بعد فوز ترامب.. الصين تراهن على مصر لإقناع واشنطن بإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب

بعد فوز ترامب، الصين تراهن على مصر لإقناع واشنطن بإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب

بعد فوز ترامب.. الصين تراهن على مصر لإقناع واشنطن بإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب


13/11/2024

وجّه فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضربة قوية لأذرع الإخوان حول العالم بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص، في ظل تشدد الرئيس الجمهوري في التعامل مع الجماعة، التي وصفها أكثر من مرة بالتطرف، وثمّن حراك الجيش المصري في تموز (يوليو) 2013 لحماية ثورة المصريين ضدّ الإخوان.

موقع (Modern Diplomacy) نشر تقريراً مكثفاً بالإنجليزية، للدكتورة نادية حلمي أستاذة العلوم السياسية، وفيه قالت: إنّ الأوساط السياسية والدبلوماسية والأكاديمية تترقب عودة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومدى قدرته على تحدي الدولة العميقة ومؤسساتها في واشنطن؛ لإدراج جماعة الإخوان المسلمين على القائمة الأمريكية لـ "الجماعات الإرهابية الأجنبية".     

وكشفت أستاذة العلوم السياسية، الخبيرة في الشؤون الصينية، عن قيام مراكز الأبحاث الصينية بدراسة هذه الخطوة المحتملة، واكتشاف مدى قدرة النظام السياسي المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على ممارسة أقصى الضغوط على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، في ظل العلاقات الشخصية الوثيقة التي جمعتهما خلال رئاسته السابقة، مع تحليلات معمقة لتداعيات هذه الخطوة بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية على القائمة الأمريكية، معتبرة أنّ إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الجماعات الإرهابية قد يعقد علاقة واشنطن مع تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي العسكري.

مؤشر صيني لدراسة تأثير الإخوان

لعل الجديد في الأمر بالنسبة إلى الصينيين، بحسب الدكتورة نادية حلمي، بصفتها خبيرة متخصصة في الشؤون السياسية الداخلية الصينية وسياسات الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، هو إطلاق الصينيين نسخة بحثية وتحليلية صينية مبتكرة لقياس مؤشر تأثير الإخوان المسلمين على المستوى الدولي بشكل دوري مستمر. وهي السابقة الأولى من نوعها في العالم، والتي تهدف إلى قياس مدى تأثير الإخوان على مختلف المستويات في مختلف المناطق الجغرافية، سواء داخل الصين أو بين الأقليات المسلمة في الصين، مثل المسلمين الإيغور في إقليم "شينجيانج" وحول العالم.

ويقيس مؤشر تأثير الإخوان المسلمين في نسخته الصينية المبتكرة الجديدة كافة مستويات نفوذ وتغلغل جماعة الإخوان المسلمين داخل مصر والصين نفسها، وجميع دول الشرق الأوسط، وذلك من خلال التركيز الصيني على قياس (5) مؤشرات رئيسية تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين؛ وهي:  نفوذ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين دولياً وإقليمياً في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج، والتأثير السياسي، والتأثير الاقتصادي، والتأثير الإعلامي، والتأثير المجتمعي لجماعة الإخوان المسلمين

كما أطلق الجانب الصيني مشروع قياس اتجاهات الرأي العام في الفضاء الإلكتروني، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تجاه جماعة الإخوان المسلمين، والذي يرصد بشكل دوري تفاعلات الرأي العام المصري والعربي والصيني والعالمي عالمياً تجاه جماعة الإخوان المسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، سواء داخل الصين أو خارجها، لتحديد مدى خطورة وتغلغل هذه الجماعة وفقاً لتحليل الصينيين ودوائرهم السياسية والاستخباراتية والدبلوماسية.

 وبحسب الصينيين، وفقاً للتقرير المذكور، فإذا نجحت جهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حث الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ضمن قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة داخل الدوائر الأمريكية، فإنّ هذه الخطوة قد تحمل أيضاً ـ بحسب التحليلات الصينية ذاتها ـ رسالة إلى الأطراف الإقليمية الفاعلة في الشرق الأوسط، مفادها أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مع أيّ تكتيكات خادعة قد يلجأ إليها حلفاء أو داعمو جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في المنطقة، أو أيّ ذرائع أخرى قد يلجؤون إليها.

الرئيس المصري: عبد الفتاح السيسي

ولفت التقرير إلى أنّ الولايات المتحدة، في عهد ترامب، لن تقبل المعايير المزدوجة في التعامل مع الكيانات والمنظمات الإرهابية كجماعة الإخوان المسلمين، وفروعها المنتشرة في العالم، وخاصّة تلك التي فرّت إلى تركيا وقطر بعد نجاح ثورة 30 حزيران (يونيو) في مصر، ونجاحها في طرد وإبعاد تنظيم الإخوان الإرهابي عن السلطة في مصر، وتصنيفه قانونياً كجماعة إرهابية أو كيان إرهابي، وفقاً للقانون المصري ومواده الخاصة بمكافحة الإرهاب

تضييق غربي على الإخوان

وتلفت الدكتورة نادية حلمي إلى مدى إدراك عدد من الدول الديمقراطية والأنظمة والحكومات الصديقة لواشنطن لخطورة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وخطورة الدعم والتمويل الذي تحظى به داخل أراضيها. فقد ألمحت وزارة الداخلية البافارية في ألمانيا إلى أنّها لم تعد تستبعد وضع "الاتحاد الإسلامي التركي" (ديتيب) تحت إشراف المكتب الاتحادي لحماية الدستور، بعد مشاركة ممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين في ندوة نظمها الاتحاد في مدينة كولونيا الألمانية؛ وقد أدى ذلك إلى إخضاع الاتحاد الإسلامي التركي لرقابة هيئة حماية الدستور الفيدرالية أو الاستخبارات الداخلية الألمانية.

ورأت السلطات الألمانية أنّ ما يثير القلق بشكل خاص هو دعوة الاتحاد الإسلامي التركي داخل الأراضي الألمانية نفسها لممثلي جماعة الإخوان المسلمين لحضور ندوة غير قانونية في الأساس، تمّ تنظيمها في مدينة كولونيا الألمانية، مع أنّ جهاز المخابرات الداخلية الألمانية يعتبر أنّ جماعة الإخوان المسلمين واتحاد (ديتيب) المتحالف معها يتبنون مواقف غير قانونية، لا يمكن التوفيق بينها وبين متطلبات الدستور الألماني، لذا فإنّ الدولة الألمانية وجهاز مخابراتها يجب أن يكونا في يقظة فيما يتعلق بأنشطة جماعة الإخوان المسلمين.

ترقب صيني 

وتحلل الدكتورة نادية حلمي حالة الترقب والانتظار في الأوساط السياسية والدبلوماسية والأكاديمية الصينية، بشأن مدى نجاح الضغوط المصرية على الإدارة الأمريكية؛ لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وتحليل الجانب الصيني لفترة ترامب السابقة، وتشاور ترامب خلال رئاسته السابقة في العام 2019 مع فريقه للأمن القومي وقادة إقليميين يتشاركون معه الاهتمام نفسه، وعلى رأسهم الرئيس المصري، حول الأمر. لذا فإنّ التحليلات الصينية ودوائر صنع القرار المصري، تترقبان الآن مدى قدرة الرئيس ترامب على إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، وإمكانية أن يأخذ هذا الأمر مجراه داخل الدوائر الداخلية لصنع القرار الأمريكي.

أستاذة العلوم السياسية، الخبيرة في الشؤون الصينية: الدكتورة نادية حلمي

 وتطرح الدكتورة نادية حلمي في تحليلها ما يدور داخل الأوساط الفكرية والأكاديمية والدبلوماسية والسياسية في الصين، حول مدى خطورة جماعة الإخوان المسلمين في مصر وجميع دول الشرق الأوسط، معتبرة أنّ جماعة الإخوان المسلمين ليست حزباً إسلامياً محافظاً، بل هي جماعة تسيء للإسلام. 

ويعتقد الصينيون أنّ تصنيف الولايات المتحدة لهذه الجماعة منظمة إرهابية، سيبعث برسالة واضحة مفادها أنّها تعارض بشدة الإيديولوجية السامة للإسلاموية، وليس الدين الإسلامي. وفي هذا السياق، يرى الصينيون أنّ تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية من قبل الجانب الأمريكي؛ سوف يسهم في الحدّ من الانتشار السرطاني لهذه الجماعة الإرهابية المحظورة، بين الجالية المسلمة الأمريكية، في مواجهة خطر الخوف من الإسلام والمسلمين، أو ما يُعرف بـ"الإسلاموفوبيا"، من خلال توضيح الأمر للرأي العام الأمريكي بأنّ الإسلام ليس العدو، بل العدو هو تلك الجماعات والمنظمات الإرهابية ذات المصالح الضيقة، مثل جماعة الإخوان المسلمين، بامتداداتها وتشابكاتها داخل كافة قطاعات المجتمع الأمريكي والعالم.

وتتابع: "ترى دوائر صينية أنّ إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الجماعات الإرهابية، سيتيح للمسؤولين الأمريكيين فرض عقوبات على أيّ شخص أو جماعة مرتبطة بها، وهو  الأمر نفسه الذي طالب به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد استضافة ترامب للرئيس السيسي خلال رئاسته السابقة".

وتدرس الدوائر الصينية كافة الأسس القانونية لهذا التصنيف لجماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في دوائر صنع القرار الأمريكية، فبحسب القانون الأمريكي فإنّ تصنيف أيّ جماعة كمنظمة إرهابية أجنبية يجب أن يفي بـ (3) معايير يراها الصينيون متوفرة في جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية محظورة؛ وهي: أن يكون الكيان منظمة أجنبية، وأن يكون منخرطاً في نشاط إرهابي أو لديه العزم والقدرة على الانخراط في نشاط إرهابي، وأن يهدد النشاط الإرهابي أمن المواطنين الأمريكيين أو الأمن القومي الأمريكي نفسه. وهذا ما يراه الصينيون متوفراً وقابلاً للتطبيق على إرهابيي الإخوان المسلمين في مصر والشرق الأوسط.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية