
اعتبرت صحيفة "العرب" اللندنية، في مقال تحليلي، أن زيارة وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المقرب من أنقرة إلى سوريا وإجراء مقابلة مع الرئيس أحمد الشرع، تعكس حجم الدفع التركي باتجاه تكريس الحضور والنفوذ في دمشق.
وقالت إن هذه الزيارة يمكن أن ترسم ملامح برنامج حكم ما بعد بشار الأسد بشكل قريب إلى مناهج الإخوان أكثر من قربه إلى الجهاديين.
وقد أثارت لقاءات الوفد الكثير من الجدل، بالنظر إلى حضور شخصيات مطلوبة قضائيًا في ملف الإرهاب والتحريض عليه بدول عربية، في مقدمتها مصر، مثل القيادي الإخواني محمد الصغير، لكون الاتحاد نفسه يشرف عليه التنظيم الدولي للإخوان المصنف على قائمة الإرهاب في بعض الدول العربية.
ولفتت الصحيفة إلى أن توطيد العلاقات بين الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع والتنظيم الدولي للإخوان، تؤكد، عبر أكثر أجنحته نشاطًا وتأثيرًا وهو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على ما يجري تداوله بكثافة في أوساط الإسلاميين بخصوص توجيه أنقرة ليكون نموذج حكم الإسلاميين في سوريا هو ما يطبقه حزب العدالة والتنمية في تركيا.
أنقرة ترى أن نموذج الجماعة وخصوصية النسخة السورية ووجود سلاح يحمي التجربة يضمن استمراريتها
وقالت "العرب" إن أنقرة تهدف، عبر إجراء تعديلات في مرجعية الحكم الديني ومنهجيته في سوريا، إلى تعزيز نفوذها وضمان قبول الولايات المتحدة والغرب لنظام الحكم الجديد والحيلولة دون سقوطه سريعًا، في حال طبق نماذج حكم جهادية تثير نفورا وأزمات بالداخل وتجلب الرفض من الخارج.
وعلى الرغم من الدور الذي لعبته جماعة الإخوان في النزاعات الداخلية والإقليمية طوال السنوات الماضية وفشلها في الاستمرار بالسلطة في عدد من الدول العربية، إلا أن أنقرة ترى أن نموذج الجماعة وخصوصية النسخة السورية ووجود سلاح يحمي التجربة يضمن استمراريتها، وفق المصدر ذاته.
ويُعد، بحسب "العرب"، ما يجري التمهيد له في الكواليس وما عززته المواقف وردود أفعال المنظرين الجهاديين الغاضبة مكسبًا كبيرًا لجماعة الإخوان على المستوى المحلي داخل سوريا أو الإقليمي، وستحظى جماعة الإخوان بحضور مؤثر ونفوذ كبير في تجربة حكم جديدة ببلد مهم وإستراتيجي، بعد فشل ذريع في محطتين مفصليتين، الأولى أعقبت ما عُرف بالربيع العربي برعاية تركية وقطرية، والثانية بعد هجوم طوفان الأقصى، حيث فشلت رهاناتها على الداعم الإقليمي الآخر وهو إيران.
ومنح منهجية وبرامج عمل الإخوان الفرصة يُعد خيبة أمل كبيرة للجهاديين وللفرع المحلي المتحور من تنظيم القاعدة الذي كان يتهيأ لجني ثمار ما يعتقد كونه نضالًا خاضه وبذل تضحياته في سبيل نيل فرصته المبتغاة في السلطة، وفقا للصحيفة.