تونس..تصاعد المخاوف من مخطط توطين المهاجرين الأفارقة.. ما الجديد؟

تونس..تصاعد المخاوف من مخطط توطين المهاجرين الأفارقة.. ما الجديد؟

تونس..تصاعد المخاوف من مخطط توطين المهاجرين الأفارقة.. ما الجديد؟


13/06/2024

تتصاعد في الآونة الأخيرة الأصوات الرافضة لتوافد المهاجرين غير الشرعيين إلى بعض المناطق التونسية التي أصبحت عبارة عن مخيمات يقطن فيها مهاجرون معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، خصوصا أن مسؤولين يعتبرون هذا "التوافد غير المسبوق مؤامرة تحاك ضد تونس من قبل بلدان أوروبية، وبخاصة إيطاليا من أجل توطينهم في الأراضي التونسية ومنع وصولهم إلى إيطاليا".

الظاهرة أثارت ردود فعل كبيرة على المستوى الشعبي، وأفرزت تباينا واضحا في وجهات النظر بين التونسيين حول القرارات التي يمكن أن تتخذها الدولة للتعامل مع الأعداد الكبيرة الوافدة على بعض المدن والمحافظات، وباتت تؤرق السكان والأجهزة الأمنية على حد السواء.

وكان سعيد قد اتهم دوائر استعمارية بالعمل على تحويل تونس إلى محتشد للمهاجرين بالاعتماد على عملائها في الداخل، مؤكدا أن أغلبهم قدموا إلى تونس من أجل الاستقرار عكس ما يشاع، فيما شدد على أن البلاد ليس "شقة مفروشة للإيجار أو للبيع".

كما يثير ملف الهجرة قلقا أوروبيا متصاعدا يظهر جليا في بعثاتها الدبلوماسية لدى تونس من خلال لقاءات المسؤولين الإيطاليين والفرنسيين بنظرائهم التونسيين للتباحث حول مجابهة هذه الظاهرة المتفاقمة.

ما علاقة حركة النهضة؟

ولدى محاولة قوات الأمن التونسية تنفيذ مداهمة لعمارة سكنية يقيم فيها مهاجرون غير نظاميون من دول أفريقيا جنوب الصحراء في مدينة صفاقس (وسط شرق البلاد)، لقي رجل شرطة تونسي ومهاجر مصرعهما، مساء أمس الأربعاء، بعد سقوطهما. 

 

الظاهرة أثارت ردود فعل كبيرة على المستوى الشعبي وأفرزت تباينا واضحا في وجهات النظر بين التونسيين حول القرارات التي يمكن أن تتخذها الدولة

 

وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في صفاقس هشام بن عياد، في تصريح لإذاعة "ديوان إف إم" المحلية، إنّ "عنصر أمن ومهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء قتلا إثر سقوطهما من أعلى عمارة". وأكد بن عياد أنّ "حالتي الوفاة جاءتا عقب مداهمة أمنية لعمارة في صفاقس تأوي مجموعة من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء"، مشيراً إلى أنّ "الأبحاث جارية للتعرف إلى كل ملابسات الواقعة".

وقد أكدت النائبة بالبرلمان التونسي فاطمة المسدي أن توافد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء إلى تونس وراءها  أطراف يمكن أن يكونوا تجّار بشر أو جمعيات أو جهات سياسية، ودعت مؤسسات الدولة لتحمّل مسؤولياتها.

واتهمت المسدي حركة النهضة بالوقوف وراء ما وصفتها المؤامرة لتوطين الأفارقة في تونس وإسقاط رئيس الجمهورية قيس سعيد، مشيرة إلى أن آلاف المهاجرين تدفقوا إلي تونس بعد 25 تموز/يوليو وتحديدا في تشرين الأول/أكتوبر 2021.

كما اتهمت المسدي السلطات الأمنية بالتراخي في التعاطي مع مخطط تدفق المهاجرين وعدم القيام بدورها للوقوف ضد هذا المخطط داعية رئيس الجمهورية إلي إجراء تغييرات وتعيينات جديدة في الفريق المحيط به.

آلاف المهاجرين ينتشرون حول صفاقس

وتستأثر محافظة صفاقس بأكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين، الذين أقاموا لفترة طويلة في الساحات العامة في وسط المدينة، برغم جهود إخلائها في إطار حملات أمنية نفذتها السلطات في يوليو/ تموز الماضي. وأخلت قوات الأمن حينها ميادين في وسط صفاقس كان يوجد فيها مئات المهاجرين، وجرى نقل جزء منهم إلى مناطق العامرة والحنشة الريفية.

ووفق بيانات رسمية أعلنت عنها وزارة الداخلية التونسية، يقدّر عدد المهاجرين غير النظاميين في تونس بنحو 23 ألف مهاجر من 27 جنسية، بينما يقيم تسعة آلاف منهم بطريقة قانونية، فيما جرى صدّ 130 ألف مهاجر العام الماضي، و53 ألف محاولة دخول منذ بداية العام الجاري. وتشهد تونس في الآونة الأخيرة تصاعداً مطرداً في تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو أراضيها، طامحين في العبور نحو أوروبا، خصوصاً باتجاه سواحل إيطاليا.

 

ملف الهجرة قلقا أوروبيا متصاعدا يظهر جليا في بعثاتها الدبلوماسية لدى تونس من خلال لقاءات المسؤولين الإيطاليين والفرنسيين بنظرائهم التونسيين

 

ومنذ بداية العام الحالي، حاول 52 ألفاً و972 مهاجراً الوصول إلى السواحل الإيطالية، 92% منهم أجانب، كما جرى إنقاذ 4334 شخصاً وإحباط حوالي 3369 محاولة هجرة غير نظامية، بينما جرى تسجيل غرق 103 قوارب، وفق بيانات رسمية لوزارة الداخلية.

وخلال الفترة الممتدة ما بين آذار/مارس 2023 وأيار/مايو 2024، أعادت تونس، وفق برنامج العودة الطوعية للمهاجرين، 7109 أشخاص من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم بصفة طوعية، بعدما كانوا قد دخلوا بطرق سرية، بحسب بيانات رسمية لوزارة الداخلية.

ولا زال المئات من المهاجرين غير النظاميين ينتظرون في غابات الزيتون على تخوم سواحل محافظة صفاقس، فرصة للعبور نحو السواحل الأوروبية في ظروف معيشية قاسية، صادقت دول التكتل الأوروبي، في أبريل الماضي على ما سمته "ميثاق الهجرة واللجوء" الذي يمثل جملة اللوائح والسياسات المتعلقة بالتدفقات الهجرية، بعد مناقشات ومحادثات دامت عشر سنوات.

ضغط أوروبي

ولكن تونس تفتقر إلى منظومة حماية واستقبال وإغاثة للمهاجرين، لأنها لا تتوفر على الإمكانيات المادية واللوجستية لاستقبال وحماية وعلاج المهاجرين الوافدين على أراضيها بشكل غير قانوني، لتصبح مجبرة على ترحيلهم ومنعهم بمقاربتها الأمنية في التعامل مع أزمة الهجرة، أو أن تتحول إلى منصة دولية للهجرة.

 

اتهمت المسدي حركة النهضة بالوقوف وراء ما وصفتها المؤامرة لتوطين الأفارقة في تونس وإسقاط رئيس الجمهورية قيس سعيد

 

ويتمثل الضغط المسلط على البلاد، في اضطرارها إلى حماية حدودها البرية والبحرية، لتتأكّد صفة الشريك لديها من خلال إرجاعها للمهاجرين من عرض البحر وخدمتها لأهداف تخدم مصالح البلدان الأوروبية في تقليص عدد عمليات الإنزال على سواحلها قدر المستطاع، ليمثل مصدراً إضافياً رابعاً للوافدين بشكل غير نظامي على أراضيها، عبر مسارين برّاً، وجواً عبر مطاراتها، وبحراً وفق ما تؤكده بلاغات خفر السواحل التونسي أسبوعياً، من إحباط لعشرات محاولات عبور الحدود البحرية وإنقاذ مئات المهاجرين من جنسيات دول إفريقيا جنوب الصحراء.

التزام تونس بشراكتها مع دول الجوار الأوروبي في شمال المتوسط، حوَّلها إلى "ضحية أساسية للهجرة في المنطقة"، حيث أدى ارتفاع أعداد المهاجرين إلى ضغط على بعض المدن التونسية، بلغ في بعض الأحيان حد تسجيل توترات ولّدت مشاعر الكراهية وعدم قبول الآخر لدى المجتمعات الأهلية، والاعتداء على بعض الأجانب في أحيان عدّة.

وتنص اللوائح الجديدة على الترحيل القسري للمهاجرين، وسرعة البت في طلبات اللجوء، ولكن يعدّ أخطرها بالنسبة لدول الجوار، إقامة مراكز احتجاز جديدة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية، سواء البرية أو البحرية أو الجوية بهدف تبسيط وتسريع عملية البت في طلبات اللجوء.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية