حرب الممرات البحرية... هل تبقى محدودة أم تتوسع؟

حرب الممرات البحرية... هل تبقى محدودة أم تتوسع؟

حرب الممرات البحرية... هل تبقى محدودة أم تتوسع؟


15/01/2024

نشر "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات" دراسة جديدة توضح تأثيرات النزاعات الدولية والحروب، وأبرزها الحرب الإسرائيلية على غزة، على الممرات البحرية كمضيق هرمز وباب المندب، التي يمر عبرها حجم كبير من مصادر الطاقة، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبعض دول الغرب إلى تعزيز قواتها البحرية، ممّا يجعل بعض دول المنطقة المطلة على الخليج، ومنها إيران، تشعر بالقلق ومخاطر مباشرة تهدد أمنها القومي.

وأوضح المركز أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن، بعد سلسلة هجمات للحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وأنّ الرد الأول كان يوم 12 كانون الثاني (يناير) 2024، وطال (60) هدفاً بأسلحة مختلفة من الجو والبحر، شاركت فيه السفن والغواصات والطائرات الحربية، وفق رصد شبكة CNN .

البحرية الإيرانية قادرة على شن هجمات على السفن باستخدام أسطول من الزوارق والسفن الصغيرة للهجوم السريع، والعديد منها مسلح بالصواريخ والطوربيدات

 

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان نشرته وكالة (رويترز) فجر اليوم، أنّ مقاتلاتها أسقطت صاروخ كروز حوثياً أطلق باتجاه حاملة الطائرات يو إس إس لابون  (DDG 58)، التي كانت تعمل في جنوب البحر الأحمر، بالقرب من ساحل الحديدة.

ولعل اللافت في هذا الإعلان أنّه كشف تنفيذ أول هجوم يستهدف مدمّرة أمريكية منذ أن شنّت الولايات المتّحدة وبريطانيا ضربات مكثّفة، ضدّ مواقع للحوثيين المدعومين من إيران الذين يشنّون هجمات في البحر الأحمر على سفن تجارية وحربية، ممّا يفتح باب التوقعات بحصول هجمات لاحقة، وبتوسع الصراع في البحر الأحمر، لا سيّما أنّ الجماعة كانت قد أكدت في بيانات سابقة لها أنّ استهداف مواقعها يعني فتح الباب لها لضرب سفن أمريكية.

الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن

بدورها توقعت واشنطن عبر تصريحات مسؤوليها أن تواجه مزيداً من الهجمات الحوثية، مؤكدة في الوقت نفسه استعدادها للرد.

يُذكر أنّ القوات الأمريكية والبريطانية كانت قد شنت فجر الجمعة والسبت عشرات الغارات على مواقع عسكرية عدة تابعة للحوثيين في العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة. 

وسلطت الدراسة المزيد من الضوء على خيارات الحرس الثوري الإيراني في تهديد الممرات المائية، مؤكدة أنّ البحرية الإيرانية قادرة على شن هجمات على السفن باستخدام أسطول من الزوارق والسفن الصغيرة للهجوم السريع، والعديد منها مسلح بالصواريخ والطوربيدات.

 

 موقع إيران الاستراتيجي، وقربها من مضيق هرمز، يعني أنّ الحرس الثوري يمكنه التأثير وربما تعطيل تدفق النفط والسلع الأخرى عبر هذا الممر المائي، وقد يكون لذلك آثار كبيرة على أسواق الطاقة العالمية والأمن

 

ويمتلك الحرس الثوري الإيراني مجموعة متنوعة من الصواريخ المضادة للسفن، بما في ذلك الصواريخ المنصوبة على الشاطئ والصواريخ التي تطلق من السفن. ويمكن لهذه الصواريخ أن تستهدف السفن في المنطقة، بما في ذلك السفن العسكرية والتجارية.

هذا إلى جانب الحرب غير التقليدية، حيث يُعرف الحرس الثوري الإيراني بقدرته على الانخراط في مثل تلك الحروب، ويشمل ذلك أنشطة مثل عمليات التخريب والهجمات على السفن البحرية والتجارية، ويشكل التهديد بالحرب غير المتكافئة في المجال البحري مصدر قلق كبير.

ووفق دراسة المركز الأوروبي، فإنّ تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التي قامت إيران بتطوير ونشر مجموعة منها يمكن استخدامها للمراقبة والاستطلاع، وربما للعمليات الهجومية في الخليج العربي وما حوله.

ومن الخيارات الإيرانية أيضاً استخدام القوات بالوكالة، مثل الحوثيين في اليمن، لتعطيل حركة المرور البحرية، وقد يستخدم هؤلاء الوكلاء الألغام البحرية أو يشنون هجمات على السفن لتحقيق أهدافهم.

وأكدت الدراسة أنّ موقع إيران الاستراتيجي، وقربها من مضيق هرمز، يعني أنّ الحرس الثوري الإيراني يمكنه التأثير وربما تعطيل تدفق النفط والسلع الأخرى عبر هذا الممر المائي، وقد يكون لذلك آثار كبيرة على أسواق الطاقة العالمية والأمن.

 وجود القوات البحرية الأمريكية في الخليج يهدف إلى ردع الهجمات المحتملة وتعزيز الاستقرار الإقليمي

ووفق الدراسة، فإنّ الوضع في الخليج العربي معقد، وتقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها، ومختلف الجهات الدولية الفاعلة، بمراقبة هذه التهديدات المحتملة والرد عليها للحفاظ على الاستقرار الإقليمي والتدفق الحر للبضائع عبر هذه الممرات المائية، وفي جميع الحالات فإنّ الخليج من أكثر الدول المتضررة من الصراعات في البحر الأحمر.

أمّا عن مهام القوة البحرية الأمريكية في الخليج العربي، فقد ذكرت الدراسة: إنّ الأسطول الأمريكي الخامس لديه العديد من المهام والمسؤوليات الرئيسية في المنطقة، وهي منطقة حيوية استراتيجياً بسبب أهميتها لأسواق الطاقة العالمية والاستقرار الإقليمي. وتشمل حرية الملاحة والأمن البحري، وضمان التدفق الحر للشحن التجاري والحفاظ على حرية الملاحة في المنطقة، لا سّيما عبر نقاط التفتيش الحيوية مثل مضيق هرمز، كما تعمل البحرية الأمريكية على ردع التهديدات التي تواجه حركة المرور البحرية والرد عليها، مثل القرصنة والإرهاب وزرع الألغام البحرية.

ولفتت الدراسة إلى أنّ وجود القوات البحرية الأمريكية في الخليج يهدف إلى ردع الهجمات المحتملة وتعزيز الاستقرار الإقليمي. وترسل أمريكا إشارة مفادها أنّه لن يتم التسامح مع أيّ تعطيل لحركة الملاحة البحرية الدولية، أو العدوان ضد حلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.

 

إيران سوف تبقى تعتمد على ميليشياتها في لبنان وسوريا والعراق، وتحركها عسكرياً ضد المصالح الغربية، وهذا يعتمد على مدى الربح والخسارة في أيّ مواجهة أو حرب مرتقبة مع طهران

 

وختم المركز دراسته بعدد من النتائج؛ منها أنّ الحرس الثوري الإيراني يبقى يمثل مصدر قلق للولايات المتحدة والغرب وبعض دول المنطقة، ويعود ذلك إلى ما يتمتع به من قدرات وإمكانيات قتالية غير تقليدية تمكنه من نقل المواجهة خارج أراضي إيران. 

وأكدت الدراسة أيضاً أنّ المواجهات بين الولايات المتحدة وخصومها لم تعد اليوم مواجهات تقليدية، بل انتقلت الحرب إلى استخدام الطائرات المُسيّرة والهجمات السيبرانية والتكنولوجيا المتطورة بإدارة العمليات عن بُعد، وهذا ما يجعل جميع الأطراف في حالة تأهب.

وبينت الدراسة أنّ إيران سوف تبقى تعتمد على ميليشياتها في لبنان وسوريا والعراق، وتحركها عسكرياً ضد المصالح الغربية، وهذا يعتمد على مدى الربح والخسارة في أيّ مواجهة أو حرب مرتقبة مع طهران، وهنا يتوجب التوقف عند مصالحها القومية، وهي رفع العقوبات الأمريكية، والتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني (5+1)، وهي تمثل أولوية عند إيران قبل كل شيء، وهذه الحقائق تجعل إيران تتأنى كثيراً بعدم الانخراط بالحرب.

وفي النهاية؛ فإنّ رقعة الحرب يمكن أن تتوسع مع حرب غزة أكثر من مناطق النزاع والحروب الأخرى، ومنها حرب أوكرانيا والنزاعات المستدامة في البلقان والقوقاز، ويعود ذلك إلى جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والجغرافيا التي تمثل منطقة ساخنة وغير مستقرة عبر عقود، وهذا يعني أنّ الخيار العسكري الذي تراهن عليه بعض الأطراف الإقليمية والدولية لا يخدم السلام، لهذا بات مطلوباً أن يكون هناك تفعيل لاتفاقات أوسلو، بما يتعلق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتنفيذ القرارات الدولية، وإقامة الدولتين.

مواضيع ذات صلة:

هل يستهدف الحوثيون ناقلات الغاز القطرية؟

الضربات الأمريكية ـ البريطانية لمواقع الحوثيين وما بعدها

إيران تُحذر: أي دولة تقصف الحوثيين تعرض نفسها للخطر




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية