصبح أكثر تفاعلاً مع وسائل الإعلام للاطلاع على تفاصيل أكثر عن الأزمة وظروفها أيّاً كان نوعها. والواقع أنّ الأزمة تخلق جواً من الارتباك والذعر وحالة من الطوارئ، ويودّ المجتمع أن يطّلع على ما استجد لمعرفة وفهم هذه التفاصيل. وتظهر الدراسات العلمية المختلفة حجم تدخل وسائل الإعلام في إدارة الأزمات من خلال محاولة التعريف بها وتسليط الضوء على ما يكتنفها من تحولات وتطورات، ومن هنا يبرز دور الإعلام في أحداث غزة سواء السلبي أو الإيجابي.

الإعلام قبل وقوع الأزمة 

المفترض أنّ الإعلام يلعب دوراً مهمّاً في مختلف مراحل الأزمات، فقبل وقوع الأزمة يمكن للإعلام التحذير من الأوضاع التي تؤدّي إلى الأزمات، والحدّ من انتشارها، والتقليل من خسائرها. وفي أوقات الأزمات يمكن لوسائل الإعلام التقليل من آثار الأزمة عن طريق خلق جوٍّ علمي وعقلاني، أو من خلال التوسّط بين عوامل الأزمة والجماعات ذات الصلة والمصلحة للحدّ من الصراعات السياسية، إضافةً إلى فاعليّتها وتأثيرها في جذب الجماهير وإشراكها في إدارة الأزمة السياسية.

وفي بحث حول الإعلام بالملتقى العلمي الدولي المعاصر ‎‎‎للعلوم التربوية والاجتماعية، أنّه في إدارة الأزمات هناك نوعٌ من التدبير الاستراتيجي يتم فيه تحليل البيئتين الداخلية والخارجية لأيّ أزمة، ومن ثمّ وضع استراتيجيات تساعد النُخب على الوصول إلى الأهداف المحدّدة والإدارة المناسبة للأزمة.

 المواطن يصبح أكثر تفاعلاً مع وسائل الإعلام للاطلاع على تفاصيل أكثر عن الأزمة وظروفها أيّاً كان نوعها

وبالنتيجة فإنّه من خلال دراسة أزمة أحداث غزة ودور وسائل الإعلام في إدارتها، ووسائل الإعلام وإدارة الأزمات الداخلية والعالمية، ووسائل الإعلام وإدارة الأزمات الإرهابية على أساس العناصر الثلاثة للأزمة، والظروف الاجتماعية ووسائل الإعلام، سنجد أنّ للإعلام دوراً كبيراً في حل مشكلات المجتمع، فحين تظهر بوادر الأزمة أو ميلادها يمكن أن تتدخل فنون الإدارة لتحول دون أن تصل الأزمة إلى مرحلة النمو والنضج، وفي هذه الحالة تستطيع الإدارة الرشيدة أن تنهي الأزمة في مهدها، وقد تنجح الإدارة الجيدة في تجنب الأزمة قبل أن تولد بما يمكن أن نطلق عليه "إجهاض الأزمة"، وحين تتجاهل الإدارة معالجة الأزمة في مهدها تكون الظروف مهيأة لميلاد الأزمة ونموها ووصولها إلى مرحلة النضج التي تشكل تهديداً كبيراً.

ونتيجة نقص المعلومات وزيادة الغموض، ورغم ذلك يجب أن ندرك أنّ بعض الأزمات لا يمكن تجنبه واحتواؤه في مهده.

 

يقوم الإعلام بمراقبة البيئة والبحث في الأفكار السائدة والاتجاهات المتعلقة بالمشكلات أو العناصر التي تنبئ بوقوع الأزمة.

 

وفي مجلة الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية، عدد 2018-06-30، يرى العلماء أنّ دورة حياة الأزمة تمر بـ (3) مراحل: ما قبل وقوع الأزمة، ومواجهة الأزمة حال وقوعها، وإجراءات ما بعد الأزمة، ويرى علماء آخرون أنّ دورة حياة الأزمة تمر بـ (5) مراحل رئيسة على النحو الآتي: مرحلة إشارات الإنذار Signal Detection، ومرحلة الاستعداد والوقاية، ومرحلة احتواء الأضرار Reactive، ومرحلة استعادة النشاط Recovery، ومرحلة استيعاب الدروس المستفادة Learning .

ومن خلال مراحل الأزمة المختلفة سنرى أنّ الإعلام، وشبكات المعلومات مثل شبكة الإنترنت بما تحققه من تدفق سريع للأخبار والمعلومات وما تنطوي عليه من معلومات دقيقة وغير دقيقة، وحرص المنظمات على مراقبة هذه الوسائل الجديدة الواسعة الانتشار، فإنّ ذلك سيساهم في عرض بعض الحلول أو الضغط من أجل قبول حلول للمشكلات التي تواجه المجتمع ما قبل وأثناء وبعد الأزمة.

الدور السلبي لإعلام جماعة الإخوان

ينطلق دور الإعلام والاتصالات في المراحل المختلفة للأزمات التي يواجهها المجتمع أو ما يطلق عليه دورة حياة الأزمة من (3) مبادئ رئيسة؛ هي: إدارة القضايا التي تثيرها الأزمة Issues Management. والتخطيط لمنع الأزمة Planning-Prevention. والإنجاز والعمل على انحسار الأزمة Implementation .

في المرحلة الأولى يقوم الإعلام بمراقبة البيئة والبحث في الأفكار السائدة والاتجاهات المتعلقة بالمشكلات أو العناصر التي تنبئ بوقوع الأزمة، وتجميع معلومات عن القضايا التي يحتمل أن تسبب مشكلات أو أزمات، وتطوير استراتيجية اتصال تستهدف منع حدوث الأزمة أو إعادة توجيه القضايا وأطراف الأزمة على النحو الذي يمنع وقوع الأزمة.

أمّا في المرحلة الثانية، فدور الإعلام والاتصال في المشاركة بالتخطيط لمنع الأزمة، عن طريق وضع سياسة وقائية لمنع الأزمة من خلال تناول ومناقشة أبعاد المواقف والمشكلات التي تؤدي إلى احتمال وقوع الأزمات والتنبيه إليها، وإيجاد قنوات من الاتصال بين وسائل الإعلام وفريق إدارة الأزمة، والوصول إلى ممثلي المنظمة للتعامل مع الإعلام وتوصيل الحقائق إلى الجماهير، وتصميم رسائل اتصالية للجمهور المستهدف لتوضيح مواقف الأطراف المعنية من الأزمة والجهود المبذولة لاحتواء المشكلة وإبراز الحلول المطروحة.

وفي المرحلة الثالثة يعمل الإعلام على استمرار التدفق السريع للمعلومات والبيانات المتعلقة بالأزمة، وتقييم استجابة المنظمة للأزمة من خلال رؤية الخبراء والمتخصصين في سيناريوهات مواجهة الأزمة وفعاليات التعامل معها من جانب المنظمة، وإبراز أسباب تطور الأزمة وأبعادها وأبعاد التأثيرات التي يمكن أن تحدثها، وتوعية الجمهور بأساليب مواجهة الأزمة وتداعياتها والأدوار والوظائف المطلوبة منه للإسهام في احتواء آثار الأزمة، وإعداد وتنفيذ رسائل اتصالية وإعلامية تفسر الأزمة وتعرض طرق مواجهتها والأنشطة المبذولة من قبل الجهات المعنية بالأزمة لاحتواء آثارها.

وفي المرحلة الرابعة وهي ما بعد انحسار الأزمة The Post Crisis، الاستمرار في جذب اهتمام الجمهور نحو الجهود والأنشطة المبذولة لاحتواء الأزمة، والاستمرار في رصد ومتابعة تداعيات الأزمة حتى تقل حدتها أو تختفي، والاستمرار في تزويد الجمهور بالمعلومات حول إجراءات مواجهة الأزمة وتحليل مدى ملاءمة هذه الإجراءات وقدرتها على عدم تكرار الأزمة في المستقبل من خلال الخدمات التفسيرية والتحليلية من جانب الخبراء والمتخصصين، ورصد ردود الأفعال الرسمية والشعبية واتجاهاتهم لتجنب أزمات مستقبلية، وتطوير استراتيجية اتصال تستفيد من الخبرة الحالية في مواجهة الأزمة للاستعانة بها والبناء عليها في مواجهة أزمات مشابهة لتحديد النقاط السلبية والإيجابية للأنشطة الاتصالية والإعلامية المستخدمة.

وبالنظر إلى المحاور السابقة وإلى جماعة الإخوان ستجد أنّها امتلكت أكثر من (20) وسيلة إعلامية كان على رأسها (قناة 25)، وهي القناة الرسمية للجماعة في هذا الوقت، إضافة إلى استخدام شبكة الإنترنت كقوة تكنولوجية سهلة وميسّرة في الوصول للمواطنين، وعقب سقوط حكم الجماعة بمصر كانت الخطة اللعب على الملف الحقوقي، وطرح ملف المصالحة وتسويق الخلاف الإخواني عن طريق قنوات فضائية أنشئت خصيصاً لهذا الغرض، وحسابات وهمية بمواقع التواصل، ومئات الصفحات، ووسائل الإعلام البديلة مثل الفيديوهات القصيرة، والصحف التي تم شراؤها لهذا الغرض.

 

اعتمدت وسائل الإعلام الإخوانية على استراتيجية الشيطنة لبعض الشخصيات والرموز السياسية.

 

ونظراً لأنّ تأثير هذه القنوات والوسائل الإخوانية فشل في تحقيق هدف الجماعة في العودة إلى المشهد السياسي، بدأ هدفها هو التحريض، معتمدةً على استراتيجية الشيطنة لبعض الشخصيات والرموز السياسية، وإظهار ما تنتمي إليه من رموز سواء دولية أو إقليمية على أنّها الحملان الوديعة، رغم ما بها أو عليها من مؤاخذات.

وفي أزمة أحداث غزة اعتمدت الهجوم على كامل الأنظمة العربية، وسار التناول الإعلامي الإخواني في خطة أنّ العرب يريدون التطبيع وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، والدعوة لفتح الميادين للتجمهر، والدعوة لفتح المعابر، ثم الترويج أنّ حماس قد انتصرت.

ويلاحظ المراقب الفطن حجم التحيز الذي ينتهجه إعلام الإخوان في محاولة بناء استراتيجية للإجماع العام على ما يود طرحه من مواضيع، وإظهارها على أنّها قضايا مصيرية تمثل تحدياً اجتماعياً، وأنّ مفاتيح حلها لن تتأتى إلّا بالتوافق مع مجموع ما طرحه من آراء وحلول ناجزة حول القضية مثار النقاش، ومنها مرحلة نشر المعلومات، التي اعتمدوا فيها نشر معلومات كاذبة عن انتصارات وهمية، وتحليل عناصر الأزمة وفق إيديولوجية التنظيم الدولي.

لم تنطبق المعايير السابقة، ولم يساهم الإعلام الإخواني في إرشاد وتوجيه المجتمع، وتوفير الدعم والمؤازرة والتأييد، وتحقيق التأثير المطلوب في اتجاهات الرأي العام، بل التحم فقط ضد النظام السائد وزاد من فعالية الأزمة، ولم يقدم ويطرح حلولاً لها، ولم يشرح ويوضح مغزى الأحداث، ويبني الوفاق الوطني، بل ساهم في التفكيك والضغط السياسي على الشعوب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية