بعد 11 عاماً على "القمصان السود"... لبنان إلى أين؟

لبنان

بعد 11 عاماً على "القمصان السود"... لبنان إلى أين؟


09/05/2019

لا ينسى اللبنانيون، في الذكرى الحادية عشرة لحادثة "القمصان السود"، قيام "حزب الله" في السابع من أيار (مايو) 2008 بانتشاره العلني بالسلاح، واقتحامه العاصمة بيروت ومدينة صيدا وغيرهما عسكرياً، للقول "إنكم أمام خيار إما القبول بما أمليه عليكم أو أرغمكم بالقوة على ذلك".

اقرأ أيضاً: توجه أمريكي جديد في لبنان.. ما علاقة حزب الله؟
ويقول الصحفي اللبناني، علي الأمين، إنّ "القمصان السود" كان تعبيراً رمزياً يحرص "حزب الله" عبر أنصاره على التلويح به، حين يجد أنّ ثمة من يعترض من القوى السياسية الوازنة على قرار من قراراته الداخلية، وهو كان يلبي حاجته لبث الخوف لدى بعض الفئات من اللبنانيين، وكان الوجه السحري أو القناع الذي يتخفى خلفه التهديد باستعمال السلاح.

سعيد: لبنان بحاجة لجبهة إنقاذ وطنية؛ لأن الحزب الذي أخذ على عاتقه منذ 7 أيار 2008 بناء الدولة على مقاسه فشل

وبهذه المناسبة عقد النائب السابق، فارس سعيد، ورئيس "حركة المبادرة الوطنية" الدكتور رضوان السيد مؤتمراً صحافياً مشتركاً، في مركز "بوليتيكا" في الأشرفية، أول من أمس، بحضور النائب مروان حمادة، استهلّه سعيد بالتذكير بمقولة ماكس فيبر في العام 1919 (إن الدولة هي "الإطار الذي يحق له حصرياً استخدام العنف وفقاً للقانون"، ما يعني أنّ استخدام العنف من خارج حصرية الدولة ومن خارج القانون هو انقلاب موصوف)، كما نقلت صحيفة "الحياة".
بدوره، قال رضوان السيد: "أردنا من وراء الاجتماع في هذا اليوم تذكّر ما حدث يوم 7 أيار 2008 حين دخل آلاف المسلحين من "حزب الله" وحلفائه إلى بيروت بهدف إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد حصار دام 18 شهراً. لقد كان المراد الإطباق على القرار السياسي والإداري في الدولة بعد ثلاثة أعوام على استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وقيام ثورة 14 آذار، وخروج الجيش السوري من لبنان، والفوز في الانتخابات، وقيام المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري".
القمصان السود" كان تعبيراً رمزياً يحرص "حزب الله" عبر أنصاره على التلويح به

ماذا تعني حادثة القمصان السود في 7 أيار؟
لدى الإجابة عن هذا السؤال قال فارس سعيد:
* "7 أيار يعني جيشاً وطنياً (لبنانياً) يتساكن قسراً مع ميليشيا (حزب الله) تتلقى أوامرها من إيران.
* 7 أيار يعني جيشاً لا يحق له حتى الاحتفال بتحرير الجرود من الإرهاب، بينما ينتشر على طريق الكنيسة لتأمين وصول رئيس الجمهورية!!

اقرأ أيضاً: لبنان وحزب الله: لحظة الحقيقة
* 7 أيار يعني عدم اعتراف السلطة اللبنانية بوجود "أنفاق" في الجنوب حماية لـ"حزب الله"، ومن ثم يتم الاعتراف بوجودها بعد إقرار "حزب الله" بها.
* 7أيار يعني المساءلة عن كلفة النظام التقاعدي للجيش، وعدم مساءلة "حزب الله" عن كلفة حروبه على الاقتصاد والخزينة.
*7 أيار يعني رئيساً في بعبدا وحاكماً في الضاحية الجنوبية لبيروت.

سعيد: أصبح مستقبلنا ومستقبل أولادنا متعلقاً بمرشد (حسن نصر الله) يطل علينا على الشاشات ليرشدنا حتى في قطاعنا المصرفي

* 7 أيار يعني "حكومات" داخل حكومة مشلولة بسبب تجاذبات مكوناتها، وفي النهاية، وبحجة الاستقرار تعمل هذه الحكومة لمصلحة "حزب الله".
* 7 أيار يعني تشجيع اللبنانيين على استحداث إدارات سياسية لكل طائفة من أجل استنساخ نموذج "حزب الله" - "أمل"، والنتيجة واضحة: طائفة مميزة بسبب ارتباطها الخارجي، وحزب حاكم بسبب السلاح أما الباقي فعادي وأقل من عادي.
* 7 أيار يعني أنه ممنوع على لبنان استغلال ثروته واستخراج النفط والغاز من البحر، لكن من المسموح أن تمتدّ يد الدولة إلى جيوب المواطنين.
* 7 أيار يعني أن تملي ميليشيا على المصارف ماذا عليها أن تفعل بدلاً من رئيس حكومة لبنان أو رئيس جمهوريته.
* 7 أيار يعني تعليق الدستور منذ 7 أيار 2008 والتمهيد لمؤتمر تأسيسي جديد على قاعدة موازين قوى مستحدثة".
الحاجة إلى جبهة إنقاذ وطنية
وأضاف سعيد: "لكل هذه الأسباب، نرى أنّ لبنان في حاجة إلى جبهة إنقاذ وطنية. لأن الحزب الذي أخذ على عاتقه منذ 7 أيار 2008 بناء الدولة على مقاسه فشل. وكانت نتيجة "انتصاراته" سقوطاً للدولة، حتى أصبحنا قاب قوسين من الخروج من النظامين العربي والعالمي. لقد أصبح مستقبلنا ومستقبل أولادنا متعلقاً بمرشد (هو أمين عام حزب الله حسن نصر الله) يطل علينا على الشاشات ليرشدنا حتى في قطاعنا المصرفي". وأضاف: "لا، يا عزيزي، قد يكون هذا لبنان "حزب الله" إنما بالتأكيد هو ليس لبناننا. لبنان الذي نريد هو لبنان العيش المشترك، والدستور والطائف، وقرارات الشرعية العربية والدولية".

النتائج السياسية والتوازنات الجديدة
ولدى حديثه عن النتائج التي تمخضت عن حادثة "القمصان السود" التي قادها "حزب الله" قبل أحد عشر عاماً، قال رضوان السيّد، وفق صحيفة "الحياة"، إنّ "أولى نتائج احتلال بيروت كانت مؤتمر الدوحة [الذي انعقد في دولة قطر في 21 أيار (مايو) 2008] الذي ثبّت أمرين: التغيير بقوة السلاح، والثلث المعطّل في الحكومة. وما غيرت انتخابات العام 2009 والتي انتصرت فيها قوى 14 آذار، مرة أخرى، من هاتين الممارستين. فالقمصان السود أسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى عام 2011، وأمكن تشكيل حكومة اللون الواحد من دون القوى التي كسبت الانتخابات. وفي عهد تلك الحكومة جرت متابعة الاغتيالات، فقتل اللواء وسام الحسن، والوزير محمد شطح، وتحطم تحالف 14 آذار نهائياً بخروج "القوات اللبنانية" منه بعد الوزير وليد جنبلاط، وسارت القوى السياسية خارج التحالف الشيعي أو الشيعية السياسية على قاعدتين أدتا إلى الحالة التي نحن عليها اليوم: الرئيس المسيحي القوي (ميشال عون) الذي يستعيد حقوق المسيحيين التي أكلها الطائف - وتنازلات الحريرية السياسية الوطنية بداعي الحفاظ على الاستقرار". وأضاف السيّد "لقد انتهى منطق هذين الاعتبارين إلى التسوية عام 2016، والتي كانت أهم نتائجها: مجيء الرئيس القوي، وقانون الانتخابات المعروف، والسيطرة الحزبية على رئاسة الجمهورية، وعلى الأكثرية في الحكومة، ومجلس النواب، والمرافق العامة كالمطار والمرفأ، وقرار السلم والحرب، إلى حد إصدار مرشد الجمهورية "نصائح" إلى المصرف المركزي في شأن السياسة النقدية التي ينبغي اتباعها. وفي النهاية، لم يتحقق الاستقرار الذي أراده الذين تنازلوا، ولا أفادت قوة الرئيس بدليل مطالبته الرئيس بوتين بحماية المسيحيين، وذهابه إلى أن "حزب الله" يحمي الجمهورية من إسرائيل لأن الجيش ضعيف".

اقرأ أيضاً: عقوبات بريطانية جديدة على حزب الله اللبناني
ونقلت "الحياة" عن النائب السابق مروان حمادة قوله: "في كل مرة غلب لبنان توازن القوى دخل في حرب أهلية مع اشتراكات إقليمية، وكل طوائفنا حاولت تاريخياً أن تمسك لبنان؛ بدءاً من الدروز مروراً بالموارنة والسنّة، وصولاً إلى الشيعة، وكلهم فشلوا، ولن تقوم قائمة لدولة إلا بقوة التوازن".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية