بعد 34 عاماً... إعادة فتح قضية لوكربي تثير غضب الليبيين

بعد 34 عاماً... إعادة فتح قضية لوكربي تثير غضب الليبيين

بعد 34 عاماً... إعادة فتح قضية لوكربي تثير غضب الليبيين


14/12/2022

بعد (34) عاماً من وقوعها، فُتح مجدداً ملف حادثة تفجير "لوكربي"، بعد اعتقال الشرطة الأمريكية الليبي مسعود، واتهامه بالضلوع في صناعة القنبلة التي استُخدمت في تفجير الطائرة في كانون الأول (ديسمبر) 1988، التي أودت بحياة (270) شخصاً، من بينهم (11) من سكان بلدة لوكربي الإسكتلندية، التي انفجرت الطائرة الأمريكية في سمائها.

 لم يتوقع الليبيون أنّ هذا الملف سيُفتح من جديد، بعدما أغلقت السلطات هذا الملف الذي كلف ليبيا حصاراً اقتصادياً خانقاً في تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى نحو (3) مليارات دولار من التعويضات المالية لأسر ضحايا الطائرة الأمريكية، فضلاً عن الخلافات مع دول الغرب.

وبرغم تعهد واشنطن بإغلاق ملف القضية وعدم ملاحقة المتهمين، قالت وزارة العدل الأمريكية في بيان: إنّ مسعود موقوف، وسيمثل "أمام قاضٍ في العاصمة واشنطن".

 عود على بدء

الملف عاد إلى الواجهة من جديد، بعد الكشف منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي  عن اختفاء الضابط السابق في جهاز الأمن الخارجي الليبي، أبوعجيلة مسعود المريمي، من منزله في العاصمة طرابلس، مع أحاديث عن احتمال اختطافه، من دون أيّ تصريح من حكومة الوحدة الوطنية يجلي الغموض حول مصيره.

 وكانت السلطات الأمريكية قد وجّهت في كانون الأول (ديسمبر) 2020 اتهاماً للمريمي باحتمال تورطه في تفجير طائرة "بان آم" فوق لوكربي، مستندة إلى تقارير تشير إلى مسؤوليته عن صناعة القنبلة المستخدمة في إسقاط الطائرة.

أغلقت السلطات هذا الملف الذي كلف ليبيا حصاراً اقتصادياً خانقاً في تسعينيات القرن الماضي

 ويعتبر مراقبون إعادة فتح القضية محاولة من قبل جهات أمريكية لاستخدامها سياسياً، ويرى آخرون أنّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن في مواجهة حكومة بنغازي.

 يُذكر أنّه تم الاتفاق بين طرابلس وواشنطن على إغلاق ملف القضية نهائياً بعد دفع ليبيا التعويضات للضحايا، وأنّه لا يجوز فتح أيّ مطالبات جديدة عن أيّ أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل 30 حزيران (يونيو) 2006.

 وفي آب (أغسطس) 2008 أصدر الكونغرس الأمريكي قانوناً تقدّم به النائب حينها، جو بايدن، بتأمين الممتلكات الليبية والأفراد الليبيين المعنيين من الحجز أو أيّ إجراء قضائي آخر، ووقّع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في تشرين الأول (أكتوبر) 2008  مرسوماً بالتزام بلاده بإغلاق أيّ قضايا مفتوحة من عائلات الضحايا أمام المحاكم المحلية والأجنبية.

ووُصف التفجير بأنّه الاعتداء الإرهابي الذي حصد أكبر عدد من الضحايا على الأراضي البريطانية، فقد أودى بحياة (259) شخصاً في الطائرة، بينهم (190) أمريكياً، و(11) شخصاً على الأرض.

فُتح مجدداً ملف حادثة تفجير "لوكربي" بعد اعتقال الشرطة الأمريكية الليبي مسعود

 

 في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي داهمت عناصر "القوة المشتركة"، التابعة للحكومة منتهية الولاية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس منزل مسعود المريمي، الذي يناهز الـ (80) عاماً، ويعاني مرضاً مزمناً جعله طريح الفراش، وحاول أقرباؤه لقاء الدبيبة لمعرفة مصيره، قبل أن يفاجؤوا بوجوده في الولايات المتحدة.

 وفي الشهر نفسه دعا الدبيبة، وسط حشد بطرابلس، لفتح ملف لوكربي داخل ليبيا "ضد من استغلوا أموال البلاد لصالح تعويضات خارجية"، لكنّ رئيس الحكومة الجديدة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا رفض تسليم مواطن ليبي "خارج الأطر القانونية"، معتبراً ما حدث "خرقاً" لمبدأ سيادة الدولة واستقلال قضائها.

من هو أبو عجيلة؟

ويُعدّ أبو عجيلة مسعود أحد ضباط مخابرات الرئيس الراحل معمر القذافي، وفي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تداولت تقارير إعلامية أخباراً عن اختطافه من قبل مسلحين وسط العاصمة طرابلس.

 عمل أبو عجيلة مسعود، البالغ من العمر (80) عاماً، ضابطاً بجهاز الأمن الخارجي الليبي، وزعمت تقارير أمريكية أنّه المسؤول عن صناعة القنبلة المستخدمة في تفجير الطائرة "بان آم 130".

كان أبو عجيلة مسعود أحد ضباط مخابرات الرئيس الراحل معمر القذافي

 وفي كانون الأول (ديسمبر) 2020 أثير اسم مسعود حين أعلن النائب العام الأمريكي ويليام بار، في مؤتمر صحفي عُقد في واشنطن، عن اتهام ضابط أمن ليبي يدعى أبو عجيلة مسعود بصنع القنبلة التي فجرت طائرة البوينغ 747 التابعة لشركة "بان آم" الأمريكية، وطالب النائب العام بتسليمه إلى قضاء الولايات المتحدة.

 وكانت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قد كشفت عام 2015 أنّ الاتهامات الموجهة إلى مسعود ظهرت من خلال تحقيق أجراه كين دورنشتاين، شقيق أحد ضحايا لوكربي، الذي قضى (6) أعوام في تعقب المواطن الليبي، وهو من أعطى اسم مسعود لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

 غضب ليبي وعربي

وتستنكر السلطات الليبية إعادة فتح ملف التفجيرات، بعد اتفاق التسوية الذي وقعته البلاد في عام 2008، والذي يقضي بإغلاق الملف بشكل نهائي.

 هذا، وطالبت رئاسة مجلس النواب الليبي من النائب العام المستشار الصديق الصور، تحريك دعوى جنائية ضد كل من تورط في "خطف المواطن مسعود وسلّمه إلى جهات أجنبية".

القضية تتعلق بتفجير طائرة في 1988، أودت بحياة (270) شخصاً، من بينهم (11) من سكان بلدة لوكربي

 

 وقالت رئاسة البرلمان: إنّ قضية لوكربي "جرى تسويتها نهائياً مع الحكومة الأمريكية بموجب اتفاق ترتب عنه عدم المسؤولية الجنائية لطرابلس، وتعويض المتضررين مادياً".

 واستنكر نواب البرلمان تسليم مسعود في بيان آخر اعتبر أنّ تسليم أيّ مواطن ليبي لدولة أجنبية خارج إطار القانون جريمة مخالفة لكل الأعراف والمواثيق المحلية والدولية، لافتاً إلى أنّ هناك قراراً سابقاً للبرلمان بتوجيه تهمة الخيانة العظمى لمن يعيد فتح قضية "لوكربي".

 وخرجت دعوات تطالب المحامين الليبيين والعرب بتشكيل لجنة دفاع مشتركة للترافع عن مسعود.

 وأعلنت أسرة مسعود أنّها تقدّمت بشكوى إلى مكتب النائب العام في طرابلس ضد ما وصفته بـ "عملية خطف وتسليم مسعود للجانب الأمريكي بالمخالفة للقانون الليبي".

بدوره طالب رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا السلطات الأمريكية بإيضاح كيفية وصول مواطنه مسعود إلى واشنطن في إطار قضية لوكربي، معتبراً أنّ "مسعود خُطف خارج الإطار القانوني والقضائي والشرعي"، مؤكداً أنّ هذا "أمر مرفوض وغير معترف به".

 الدبيبة يتحمل المسؤولية؟

واستنكر (44) حزباً سياسيا ليبياً عملية اختطاف وتسليم المواطن الليبي مسعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ودعوا الليبيين إلى ضرورة التحرك الجماعي للتنديد بالجريمة ومحاكمة المسؤولين عنها، من خلال الاعتصام أمام مقرات الأمم المتحدة وسفارات الولايات المتحدة الأمريكية في الداخل والخارج تنديداً بما وصفوه بـ "الجريمة النكراء".

 وأشارت الأحزاب السياسية إلى أنّها "نددت قبل شهر بعملية اختطاف المواطن مسعود من وسط بيته ومن بين أهله وعائلته في مدينة طرابلس من طرف عصابة محلية مسلحة واقتياده إلى جهة غير معلومة تمهيداً لما تم تسريبه وقتها من اعتزام رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزيرة الخارجية تسليمه إلى الحكومة الأمريكية، في صفقة مشبوهة لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية والتودد إليها وكسب دعمها".

تم الاتفاق بين طرابلس وواشنطن على إغلاق ملف القضية نهائياً بعد دفع ليبيا التعويضات للضحايا

 

 وحمّلت الأحزاب السياسية رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، المسؤولية كاملة عن كلّ ما يترتب على إعادة فتح هذه القضية من أضرار مادية ومعنوية تلحق بالرهينة الليبي وبمصالح الشعب الليبي وسيادته.

 ودعت الأحزاب إلى رفع قضية أمام القضاء الليبي للبتّ في عدم مشروعية الاختطاف، والمطالبة بمحاكمة كل المتورطين في هذه العملية بتهم الخيانة العظمي والتورط في جرائم الخطف والمقايضة السياسية بحرية مواطن ليبي مقابل دعم طرف سياسي معيّن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية