
شهدت مدينة الموصل شمالي العراق، إعادة افتتاح جامع النوري الكبير، الذي يضم مئذنة الحدباء المائلة التي يعود تاريخها إلى ثمانية قرون.
وقد قادت منظمة اليونسكو مشروع إعادة البناء بالشراكة مع هيئة الآثار والتراث العراقية، وبتمويل من الإمارات، ضمن خطة لإعادة إحياء معالم الموصل التاريخية. وشمل المشروع أيضا، ترميم كنيستي الطاهرة والساعة، وفقا لشبكة "الحرة".
ودمر "داعش" الذي اجتاح المدينة عام 2014، المئذنة، قبل أن تحرر القوات العراقية والتحالف الدولي الموصل منه عام 2017، فيما يُعد المسجد رمزا تاريخيا مهما، حيث أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قيام ما أسماها بـ"الخلافة" عام 2014.
وأكدت أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، خلال احتفال أقيم في 5 شباط / فبراير الجاري، أن المشروع يمثّل عودة التاريخ والهوية للموصل، مشيرة إلى جمع 115 مليون دولار من 15 جهة مانحة، أبرزها الإمارات والاتحاد الأوروبي.
منذ عام 2018 تعمل اليونسكو بالتعاون مع الحكومة العراقية ودولة الإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين، لإعادة بناء المعالم الثقافية
وأُسس المسجد بين عامي 1172-1173م على يد نور الدين الزنكي، وكان يضم مدرسة إسلامية. أما المئذنة الحدباء، التي يبلغ ارتفاعها 45 مترا، فقد أصبحت رمزا للموصل، وشكّلت جزءا من نسيجها المعماري الذي يمتد إلى العصور الوسطى.
يُذكر أنه في خريف عام 2014 بدأ تنظيم "داعش" الإرهابي بتدمير النصب التذكارية والآثار والكنائس وحتى المساجد في المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق، في وادي الرافدين الذي كان مهد الحضارة الإنسانية والثقافات والتي كانت المركز الفكري والثقافي للشرق، قبل الإسلام بفترة طويلة.
الكثير من المباني والمواقع الثقافية التي تم تدميرها كانت مدرجة منذ فترة طويلة على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، لكن مقاتلي "داعش" لم يكونوا مهتمين بذلك، فقد دمروا المدن القديمة في الحضر ونينوى. كما دمروا أماكن العبادة والمواقع الثقافية.
وتعرضت الكتب والمخطوطات النادرة وكذلك التحف في المكتبات والمتاحف للتدمير أو النهب، كما نزح الآلاف من السكان - وانطفأت روح الموصل.
وتم دحر تنظيم "داعش" عام 2017 واستعاد الجيش العراقي السيطرة على مدينة الموصل، بعد أن دُمر جزء كبير منها. والكثير من الصروح المعالم الثقافية والآثار تحول إلى أنقاض، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 130 ألف منزل.
منذ عام 2018 تعمل اليونسكو بالتعاون مع الحكومة العراقية ودولة الإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين، لإعادة بناء المعالم الثقافية، بهدف إعادة إحياء التعدد الثقافي والديني في هذه المدينة العراقية تحت شعار "إحياء روح الموصل".
وهكذا تم إعادة بناء مسجد النوري المشهور مع مئذنته المائلة ودير الساعة "السيدة العذراء" وكنيسة "الطاهرة" للسريان الكاثوليك، بالإضافة إلى 124 منزلا قديما ومسجد الأغوات ومدرسة الإخلاص في المدينة القديمة. وقد كلف ذلك أكثر من 140 مليون يورو.