تسفير الجهاديين إلى بؤر التوتر... ما الذي توصلت إليه التحقيقات التونسية؟

تسفير الجهاديين إلى بؤر التوتر... ما الذي توصلت إليه التحقيقات التونسية؟

تسفير الجهاديين إلى بؤر التوتر... ما الذي توصلت إليه التحقيقات التونسية؟


27/12/2023

استعاد ملف تسفير التونسيين إلى مناطق القتال من تونس زخمه الأسبوع الماضي، بانطلاق قاضي التحقيق في سماع المتهمين، وقرر إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حقّ البعض من المتهمين، من بينهم سيف الدين الرايس وفتحي البلدي ومحرز الزواري.

وقرّر إبقاء عدد آخر من المتهمين في حالة سراح، من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض والحبيب اللوز ومحمد فريخة ووزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي، كما تم تأجيل التحقيق مع رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي بسبب ظروف صحية، بعد ساعات من إصدار مذكرة أخرى في حق القيادي البارز في حركة النهضة، وزير العدل في الفترة من 2011 إلى 2013 نور الدين البحيري.

ومذكرتا الإيداع بالسجن الصادرتان في حق البحيري والبلدي تتعلقان بمنح جوازات سفر لأجانب متورطين في قضايا إرهابية، بحسب ما ذكرت المتحدثة الرسمية باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب حنان قداس، لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.

استعاد ملف تسفير التونسيين إلى مناطق القتال من تونس زخمه الأسبوع الماضي

ومن المنتظر أن تنظر دائرة الاتهام المختصة بالنظر في القضايا الإرهابية في محكمة الاستئناف بتونس يوم 11 كانون الثاني (يناير) المقبل في الملف الذي شملت الأبحاث فيه أكثر من (800) متهم، من بينهم قيادات بارزة بحزب حركة النهضة.

يُذكر أنّ القضية انطلقت بشكاية تقدمت بها النائبة بالبرلمان التونسي فاطمة المسدي في كانون الأول (ديسمبر) 2021، إلى المحكمة العسكرية التي قررت إثر ذلك التخلي عن الملف لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

منذ عودة الإسلاميين ممثلين في حركة النهضة من المنفى انتشرت الخيام الدعوية في تونس بهدف تعبئة الشباب للقتال.

وقد باشرت الوحدة الوطنية للبحث بالجرائم الإرهابية في أيلول (سبتمبر) 2022 الاستماع للمتهمين في الملف، وبعد أسبوعين تقريباً من الأبحاث والتحريات والسماعات التي تمّ خلالها الاحتفاظ بأكثر من (15) شخصاً، من بينهم نائب رئيس حركة النهضة علي العريض والحبيب اللوز ومحمد فريخة....، تمّت إحالة الملف على أنظار النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، التي قررت، بعد اطلاعها على الملف، فتح بحث تحقيقي في الغرض من أجل جملة من الجرائم طبقاً لأحكام القانون الأساسي رقم (26) لعام 2015 المؤرخ في 7 آب (أغسطس) 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.

من جهته، انطلق قاضي التحقيق في سماع المتهمين، وقرر إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حقّ البعض منهم، من بينهم سيف الدين الرايس وفتحي البلدي ومحرز الزواري، وقرر إبقاء عدد آخر من المتهمين في حالة سراح، من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض والحبيب اللوز ومحمد فريخة ووزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي.

 

استغل هؤلاء، سواء الدعاة أو الشباب الذين وقع استقطابهم، حالة الارتباك التي طرأت على أجهزة الدولة لتعزيز صفوف الجماعات المتشددة

 

وقد قررت إثر ذلك النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الطعن في قرار إبقاء (39) متهماً من بين أكثر من (800) شخص الذين شملتهم الأبحاث في حالة سراح. 

وفي 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2022 قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس تأييد قرار قاضي التحقيق القاضي بإبقاء (39) متهماً في حالة سراح، وإرجاع الملف إلى قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لمواصلة التحقيقات.

واستأنف إثر ذلك قاضي التحقيق جلسات الاستماع، واستمع بتاريخ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بصفته متهماً، ثم استمع إلى رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي بصفتها شاهدة في الملف.

وفي 20 كانون الثاني (يناير) 2022 قرر قاضي التحقيق إصدار بطاقة إيداع بالسجن في شأن نائب رئيس حركة النهضة علي العريض.

وملف التسفير إلى مناطق القتال الذي كثيراً ما شكّل محور السجالات السياسية في تونس هو ملف واسع، إذ سبق أن قدمت النائبة التونسية فاطمة المسدي دعوى قضائية ضد (126) شخصاً؛ بسبب شبهات بالتورط سواء في نقل التونسيين إلى الخارج أو تسهيل دخول متشددين إلى تونس وغير ذلك.

ومنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية التي أسقطت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عام 2011، وعودة الإسلاميين ممثلين في حركة النهضة من المنفى، انتشرت الخيام الدعوية في تونس؛ بهدف تعبئة الشباب للقتال مع جماعات متشددة تنشط في دول كانت تشهد حروباً أهلية مثل سوريا والعراق وليبيا.

واستغل هؤلاء، سواء الدعاة أو الشباب الذين وقع استقطابهم، حالة الارتباك التي طرأت على أجهزة الدولة لتعزيز صفوف الجماعات المتشددة، ممّا دفع أوساط سياسية إلى اتهام حركة (النهضة) التي كانت تدير دفة الحكم إلى حدود 2014 بتسهيل "عملية التسفير" الذي تنفيه الحركة.

 

على مدار أعوام حكمهم أجهض الإخوان عدة مساعٍ للتعامل مع ملف تسفير الشباب، وتسببت ممارسات الحركة الإخوانية في عرقلة عمل لجنة تحقيق برلمانية

 

لكن لا توجد إحصاءات رسمية حول التونسيين الذين نجحت الجماعات المتشددة في استقطابهم للقتال ضمن صفوفها، غير أنّ تقارير دولية تقدرهم بالآلاف، ونفذ بعضهم هجمات حتى داخل دول أوروبية.

وعلى مدار أعوام حكمهم، أجهض الإخوان عدة مساعٍ للتعامل مع ملف تسفير الشباب، وتسببت ممارسات الحركة الإخوانية في عرقلة عمل لجنة تحقيق برلمانية مخصصة لكشف شبكات التسفير، وتم إجبار رئيستها على الانسحاب من موقعها، بعد أن كشفت خيوط هذه الشبكات وعلاقتها بالنهضة.

ويُعتبر هذا الملف من أعقد الملفات التي تعكف السلطات التونسية على تفكيك ألغازه، ومن المتوقع أن تساعد عودة العلاقات الطبيعية بين تونس وسوريا في كشف الكثير من أسراره، وقد أشار السفير التونسي في حواره مع صحيفة (الوطن) السورية إلى أنّ الكثير من الجهاديين التونسيين محتجزون لدى الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا.

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية