بعد تسليمهم الشمال لتركيا: إخوان سوريا يدعون لتحرير الجولان

بعد تسليمهم الشمال لتركيا: إخوان سوريا يدعون لتحرير الجولان

بعد تسليمهم الشمال لتركيا: إخوان سوريا يدعون لتحرير الجولان


15/08/2023

ورقة العدو الصهيوني ما تزال رائجة لدى الإخوان المسلمين، على الرغم من ازدواجية التعامل معها، وتوظيفها ضد خصومهم. نشر فرع الإخوان المسلمين في سوريا منشوراً عبر صفحة الجماعة على "فيسبوك" بعنوان كيف يمكن تحرير الجولان؟

وعلى الرغم من غرابة المنشور، الذي ينمّ عن شعور بالتعالي عن الواقع والآخر، إلى حد تقديم عدة نصائح يجب اتباعها لتحرير الجولان، فإنّ الأشد غرابةً هو صدور الدعوة عن جماعة سلمت شمال غرب سوريا إلى محتل آخر وهو تركيا.

تناقضات الإخوان

أشار الكاتب السوري، أحمد مولود الطيار في مقال نشره في موقع "الحوار المتمدن" إلى ازدواجية الإخوان المسلمين تجاه النظام السوري، وعلى الأقل حتى العام 2011 الذي شهد أحداث الربيع العربي، وظهور المحور الداعم للإخوان المسلمين.

وبحسب الكاتب، هناك اختلافات بين جماعة الإخوان حول الموقف من نظام الأسد؛ قبل العام 2011 كان الإخوان في سوريا لا يرون أملاً في إصلاح نظام الأسد، ويعملون على إسقاطه، بينما كانت جماعة الإخوان في مصر وحركة حماس في غزة تريان في النظام سنداً، ضمن محور الممانعة الذي يقاوم الاحتلال الإسرائيلي، وفق زعمهم.

يطرح ما سبق قضية شائكة عند الإخوان المسلمين؛ وتتعلق بمدى إيمانهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان. في حالة الإخوان فإنهم يقدمون ما يتعلق بقضية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي على اتخاذ موقف واضح من الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما يعني أنّ الحركة لا تؤمن بالديمقراطية ولا تدعمها لذاتها، بل لغاية وحيدة وهي الوصول إلى السلطة بأي شكل، سواء عبر الانتخابات أو الانقلابات العسكرية أو التحالف مع سلطة قائمة.

الدعوة لتحرير الجولان بعد تسليم الشمال لتركيا)

وكتب أحمد الطيار، بأنّ أي متتبع لمواقف جماعة الإخوان المسلمين السورية يلحظ التباينات الكثيرة في طريقة التعاطي المختلف بينها وبين شقيقاتها العربيات فيما يتعلق بالموقف من النظام السوري؛ لأنّ الجماعة في سورية معارضتها أصيلة للنظام الحاكم في دمشق، ودائماً كانت تنظر بعين اللا رضا إلى شقيقاتها سواء كان في الأردن أو مصر أو حماس في كيفية التعاطي بينها وبين نظام لازال يحكم بالإعدام على أي منتسب إليها.

تحرير الجولان

وتحتل قضايا الصراع العربي الإسرائيلي جزءاً أساسياً في سردية الإخوان المسلمين سواء عن أنفسهم أو عن الدول العربية. في الحالة الأولى يصور الإخوان أنفسهم كأول من تصدى لمخططات الاستيطان اليهودي في فلسطين، ويربطون مسيرة الجماعة بمسيرة العمل في مواجهة إسرائيل، بينما يهاجمون خصومهم من زاوية الصراع.

ويكسب الإخوان المسلمون الكثير من الشعبية من باب ما يسمى المقاومة، بالاشتراك مع حزب الله اللبناني الذي يتبنى هو الآخر المقاربة نفسها.

هل جماعة الإخوان مستعدة للتخلي عن مطالبها بالسلطة مقابل تحرير الجولان أم تحرير الجولان مجرد ورقة لكسب الشعبية وابتزاز النظام السوري فقط؟

 ويقول الكاتب السوري نبيل نوفل، بأنّ تاريخ الإخوان المسلمين في الوطن العربي عامة وفي سورية خاصة "مليء بالعمالة والخيانة، فكما بات معروفاً أنهم صناعة بريطانية ثم وضعوا أنفسهم تحت تصرف أمريكا والكيان الصهيوني، ولبسوا ثوب الإسلام زوراً وبهتاناً، والإسلام والمسلمين منهم براء".

وأفاد نوفل لـ"حفريات" بأنّ "مهمة الإخوان محاربة القومية العربية والأنظمة التقدمية وكل من يقاوم الكيان الصهيوني والاستعمار؛ فهم أداة رخيصة بيد أعداء الأمة العربية، وهم اليوم أداة طيعة بيد الاستعمار التركي".

وحول حديث الإخوان عن تحرير الجولان، قال نوفل، إنّ "وقوف الإخوان المسلمين ضد الرئيس حافظ الأسد أواخر سبعينيات القرن الماضي، وما قاموا به في سورية منذ لعام 2011، وإلى اليوم تسبب في تدمير سورية، قلعة المقاومة العربية وحصن العروبة، تلبية لرغبة أسيادهم في واشنطن وتل أبيب ولندن، وبتمويل من بعض الحكومات العربية العميلة للغرب الاستعماري، بقيادة عميل الاستخبارات الأمريكية أردوغان". 

وجاء في منشور الإخوان المسلمين في سورية عن تحرير الجولان مخطط من خطوات وهي؛ رص الجبهة الداخلية وتحصينها من خلال إعادة البناء السياسي، على أسس وطنية محضة، تشرك جميع المواطنين والقوى السياسية في تحمل العبء الوطني بكل أبعاده.

نبيل نوفل: الإخوان أداة رخيصة بيد أعداء الأمة العربية

محاربة الفساد ووضع أسس لمشروع إصلاح اقتصادي يجعل القطر قادراً على أخذ قراره السياسي والعسكري، بعيداً عن أشكال الضغوط التي تمارسها الجهات الخارجية. وضع إستراتيجية عسكرية للتحرير، تعزز الإيجابيات والإمكانات العامة، وتستفيد من كل التجارب، وتستقطب جميع قوى المقاومة في المنطقة، على كل الصعد. تكوين جبهة عربية وإسلامية ودولية مساندة للحق العربي في تحرير الأرض المحتلة. إعادة بناء الجيش السوري على أساس المشروع التحرري، وبناء الكفاءات العسكرية من خلال التدريب والتأهيل.

ورقة الجولان

وتكشف الرؤية السابقة عن عطب عقلي في فهم الواقع لدى جماعة الإخوان المسلمين، نتيجة ضيق الأفق المعرفي والفكري بسبب التربية المنغلقة التي يتعرض لها أفراد الجماعة. بدايةً كيف ستحدث عملية البناء المفترضة للجيش ومن قبله للاقتصاد والحياة السياسية في ظل الواقع السوري الذي يشهد حرب أهلية وتدخلاً من كل الأطراف الإقليمية والدولية، في مشهد يجعل الحديث عن تحرير الجولان ضرباً من الخيال اليوم.

الكاتب نبيل نوفل لـ"حفريات": مهمة الإخوان محاربة القومية العربية والأنظمة التقدمية؛ فهم أداة بيد أعداء الأمة العربية، وهم أداة طيعة بيد الأطماع التركية

فضلاً عن ذلك، هل جماعة الإخوان مستعدة للتخلي عن مطالبها بالسلطة مقابل تحرير الجولان، أم تحرير الجولان مجرد ورقة لكسب الشعبية وابتزاز النظام السوري فقط.

وهناك تجربة لمطالبة إخوان سوريا للنظام السوري بتحرير الجولان، قبل العام 2011، وتحديداً في العام 2009، الذي شهد مصادقة مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على قرار قيادته بتعليق الأنشطة المعارضة، واعتبره "مبادرة وطنية لإعطاء فرصة حقيقية وصادقة لكسر دائرة الشر المحيطة بالشعب السوري منذ أكثر من 40 عاماً".

وجاء القرار في سياق الحرب المفتوحة بكل أبعادها على أمة العروبة والإسلام، التي لم تكن الحرب الإسرائيلية على غزة إلا إحدى حلقاتها، بحسب الجماعة. واعتبر مجلس الشورى أنّ هذه المبادرة ليست غريبة على تاريخ جماعة الإخوان المسلمين "الداعية إلى نفي الظلم والفساد والاستبداد عن حياة الناس في سوريا" وفق البيان.

الجدير بالذكر أنّ الجماعة في عام 2005 كانت أعلنت عن قناعتها بأنّ النظام السوري غير قابل للإصلاح.

الدعوة لتحرير الجولان هدفها كسب الشعبية وابتزاز النظام

في مقال منشور في موقع "الحوار المتمدن" علق الكاتب السوري جورج كتن على تلك المبادرة، وقال بأنّ منطلق المبادرة الإخوانية غير مدروس، والمراجع التي يستندون إليها لا تتعدى في معظم الأحيان النصوص التي تحض على الجهاد، وسير فتوح الإسلام وأبطال المسلمين، واعتبار فلسطين بأجمعها وقفاً إسلامياً والاستمرار في المقاومة حتى لو أبيد كل سكان غزة - حسب هنية - فالموت كسب للحياة الآخرة الأبقى من الحياة الدنيا الفانية.

وأشار كتن إلى أنّه سبق للمراقب العام لإخوان سوريا، على صدر الدين البيانوني، أن أعلن عدم اعتراضه على التفاوض مع إسرائيل لاستعادة الجولان. يتابع كتن بأنّ الإخوان دعوا تماشياً مع الهستيريا العامة لفتح جبهة الجولان "للتخفيف" عن غزة، حتى إن نائب المراقب العام طالب الرئيس السوري أن ينخلع من خيار السلام، ويبادر للحرب في الشمال، بتسليم الإخوان مهمة تحرير الجولان، "فإذا انتصروا يهدونه انتصارهم" الإخوان متواضعون لا يرغبون بانتصارات بل "بمرضاة الله".

يتضح مما سبق أنّ خطورة وجود تنظيم الإخوان المسلمين لا تقتصر على استغلالهم قضايا المنطقة في تحقيق المصالح الخاصة بالجماعة، أو نشر التطرف الديني، بل الأخطر في نشر أفكار وتصورات مغلوطة عن طبيعة التحديات التي تواجه المنطقة، كما هو الحال في القضية الفلسطينية، التي تسبب دخول الإخوان المسلمين فيها عبر حركة حماس في إحداث الانقسام الحاصل اليوم داخل الصف الفلسطيني.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية