
بينما يواصل الإخوان بذل مجهوداتهم للتويش على الاستحقاق التونسي الرئاسي المقرر في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، تبدأ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، اليوم الإثنين، تسلم ملفات المرشحين للانتخابات الرئاسية الذين يبلغ عددهم نحو المائة شخص.
ومن بين هؤلاء المرشحين بينهم موقوفون في قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدول او في الفساد وتبييض الاموال أو تجاوز القانون على غرار الإخواني رئيس حزب "العمل والإنجاز" عبد اللطيف المكي ، فضلا عن أسماء أثارت الجدل خلال الأيام القليلة الماضية، على غرار صهر الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي وفنان الراب كريم الغربي والمعروف بـ"كادوريم" والمخرج والممثل التونسي نصر الدين السهيلي.
إضافة إلى الطبيب الخاص بالرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ذاكر لهيذب والسياسيين الصافي سعيد والعياشي زمال والمنذر الزنايدي وزهير المغزاوي.
كما أعلن الرئيس قيس سعيد ترشحه لولاية ثانية.ويفرض القانون على المرشحين سحب نموذج من استمارة التزكيات من مقر الهيئة بأنفسهم لجمع توقيعات تأييد من الناخبين.
مغني راب يثير الجدل
وقال الغربي، المعروف بلقب "كادوريم"، خلال إعلان ترشحه عبر مقطع مصور نُشر على صفحته على فيسبوك، إن الوضع في البلاد أصبح "حساسا وكارثيا على جميع المستويات"، مطالبا بـ"توحيد الصفوف مهما كانت الاختلافات".
وشدد صهر الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، على أمله بأن يكون على مستوى الآمال والتطلعات، مؤكدا أن قرار الترشح "لم يكن سهلا" لكنه اختار خوض التجربة، على حد وصفه.
عبداللطيف المكي سيراهن على الخزان الانتخابي لحركة النهضة خصوصاً أن الرجل يعرف جيداً هذا الخزان وهو الذي كان أحد أبرز قيادات الحركة
وانتقد في مقطع الفيديو، "التضييقات" التي يواجهها المواطنون، قائلا "يجب أن نقف وقفة تأمل لما تعيشه تونس اليوم.. نعرف جميعا كيف أصبحت تونس.. تضييقات على الإعلاميين والمحامين والمثقفين وأصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وأشار إلى أنه يملك العديد من المشاريع لتونس في المجال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
ويعتبر فنان الراب كادوريم من فناني الراب العالميين، إذ كثر الحديث عنه في تونس سنة 2018 بعد زواجه من ابنة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، قبل أن يعلنا عن انفصالهما.
وسبق أن أثار الحضور الإعلامي المكثف لكادوريم في القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية للترويج للأعمال الخيرية التي يقوم بها جدلا واسعا، حتى أن قناة "الحوار التونسي" الخاصة اختارته شخصية العام في تونس لسنة 2020، وفقا لما رصدته صحيفة "العرب" اللندنية.
كما استضافه برنامج في قناة التاسعة "قصد تلميعه"، وفق ما قال معلقون. وظهر كادوريم في البرنامج يلبس بدلة وربطة عنق متخليا عن الذهب والألماس والفرو.
ويؤكد تونسيون أن الفنان يسعى إلى دخول معترك الحياة السياسية من بوابة الأعمال الخيرية. ويشبه البعض ما يفعله كادوريم بما فعله غيره من السياسيين في الماضي القريب، مؤكدين أن الشعب "لا يعتبر من أخطائه".
إخواني على الخط برغم مقاطعة الإخوان
إلى ذلك، أعلن الإخواني المنشق عبد اللطيف المكي ترشحه للانتخابات الرئاسية، خصوصا أن حزبه يعد أحد أبرز مكونات "جبهة الخلاص الوطني" التي ينظر إليها على أنها واجهة لحركة "النهضة" الإسلامية، والتي أعلنت مقاطعتها الانتخابات الرئاسية واصفة إياها بـ"المسرحية".
يأتي ذلك في وقت كان يتوقع فيه أن يحاول إسلاميو تونس رّص صفوفهم في محاولة للبقاء والصمود في وجه الأزمات التي يتخبطون فيها منذ عام 2021، بخروجهم من دوائر الحكم والمشهد السياسي برمته.
ويرى مراقبون أن عبداللطيف المكي سيراهن على الخزان الانتخابي لحركة النهضة خصوصاً أن الرجل يعرف جيداً هذا الخزان، وهو الذي كان أحد أبرز قيادات الحركة"، برغم أنه يعي جيدا حجم اللفظ الشعبي للإخوان خاصة أنه عندما ترشح نائب رئيس النهضة عبد الفتاح مورو بالانتخابات الرئاسية لسنة 2019، خسرت الحركة بشكل كبير، لكن الهوس بالرئاسة يأسره.
سبق أن أثار الحضور الإعلامي المكثف لكادوريم في القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية للترويج للأعمال الخيرية التي يقوم بها جدلا واسعا
يُذكر أن حركة النهضة الإخوانية سبق أن وظفت الدين والتبرعات الخيرية في انتخابات 2011 والانتخابات التي تليها للوصول إلى السلطة. ونسجت على منوالها عدة أحزاب على غرار حزب قلب.
وعبد اللطيف المكي من مواليد 1962، ويعتبر أحد أبرز القيادات العليا لحركة النهضة الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيرا للصحة، ويُعرف بأنه من صقورها (الشق المتشدد للحركة).
وكان أحد مرشحي الإخوان لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس "النهضة"، لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة.
وبعد التاريخ المذكور، أي بسريان الإجراءات الرئاسية تجاه الإخوان (تجميد عمل البرلمان قبل حله لاحقا)، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع آب/أغسطس 2021.
موالون ينافسون سعيد
هذا وأعلن الأمين العام لحركة الشعب القومية زهير المغزاوي، وهو أحد أشد الموالين لمسار الـ25 من تموز (يوليو) الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، ترشحه للانتخابات الرئاسية في خطوة مثيرة لها دلالاتها.
فمنذ أشهر لم تتردد قيادات من حركة الشعب في توجيه انتقادات علنية للرئيس وسياساته وفريقه الحكومي، لكن إعلانها ترشيح أمينها العام كان مفاجئاً للشارع السياسي، بحسب "الاندبندنت عربية"، خصوصا أنه كشف عن أنه لا يُقدم نفسه بديلاً من الرئيس الحالي، مؤكداً أن ذلك لا يعني "أيضاً تخلياً عن الرئيس قيس سعيد".
حركة النهضة الإخوانية سبق أن وظفت الدين والتبرعات الخيرية في انتخابات 2011 والانتخابات التي تليها للوصول إلى السلطة
وقال المغزاوي "كنا من المساندين الأولين ودعمنا الرئيس، وبالنسبة إلينا فإن الـ25 من يوليو كان لحظة مهمة في تونس لأن البلاد عاشت حالاً من العبث طيلة 10 أعوام، والعملية السياسية التي جرت كانت عملية فاسدة ولم تستطع أن تضع تطلعات الناس ضمن جدول أعمالها".
ولدى حركة الشعب 11 نائبا من أصل 153 في البرلمان التونسي، وهي من الأحزاب المساندة للإجراءات الاستثنائية التي بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021.
إجراءات الترشح
وأكد رئيس هيئة الانتخابات التونسية فاروق بوعسكر على ضرورة أن يحتوي ملف الترشح على الوثائق المطلوبة؛ بينها شهادة الجنسية وبطاقة نقاوة السوابق العدلية، مشيرًا إلى ضرورة جمع التزكيات اللازمة إضافة لوجوب الاستظهار بوصل تأمين الضمان المالي الذي يبلغ قدره 10 آلاف دينار ما يعادل 3 آلاف دولار لفائدة الخزينة العامة.
وفيما شدد على أن كل هذه الوثائق هي دليل على مدى جدية المترشح، أكد أن الهيئة تتعامل حاليا مع الأسماء المتداولة على أنها مجرد نوايا تصويت، يمكن أن تصل إلى إيداع ملفاتها وقبولها ويمكن ألا تصل إلى ذلك.
ويلزم القانون الخاص بنظام الانتخابات، كافة الراغبين في الترشح للرئاسة، بتجميع 10 آلاف تزكية على الأقل من الناخبين موزعة على 10 دوائر انتخابية تشريعية على الأقل، على ألا تقل عن 500 تزكية في الدائرة الانتخابية التشريعية الواحدة، أو الحصول على تزكية 10 نواب من البرلمان أو من المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أو 40 من رؤساء الجماعات المحلية.