تصاعد الإرهاب في القارة السمراء.. أفريقيا بين تنامي الجماعات المسلحة والاستغلال الدولي

تصاعد الإرهاب في القارة السمراء.. أفريقيا بين تنامي الجماعات المسلحة والاستغلال الدولي

تصاعد الإرهاب في القارة السمراء.. أفريقيا بين تنامي الجماعات المسلحة والاستغلال الدولي


11/01/2024

تتصاعد مشكلة الإرهاب بسرعة في أفريقيا، وتشكل تهديداً خطيراً يتطلب تركيزاً دولياً وتدابير منسقة، ومن المهم للمجتمع الدولي إعطاء الأولوية لمتطلبات الأمن في أفريقيا، وبناء حلول منسقة لمكافحة الإرهاب، ودراسة الأسباب التي تسهم في زيادة الظاهرة في أفريقيا ، بدءاً من الجغرافيا السياسية إلى السياسة المحلية، فضلاً عن الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية والحدود التي يسهل اختراقها والتعبئة القائمة على الهوية، هذا بالإضافة إلى الاقتتال والحروب الداخلية، وكلها ساعدت في إعادة ظهور التنظيمات الإرهابية مثل (القاعدة وداعش).

 ووفق دراسة أجراها (المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات)، فإنّ الدول الأفريقية ما تزال تعاني من الانقلابات العسكرية، وانسحاب القوات الغربية، ومن تنامي أنشطة الجماعات المتطرفة وتوسع نفوذها، وتزايد قدراتها على التجنيد والاستقطاب وتنفيذ عمليات إرهابية.

 وقد أشارت الدراسة إلى أبرز الجماعات المتطرفة في أفريقيا، وهي:

(كتيبة عقبة بن نافع): تتبع تنظيم (القاعدة)، وتضم ما يقارب من (175) مقاتلاً، وأطلقت على نفسها اسم "جند الخلافة".

 جماعة (حماة الدعوة السلفية) في الجزائر: أعلنت انضمامها إلى تنظيم (القاعدة)، وتعتمد على الاختطافات مقابل الفدية لتمويل أنشطتها.

 (جند الخلافة) بالجزائر: بايعت (داعش)، وتشير التقديرات إلى أنّ عددهم ما بين (20 ـ 35) عنصراً.

 (جند الخلافة) بتونس: أحد فروع (داعش)، والبداية الفعلية لتنفيذ عملياتها في تونس كان في عام 2015.

 (حركة الشباب الصومالية): أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية (5) من قادتها على لائحة الإرهابيين الدوليين المدرجين بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم (13224) بصيغته المعدلة.

تنامي النفوذ التركي في أفريقيا بشكل ملحوظ في غرب القارة السمراء على مستويات مختلفة، لا سيّما المستوى السياسي والدفاعي

 (جماعة الشباب) موزمبيق : تسيطر الجماعة على مناطق عدة من المنطقة الساحلية، بما في ذلك ميناء "موكيمبوا دا برايا"” والمنشآت الغازية.

 (بوكو حرام): تنشط في شمال نيجيريا، بايعت (داعش) في البداية، وفي عام 2023 حدث اقتتال بين الجماعتين للسيطرة على حوض بحيرة تشاد ومحيطه.

 (جماعة نصرة الإسلام): شملت تحالفاً بين (4) جماعات، هي: "أنصار الدين" "المرابطون"، حركة "ماسينان"، جماعة "كتائب الصحراء"، وهي الجماعات التي تنشط بمنطقة الصحراء شمال مالي.

الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية والحدود التي يسهل اختراقها والتعبئة القائمة على الهوية  والاقتتال والحروب الداخلية ساعدت في إعادة ظهور المنظمات الإرهابية

 

 تنظيم (داعش): توسع التنظيم الإرهابي نحو نيجيريا باتجاه خليج غينيا، وما يزال يحشد الأموال والموارد الأخرى لتنفيذ أجنداته.

 تنظيم (القاعدة): ينشط في منطقتين؛ منطقة الساحل الأفريقي، وعلى مستوى القرن الأفريقي، وتتشابه أهداف (داعش)، و(القاعدة) في أفريقيا، لتعزيز النفوذ وتكريس وجودهما في الساحة الأفريقية.

 هذا، وتناول (المركز الأوروبي) انعكاسات الإرهاب على أوروبا، حيث تنامت التحذيرات من التوترات في دول الساحل، وتنامي الجماعات المتطرفة والإرهابية، على دول شمال أفريقيا وأوروبا.

وكشفت تقارير استخباراتية أوروبية في 22 نيسان (أبريل) 2023 عن جهود محددة لاستهداف سفارات وكنائس ومراكز تجارية في القارة العجوز، وتكشف تقارير أخرى عن جهود (داعش) لصنع أسلحة كيمياوية، وتشغيل طائرات بدون طيار، ومؤامرة لخطف دبلوماسيين أوروبيين.

تقارير استخباراتية أوروبية في 22 نيسان (أبريل) 2023 كشفت عن جهود محددة لاستهداف سفارات وكنائس ومراكز تجارية في القارة العجوز

 

 أمّا عن حجم تهديدات الجماعات المتطرفة على أفريقيا، فإنّ المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي توصف بأنّها "المثلث الأخطر"، حيث تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بشدة، وتنطلق من تلك المنطقة لاستهداف مناطق أخرى، وزادت تلك التنظيمات من هجماتها وخصوصاً بعد الانقلاب العسكري في النيجر في تشرين الأول (أكتوبر) 2023 .

 وأصبح تنظيم (داعش) لاعباً أساسياً في منطقة الساحل، وبدأ في فرض أجندته، وسيطر على مناطق واسعة شمال مالي، وبوركينافاسو، وانتعشت أنشطته الاقتصادية والمبادلات التجارية بين مدينة ميناكا والنيجر والمناطق الخاضعة لنفوذه، وبدأ التوسع يتمدد إلى الدول الأطلسية، مثل بنين وتوغو وساحل العاج. كذلك تنتشر الجماعات المرتبطة بتنظيمي (القاعدة وداعش) في جنوب الصحراء الكبرى، إلى الدول الساحلية في غرب أفريقيا مثل بنين. ويتركز نشاط المتطرفين ببنين في شمال البلاد، حيث يحاولون تجنيد واستقطاب الاشخاص.

تتشابه أهداف (داعش)، و(القاعدة) في أفريقيا

 وفيما يتعلق بالتواجد العسكري الغربي في أفريقيا، فقد حذّر وزير الجيوش الفرنسية (سيباستيان لوكورنو) من أنّ الانقلابات العسكرية التي شهدتها مؤخراً منطقة الساحل وجنوب الصحراء الأفريقية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ستؤدي إلى "الانهيار".

 واعتبر لوكورنو أنّ انسحاب القوات المسلحة الفرنسية من هذه البلدان هو إخفاق لهذه الدول، وليس فشلاً للسياسة الفرنسية هناك.

روسيا استغلت التراجع الغربي في أفريقيا، وعمدت إلى تعزيز نفوذها، وشرعت الدول الأفريقية في إقامة علاقات جديدة معها على نطاق واسع

 

 وتجري الولايات المتحدة محادثات للسماح لطائرات الاستطلاع الأمريكية باستخدام المطارات في غانا وساحل العاج وبنين، وهي دول تقع على المحيط الأطلسي، لمواجهة المتطرفين الذين يتدفقون جنوباً من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وتقديم المشورة التكتيكية للقوات المحلية. ودعمت لأعوام قوات الكوماندوس والطائرات بدون طيار الأمريكية الجهود الفرنسية والمحلية لتأمين دول الساحل.

 وكشف الاتحاد الأوروبي عن نية بدء مهمة عسكرية مدنية جديدة في غرب أفريقيا، الهدف منها "تدريب محدد لنشر عمليات مكافحة الإرهاب"، إلا أنّ عدد أفراد الشرطة والجيش الأوروبيين الذين سيتم إرسالهم إلى دول خليج غينيا ما يزال مجهولاً، وبالإضافة إلى الاستعداد لنشر عمليات مكافحة الإرهاب، من المخطط أيضاً تعزيز قوات الأمن المحلية ودعمها الفني.

 وبحسب الدراسة، فقد استغلت روسيا التراجع الغربي في أفريقيا، وعمدت إلى تعزيز نفوذها وشرعت الدول الأفريقية في إقامة علاقات جديدة معها على نطاق واسع.

 وتعمل مجموعة (فاغنر) في أفريقيا الوسطى منذ عام 2018 لحماية الرئيس وتدريب قوات الجيش، وحصلت بعد ذلك على سلسلة امتيازات مهمة في مجال التعدين للتنقيب عن الذهب والماس، كما استعانت مالي، التي تواجه تمرداً للطوارق وخطراً متنامياً من الجماعات المتطرفة، بقوات (فاغنر)، واستوردت الأسلحة والمعدات العسكرية من روسيا.

موسكو بدأت عملية تشكيل "الفيلق الأفريقي" ليحل محل قوات (فاغنر) العاملة في القارة السمراء، وسيكون حاضراً في بوركينافاسو وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر

 

 ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد بدأت موسكو عملية تشكيل "الفيلق الأفريقي" ليحل محل قوات (فاغنر) العاملة في القارة السمراء، ويفترض أن يكتمل هذا الهيكل بحلول منتصف 2024 ليكون حاضراً في (5) دول أفريقية، وهي: بوركينافاسو وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.

 وتشكيل الفيلق يتم بالاعتماد على وحدات من شركة (فاغنر) العسكرية السابقة والمقاتلين الأفراد.

أمّا عن النفوذ التركي في أفريقيا، فقد أشار المركز إلى أنّه شهد تنامياً ملحوظاً في غرب القارة السمراء، على مستويات مختلفة، لا سيّما المستوى السياسي والدفاعي. وتُعدّ عملية تسلم مالي طائرات (بيرقدار) التركية دلالات متشعبة. وتلعب وكالة التعاون والتنسيق التركية دوراً في إنشاء وإدارة مشاريع تنموية في غرب أفريقيا، خاصة في مالي والسنغال وتشاد والنيجر وتوغو. إضافة إلى ذلك، تحولت أنقرة إلى مزوّد أساسي للمعدات الدفاعية والعسكرية لدول المنطقة.

المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي توصف بأنّها "المثلث الأخطر"، حيث تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بشدة

 وعززت تركيا من حضورها في المنطقة، خاصة بعد الانقلابات في بعض دولها التي أدت إلى تقليص النفوذ الفرنسي فيها بشكل كبير، ممّا يُنظر إليه على أنّه محاولة من أنقرة لتحل محل باريس.

 وتجاوز حجم المشاريع الاقتصادية التي تنفذها تركيا في القارة (82) مليار دولار، وارتفع حجم التجارة مع أفريقيا من (4.3) مليارات دولار في أوائل العقد الأول من القرن الحالي إلى أكثر من (35) مليار دولار في 5 كانون الثاني (يناير) 2024.

 وفي النهاية؛ تبقى القارة السمراء رهينة للجماعات المتطرفة والإرهابية، ولبعض الدول التي نهبت ثرواتها طوال الأعوام الماضية تحت ذريعة توفير الحماية والتبادل الاقتصادي.  




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية