بعد قرصنتها.. ماذا نعرف عن مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله؟

بعد قرصنتها.. ماذا نعرف عن مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله؟


29/12/2020

في خطوة نسفت "السرية المصرفية" التي يعتمد عليها حزب الله لتمويل عناصره ومواليه، أقدمت مجموعة من القراصنة الإلكترونيين على اختراق حسابات كافة فروع مؤسسة "القرض الحسن" التابعة للحزب، إضافة إلى حصولها على تسجيلات الكاميرات المثبتة في تلك الفروع. 

ونشر أعضاء المجموعة، التي أطلقت على نفسها اسم "Spiderz"، مقطع فيديو أعلنوا من خلاله عن عمليتهم التي حصلوا فيها على كل المعلومات المُتعلقة بالجمعية وحساباتها السرية، وأعلنوا عن وضعها بتصرف جميع الناس، واعدين بالكشف عن المزيد من المعلومات في المرحلة المقبلة.

اقرأ أيضاً: حزب الله.. سر الصمت

وتأتي عملية القرصنة هذه لتؤكد ما كان يدركه اللبنانيون، وهو أنّ تلك المؤسسة التابعة للحزب تعمل بموجب قانون الجمعيات في البلاد، إلّا أنّها تقوم حرفياً بأعمال مناطة بالمصارف، ما يستوجب حصولها على ترخيص من قبل مصرف لبنان، وخضوعها للقوانين المُتعلّقة بدفع الضرائب وتبييض الأموال وغيرها.

أسّس حزب الله مؤسسة "القرض الحسن" عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982

وتشير المعلومات الواردة في الفيديو إلى حصول المجموعة على أسماء المقترضين والمودعين في كل فرع للجمعية، التي تعتبر مصرف حزب الله في لبنان، ومصدراً رئيسياً من مصادر تمويله وتبييض أمواله، إضافة إلى كافة التفاصيل المتعلقة بقيمة القروض ونسبة السداد ومعلومات شخصية عن المقترضين وميزانية الأفرع والمؤسسة للأعوام 2019 و2020، وفق ما أورد موقع "لبنان 24".

ووجّهت المجموعة دعوة لكل المقترضين والمودعين الذين يتعاملون مع "القرض الحسن"، لعدم الدفع وسحب أموالهم ومقاطعة اقتصاد حزب الله الموازي الذي ساهم في انهيار البلاد اقتصادياً من خلال  ابتزازه لمصادر الدولة.

 

تمكّنت مجموعة القرصنة التي تُطلق على نفسها اسم (Spiderz) من الحصول على أسماء المقترضين والمودعين في كل فرع للجمعية

 

وكشفت العملية أيضاً عن حسابات مؤسسة القرض الحسن - التي أدرجتها الخزانة الأمريكية على قائمتها السوداء عام 2007 - في جميع المصارف اللبنانية من بينها مصرف "جمال ترست بنك" الذي سبق أن طالته عقوبات الولايات المتحدة في العام 2019 بسبب تعاونه المالي مع حزب الله. 

وكان لافتاً بعد الانهيار الاقتصادي الذي شهده لبنان أنّ هذه المؤسسة عمدت إلى نشر صرافات آلية قرب فروعها وفي أماكن سيطرة الحزب ونفوذه لخدمة المودعين، لتتحول "الجمعية" رسمياً إلى مصرف خارج عن سلطة الدولة وقرارات مصرف لبنان المركزي وتعاميمه، بحيث تفرض على المقترضين سداد ديونهم بالدولار الأمريكي بدلاً من الليرة، خلافاً لتعاميم مصرف لبنان التي فرضت ذلك على كافة المصارف اللبنانية.

ما الذي نعرفه عن الجمعية؟

أسّس حزب الله مؤسسة "القرض الحسن" عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وتم ترخيصها من قبل وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987 كجمعية خيرية، في حين أنّها باتت اليوم تُقدّم قروضاً بنحو 500 مليون دولار لأكثر من 200 ألف مقترض، وفق ما أورد موقع "العربية".

وفي نيسان (أبريل) 2016، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية الجمعية على قائمة العقوبات، لكنّ نشاطها لم يتوقف.

وتُعتبر "القرض الحسن" أحد أبرز الركائز الاقتصادية لحزب الله، يديرها من خارج المنظومة الاقتصادية اللبنانية المصرفية ولا تخضع لقانون "النقد والتسليف" اللبناني.

وتقول الصحفية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية محاسن الحلبي، إنّ "جمعية القرض الحسن تختلف في جميع عملياتها عن النظام المصرفي في لبنان، بداية من العلاقة التعاقدية، وصولاً إلى أنّ غالبية المتعاملين معها هم من جمهور حزب الله".

 

تمّ ترخيص مؤسسة القرض الحسن كجمعية خيرية في حين أنّها باتت اليوم تُقدّم قروضاً بنحو 500 مليون دولار لأكثر من 200 ألف مقترض

 

وشدّدت الحلبي على أنّ "حزب الله وجمهوره أسسوا اقتصاداً موازياً لا يقتصر على العمليات المصرفية فقط، بل على المحروقات، الأدوية، وغيرها من المواد التي يعمد إلى تمويلها"، مشيرةً إلى أنّ "الاقتصاد اللبناني متفكك ويعاني من انهيار، فيما حزب الله بنى منظومته الخاصة، ويحصّنها مقابل انهيار البيئة اللبنانية جمعاء".

وينحصر نشاط المؤسسة بعناصر حزب الله ومؤيديه، وتنتشر فروعها، البالغ عددها 31، في مناطق تحظى بالأغلبية الشيعية مثل الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان والبقاع.

اقرأ أيضاً: ما قصة اختفاء الصحافي اللبناني ربيع طليس؟ وما علاقة حزب الله؟

وتعتمد المؤسسة على التمويل الذاتي؛ إذ إنّها تنشط في تقديم القروض صغيرة الحجم ولآجال قصيرة، مقابل ضمان للمشتركين، الذين يقومون بإيداع الأموال في الجمعية على أساس شهري، حيث يحق للمشتركين الحصول على قرض، إذا قاموا بإيداع ما لا يقل عن 10 آلاف ليرة شهرياً (نحو 6.5 دولار)، في مشروع يُسمى الاشتراك الشهري، فضلاً عن قبولها التبرعات من الأفراد الأثرياء، ما يُمكّنها من منح القروض.

أمّا الطريقة الأكثر شيوعاً لعمل المؤسسة؛ فتتمثل بالقرض مقابل ضمانات من ذهب، بحيث يضع المقترض كمية من الذهب لدى المؤسسة كضمانة مقابل حصوله على قرض، وتحتفظ الجمعية بالذهب حتى يتم سداد القرض، وفي هذه الحال تشترط الجمعية سداد القرض خلال فترة زمنية لا تزيد عن 30 شهراً.

 

لم يقتصر عمل الجمعية على النشاطات المصرفية المحلية فحسب، بل تجاوز الحدود اللبنانية لتقديم المساعدات لحلفاء الحزب، لا سيما الحوثيين في اليمن

 

ويقول مصدر مصرفي رفيع المستوى لـ"العربية": إنّ "التسليف يحتاج إلى رخصة من قبل مصرف لبنان وهو ما ليس متوفراً لدى القرض الحسن، وقد يكون ورود أرقام في لوائح رخص التسليف في مصرف لبنان دون وجود اسم المؤسسة التابع لها، مردّه إلى شطب قرار الترخيص بالتسليف للجمعية من قبل المصرف المركزي".

ولم يقتصر عمل الجمعية على النشاطات المصرفية المحلية فحسب، بل تجاوز الحدود اللبنانية لتقديم المساعدات "لحلفاء الحزب"، لا سيما الحوثيين في اليمن؛ إذ إنّها افتتحت عام 2018 حساباً لنقل التبرعات للحوثيين في اليمن.

وفي نيسان (أبريل) 2019 فتحت حسابين لنقل التبرعات لضحايا الفيضانات في إيران من قِبل الهلال الأحمر الإيراني وجمعية الإمداد التابعة لحزب الله، وتدخلت الجمعية حتى في التمويل العسكري.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية