
بمناسبة حلول الذكرى الـ20 لرحيل الروائي الأردني مؤنس الرزاز، وتحت عنوان "مؤنس الرزاز: عشرون عاماً من الحضور رغم الغياب"، استعاد مثقفون وأكاديميون إرث الراحل مساء أمس الإثنين، في احتفالية نظّمتها "مؤسسة عبد الحميد شومان" في العاصمة الأردنية عمّان.
وحضر الاحتفال، الذي أقيم برعاية وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار، كلّ من رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز وعدد من الوزراء السابقين، ومجموعة من المثقفين والأكاديمين، مشيدين بتجربة مؤنس في الكتابة السردية العربية، واستشرافه لمستقبل السياسة والثقافة.
وأشار عمر الرزاز، شقيق الروائي الراحل، في كلمة ألقاها في الاحتفالية، إلى كتاب قيد الإعداد سيتضمّن رسائل لمعة بسيسو إلى زوجها منيف الرزاز وولديها مؤنس وعمر، وكتاباتها وقصائدها التي ساعدتها على تحمّل المحنة التي تعرّضت لها العائلة من نفي وإقامة جبرية قبل نحو 4 عقود.
احتفالية مؤنس الرزاز: "عشرون عاماً من الحضور رغم الغياب"انضموا إلينا الآن في احتفالية مؤنس الرزاز: "عشرون عاماً من الحضور رغم الغياب"، يتخلل الحفل كلمات لدولة الدكتور عمر الرزاز، ومعالي السيدة هيفاء النجار، والأستاذة فالنتينا قسيسية، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبدالحميد شومان، وشهادات وقراءات نقدية للروائي والناقد هاشم غرايبة، والدكتورة رزان إبراهيم، أستاذة النقد الأدبي الحديث في جامعة البترا، والناقد والمترجم فخري صالح، وستقدم الاحتفالية الدكتورة أماني سليمان، رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة البترا. #منتدى_شومان للحضور عبر منصة زووم عبر الرابط: https://shoman-org.zoom.us/j/86042270054 رمز الفعالية على زووم: 86042270054
Posted by Shoman Foundation مؤسسة عبد الحميد شومان on Monday, February 7, 2022
من جهتها، توقّفت وزيرة الثقافة عند الينابيع الأولى التي شكّلت بدايات الوعي لدى مؤنس وهو على مقاعد الدراسة في مدرسة المطران، حيث خاض هناك مغامرة العقل الأولى، وشارك في نقاشات معمّقة وجدل واسع مع زملائه ومعلّميه عن الأحوال السياسية والفكرية في عالمنا العربي، وكان يؤمن أنّ التعلّم تعبٌ وعرق، وأنّ التعلّم امتداد حقيقي لعائلة الرزاز، وأنّ التعلم المبدع امتداد حقيقي للسياسي النشط، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
اقرأ أيضاً: إعلان الفائزين بجوائز معرض القاهرة الدولي للكتاب.. "بيت الحكمة" يحصد 3 جوائز
وتابعت النجار، منبهة إلى أنّ "ينابيعه الأخرى بدأت من البيت مع والده منيف السياسي المحنّك والكاتب الكبير في السياسة والفكر والثقافة والنضال، الذي كرّس حياته للدفاع عن قضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وناضَل بعزم ضدّ الاستعمار الغربي، ومع والدته لمعة التي ساهمت في تشكيل هوية ابنها، وكانت من أوائل الأردنيات الحائزات على شهادة جامعية، وكانت مناضلة ساندت زوجها في ترحاله، وكتبت المقالات التي تعبّر عن فكرها ووجهة نظرها".
وزيرة الثقافة الأردنية: مؤنس كان من أبرز كتاب الرواية الحداثية العربية وما يميّز تجربته الروائية هو التجريب والتجديد دوماً، وتنوّع مصادره الأدبية، ولا سيما التراثية منها
وأكدت أنّ مؤنس كان من أبرز كتاب الرواية الحداثية العربية وما يميّز تجربته الروائية هو التجريب والتجديد دوماً، وتنوّع مصادره الأدبية، ولا سيما التراثية منها، وبوصلته كانت تتجه دوماً نحو تشريح الواقع العربي واستبطان أزمات الإنسان العربي والكشف عن طموحاته وآماله والدفاع عن حقه في أن يكون كما ينبغي له يكون.
وبيّنت النجار أنّ منصّة وزارة الثقافة الإلكترونية تتيح للقرّاء الاطلاع على أعمال مؤنس الروائية الـ 13.
من جهتها، أوضحت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان، فالنتينيا قسيسية، أنّ استذكار مؤنس يأتي من باب الامتنان لرموزنا الذي مثّل الراحل واحداً من أهمّها في عالم الأدب والكتاب، كما أنّ هناك أكثر من جيل لم يعايش مؤنس، ومن الواجب تقريب صورته وإبداعه، لكي يتعرف إليه عن قرب، لذلك اشتملت الاحتفالية على عرض رسومات وكتب مؤنس في مكتبة شومان، وعقد قراءات قصصية لأعماله موجّهة للأطفال واليافعين في مكتبة درب المعرفة.
وتخلل الاحتفال عرض فيلم قصير أضاء جانباً من مضامين تجربة مؤنس الروائية، واقتباسات مسجّلة له حول أهمية الحرية والديمقراطية بالنسبة للكاتب، كما تحدّث فيها عن الفن التشكيلي كوسيلة من وسائل الإبداع.
بدوره، قدّم الروائي هاشم غرايبة شهادة أشار فيها إلى أنّ مؤنس الرزاز كان يحبّ الحياة ويكره ألاعيب الواقع، ولا يهاب الموت ولا يتهيّب الحديث عنه، وكان يقول إنّ الموت مجرّد استقالة أو تقاعد من الحياة.
اقرأ أيضاً: المسرح يودّع أهم مخرجيه... تعرف إلى أبرز المحطات الفنية في حياة جلال الشرقاوي
وبيّن أنّ مؤنس واظب على تضميد جراحه الشخصية والعائلية وخسارات الأمة العربية بالعمل والأصدقاء والسخرية، تلك السخرية المركبة التي تكشف الزيف والتخلف وتفكك الواقع وتكشف مواطن الخراب، مضيفاً "كنا نحن المقريون منه نعرف كآبته العريقة، ونرصد تحوّلها إلى فن راقٍ، ونعرف أيضاً ضحكته العالية وبديهته الحاضرة وحبّه للحياة".
تخلل الاحتفال عرض فيلم قصير أضاء جانباً من مضامين تجربة مؤنس الروائية، واقتباسات مسجّلة له حول أهمية الحرية والديمقراطية بالنسبة للكاتب
أما أستاذة النقد الحديث الدكتورة رزان إبراهيم، فشدّدت في ورقتها "مؤنس الرزاز الغائب الحاضر" على أنه لا يمكن فصل الشكل الروائي الذي قدّمه الراحل عن مؤنس نفسه، ولا يمكن فصل الشكل عن موضوع الروايات التي كتبها، حيث كانت تجربة حياته ملازمة لما كتب، ومن يقرأه يحسّ أنه يهدم عمود القصّ التقليدي بمعاييره المعروفة، وتكون في صميم وعي ما بعد حداثي نجم عنه عالم روائي حافل بجماليات التفكيك.
وفي ورقته "الروائي مفكراً"، أشار الناقد والمترجم فخري صالح، إلى أنّ مؤنس الرزاز كان أحد الروائيين العرب الذين سعوا إلى أن لا يبقوا أوفياء للشكل الروائي المستعار من الرواية الأوروبية من خلال التواصل مع التراث مثلما فعل إميل حبيبي وجمال الغيطاني وآخرون، حيث اهتمّ مؤنس في جزء أساسي من عمله بتأصيل الكتابة الروائية العربية، كما ظهر في روايته "متاهة الأعراب في ناطحات السراب" وفي الوقت نفسه استفاد من مدارس متعددة كمدارس الحداثة في الرواية العالمية.
اقرأ أيضاً: رواية "حلم": الرغبات السرية المدفونة في المخيلة
ثم عُرض فيلم من إعداد مكتبة الحسين بن طلال في جامعة اليرموك بعنوان "هكذا قرأت مؤنس الرزاز" من تصوير ومونتاج سوار المومني وآلاء الحسين، وضمّ شهادات قدّمها كتّاب شباب وقراء هم؛ عثمان مشاروة ورؤى الحوامدة وهادية السرحان وراشد الواكد وروند كفارنة واقتبسوا بعضاً من مقولاته.
من جهته، لفت عمر الرزاز إلى أنه رغم كلّ ما سمعناه عن مؤنس الذي تلقى الضربة تلو الضربة إلا أنه لم يكن يائساً، حيث لم يتوقّف ولو للحظة عن الكتابة والرسم، ومعظم رواياته كانت في سنواته الأخيرة، وكتب ما كتب لا ليسلّي القارئ، ولم يكتب الروايات التقليدية التي تتضمّن حبكة ونهاية سعيدة، إنما كتب ليصدم القارئ بواقع واقعي وخرافي في آن واحد، لا ليقول إنّ هذا الواقع محتوم بل ليؤسس لإدراكه ونقده وتجاوزه نحو وعي تنويري إنساني ديمقراطي، ونحو دولة العدل حيث القوانين والمؤسسات والمواطن.
وختمت أستاذة اللغة العربية وآدابها الدكتورة أماني سليمان التي قدّمت الاحتفالية بقولها "نؤكد أنّ الغياب في حالة مؤنس الرزاز حضور من نوع خاص، حضور في الوجدان وفي القلوب المحبة، وفي الكلمة الصادقة المختلفة منزاحة عن المعيار والنمطية، وفي الرؤى الجامحة نحو حياة أكثر نقاء وحرية وصدقاً ووفاء".
يشار إلى أنّ الروائي الأردني رحل عن عالمنا يوم 8 شباط (فبراير) من العام 2002، بعد توقف قلبه عن العمل إثر إصابته بنوبة صدرية شديدة.
اقرأ أيضاً: كتاب "أم كلثوم في أبو ظبي" يصل متحف كوكب الشرق بالقاهرة
وترك الراحل أعمالاً إبداعية خالدة هي: أحياء في البحر الميت، جمعة القفاري.. يوميات نكرة، اعترافات كاتم صوت، حين تستيقظ الأحلام، متاهات الأعراب في ناطحات السراب، ليلة عسل، عصابة الوردة الدامية، الشظايا والفسيفساء، النمرود (مجموعة قصصية)، مد اللسان الصغير في وجه العالم الكبير (مقالات ساخرة)، رواية سلطان النوم وزرقاء اليمامة، قبعتان ورأس واحدة، مذكرات ديناصور.
وله العديد من المقالات المنشورة في صحف عربية واسعة الانتشار. شغل منصب رئيس تحرير مجلة أفكار الثقافية الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية حتى وفاته، وتحمل الرزاز مسئولية رابطة الكتاب الأردنيين كرئيس لأعوامٍ عدة، بالإضافة إلى شغله منصب مستشار لوزير الثقافة وكتابته العمود يومياً في صحيفتي "الدستور" و"الرأي" الأردنيتين.