تصريحات إبراهيم منير عن "عنف الإخوان".. مبادرة أم أجندة غربية جديدة؟

تصريحات إبراهيم منير عن "عنف الإخوان".. مبادرة أم أجندة غربية جديدة؟


01/08/2022

ربما تودّ جماعة الإخوان المسلمين، المصنّفة إرهابية في عدد من الدول، لو انشقت الأرض وابتلعت سجل جرائمها، الذي يوثقه التاريخ، ليطل القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير مؤخراً بتصريح يناقض، الأدلة والشواهد، زاعماً أنّ الإخوان يرفضون العنف؛ بل هو "خارج فكرهم".

وفي حواره مع وكالة "رويترز" للأنباء، نفى منير، الذي يخوض هو نفسه صراعاً دخل مرحلة تكسير العظام مع خصمه محمود حسين قائد "جبهة إسطنبول"، نفى عن الجماعة صفة العنف قائلاً: "نرفض العنف تماماً، ونعتبره خارج فكر جماعة الإخوان المسلمين، ليس فقط أن نستخدم العنف أو السلاح، بل حتى أن يكون هناك صراع على الحكم في مصر بأيّ صورة من الصور"، الأمر الذي لن يحظى، بقبول التيار القطبي، والمتمثل في جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، أحد صقور التنظيم السري لجماعة الإخوان، وهو التنظيم القطبي الذي كان يدير الجماعة، وجبهة المكتب العام.

محاولات منير التنصل من عنف جماعة الإخوان وإرهابها تطرح، في الواقع، العديد من علامات الاستفهام حول ما إذا كان ذلك يمثل قفزاً من مركب الإخوان الغارق، والنجاة بأقلّ خسائر ممكنة، أم أنّه إصرار على تجاهل سجل الجماعة المليء بالإرهاب والملطخ بالدماء.

 قوائم "حسم" و"لواء الثورة"

جماعة الإخوان مارست العنف والإرهاب، وفق ما أثبتته الوقائع والشواهد، لكنّ منير حاول وما يزال يحاول التبرؤ أمام أجهزة الاستخبارات الأجنبية، التي لطالما تباهى بتواصله وعلاقاته معها، من هذه التهمة، وقد بدا ذلك جليّاً في 2017 عندما سمحت له المملكة المتحدة بدخول البرلمان البريطاني وعقد مؤتمر صحفي لعرض وجهة نظر الإخوان، وهذا لم يتم إلا بعد أن قدّم منير قائمة بأسماء قيادات الإخوان الذين كانوا منخرطين في العمل المسلح ضمن ما يُسمّى بحركة "حسم" و"لواء الثورة"، وفقاً للباحث في الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد سلطان، في تصريحات لـ"حفريات".

سلطان: منير نفسه قدّم قائمة بأسماء الإخوان الذين كانوا منخرطين في العمل المسلح ضمن ما يُسمّى بـ"حسم" و"لواء الثورة"

وبعد سقوط الإخوان المسلمين في 2013 بعد الثورة الشعبية ضدهم في مصر، والرفض اللاحق لهم عبر صناديق الاقتراع في المغرب وتونس؛ وُضعت الجماعة في دائرة المراجعات الأمنية والسياسية حول العلاقة بين الجماعة وجماعات التطرف والإرهاب، خاصة أنّ العلاقة لم تعد مجرد اتهامات توجهها أجهزة أمنية للإخوان المسلمين، بل إنّ تحقيقات وعمليات أمنية واسعة فردية كانت أو مشتركة بين أجهزة الاستخبارات الغربية قدّمت أدلة دامغة حول وجود علاقة للإخوان المسلمين بالإرهاب على مستويين؛ فكري: من خلال ممارسة خطاب الكراهية والتطرف، وعملياتي: عبر ما تقدّمه مؤسسات "خيرية" تتبع للإخوان المسلمين من تمويل للتنظيمات الإرهابية ورفدها بالعناصر، وتقديم غطاءات لها.

 

سلطان: تصريحات منير مجرد مغازلة جديدة للغرب..، ومطروح لاحقاً تشكيل حزب يكون منفصلاً تنظيمياً بشكل كامل عن جماعة الإخوان

 

كلّ ذلك يدور في فلك علاقات منير بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية الغربية والأمريكية، فقد قال سلطان: إنّ منير نفسه الذي "أقر صراحة بأنّه منسق جيد مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأجنبية، يقول إنّه يتحول ويترك العمل السياسي، وهدفه من ذلك جلب الدعم والتأييد من قبل الدول الغربية".

واعتبر سلطان تصريحات منير عن إرهاب الإخوان "مجرد مغازلة جديدة، وهو الآن يسعى لأن تتحول الجماعة إلى لوبي تنفصل عن العمل السياسي، غير أنّه مطروح لاحقاً تشكيل حزب يكون منفصلاً تنظيمياً بشكل كامل عن جماعة الإخوان".

تعليقاً على ما سبق، رجل بعلاقات منير وروابطه مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الغربية يحمل في جعبته أجندة واحدة، على الأقل، لأحد هذه الأجهزة، ممّا يطرح تساؤلاً حول كيف يمكن للنظام المصري أو أيّ نظام على الأرض أن يثق في تصريحاته ومبادراته بعد ذلك؟!

 أيديولوجية ثابتة

على مدار (9) عقود و(4) أعوام، هي عمر جماعة الإخوان المسلمين، لم يحدث أن تخلت الجماعة مطلقاً عن أيديولوجيتها، التي تقوم عليها غالبية التنظيمات المتشددة؛ فالشواهد والدلالات تؤكد تورط الإخوان المسلمين في العنف، لا سيّما أنّ مستوى التطابق المنهجي بينها وبين الجماعات الإرهابية يصل حدّ التماثل والتناغم، وعلى وجه التحديد في كيفية التغيير والإصلاح التي تستند على أنّ "الأمّة لن تتحرر وتحكم بالشريعة الإسلامية إلا من خلال تغيير الأنظمة الوضعية الحاكمة التي تحكم بغير ما أنزل الله"، على حدّ قول الخبير الأمني عمر الرداد، في دراسة نشرها على موقع "ستراتيجكس".

 

الرداد: تستند إستراتيجية الإخوان الإعلامية على تبنّي خطابين؛ خارجي يتوافق مع متطلبات الغرب منها إدانتهم للإرهاب، وداخلي يركز على القواعد الشعبية في الدول التي يعيشون فيها، ويصبّ في إطار عناوين التطرف وتعزيز الكراهية

 

وهذا النهج يُعبّر عنه في رسائل مؤسس الجماعة حسن البنا بمقولات: "الوصول إلى السلطة ركن من أركان الإسلام مثل الصلاة والزكاة"، وكذلك "حق الإخوان بشنّ حرب لا هوادة فيها على كل زعيم لا يحكم بما أمر الله"، وهي الفكرة التي وجدت تجلياتها عند التنظيمات الإرهابية، بما فيها مقاربة مقاتلة العدو البعيد والقريب التي كانت أحد أسباب انشقاق تنظيم "داعش" عن "القاعدة".

محطة فاصلة للعمل العسكري

بالتزامن مع أفكار حسن البنا، تبدو مقاربات سيد قطب هي الأكثر تأثيراً في التأسيس للتطرف والإرهاب، وخاصة ما ورد في كتابه "معالم في الطريق" الذي أكد فيه على أنّ "كلّ أرض تحارب المسلم في عقيدته وتصده عن دينه وتعطل عمل شريعته فهي دار حرب، ولو كان فيها أهله وعشيرته وقومه وماله"، ومقولاته حول "الحاكمية لله وجاهلية المجتمع"، على حدّ قول الرداد.

عمر الرداد: وصول الإخوان إلى السلطة في مصر في 2012 شكّل محطة فاصلة للعمل العسكري لتنظيمات الإخوان في الدول العربية

ويشير الرداد إلى أنّ وصول الإخوان إلى السلطة في مصر في 2012 شكّل محطة فاصلة للعمل العسكري لتنظيمات الإخوان المسلمين في الدول العربية، خاصة التي شهدت أحداث عنف واضطرابات بعد العام 2011، ففي مصر كان تشكيل تنظيمات إرهابية تمارس العمل المسلح عنواناً للإخوان المسلمين بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الإخواني محمد مرسي. وفي عام 2015 أعلنت (5) جماعات تحالفها وتشكيلها ما عُرِف بـ "تحالف حركة المقاومة الشعبية" الذي ضم حركة المقاومة الشعبية، وحركة حسم، وحركة العقاب الثوري، وحركة ثوار بني سويف، وكتيبة الإعدام، وجميعها تتبع للإخوان المسلمين."

شيزوفرينيا الإخوان

تستند إستراتيجية الإخوان المسلمين الإعلامية، على مستوى التنظيم الدولي والتنظيمات الفرعية، على تبنّي خطابين؛ أولهما خارجي يحمل أفكاراً تتوافق مع متطلبات الغرب، من بينها أنّ الإخوان يدينون التطرف والإرهاب، ويؤمنون بالديمقراطية وصناديق الاقتراع واحترام حقوق الأقليات وحقوق المرأة، كما يتضح من خطاب منير، أمّا الآخر، فهو داخلي يركز على القواعد الشعبية في الدول التي يعيشون فيها، ويصبّ في إطار عناوين التطرف والإرهاب وتعزيز الكراهية، وهناك الكثير من الخطابات الإخوانية في ساحات مختلفة تتطابق مع خطابات قادة المنظمات الإرهابية، وعلاوة على ذلك أسهم خطاب الإخوان المسلمين في شرعنة السلوكيات الإرهابية، من خلال تبرير العنف، وربط أسبابه بالنظم السياسية، وخلو منصاتهم الإعلامية وتصريحاتهم من أيّ إدانة للعمليات الإرهابية، ولعل المثال الأبرز على ذلك قيام (4) نواب من حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن بتقديم العزاء في مقتل أبو مصعب الزرقاوي على يد القوات الأمريكية في العراق، حيث وصفه النائب السابق محمد أبو فارس بأنّه "مجاهد وشهيد"، على حدّ قول عمر الرداد.

ويمكن القول إنّ هذا التناقض في الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين أصبح قيد التحقيق في العديد من الدوائر الأمنية للعواصم الأوروبية، وهو ما يفسّر الحملات الأمنية والتحقيقات التي تجري مع قيادات الجماعة في عواصم أوروبية متعددة، بتهم تتراوح بين الاشتراك في عمليات إرهابية، أو تقديم دعم لوجستي متعدد المستويات للتنظيمات الإرهابية، من خلال مؤسسات الإغاثة ومراكز إسلامية ثبت دور الإخوان في رعايتها واستثمارها لصالح تقديم خدمات للإرهاب، وفقاً للرداد.

 

مواضيع ذات صلة:

إبراهيم منير يواصل الطرق على باب "الحوار الوطني" بالخطة "ب"... ماذا قال؟

إبراهيم منير: لن نخوض صراعاً على السلطة... هل تخلى الإخوان عن العمل السياسي؟

انقسامات الإخوان.. التأثيرات والسيناريوهات المتوقعة


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية