تنسيق لرفع مستوى العلاقات.. ماذا يجري بين الإخوان وطهران؟

تنسيق لرفع مستوى العلاقات.. ماذا يجري بين الإخوان وطهران؟

تنسيق لرفع مستوى العلاقات.. ماذا يجري بين الإخوان وطهران؟


31/08/2023

يبدو أن العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان ستعود خلال أيام قليلة إلى سابق عهدها، تحديداً قبل عام ٢٠١١ عندما كان التنسيق يجري بشكل معلن وصريح، وفقاً لأهداف ومصالح مشتركة بين الطرفين، ذلك بعد أن فقد التنظيم الجزء الأكبر من الدعم الإقليمي المقدم له منذ عقد تقريباً، في ضوء خريطة تفاهمات سياسية حديثة تجري في المنطقة العربية. 

وتحدثت مصادر سياسية لبنانية، مؤخراً عن سيناريوهات عودة العلاقات بين الجانبين، كاشفة عن "لقاءات واتصالات تجري بين شخصيات إيرانية فاعلة وبين قيادات من الإخوان المسلمين في عدد من العواصم العربية والإسلامية، بهدف إعادة التنسيق المشترك بين الجانبين، بحسب ما نقله أحد المواقع التابعة للجماعة. 

لماذا الآن؟

وبحسب المصادر ذاتها فإن "الهدف هو إجراء مراجعة شاملة للمرحلة الماضية والتفاهم على كيفية مواجهة التحديات الجديدة التي يواجهها العالم العربي  والإسلامي اليوم، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد المزيد من الخطوات العملية في هذا الاتجاه"، على حد قولهم.

 ووفق المصادر، فإن مرحلة "الربيع العربي" وما بعده، أي من العام 2010 إلى اليوم، شهدت تراجعاً كبيراً في العلاقة رغم إبداء المسؤولين الإيرانيين الاستعداد للتعاون مع الإخوان المسلمين الذين وصلوا إلى الحكم في تونس ومصر. 

وتذكر المصادر أن "هناك فرصة كبيرة لقيام تعاون استراتيجي، لكن الإخوان المسلمين لم يتجاوبوا مع الدعوات الإيرانية في الماضي، وبرزت الخلافات حول الأحداث والتطورات في سوريا واليمن ولبنان ودول أخرى، وتراجعت العلاقات والاتصالات إلى أقل مستوى، وانحصر التعاون في دعم القضية الفلسطينية ومن خلال حركة حماس، وإن كانت الأعوام الأخيرة شهدت اتصالات ومراجعات بين الطرفين بهدف إعادة التعاون والبحث في تطوير العلاقات مجدداً دون تحقيق تقدم كبير".

تاريخ من المصالح المشتركة

يقول الباحث المصري المختص بشؤون وقضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي لـ (حفريات) إن علاقات تنظيم الإخوان المسلمين بإيران لم تنقطع منذ تأسيس تنظيم الإخوان في ١٩٢٨، وحتى وإن مرت هذه العلاقات بتقلبات عديدة وفقاً لمتغيرات اللحظة الزمنية، إلا أن هذه المتغيرات لم تنه العلاقة بين الطرفين كليةً. 

يبدو أن العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان ستعود خلال أيام قليلة إلى سابق عهدها

ويضيف: "كانت العلاقات بين الجانبين في فترة السبعينات في مرحلة ما بعد الثورة الإيرانية قوية وشهدت تعاوناً على أكثر من مستوى، لكن هذه العلاقات وصلت إلى درجة كبيرة من "التعاونية" وخرجت إلى النور بعد وصول الإخوان إلى الحكم في مصر في ٢٠١٢ وصولاً إلى إسقاط حكمهم مع ثورة ٣٠ حزيران (يونيو). 

محمد فوزي: علاقات تنظيم الإخوان المسلمين بإيران لم تنقطع منذ تأسيس تنظيم الإخوان في ١٩٢٨، وحتى وإن مرت هذه العلاقات بتقلبات عديدة وفقاً لمتغيرات اللحظة الزمنية، إلا أن هذه المتغيرات لم تنه العلاقة بين الطرفين كليةً

ويتابع: "يجمع الطرفان روابط تاريخية كبيرة، فضلاً عن مجموعة من التصورات الأيديولوجية والفكرية، خصوصاً ما يتعلق بفكرة "الحاكمية" و"التمكين" والتي يقابلها عند الشيعة فكرة "ولاية الفقيه"، حتى أن حسن البنا ومنظري الإخوان استعانوا في كثير من الأفكار المؤسسة للإخوان بأطروحات شيعية." 

ماذا يجمع الإخوان وإيران؟ 

يرى فوزي أن علاقة الإخوان بإيران لا تنبني فقط على الاعتبارات الأيديولوجية والتاريخية، بل إنها تخضع للحسابات البراجماتية للطرفين، ويمكن القول إن تصاعد الحديث عن احتمالية لجوء الإخوان لإيران في الفترة الراهنة، هو أمر مرجح ومنطقي في ضوء بعض الاعتبارات الرئيسية ومنها: 

أولاً: تضييق الخناق إقليمياً ودولياً على تنظيم الإخوان وقادته، وتبني العديد من الدول بما في ذلك الدول التي كانت راعية لهم وتراهن عليهم في السنوات الفائتة، لإجراءات وسياسات تستهدف تحجيم وجودهم وأنشطتهم على أراضيها استناداً إلى حسابات ومتغيرات إقليمية معينة، بما يجعل إيران أحد الخيارات الرئيسية المطروحة بالنسبة للإخوان في مرحلة ما بعد تركيا على سبيل المثال.

 علاقة الإخوان بإيران لا تنبني فقط على الاعتبارات الأيديولوجية والتاريخية، بل إنها تخضع للحسابات البراجماتية للطرفين، ويمكن القول إن تصاعد الحديث عن احتمالية لجوء الإخوان لإيران في الفترة الراهنة، هو أمر مرجح ومنطقي في ضوء بعض الاعتبارات الرئيسية

ثانياً: فكرة وجود وكيل وفرع إخواني في إيران متمثل في جماعة "الدعوة والإصلاح" وهي الفرع الإيراني للإخوان، تدعم أيضاً فرضية واحتمالية لجوء الإخوان إلى إيران، والجدير بالذكر أن موقف إخوان إيران من الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد وممارسات نظام الملالي العنيفة تجاهها، غلب عليه "الصمت"، وهو موقف يمكن فهمه في ضوء حسابات التنظيم الدولي للإخوان ووضعه لفرضية احتمال اللجوء إلى إيران كبديل للدول الراعية التقليدية، وبناءً عليه لم يرغب الإخوان في الدخول في صدام مع النظام الإيراني. 

وساطة إقليمية 

بحسب فوزي، قد تقود بعض الأفرع الإقليمية للإخوان ومؤسساتهم الدعوية عملية التفاوض بين الجانبين، خصوصاً حزب الإصلاح الإخواني اليمني، والذي يرتبط بعلاقات قوية في الفترات الأخيرة بكل من النظام الإيراني وكذا بعض قيادات الإخوان في تركيا، فضلاً عن أدوار قد تلعبها مؤسسات مثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

وفي الوقت ذاته تظل احتمالية لجوء الإخوان فرضية رئيسية واردة في الفترات المقبلة خصوصاً في ظل التضييق عليهم في تركيا وكافة الدول الأوروبية، لكن التفاهمات والمباحثات الجارية حالياً بين إيران من جانب وبعض دول محور الاعتدال العربي من جانب آخر، قد تمثل تحدياً لهذا المسار، خصوصاً وأن إيران تدرك أن ملف الإخوان والتعامل معهم على أنهم تنظيم إرهابي يعد أحد الثوابت بالنسبة للسياسة الخارجية للدول العربية، بحسب الباحث المصري. 

ويتوقع فوزي أن تستضيف إيران بعض قيادات الإخوان في الفترات المقبلة وتستنسخ معهم تجربة تنظيم القاعدة، بمعنى استضافة هذه القيادات ووضعها تحت الإقامة الجبرية وجعل تحركاتهم محدودة جداً بما لا يؤثر على مسار التقارب مع بعض الدول العربية، وبهذا تضمن إيران ولاء التنظيم وإمكانية توظيفه في بعض الفترات، وكذا تضمن عدم عرقلة هذه الخطوة لمسار تطبيع علاقاتها مع عدد من العواصم العربية.

محور خلاف مع القاهرة

يذكر أنه في حزيران (يونيو) الماضي، وفي ضوء حديث حول وساطة عمانية لعودة العلاقات بين القاهرة وطهران، أوضح دبلوماسي مصري أن ملف الدعم الإيراني لجماعة الإخوان يمثل محور خلاف. 

وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير رخا أحمد حسن، إن بعض الملفات ما زالت محل اختلاف في الرؤى بين مصر وإيران.

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن علاقة إيران ببعض الجماعات التي هي على صلة بجماعة الإخوان، وفروعها، تحتاج إلى توضيح.

ورأى أن "القاهرة بحاجة لتوضيح إيراني بشأن هذا الملف، كما يتضح من التصريح الإيراني الأخير، أن طهران لا تريد التوضيح أو الالتزام في هذا الجانب، وقد يرى الجانب الإيراني أن الأمر خاص به، في حين أن القاهرة ترى أنه تنظيم مصنف ضمن الجماعات الإرهابية، ما يتطلب التعاون لمعرفة طبيعة العلاقة، وهو ما يفترض أن توضحه طهران".

مواضيع ذات صلة:

بعد الحديث عن التطبيع.. اجتماع بين طالبان وحماس في تركيا.. ما هدفه؟

محللون فلسطينيون يكشفون لـ"حفريات" خبايا عودة حماس إلى سوريا

تركيا وقطر وإيران... هل رهنت "حماس" قرارها بهذه الدول؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية