جيش أردوغان الإلكتروني: بلطجة لترهيب المعارضين

جيش أردوغان الإلكتروني: بلطجة لترهيب المعارضين


26/10/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

انقبض قلب تونا بيكليفيتش فور تسجيل دخوله إلى تويتر؛ إذ عثر على طوفان من التهديدات بالاغتصاب والقتل من أنصار الحكومة التركية.

تقول إحدى الرسائل، من مستخدم يحمل حسابه اسم  :(GumustepeF)"يجب خنق أمثال هؤلاء، حرام أنهم أحياء"، في إشارة إلى الناشط الحقوقي "بيكليفيتش" (43 عاماً)، وعائلته.

يدّعي بارباروس شانسال، أحد أشهر مصممي الأزياء في تركيا وناشط داعم لحقوق المثليين، أنّه تعرض للضرب على يد بلطجية مؤيدين لأردوغان، وكسر المعتدون أنفه

وكتب مستخدم يحمل حسابه اسم :"kayaorhann" "من الواجب قتل هذا الرجل أو سجنه"، في حين هدّدت رسالتان أخريان، غير صالحتين للنشر ، باغتصاب والدة بيكليفيتش وزوجته.

وفي حين يعدّ توجيه مثل هذه الإساءات الكريهة على تويتر شائعاً للغاية، إلا أنّ بيكليفيتش شعر بأنّ هناك شيئاً غير معتاد في الرسائل؛ فقد أرسلت إليه في غضون ساعة، رداً على أغنية انتقدت بشكل معتدل رجب طيب أردوغان، زعيم تركيا العدواني.

ثم، في 12 حزيران (يونيو)؛ نشر تويتر تحقيقاً أكّد شكوك بيكليفيتش، حيث قال الموقع إنّه أوقف 7,300 حساب مؤيد لأردوغان، وذلك لخرق قواعد تويتر، بما في ذلك تلك الحسابات التي أرسلت التهديدات بالقتل إلى بيكليفيتش.

ووفق تويتر؛ يبدو أنّه قد حصل تنسيق بين كافة الحسابات التي أرسلت تلك الرسائل على يد جناح الشباب في حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، رغم نفي مسؤولي حزب العدالة والتنمية ذلك بشدة.

اقرأ أيضاً: نائب معارض يطالب بالتحقيق مع أردوغان... ما قصة "البطة العرجاء"؟

يقول بيكليفيتش لصحيفة "التلغراف": "بعد قرار تويتر، نظرت مرة أخرى ووجدت أنّ جميع الحسابات قد أغلقت، يمكنك أن تخمّن بسهولة أنّ هذه التهديدات منظمة".

أجبر على مغادرة تركيا

كانت التهديدات، التي أرسلت في عامَي 2018 و2019، حادة للغاية، لدرجة أنّ بيكليفيتش يقول إنّها مثّلت عاملاً رئيساً في إجباره على مغادرة تركيا والعيش في المنفى، في واشنطن العاصمة، حيث يواصل حملته ضدّ الحكومة.

"لقد أصبح من المستحيل مواصلة هذه المقاومة من داخل حدود تركيا؛ لأنّ البلاد ليست حرة، وإنما أسيرة"، أضاف بيكليفيتش، الذي قال إنّه قد هوجم من جانب الحكومة التركية ومؤيديها لترويجه لحقوق الأكراد ودفاعه عنها، الذين هم عرضة للتمييز.

ومنذ اكتساحه السلطة، عام 2014، اتهم أردوغان بتوجيه البلاد نحو التسلطية وتقويض سمعة تركيا باعتبارها دولة ديمقراطية علمانية موالية للغرب.

وحتى تاريخه، يوجد حوالي 80 صحفياً تركياً في السجون، وكثير من هؤلاء عبارة عن منتقدين صريحين لسياسات أردوغان، في حين حكم على نائب برلماني معارض، عام 2017، بالسجن لمدة 25 عاماً لتسريبه معلومات حساسة إلى وسائل الإعلام.

مديرة قسم الشأن التركي في "هيومن رايتس ووتش": خطة الرئيس التركي لكبح جماح وسائل التواصل الاجتماعي هدفها الحدّ من تداول الأخبار والتعليقات المنتقدة للحكومة

ويقول أردوغان إنّ هذه إجراءات صارمة وضرورية لحماية المواطنين الأتراك في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري، عام 2016، التي حلّت ذكراها السنوية الرابعة هذا الأسبوع.

لكنّ منتقدي الرئيس حذروا من أنّه يتطلع الآن إلى توسيع نفوذه بشكل أكبر، من خلال السيطرة على عالم الإنترنت، والذي يعدّ بالنسبة إلى كثيرين المنصة الأخيرة المتبقية لنشاطهم.

مشروع قانون يحظر تويتر وفيسبوك كلياً

بعد وقت قصير من نشر تحقيق تويتر، تعهّد أردوغان بتقديم مشروع قانون يحظر تويتر وفيسبوك كلياً، أو على الأقل يضعهما تحت سيطرة الدولة.

وفي وقت سابق؛ قال أردوغان لزملائه من أعضاء حزب العدالة والتنمية: "من الضروري السيطرة على هذه القنوات"، مضيفاً أنّه سيستهدف أيضاً موقع بثّ الفيديو "نيتفلكس"، بسبب محتواه "غير الأخلاقي".

اقرأ أيضاً: استمرار حالات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي للمعارضين في تركيا

وعندما اتصلنا به للتعليق، رفض مسؤول حكومي تركي أيّ إيحاء بأنّ مشروع القانون سيكون بمثابة قمع لحرية التعبير، وقال: "الفكرة هي تنظيم منصات التواصل الاجتماعي لمنع الانتهاكات المنتظمة للقوانين المحلية وحماية حقوق المواطنين، لا يوجد فارق ملحوظ بين اقتراح تركيا واللوائح البريطانية، ولا يتعلق الأمر بحرّية التعبير، لكن بإنفاذ القانون".

وقال التحقيق الذي قاده تويتر: إنّ "الحسابات الـ 7,300 التي أوقفت كانت تستخدم في تضخيم الروايات السياسية المواتية لحزب العدالة والتنمية، وإظهار دعم قوي للرئيس أردوغان".

وأضاف: "تلك الحسابات مرتبطة بجناح الشباب في حزب العدالة والتنمية، وهو الحزام الناقل للشخصيات المستقبلية البارزة في الحزب".

اقرأ أيضاً: متى تتحرك المحكمة الأوروبية لإنقاذ المعارضة من بطش أردوغان؟

ومن جانبها، أصدرت الحكومة التركية نفياً قوياً، ردّاً على تحقيق تويتر، وقال مدير الاتصالات في الحكومة التركية، فخر الدين ألتون: إنّ "ادّعاءات الشركة... غير صحيحة".

وأضاف ألتون أنّ الأسباب التي قدمتها تويتر لقرارها كانت "غير علمية بشكل واضح، ومتحيزة تماماً، وذات دوافع سياسية".

فرض رقابة على المعلومات

ومع ذلك، يقول نشطاء حقوق الإنسان إنّهم قد استشعروا في تركيا هدفاً أوسع، يتمثل في فرض رقابة على المعلومات التي لا تناسب رواية الحكومة أو الحزب.

وتقول إيما سينكلير ويب، مديرة قسم الشأن التركي في "هيومن رايتس ووتش": "ما من شكّ على الإطلاق في أنّ خطة الرئيس التركي لكبح جماح وسائل التواصل الاجتماعي تدور كلّها حول زيادة كبيرة في القدرة على الحدّ من تداول الأخبار والتعليقات المنتقدة للحكومة، بعبارة أخرى؛ هذا مشروع رقابة".

ويقول آخرون إنّ الإساءة عبر الإنترنت قد تصاعدت أحياناً إلى عنف واقعي.

يدّعي بارباروس شانسال، أحد أشهر مصممي الأزياء في تركيا وناشط داعم لحقوق المثليين، أنّه تعرض للضرب على يد بلطجية مؤيدين لأردوغان، بما في ذلك اعتداء وقع عام 2012، كسر المعتدون فيه أنفه.

ويضيف: "لم يعثر على المعتدي قط، والوضع الآن أسوأ من ذلك؛ أتلقى تهديدات بالقتل والاغتصاب ورسائل تنطوي على مضمون معادي للمثليين، وكلّ شيء"،

ويتابع: "ينعتونني بالخائن والـخـ.. والكافر، بل إنهم نشروا رقم هاتفي الخاص وعنواني على وسائل التواصل الاجتماعي".

بالرغم من العنف، يقول كلّ من شانسال وبيكليفيتش، إنّهما سيواصلان حملتهما ضدّ أردوغان، حتى إن كانت الوسيلة الآمنة الوحيدة للقيام بذلك عبر الإنترنت، وخارج حدود تركيا.

ويقول بيكليفيتش: "إنني محظوظ، إنني بأمان الآن، وأعيش في واشنطن العاصمة منذ عامين، ولست خائفا من أردوغان".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جيمس روثويل، "التلغراف"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية