حقوق الإنسان: دولة الإخوان العميقة‎

حقوق الإنسان: دولة الإخوان العميقة‎

حقوق الإنسان: دولة الإخوان العميقة‎


29/02/2024

الانحياز الدائم، والتقارب حد التطابق باستخدام الأدوات والمصطلحات ذاتها للتعبير عن موقف ما بشكل أحادي ودون عرض أي وجهة نظر أخرى تختلف معه، يجعل العلاقة ما بين جماعة الإخوان المسلمين، المُصنفة "إرهابية" بعدة دول عربية، وعدد لا يستهان به من المنظمات الحقوقية الدولية، محل شك وريبة، ويطرح العديد من الاسئلة عن طبيعة تلك العلاقة التي تجعل منظمات جدير بها أن تلتزم الأمانة والحياد والقانون، تُستخدم كأبواق للتنظيم، وتعمل وفق أجندته.

حقائق صادمة

نجحت جماعة الإخوان وحلفاؤها في إخفاء علاقتها بالمنظمات الحقوقية على مدار عدة عقود سبقت العام 2011، ولكن مع اندلاع ما يسمى بـ "الربيع العربي" مطلع ذلك العام، وما تبعه من أحداث اجتاحت الشرق الأوسط، تكشفت حقائق كثيرة وصادمة، من بينها العلاقة الوطيدة التي يحكمها التمويل والمنفعة بشكل أساسي، بين جماعة الإخوان وتلك المنظمات التي تسوق نفسها بـ"الحيادية والنزاهة"، خاصة بعد سقوط التنظيم عن الحكم في مصر العام 2013.

 

لم يكن غريباً على جماعة الإخوان التي تقتات على المظلومية، وتحترف صناعة القضايا بغرض كسب التعاطف، أن تستخدم المنظمات الحقوقية، كمظلة آمنة، لتحقيق هدفين أساسيين؛ الأول يتعلق بخلق دعاية كاذبة عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر لدى المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، بهدف الضغط على النظام السياسي للبلاد، والثاني كسب تعاطف وتأييد مؤسسات المجتمع الدولي لقضية "الشرعية الإخوانية"، خاصة في ظل تصاعد وتيرة الغضب الشعبي على التنظيم بسبب تورطه في أعمال عنف وإرهاب اجتاحت البلاد عقب سقوطه سياسياً.

علامة استفهام حول تجاهل الإرهاب الإخواني

وبالرغم من أن جماعة الإخوان هي المسؤول الأول عن العمليات الإرهابية التي استهدفت مؤسسات مصرية، وكذلك شخصيت قضائية وعسكرية وإعلامية، خلال العشر سنوات الماضية، وثبوت ضلوع قياداتها بتمويل وتنفيذ تلك العمليات، إلا أنّ المنظمات الحقوقية التي تعمل لصالح التنظيم، عملت على مدار سنوات على ليّ الحقائق، وتصدير صورة مزيفة عن أوضاع عناصر التنظيم في مصر  بغرض كسب التعاطف والتأييد، فيما تجاهلت تلك المنظمات بشكل كامل الحديث عن ملفات تتعلق بشهداء الأمن المصري، أو مقتل النائب العام هشام بركات، أو حتى استهداف الأذرع المسلحة التابعة للتنظيم الدائم للأقباط في مصر، الذي زادت وتيرته بشكل غير مسبوق عقب ثورة 30 يونيو 2013.

 

نجحت جماعة الإخوان وحلفاؤها في إخفاء علاقتها بالمنظمات الحقوقية لعقود سبقت العام 2011

ويؤكد حقوقيون أنّ جماعة الإخوان استغلت منابر دولية ممولة من قطر للترويج لقضايا وهمية، وربطها بملف حقوق الإنسان في مصر للضغط على الدولة في ملفات سياسية، خاصة في الفترة ما بعد 2013، مؤكدين أنّ تلك المؤسسات تجاهلت تماماً كافة العمليات التي نفذتها أذرع الجماعة الإرهابية في مصر وفي مقدمتها، حسم، ولواء الثورة، المصنفتان إرهابيتين على قائم الإرهاب الأمريكية، على سبيل المثال.

احتراف صناعة الكذب

تقول الدكتورة داليا زيادة رئيس المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة، إنّ "الإخوان المسلمين ماهرون جداً في التلاعب بأمرين، منذ نشأتهم، هما أدوات الإعلام التقليدي والحديث، التي استغلوها في الترويج لأنفسهم ولأساطيرهم الكاذبة بين عموم الناس، وبالتالي تجنيدهم، والأمر الثاني هو خلق مظلوميات كاذبة يستطيعون من خلالها استمالة الرأي العام واكتساب شرعية وهمية لما يقومون به من أعمال، حتى لو وصلت في بعض الأحيان للقتل والنهب، مثلما فعلوا بعد ثورة ٣٠ يونيو في ٢٠١٣، فكانوا يبررون إرهابهم بأنه رد فعل على مظلوميات من اختراعهم".

وترى "زيادة"، في تصريحها لـ"حفريات"، أنّ "الجماعة لم تجد أفضل من استخدام المنظمات الدولية التي تدافع عن حقوق الإنسان، وبمساعدة الأموال القطرية استطاعوا شراء ذمم بعض العاملين فيها وتطويعها لخدمة الجماعة وتدليس الحقائق بنفس منهج الإخوان الملتوي بالضبط، وحتى رأينا في الفترة الأخيرة أن الإخوان نشطوا جداً في اختلاق منظمات ذات أسماء وشعارات حقوقية أو خيرية لكنها تستخدم فقط وحصرياً لخدمة أجندة الجماعة".

 

لم يكن غريباً على الجماعة التي تقتات على المظلومية استخدام المنظمات الحقوقية لتحقيق أهدافها

وتتابع زيادة أنّ "جماعة الإخوان احترفت صناعة الأكاذيب ولبست قناع الدين حين أرادوا خداع القواعد الشعبية في مصر من أجل تمكينهم سياسياً، ثم لبسوا قناع الوطنية حين أردوا خداع الحالمين بالديمقراطية والطامحين إلى التغيير في ثورة يناير، ويلبسون الآن قناع المدافعين عن حقوق الإنسان لخداع المجتمع الدولي بإعطاء أنفسهم شرعية كاذبة للتحدث باسم المعارضة السياسية أو المجتمع المدني في مصر، على أمل أن تنقذهم تلك المساعي من التوجه العالمي الحالي لتصنيفهم المستحق كتنظيم إرهابي دولي".

الصفحة الرئيسية