جيوش طهران الإلكترونية تسيطر على منصات الإعلام العراقي

إيران والعراق

جيوش طهران الإلكترونية تسيطر على منصات الإعلام العراقي


12/06/2019

تستنفر إيران، منذ التصعيد الإعلامي من قبل الولايات المتحدة ضدّها، جميع نفوذها داخل العراق؛ من فصائل، وقوى سياسية، ووسائل إعلام. ويشتكي الكثير من العراقيين، في غضون ذلك، من هيمنة الوعي الراديكالي على أغلب الصحف والفضائيات الممولة من طهران في بغداد، مطالبين الحكومة العراقية بوضعِ حدٍّ لمثل هذه الممارسات، وتجنيب البلاد سياسة المحاور الدولية، ولاسيما ما يسمى "محور الممانعة"، فيما انتقدوا ضعف الحكومة في تطبيق قانونها على وسائل الإعلام عموماً، والشيعية خصوصاً، لما تبثه من "وعي مزيف" يخلق توتراً داخل البيئة المجتمعية للبلاد.

اقرأ أيضاً: الحشد الشعبي في العراق.. مأسسة الطائفية وتفتيت الدولة الوطنية
وتعمل وسائل الإعلام الإيرانية في العراق، تحت يافطة "المذهبية الشيعية"؛ بغية تغذية مناطق الوسط والجنوب العراقي بمشروع ولاية الفقيه الذي تناكفه المرجعية الشيعية في النجف الأشرف التي يتبعها معظم شيعة العراق.
ويحاول الإعلام الإيراني استثمار المناسبات الدينية في تعبئة الناس لصالح مشروعه السياسي، وإطلاق شعاراته السياسية عبر المنصات الإعلامية الممولة منه داخل العراق وسوريا ولبنان واليمن؛ ما يشير إلى سلطة النفوذ الإعلامي له على تلك البلدان، والعراق تحديداً.

الفضائيات التابعة لطهران في العراق

مأسسة الإعلام الإيراني عراقياً
عملت الإدارة الإعلامية في إيران على مأسسة فضائياتها داخل العراق ودول نفوذها الأخرى؛ كسوريا ولبنان واليمن، وتنتمي أغلب الفضائيات الشيعية في العراق إلى "اتحاد الإذاعات والفضائيات الإسلامية في العراق"، والذي يشرف عليه حميد الحسيني، وهو شخصية دينية شيعية موالية لطهران، و"يرتبط الحسيني بمسؤول إيراني يدعى الشيخ كريم ياني"؛ كما صرّح مصدرٌ صحفي لـ "حفريات".

وسط صمت رسمي: إيران تعمل على مأسسة الإعلام في العراق تحت يافطة اتحاد الإذاعات والمحطات الإسلامية

وإثر ذلك؛ ينتقد أحمد خالد، صحفي عراقي، هيئة الإعلام والاتصالات (الجهة العراقية المسؤولة عن وسائل البث والإرسال)، مطالباً بـ "وضع حدّ لهذه الخروقات داخل السلطة الرابعة في العراق".
ويضيف لـ "حفريات": "الوعي الشيعي العراقي بات بيد وسائل الإعلام المموّلة من إيران، سيما عبر التصعيد الطائفي ضدّ الآخر، بغية خدمة المصالح الإيرانية على حساب المصلحة الوطنية العراقية"، مبيناً أنّ "الكثير من الفضائيات التابعة للمليشيات والأحزاب الدينية المتطرفة، تتمّ تغذيتها بأموال طائلة، تارة تأتي عبر طهران مباشرةً، وتارة أخرى عبر المشاريع الاقتصادية لتلك الفصائل داخل العراق".

اقرأ أيضاً: مخطط إيراني جديد في العراق.. محاوره وأهدافه
ويلفت الصحفي العراقي النظر إلى أنّ "ما يقارب من نحو 17 فضائية شيعية تابعة للنظام الإيراني تبثّ داخل العراق، تخدم مصالح ذلك النظام".
جانب من استعراض منظمة بدر في يوم القدس العالمي في بغداد

يوم القدس العالمي والاستثمار العاطفي
في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، تتهيأ معظم الأحزاب والقوى الشيعية المؤمنة بولاية الفقيه، للخروج بمسيرات في مختلف المدن العراقية الخاضعة لهيمنة تلك الأحزاب.
ويعدّ يوم القدس العالمي مناسبة لنصرة القضية الفلسطينية من وجهة نظر إيرانية؛ حيث دعا المرشد الإيراني السابق، الخميني، إلى الاحتفاء بهذا اليوم في آخر جمعة من كلّ شهر رمضان.

اقرأ أيضاً: هل العقوبات على إيران فرصة لتحوُّلٍ جذريّ في العراق؟
ويقول المحلل السياسي شاكر وليد لـ "حفريات": إنّ "الحضور الشعبي الضعيف في يوم القدس العالمي، كان انعكاساً لحجم العراقيين الموالين لطهران؛ حيث شمل الحضور جمهور تحالف الفتح، الغطاء السياسي للفصائل الإيرانية في العراق"، مبيناً أنّ "العراقيين أصابهم ملل الاستثمار السياسي في القضية الفلسطينية، منذ زمن نظام صدام حسين إلى الزمن الحالي، الذي تحاول السلطة الإيرانية فيه اللعب على ذلك الوتر".
ويتابع وليد: "نعم، العراقيون مع القضية الفلسطينية، وضدّ الكيان الصهيوني، ولكنهم ملّوا ثقافة التعبئة والتجييش التي تذكّرهم بثقافة البعث السابق"، مشيراً إلى أنّ "ما يهمّ أبناء الشعب العراقي هو حلّ مشاكله الداخلية المستعصية، سيما ملف الفساد الذي فتك بالدولة العراقية على مدار العقود الماضية وازداد فيما بعد ٢٠٠٣".
 حميد الحسيني الأمين العام لاتحاد الإذاعات والفضائيات الإسلامية في العراق

محاصرة البنوك الإيرانية في العراق
يعاني معظم العاملين في محطات الإعلام الإيراني في العراق من عدم استلام رواتبهم في وقتها المحدد؛ حيث تلجأ أغلب المحطات إلى تأجيل التسديد لشهور عدة، نتيجة الضائقة المالية التي تمرّ بها جراء محاصرة البنوك المموّلة لها.
وتسيطر إيران، بحسب مصادر رفضت الكشف عن اسمها، لحساسية الموضوع، على بنوك مصرفية عدة، تستخدمها لغسيل الأموال وتزويد مناطق نفوذها عبر تلك البنوك.

صحفيون عراقيون يمتهنون التدوين الإلكتروني المموَّل من طهران والعجز المالي يفتك ببنوك موالية لإيران

ويذكر أنّ وزارة الخزانة الأمريكية فرضت، في أيار (مايو) الماضي، عقوبات على 3 أشخاص، بينهم رئيس مصرف البلاد الإسلامي، النائب آراس حبيب كريم، على خلفية تمويل الحرس الثوري الإيراني المصنف على قوائم الإرهاب لدى واشنطن، وتحويل أموال من "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري، إلى حزب الله اللبناني.
ويقول إعلامي عامل في محطة بلادي التابعة لوزير الخارجية الأسبق، إبراهيم الجعفري، فضّل عم الكشف عن هويته، لـ "حفريات" إنّ "إدارة القناة لم تسلمنا رواتبنا منذ شهرين، لانعدام السيولة المالية في الوقت لديها"، مضيفاً "لقد وعدتنا خيراً، لكنّنا مللنا الوعود، وجميعنا في حاجة إلى حقوقنا المالية لتسيير حياتنا".
 رئيس مصرف البلاد الإسلامي النائب آراس حبيب كريم

جيوش طهران الإلكترونية
بعد الكساد المالي الذي أصاب أغلب وسائل الإعلام العراقي، اتجه العديد من الشبيبة الصحفية إلى خانة "التدوين المموَّل"، الذي يدرّ عليهم أموالاً مناسبة عمّا كانوا يستلمونه من رواتب في مؤسساتهم السابقة.
ويوضح أيهم البياتي، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، بأنه "بعد تردي الواقع الصحفي في العراق، وضعف الموارد المالية فيه، لجأ أغلب الصحفيين الشباب إلى ملعب التجنيـد الإلكتروني، المموَّل من مراكز دراسات تابعة للفصائل الإيرانيـة العاملة في البلاد"، ويضيف لـ "حفريات": "هؤلاء الشباب يبررون عودتهم من العلمنة السياسية إلى الطائفية السياسية، وفق يافطة مناطقيـة، أو تحت يافطة طائفيـة مفذلكة؛ هي الانتماء (للتشيع الاجتماعي).

اقرأ أيضاً: ثلاث مهمات إيرانية عاجلة في العراق: النفط والجيش وحزب الدعوة
ويستدرك: "جنوبنا الحبيب، والديمغرافيا الشيعية عموماً، منذ العام 2003، ظلمها الحكّام الشيعة، من وزراء ونواب ومسؤولين من مناطق الجنوب ذاته والفرات الأوسط"، محذراً من "كلّ الصفحات التي تدعم المحور الإيراني، بداعي أنّ الجمهورية الإسلامية، دولة صديقة، وأنّ الغرب شيطان أكبر، ودول الخليج بنو أمية، خصوصاً أنّ هذا الوعي المسموم، مدفوع الثمن بالتومان، لهؤلاء الصحفيين الشباب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية