حقوق الإنسان الإخواني: أين نزاهة "الجماعة" وعدالتها؟

حقوق الإنسان الإخواني: أين نزاهة "الجماعة" وعدالتها؟


06/01/2021

أثارت الأزمة الأخيرة بين مصر والبرلمان الأوروبي حفيظة البرلمان المصريّ، الذي رفض التدخّل في شؤون مصر الخارجية، لكن أكثر ما لفت الانتباه، كان التناقض الجديد المضاف إلى قائمة تناقضات الجماعة، التي تركض خلفات منظّمات حقوق الإنسان الدولية، واستخدام هذه المنظّمات في تحقيق أجندة الجماعة السياسية.

اقرأ أيضاً: عيون الإخوان تُبصر انتهاكات حقوق الإنسان طالما ليست من أردوغان

ويبدو أنّ الجماعة، التي حملت أحدث مظلومياتها، منذ إزاحتها عن الحكم في مصر، وجدت طريقها إلى الأنظمة الخارجية، التي تستهدف مصالح داخلية في مصر، لتبتزّ هذه الدول، والتي غالباً ما تعدّ الجماعات الإسلامية شريكاً سياسياً في السلطة.

المظلومية الراسخة

يشرح الكاتب الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، مصطفى أمين، كيف بدأت أزمة جماعة الإخوان المسلمين مع مسألة حقوق الإنسان، التي استخدمتها الجماعة وعزلتها لتجعلها حقوق الإنسان الإخواني، لا حقوق الإنسان العربي بشكل عام؛ لذا نجد دائماً أنّ فكرة المظلومية الراسخة في عقل الجماعة الخاصة باضطهادها أو محنتها السياسية، والتي ترسّخت لدى أعضاء التنظيم بعد 30 حزيران (يونيو)، دفعها إلى سؤال استغلال أيّ عمل تقوم به، فيما يخصّ حقوق الإنسان.

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي مصطفى أمين

يتابع أمين، في حديثه لـ "حفريات": "من خلال حديث الجماعة عن حقوق الإنسان الإخواني، يتكشّف لنا عدم موضوعيتها في تناول ما يعرف بالقضايا الحقوقية، وهو ما بدأ مع بداية تنامي ظاهرة الجماعات الحقوقية، في بداية القرن الحالي في مصر، ما دفع الجماعة لإنشاء المنظمات الحقوقية الخاصة بها، لتنادي بحقوق معتقليها، وهي في الحقيقة لا تحاول سوى إخراج عناصرها التخريبيين من المعتقلات، بالرغم من ثبوت ارتكابهم لجرائم تهدّد السلم الاجتماعي، بالتالي؛ تناولها لهذا الأمر لم يكن محايداً من البداية، بالتالي حين ترتفع النغمة الخاصة بحقوق الإنسان، خاصة القادمة من الغرب ضدّ مصر، تحديداً من الاتحاد الأوروبي، تستفيد جماعة الإخوان من هذه المسألة".

حقيقة الأمر أنّ ما يحدث بين الجماعة والنظام الحاكم في مصر، هو صراع على السلطة، ونوع من أنواع المنافسة ومحاولة الاستحواذ

 تضع جماعة الإخوان نفسها في مقدمة الجماعات التي أهدرت حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تاريخياً، لكنّ حقيقة الأمر أنّ ما يحدث بين الجماعة والنظام الحاكم في مصر، هو صراع على السلطة، ونوع من أنواع المنافسة ومحاولة الاستحواذ والعودة مرة أخرى للمشهد السياسي، وهو ما يخلق شيئاً من الخلط والتعقيد فيما يخصّ المشهد الحقوقي / السياسي، الخاص بمظلومية الجماعة، فالاستغلال دائماً قائم، وما أكثر محاولات الاستغلال عند جماعة الإخوان، وهذا ما يجعلها تتعاطى مع هذا الملف بعدم نزاهة وموضوعية، والتي هي الأساس للتعاطي في العمل الحقوقي، كما ينظر الغرب بشكل عام لجماعة الإخوان باعتبارها شريكاً سياسياً في السلطة، حسبما يصف أمين، ويضيف: "حسابات الغرب فيما يخص العملية السياسية، تختلف كثيراً عن الحسابات العربية والوطنية، فالغرب دائماً ما يرى أنّ أيّ شريك لا يمارس العنف، أو لم تثبت عليه ممارسة العنف بشكل حقيقي، هو شريك سياسي، ونحن نحاول أن نقدم للغرب أنّ جماعة الإخوان ليست شريكاً في العمل السياسي، وإظهار التاريخ الدموي للجماعة".

التكالب على السلطة

 حاول النظام المصريّ، خلال السنوات السبع الماضية، الكشف عن أهداف الجماعات الإسلامية، والتي تتمحور حول الوصول للسلطة بأيّ ثمن، وإحدى وسائلها للوصول للسلطة ممارسة العنف، وأن يكشف أنّ جماعة الإخوان هي المنبت والأساس لكلّ الأفكار والجماعات المتطرفة الدموية التي ظهرت لاحقاً، لكنّ الغرب لا يستجيب لهذا الأمر، لأنّه غالباً ما يتعامل مع المظلومية القائمة، ولا يحاول التأمّل في جذور هذا الصراع القائم منذ عقود، ولا يلتفت إلى المعطيات التي تقدمها الدولة المصرية، وهو ما يفسّر انتشار واستقرار جماعة الإخوان في الغرب بشكل كبير، والذي أسس جماعات حقوقية تمارس ضغوطاً معينة، تستطيع من خلالها التواصل مع أنظمة سياسية مختلفة.

اقرأ أيضاً: هكذا اخترق الإخوان ملف حقوق الإنسان

ويفرّق الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية وخبير الإرهاب الدولي، منير أديب، بين جماعات الإسلام السياسي، والجماعات الحقوقية التي يصفها بجماعات التمرّد، وهذه الجماعات تلتقي جميعها لتحقيق أجندات دول خارجية في دولة ما.

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب

وأعرب أديب، في تصريح لـ "حفريات"، عن اعتقاده بأنّ "ما يمكن أن نسميها تنظيمات الإسلام السياسي، أو جماعات التمرد، وهذا المسمى يشمل جماعات الإسلام السياسي، ومنظمات حقوق الإنسان، تمّ استخدامه من قبل الطرفين، للضغط على الدولة الوطنية، بالطبع؛ هناك صراع سياسي داخل الدول العربية، وهناك صراع سياسي بين الدول العربية والدول الكبرى، وهناك نظام عالمي يحكم كلّ دول العالم، بالتالي؛ في ظلّ وجود هذا الصراع، غالباً ما يتمّ استخدام جماعات العنف والتمرد والتطرف من أجل الضغط على الأنظمة السياسية، لصالح الدول الكبرى، بالتالي؛ استثمار منظمات حقوق الإنسان في هذا الأمر، وأعتقد أنّ تنظيمات الإسلام السياسي لم يكن لديها أيّ مانع من أن يتم استثمارها واستغلالها للضغط على الأنظمة العربية مقابل الوجود السياسي المشارك في السلطة".

الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية منير أديب لـ"حفريات": الولايات المتحدة، بقيادة بايدن، ستدعم جماعة الإخوان من أجل تحقيق مصالحها الإستراتيجية في مصر

هذا بالفعل ما حدث بين هذه التنظيمات والولايات المتحدة الأمريكية، في ظلّ وجود الديمقراطيين، فالرئيس الأمريكي السابق، هو من سمح للإخوان بالصعود على رأس السلطة في مصر، وذلّل لهم الكثير من العقبات، وحتى الإدارة الجديدة، وعلى رأسها جو بايدن، والذي من المتوقّع أنّه سوف يدعم هذه الجماعات من أجل الضغط على الأنظمة السياسية العربية.

اقرأ أيضاً: حقوق الإنسان: دولة الإخوان العميقة‎

ويرى أديب أنّ الولايات المتحدة، بقيادة جو بايدن، "سوف تدعم جماعة الإخوان من أجل تحقيق مصالحها الإستراتيجية في مصر، أمّا فيما يتعلق باستغلال الجماعة لمنظمات حقوق الإنسان، فالإخوان حاولوا تطويع هذه المنظمات لخدمة مشروعهم السياسي أو الفكري، ولفترة طويلة جداً كانت تتحدث طوال الوقت عن أنّهم تنظيم دعوي وسياسي، بالتالي؛ تجب إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم، سياسياً وفكرياً، وللتعبير عن أفكارهم، لو اعتبرنا أنّها أفكار، وللأسف، وقعت منظمات حقوق الإنسان في أوروبا والدول الكبرى في فخّ الدفاع عن الإخوان بالشكل السياسيّ والفكريّ، حتى وصل هؤلاء إلى رأس السلطة، على الأقل في مصر، وعندما وصلوا بمقتضى الديمقراطية، لفظوها".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية