تونس: ضربات أمنية جديدة لعزل حركة النهضة عن حزامها السياسي

ضربات أمنية جديدة لعزل حركة النهضة عن حزامها السياسي

تونس: ضربات أمنية جديدة لعزل حركة النهضة عن حزامها السياسي


27/02/2023

واصلت السلطات الأمنية التونسية ضرباتها للحزام السياسي المتواطئ مع حركة النهضة، واعتقلت (3) نشطاء، ممّا رفع عدد الشخصيات العامة التي تُعتبر مناوئة للإجراءات الإصلاحية إلى (12) شخصية على الأقل. وقد ندّد بهم الرئيس، ووصفهم بأنّهم "إرهابيون" و"خونة".

وتُعدّ هذه موجة الاعتقالات الكبرى، منذ إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، التي بدأت بموجة أولية من الاعتقالات بين 11 و 15 شباط (فبراير) الجاري، استهدفت (9) أشخاص على الأقل. كما اعتقلت السلطات (3) من قادة المعارضة، وهم: شيماء عيسى وعصام الشابي في 22 شباط (فبراير)، وجوهر بن مبارك في 24 شباط (فبراير). كما طالت حملة الاعتقالات الوزيرين السابقين والمعارضين السياسيين، غازي الشواشي، ورضا بلحاج، وشدّد الرئيس قيس سعيّد على ضرورة المضي بثبات في حملة المحاسبة.

إحباط خطط حركة النهضة

كان الرئيس التونسي قد أشار في خطاب متلفز في 14 شباط (فبراير) الجاري، دون أن يُسمّي المعتقلين، إلى أنّهم "إرهابيون" و"خونة"، واتهمهم، قبل توجيه تهم رسمية إليهم، بـ "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي". كما حذّر سعيّد في 22 شباط (فبراير) من أنّ من يجرؤ على تبرئتهم هو شريكهم، وذلك في أحدث سلسلة من الهجمات التي شنها الرئيس على الحزام السياسي المتحالف مع حركة النهضة.

حركة النهضة واصلت بدورها استدعاء التدخل الأجنبي، الأمر الذي دفع سلسبيل شلالي، مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في تونس إلى مهاجمة الرئيس، قائلة: "بعد أن وضع نفسه مسؤولاً عن النيابة، وقام بإقالة القضاة يميناً ويساراً، يسعى الرئيس سعيّد الآن لملاحقة منتقديه، ويصفهم بالإرهابيين، ويستغني عن جمع أدلة موثوقة".

كان الرئيس التونسي قد أشار في خطاب متلفز في 14 شباط الجاري، دون أن يُسمّي المعتقلين، إلى أنّهم "إرهابيون" و"خونة"

وكانت زوجة عصام الشابي قد أكدت أنّ عناصر من كتيبة مكافحة الإرهاب  اعتقلوا زوجها، زعيم الحزب الجمهوري، في أحد شوارع العاصمة تونس ظهر يوم 22 شباط (فبراير)، وزعمت أنّهم فتشوا منزله دون إبراز مذكرة توقيف. وفي اليوم نفسه تمّ اعتقال شيماء عيسى، وهي ناشطة فيما يُسمّى بجبهة الإنقاذ، من قبل قوات مكافحة الإرهاب.

بدورها، نددت حركة النهضة باعتقال عصام الشابي وشيماء عيسى، وادّعت أنّ ما جرى هو اعتداء جديد على أحد رموز المعارضة، وأنّ النظام "يتمادى يوماً بعد يوم في التنكيل والتشفي وإرهاب المعارضين وأهاليهم".

الشرطة التونسية اعتقلت أيضاً الوزير السابق لزهر العكرمي، بعد أن داهمت منزله وفتّشته، وما يزال العكرمي رهن الاعتقال في مركز اعتقال بوشوشة

حركة النهضة لفتت في بيان رسمي إلى أنّ "هذه السياسة لن تحلّ مشاكل وأزمات التونسيين المعيشية والاجتماعية". وأكدت أنّ " قناعتها الراسخة هي في توحيد جهود القوى الحية من أجل إنقاذ البلاد، وأنّ الفرز اليوم بين الديمقراطيين والفوضويين، وهو ما يتطابق مع رسالة عصام الشابي إلى أطراف المعارضة في ضرورة تحقيق شرط توحيد المعارضة، خلال الندوة السياسية التي عقدتها جبهة الخلاص الوطني نهاية الأسبوع الماضي".

واعتبرت حركة النهضة أنّ "سياسة الهروب إلى الأمام، عبر تكميم الأفواه، وترهيب المعارضة، ومن ورائها عموم الشعب التونسي؛ للتغطية على الفشل والعجز في إدارة الدولة، لن تحقق سوى مزيد من تأزيم الأوضاع الاقتصادية المنهارة، والاجتماعية المحتقنة، والمعيشية المتردية، ودفع البلاد نحو الفوضى" بحسب نص البيان.

حصار حلفاء الإخوان

كانت موجة الاعتقالات الأولية التي جرت بين 11 و 15 شباط (فبراير) قد شملت (9) أشخاص على الأقل، بينهم (5) معارضين، وقاضيان، ورجل أعمال، ومدير محطة إذاعية، وما يزالون جميعاً رهن الاحتجاز.

ومن بين الشخصيات المعارضة المتحالفة مع حركة النهضة؛ خيام تركي، وعبد الحميد الجلاصي، وتمّ القبض عليهما بموجب قانون الإرهاب. وزعم  سمير ديلو، محامي خيام تركي، أنّ العضو السابق في حزب التكتل المعارض تمّ استجوابه بشأن أنشطته السياسية، واستضافته دبلوماسيين أمريكيين في منزله. كما استجوبت الشرطة عبد الحميد الجلاصي، وهو مسؤول سابق في حزب النهضة، وسألته عن لقاءاته مع باحثين أجانب، وعن تصريحات انتقادية أدلى بها لوسائل الإعلام، حول تنفيذ الرئيس سعيّد لإجراءات استثنائية وصفها بالانقلاب.

واصلت السلطات الأمنية التونسية ضرباتها للحزام السياسي المتواطئ مع حركة النهضة، واعتقلت (3) نشطاء، ممّا رفع عدد الشخصيات العامة التي تُعتبر مناوئة للإجراءات الإصلاحية إلى (12) شخصية على الأقل

وكان نور الدين البحيري، نائب رئيس حزب النهضة، ووزير العدل من 2011 إلى 2013، قد اعتُقل في 13 شباط (فبراير)، واتُهم "بالسعي لتغيير طبيعة الدولة"، بموجب المادة (72) من قانون العقوبات، التي تنص على عقوبة الإعدام، ويتعلق بتصريحات تحريضية أدلى بها لوسائل الإعلام في 8 كانون الثاني (يناير) الماضي أثناء احتجاج جبهة الإنقاذ الوطني.

وفي السياق نفسه، يواجه مدير إذاعة موزاييك إف إم، نور الدين بوطار، الذي اعتقل في 13 شباط (فبراير) الجاري، تهماً تتعلق بغسل الأموال والإثراء غير المشروع. وزعمت محاميته دليلة مصدق، لـ "هيومن رايتس ووتش" أنّ اعتقاله مرتبط بشكل مباشر بالنبرة اللاذعة للراديو، وخاصة البرنامج اليومي "ميدي شو"، الذي ينتقد سعيّد بشدة.

نزار الجليدي: الضربات القوية الموجهة للحزام السياسي الموالي للنهضة، والمتواطئ معها في التآمر على أمن الدولة، تهدف إلى حصار الحركة، وعزلها عن محيطها

الشرطة التونسية اعتقلت أيضاً الوزير السابق لزهر العكرمي، بعد أن داهمت منزله وفتشته، وما يزال العكرمي رهن الاعتقال في مركز اعتقال بوشوشة، في تونس العاصمة. وتشير مذكرة تفتيش الشرطة لمنزله، التي تمّت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الاشتباه في وجود مؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي.

تحالفات مريبة

كما وُضِع وليد جلاد، عضو البرلمان الذي حله الرئيس في آذار (مارس) الماضي، ورئيس نادي مستقبل سليمان المحلي لكرة القدم، رهن الاعتقال، وزعم المحامي مبروك كرشيد لـ "هيومن رايتس ووتش" أنّ فريق مكافحة الإرهاب استجوب جلاد بشأن أنشطته السياسية وعلاقاته بمنتقدي سعيد، مدعياً أنّ الدافع الحقيقي وراء اعتقاله سياسي.

الباحث والناشط السياسي التونسي نزار الجليدي خصّ "حفريات" بتصريحات، أكد فيها أنّ الضربات القوية الموجهة للحزام السياسي الموالي للنهضة، والمتواطئ معها في التآمر على أمن الدولة، تهدف إلى حصار الحركة، وعزلها عن محيطها، قبل فتح ملفاتها الإرهابية، وهو ما يفسّر تجنيد الحركة لعشرات المحامين التابعين لها للدفاع عن المعتقلين.

الجليدي ثمّن هذه الإجراءات، وأكد على أنّ صدور قرار إيداع بحق كمال لطيف، يأتي بعد أن كشفت التحريات عن روابط خفية، بين رجل الأعمال التونسي وحركة النهضة، وهو الصديق المقرّب من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ويصفه البعض بأنّه زعيم حكومة الظل، بفضل علاقاته المتنوعة بالسياسيين، وأنّ صفقة ما جرت بينه وبين حركة النهضة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية