
وجه النائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني إبراهيم الموسوي، الانتقادات للمؤسسات الإعلامية وصنف تغطياتها إلى عدة مستويات ما بين الوطنية والمقصرة، ملقيا اللوم عليها لتقصيرها في تغطية أحداث الجنوب، ما أثار موجة استنكار في الوسط الإعلامي اللبناني على مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتقد الموسوي في مقابلة مع موقع “المنار” التابع للحزب في الأول من فبراير الجاري “تلفزيون لبنان” الرسمي لاختياره بث الرسوم المتحركة بدلا من مواكبة التطورات الميدانية.
كما وجّه اتهامات لوسائل إعلام أخرى باتباع أجندات تخدم “العدو”، من خلال تسليطها الضوء على حجم الدمار في القرى الجنوبية، وهو ما وصفه بمحاولة لتشويه صورة “المقاومة” وتحميلها مسؤولية الأضرار.
واستنكر ناشطون على الشبكات الإعلامية حديث الموسوي ومحاولته فرض سيطرته على السردية الإعلامية في البلاد، ورفض حزب الله لأي تغطية لا تتماشى مع توجهاته وروايته، واتهام بعض وسائل الإعلام بخدمة “أجندة العدو” من خلال التركيز على حجم الدمار.
إبراهيم الموسوي (يلي قال للعسكري يا حيوان) عاتب على وسائل الإعلام لأنها لم تغط أحداث الجنوب.
يا حبيبي يا بوب لما توقفوا اعتداءات على الصحافيين وتكسروا الكاميرات ساعتها إلك حق تحكي… ومن هلق لوقتها ابكي لترتاح.
كما يسلط هذا التصنيف الضوء على الضغوط التي تواجه الإعلاميين في نقل معاناة الناس في المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب، بعيدا عن السرديات المفروضة التي تخدم أجنداته السياسية.
واحتفى موالو حزب الله بتصريحات نائبهم معيدين نشر أقواله على شبكاتهم الاجتماعية.
النائب إبراهيم الموسوي لموقع المنار:
قنوات كان لديها مرض فقدان المناعة الوطنية وغطّت الحدث بما يخدم أجندة العدو، هناك قنوات تماهت مع الهوية الوطنية وموقف لبنان الرسمي.
في المقابل، أثنى الموسوي على ما أسماه “الإعلام الملتزم بالهوية الوطنية”، الذي تبنى رواية حزب الله وعكس ما وصفه بـ”الصورة الحقيقية لصمود الأهالي وثباتهم والتفافهم حول خيار المقاومة.”
واعتبر متابعون أن الموسوي يريد من خلال انتقاده للإعلام اللبناني أن تدور جميع وسائل الإعلام في البلاد في فلك الحزب وسردياته دون أن يقبل بوجود رأي آخر في البلد أو قنوات لها رأيها المغاير.
وذكر الكثير منم الإعلاميين والناشطين بتاريخ الحزب في التعامل مع الإعلام من اعتداءات وترهيب وضغط.
وخلال الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، تصاعدت الاعتداءات التي نفذها عناصر من حزب الله أو أنصاره بحق العديد من الإعلاميين، ومن بينهم مراسلو قناة “أم.تي.في”، مثل نوال بري وروي أبوزيد، بالإضافة إلى عدد من مراسلي قناة العربية، حيث طالتهم المضايقات والقيود في محاولة لفرض سردية إعلامية موحدة تتماشى مع رؤية الحزب.
وعبّر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري عن استغرابه من “التعرض لمن خاطروا بحياتهم ولا يزالون، من أجل تغطية الحدث بأمانة ومهنية، وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.” وذكّر بأن “الإعلاميين شركاء في كل معركة، وتجب حمايتهم لا التهجم عليهم.”
من جهته، أصدر نادي الصحافة بيانا استنكر فيه “مقابلة اندفاع الإعلاميين ومواكبتهم المهنية والموضوعية في جنوب لبنان بممارسات عنيفة مرفوضة وترهيب غير مبرر”.
ودعا السلطات المختصة إلى “التدخل وتوقيف المعتدين ليكونوا عبرة لسواهم”، مطالبا الأجهزة الأمنية بـ”كشف أسماء المعتدين وتقديمهم إلى القضاء، مع إعلان الجهة التي ينتمون إليها، لأن التستر عليهم يسمح لهم بمواصلة اعتداءاتهم”.
واستنكرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية هذه الاعتداءات بشدة، مؤكدة موقفها “الثابت والواضح برفض التعرض لأي صحافي أو إعلامي، بغض النظر عن الوسيلة التي ينتمي إليها”، وشددت على “رفض استخدام العنف أو أي شكل من أشكال الضغط تحت أي ذريعة.”
كما تعرض عدد من الصحافيين لاعتداءات خلال تغطيتهم الميدانية، كان آخرها الاعتداء على فريق قناة أل.بي.سي” في دير ميماس، والذي طال الصحافيين طوني كيرلوس، لارا الهاشم، وروبير غصن.
ولم تتبنّ أي جهة المسؤولية عنه، فيما صدرت إدانات واسعة من قبل النقابات الصحافية، معتبرة ما حدث انتهاكا صارخا لحقوق الصحافيين في ممارسة عملهم بحرية.
وتترك الاعتداءات على الصحافيين والإعلاميين تأثيرا كبيرا على عدة مستويات، حيث تدفع الصحافيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية، مما يجعلهم يتجنبون تغطية أو نشر معلومات تتعلق بقضايا وملفات حساسة، وهذا يؤدي إلى تقليص نطاق التغطية الصحفية.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق رسمي من قبل حزب الله أو حركة أمل عن الحادثة، لاحظ متابعون أن الواقع الميداني يشير إلى محاولات للحد من حركة الصحافيين، خصوصا تجاه وسائل الإعلام التي تُصنف على أنها “غير مرحب بها” في الجنوب.
فخلال الحرب، كانت إجراءات التصوير تخضع لموافقة عناصر الحزب في الميدان، لاسيما في المناطق التي تعرضت لغارات جوية. ومع انتهاء العمليات العسكرية، تولى الجيش اللبناني دورا أكبر في تنظيم التغطية الإعلامية في القرى التي تمت استعادتها، حيث بات يُطلب من الإعلاميين التنسيق مع مديرية التوجيه والاستخبارات العسكرية، قبل دخولهم إلى المناطق المتأثرة.
وأكد عدد من الصحافيين، اللبنانيين والأجانب، الذين يعملون في مناطق الجنوب أنهم لم يلاحظوا تغيرا جوهريا في تعامل الجهات المعنية مع الإعلام. وأشاروا إلى أن التواصل لا يزال قائما مع الفرق الإعلامية الرسمية، سواء من قبل العلاقات الإعلامية في حزب الله أو الجيش اللبناني.
وفي حين أن الإعلاميين يعملون بحرية نسبية، دون فرض قيود مباشرة على المقابلات، إلا أن “الرقابة الذاتية” تبدو واضحة في تصريحات الأهالي والمتضررين. فالكثيرون يتجنبون الإدلاء بأي مواقف قد تُفسر على أنها انتقاد لحزب الله، في ظل استمرار وجود جثامين لعناصر الحزب تحت الأنقاض.
ويعبّر آخرون عن استيائهم مما حل بقراهم من دمار، ولكن بعيدا عن عدسات الكاميرات.
وبالإضافة إلى ذلك، تظهر تحديات أكبر في جمع المعلومات بشكل شامل ودقيق، وقد تمنع الصحافيين من التواجد في بعض المناطق لتجنب التعرض لمخاطر مشابهة. والأخطر من ذلك، هو امتناعهم عن نشر تفاصيل تتعلق بهذه الاعتداءات خوفا من ردود فعل المعتدين، أو من تأثير ذلك على قدرتهم على العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة القوى الحزبية التي تقف وراء هذه الاعتداءات.
العرب