تدريس الموسيقى في المدارس السّعودية ضرورة وليس ترفاً

تدريس الموسيقى في المدارس السّعودية ضرورة وليس ترفاً


13/06/2022

فيصل أحمد

رحبت الأوساط التربوية السعودية باستحداث برنامج تدريس الثقافة الموسيقية في المدارس الذي أعلنته هيئة الموسيقى بالتعاون مع وزارة التعليم.  

البرنامج نشاط لا صفي، سيكسب الطلاب فكرة عن ماهية الموسيقى ويعرّفهم إلى الآلات الموسيقية وأساليب الفنانين العالميين.

وتمتد الأهداف أيضاً إلى إتقان مهارات كتابة "النوتة الموسيقية"، والتعرف إلى الإنتاج الموسيقي السعودي ونظريات النغم وقواعده.

النظر إلى تفاصيل البرنامج يظهر أن حضور الموسيقى في حقل التعليم ليس ترفاً، بل ضرورة، بصفتها أكثر وسائل التعبير ارتباطاً بالإنسان، فلقاء التلاميذ بالموسيقى يمنحهم تصوراً جمالياً عن النغم وتراكيبه الإيقاعية واللحنية.

وهذا النشاط سيكسبهم الذوق السمعي، وسيصنع ثقافة فنية خلابة لدى النشء، وسيخلق مواهب موسيقية جديدة.

ويعتبر دخول الفنون بمسحة تعليمية في مناهج الطلبة، بمثابة تأسيس واقعي لنهضة إبداعية ترتقي بالذائقة الموسيقية في بلاد تتمتع أصلاً بمستودع تراثي موسيقي.

والحديث عن هذا البرنامج يقود إلى التساؤل عن عمق تأثير التربية الموسيقية في الطلاب وحجمه. والإجابة تقود أيضاً إلى أن الفنون بطبيعتها فيها شيء من الحرير، إذ تساعد في تقويم السلوك، والاستجابة الانفعالية، كما تنمي ملكة القدرة على التعبير الذاتي. 

أما عن الموسيقى، فلقاؤنا بها استحضار حميم لمعاني الوجود، فاستثارة النغم لكوامن النفس عبر تسلسل صوره الإيقاعية واللحنية بمسحة جمالية تحدث تأثيراً نفسياً مباشراً وملحوظاً.

وتدعم الأبحاث العلمية الرصينة في ميادين التربية كافة، أهمية فكرة تعليم الموسيقى للنشء، نظراً إلى تأثيرها الحاضر في وجدانهم، إذ تعد وسيلة ناجعة في ميدان التربية الحديثة؛ لأهميتها في تأسيس هوية الأفراد الإنسانية مبكراً، وقدرتها على تقوية مهارات الطفل.

ويهتم الفن الموسيقي بتكامل نمو الطفل جسدياً ونفسياً وحتى بالنسبة إلى حياته العاطفية، وبالتالي فإن كل هذه العناصر ستجعل منه فرداً سوياً في مجتمعه.

الممارسة الموسيقية في التعليم ستحسن قدرة الطلاب على تمييز الأصوات وتنمية الذوق السمعي، وصقل المدارك السمعية. كل هذه العناصر تمنح الفرد استيعاباً للتناغم في أكثر الألحان الموسيقية تعقيداً.

وإذا نظرنا إلى القرار بتبصر، فإنه على المدى البعيد يكثف طبيعية صورة الموسيقى في الذاكرة الجمعية للسعوديين، وسط الأفكار المثيرة للشكوك حول قيمتها.

وأمام هذا الطيف الموسيقي الهائل، يمنح البرنامج الفرص للمواهب الغنائية الجديدة الراغبة في معانقة الإبداع، ما يبشر بولادة أصوات فنية تشدو بترنيمة سعودية قدرها الخلود.  

البرنامج التعليمي للثقافة الموسيقية سيعطي الطلاب نصيبهم للاطلاع على الموروث الفني السعودي من مختلف مناطق المملكة. وهذا الأمر بحد ذاته، يحافظ على هوية الفنون الغنائية المتعددة في السعودية، ويتيح الفرصة للعقليات الموسيقية لتجديد هذا الموروث بما لا يمس أصالته.

يمكن القول إن برنامج الثقافة الموسيقية سيبتكر جرساً سعودياً متميزاً بقيمته الفنية من حيث الإيقاع واللحن والنغم. حضور هذا البرنامج التعليمي بداية تغيير كبير ولافت في مسارات التعليم والحياة الثقافية عموماً. مرحباً بالموسيقى.

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية